الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَنوِى الْإِحْرَامَ بِنُسُكٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ،
ــ
لتَعَيَّن حَمْلُ الأمْرِ عليه؛ جمْعًا بينَ الأخْبارِ المُخْتَلِفَةِ، وعلى سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ. وكيفما أحْرَمَ جاز، لا نَعْلَمُ أحَدًا خالَفَ في ذلك.
1158 - مسألة: (ويَنْوِى الإِحْرامَ بنُسُكٍ مُعَيَّنٍ، ولا يَنْعَقِدُ إلَّا بالنِّيَّةِ)
يُسْتَحَبُّ أن يُعَيِّنَ ما يُحْرِمُ به مِن الأنْساكِ. وبه قال مالكٌ. وِقال الشافعيُّ، في أحَدِ قَوْلَيْه: الإِطْلاقُ أوْلَى؛ لِما روَى طاوُسٌ، قال: خرَج رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن المَدِينَةِ، لا يُسَمِّى حَجًّا، يَنتظِرُ القَضاءَ، فنَزَلَ عليه القَضاءُ، وهو بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، فأمَرَ أصحابَه مَن كان منهم أهَلَّ، ولم يَكُنْ معه هَدْىٌ، أن يَجْعَلُوها عُمْرَةً (1). ولأنَّ ذلك أحْوَطُ؛ لأنَّه لا يَأْمَنُ الإِحْصارَ، أو تَعذُّر فِعْلِ الحَجِّ، فيَجْعَلَها عُمْرَةً. ولَنا، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ أصْحابَه بالإِحْرامِ بنُسُكٍ مُعَيَّنٍ، فقالَ:«مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ، [وعُمْرَةٍ] (2)، فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أرَادَ أنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أرَادَ أنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ» (3). والنبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه إنَّما أحْرَمُوا بمُعَيَّنٍ؛ لِما نَذْكُرُه إن شاءَ اللهُ تعالى في الأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ، ولأنَّ أصْحابَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم الذين كانُوا معه في صُحبَتِه يَطَّلِعُون على أحوالِه ويَقتَدُون به، أعْلَمُ
(1) أخرجه الإمام الشافعى في مسنده، انظر: الباب السابع في الإفراد والقران والتمتع، من كتاب الحج، في ترتيب السندى لمسند الشافعى 1/ 372.
(2)
في م: «أو عمرة» .
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 111 من حديث عائشة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به مِن طاوُسٍ، ثم إنَّ حديثَه مُرْسَلٌ، والشافعيُّ لا يَحْتَجُّ بالمراسِيلِ، فكيفَ صار إليه مع مُخالَفَةِ الرِّواياتِ الصَّحِيحَةِ المُسْنَدَةِ، والاحْتِياطُ مُمْكِنٌ، بأن يَجْعَلَها عُمْرَةً، فإن شاء كان مُتَمَتِّعًا، وإن شاء أدْخَلَ عليها الحَجَّ، فصار قَارِنًا.
فصل: ويَنْوِى الإِحْرامَ بقَلْبِه، ولا يَنْعَقِدُ إلَّا بالنِّيَّةِ؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّما الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (1). ولأنَّها عِبادَةٌ مَحْضَةٌ، فافْتَقَرَتْ إلى النَّيَّةِ، كالصلاةِ. فإن لَبَّى مِن غيرِ نِيَّةٍ لم يَصِرْ مُحْرِمًا؛ لِما ذَكَرْنا. وإنِ اقْتَصَرَ على النِّيَّةِ، كَفاه ذلك. وهو قولُ مالكٍ، والشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَنْعَقِدُ بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ حتى يُضافَ إلهِا التَّلْبيَةُ، أو سَوْقُ الهَدْىِ؛ لِما روَى خَلَّادُ بنُ السّائِبِ الأنْصارِىُّ، عن أبيه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«جَاءَنِى جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ أصحَابَكَ أنْ يَرْفَعُوا أصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ» . قال التِّرْمِذِيُّ (2): هذا حديثٌ حسنٌ. ولأنَّها عِبادَةٌ ذاتُ تَحْرِيمٍ وتَحْلِيلٍ، فكانَ لها نُطْقٌ واجِبٌ، كالصلاةِ، ولأنَّ الهَدْىَ
(1) تقدم تخريجه في 1/ 308.
(2)
في: باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 47.
كما أخرجه أبو داود، في: باب كيف التلبية، من كتاب الحج. سنن أبي داود 1/ 421. والنسائي، في: باب رفع الصوت بالإهلال، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 125، 126. وابن ماجه، في: باب رفع الصوت بالتلبية، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 975. والدارمى، في: باب في رفع الصوت بالتلبية، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 34. والإمام مالك، في: باب رفع الصوت بالإِهلال، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 334. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 55.