الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَتَقَلَّدُ بِالسَّيْفِ عَنْدَ الضَّرُورَةِ.
ــ
نَهَى عن لُبْسِ الأقْبِيَةِ (1). وقال الخِرَقِىُّ: لا فِدْيَةَ عليه إذا لم يُدْخِلْ يَدَيْهِ في كُمَّيْه. وهو قولُ الحسنِ، وعَطاءٍ، وإبراهيمَ، وأبى حنيفةَ؛ لِما ذَكَرْنا مِن حديثِ عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ (2) في مَسألةِ الخُفَّيْن إذا لم يَجِدْ نَعْلَيْن. ولأنَّ القَباءَ لا يُحِيطُ بالبَدَنِ، فلم تَلْزَمْه الفِدْيَةُ بوَضْعِه علي كَتِفَيْه إذا لم يُدْخِلْ يَدَيْهِ في كُمَّيْهِ، كالقَمِيصِ يَتَّشِحُ به، وقِياسُهم مَنْقُوضٌ بالرِّداءِ المُوَصَّلِ، والخَبَرُ مَحْمُولٌ على لُبْسِه مع إدْخالِ يَدَيْهِ في الكُمَّيْن.
1192 - مسألة: (ويَتَقَلَّدُ بالسَّيْفِ عندَ الضَّرُورَةِ)
إذا احْتاجَ المُحْرِمُ إلى أن يَتَقَلَّدَ بالسَّيْفِ، فله ذلك. وبه قال عَطاءٌ، والشافعيُّ،
(1) أخرجه البيهقى، في: باب ما يلبس المحرم من الثياب، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 50.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 250.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومالكٌ (1). وكَرِهَه الحسنُ. ولَنا، ما روَى أبو داودَ (2)، بإسْنادِه عن البراءِ، قال: لَمّا صالَحَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أهْلَ الحُدَيْبِيَةِ صالحَهم على أن لا يَدْخُلُوها إلَّا بجُلْبانِ السِّلاحِ -القِرَابُ بما فِيه-. وهذا ظاهِرٌ في إباحَةِ حَمْلِه عندَ الحاجَةِ، لأنَّهم لم يَكُونُوا يَأْمَنُون أهْلَ مَكَّةَ أن يَنْقضُوا العَهْدَ، فاشْتَرَطُوا حَمْلَ السِّلاحِ في قِرابِه. فأمّا مِن غيرِ خَوْفٍ، فقد قال أحمدُ: لا، إلَّا مِن ضَرُورَةٍ. وإنَّما مَنَع منه؛ لأنَّ ابنَ عُمَرَ قال: لا يَحْمِلُ المُحْرِمُ السِّلاحَ في الحَرَمِ. قال شيخُنا (3): والقِياسُ إباحَتُه؛ لأنَّ ذلك
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: باب المحرم يحمل السلاح، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 425. كما أخرجه البخارى، في: باب كيف بكتب هذا (الصلح). . . .، وباب الصلح مع المشركين. . . .، من كتاب الصلح. صحيح البخارى 3/ 241، 242. ومسلم، في: باب صلح الحديبية. . . .، من كتاب الجهاد والسر. صحيح مسلم 3/ 1409، 1410. والإمام أحمد، في: المسند 291/ 4.
(3)
في: المغنى 5/ 128.
فَصْلٌ: الْخَامِسُ، الطِّيبُ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تطْيِيبُ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ، وَشَمُّ الْأَدْهَانِ الْمُطَيِّبةِ، وَالادِّهَانُ بِهَا،
ــ
ليس هو في مَعْنَى المَلْبُوسِ المَنْصُوصِ على تَحْرِيمِه، ولذلك لو حَمَل قِرْبَة في عُنُقِه لم يَحْرُمْ ذلك، ولم تَجِبْ به الفِدْيَةُ. وقد سُئِلَ أحمدُ عن المُحْرِمِ يُلْقِى جِرابَه في عُنُقِه، كهَيْئَةِ القِرْبَةِ، فقالَ: أرْجُو أن لا يَكُونَ به بَأسٌ.
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(الخامِسُ، الطِّيبُ، فيَحْرُمُ عليه تَطيبُ بَدَنِه وثِيابِه، وشَمُّ الأدهانِ المُطَيِّبةِ والادِّهانُ بها) أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ المُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِن الطِّيبِ، وقد دَلَّ عليه قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم في المُحْرِمِ الذى وَقَصتْه راحِلَتُه:«لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ» . رواه مسلمٌ. وفى لَفْظٍ: «وَلَا تُحَنِّطُوهُ (1)» . مُتَّفَقٌ عليه (2). فلمّا مُنِعَ المَيِّتُ مِن الطِّيبِ لإِحْرامِه، فالحَيُّ أوْلَى. ومتى تَطَيَّبَ فعليه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه فَعَل ما حَرَّمَه الإِحْرامُ، فلَزِمَتْه الفِدْيَةُ، كاللِّباسِ، فيَحْرُمُ عليه تَطْيِيبُ بَدَنِه؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحديثِ، وتَطيبُ ثِيابِه، فلا يَجُوزُ له لُبْسُ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ. وهذا قولُ
(1) في م: «تخيطوه» .
(2)
تقدم تخريجه في 6/ 87.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جابِر، وابنِ عُمَرَ، ومالكٍ، والشافعىِّ، وأبِى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يُلْبَسُ مِنَ الثِّيابِ شَئٌ مَسَّهُ الزَّعْفَران، وَلَا الْوَرْسُ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). فكلُّ ما صُبغَ بزَعْفَرانَ أو وَرْسٍ، أو غُمِسَ في ماءِ وَرْدٍ، أو بُخِّرَ بعُودٍ، فليس للمُحْرِمِ لُبْسُه، ولا الجُلُوسُ عليه، ولا النَّوْمُ عليه. نَصَّ عليه أحمدُ. لأنَّه اسْتِعْمالٌ له، فأشْبَهَ لُبْسَه. ومتى لَبِسَه، أو اسْتَعْمَلَه، فعليه الفِدْيَة. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان رَطْبًا يَلى بَدَنَهْ، أو يابِسًا يُنْفَضُ، فعليه الفِدْيَة، وإلَّا فلا؛ لأنَّه ليس بمُطَيَّبٍ. ولَنا، أنَّه مَنْهِىٌّ عنه لأجْلِ الإِحْرام، فلَزِمَتْه الفِدْيَة به، كاسْتِعْمالِ الطَّيبِ في بَدَنِه، وقِياسًا على الثَّوْبِ المُطَيَّبِ. فإن غَسَلَه حتى ذَهَب ما فيه مِن ذلك، فلا بَأْسَ به عندَ جَميعِ العُلَماءِ. وإن فَرَش فوقَ المُطَيَّبِ ثَوْبًا صَفِيقًا يَمْنعُ الرّائِحَةَ والمُباشَرَةَ، فلا فِدْيَةَ بالنَّوْمِ عليه؛ لأنَّه لم يَسْتَعْمِلِ الطِّيبَ، ولم يُباشِرْه.
فصل: وليس له شَمُّ الأدْهانِ المُطَيِّبةِ، كدُهْنِ الوَرْدِ والبَنَفْسَجِ، والخِيريِّ (2)، والزَّنْبَقِ (3) ونحوِها، ولا الادِّهانُ بها، وليس في تَحْرِيمَ ذلك خِلافٌ في المَذْهَبِ. وكَرِه مالكٌ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ الادِّهانَ بدُهْنِ البَنَفْسَجِ. وقال الشافعىُّ: ليس بطِيبٍ. ولَنا، أنَّه
(1) تقدم تخريجه في صفحة 245.
(2)
الخيرى: نبت له زهر، وغلب علي أصفره. يستخرج منه دهن.
(3)
الزنبق: دهن الياسمين.