الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أَتلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ، أَوْ نَقَلَهُ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَفَسَدَ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ [65 و] بِقِيمَتِهِ.
ــ
والشافعىِّ، وإسْحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال الحَكَمُ، والثَّوْرِيُّ، وأبو ثَوْرٍ: لا بَأْسَ بأكْلِه. قال ابنُ المُنْذِرِ: هو بمَنْزِلَةِ ذَبِيحَةِ السّارِقِ. وقال عَمْرُو بنُ دِينارٍ، وأيُّوبُ السَّخْتِيانِيُّ: يَأْكُلُه الحَلالُ. وحُكِىَ عن الشافعىِّ قولٌ قَدِيمٌ، أَّنه يَحِلُّ لغيرِه الأكْلُ منه؛ لأنَّ مَن أباحَتْ ذَكاتُه غيرَ الصَّيْدِ أباحَتِ الصَّيْدَ، كالحَلالِ. ولَنا، أَّنه حَيَوان حُرمَ عليهِ ذَبْحُه لحَقِّ اللهِ تعالى، فلم يَحِلَّ بذَبْحِه، كالمَجوسِىٌ، وبهذا فارَقَ سائِرَ الحَيوانَاتِ، وفارَقَ غيرَ الصَّيْدِ، فإنَّه لا يُحَرَّمُ ذَبْحُه. وكذلك الحُكْمُ في صَيْدِ المُحْرِمِ إذا ذَبَحَه مُحْرِمٌ أو حَلالٌ. وبعضُ الحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: هو مُباحٌ. ولَنا، ما ذَكَرْناه.
1201 - مسألة: (وإن أتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ، أو نَقَلَه إلى مَوْضِع آخَرَ ففَسَدَ، فعليه ضَمانُه بقِيمَتِه)
إذا أتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ ضَمِنَه بقِيمَتِه، أىَّ صَيْدٍ كان. قال ابنُ عباسٍ: في بَيْضِ النَّعامِ قِيمَتُه. ورُوِىَ ذلك عن عُمَرَ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وابن مَسْعُودٍ، رَضِىَ اللهُ عنهما. وبه قال النَّخَعِىُّ، والزُّهْرِيُّ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّه رُوِىَ عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم قال- في بَيْضِ النعامِ يُصِيبُه المُحْرِمُ-:«ثَمَنُهُ» . رَواه ابنُ ماجه (1). وإذا وَجَب في بَيْضِ النَّعامِ قِيمَتُه، مع أنَّه مِن ذَواتِ الأمْثالِ، فغيرُه أوْلَى، ولأنَّ البَيْضَ لا مِثْلَ له، فيَجِبُ فيه قِيمَتُه، كصِغارِ الطَّيْرِ. فإن لم يَكُنْ له قِيمَة، لكَوْنِه مَذِرًا (2)، أو لأنَّ فَرْخَه مَيِّتٌ، فلا شئَ فيه. قال أصْحابُنا: إلَّا بَيْضَ النَّعام، فإنَّ لقِشْرِه قِيمَةً. والصَّحِيحُ أنَّه لا شئَ فيه؛ لأنَّه إذا لم يَكُنْ فيه حَيَوانٌ، ولا مآله إلى أن يَصِيرَ فيه. حَيوانٌ، صار كالأحْجارٍ والخَشَبِ، وسائِرِ ما له قِيمَةٌ مِن غيرِ الصَّيْدِ، ألا تَرَى أنَّه لو نَقَبَ بَيْضَةً، فأخْرَجَ ما فيها، لَزِمَه جَزاءُ جَمِيعِها، ثم لو كَسَرَها هو أو غيرُه، لم يَلْزَمْه لذلك شئٌ؟ ومَن كَسَر بَيْضَةً، فخَرَجَ منها فَرْخٌ حَيٌّ، فعاشَ؛ فلا شئَ فيه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أن يَضْمَنَه، إلَّا أن يَحْفَظَهُ مِن الجارِحِ إلى أن يَنْهَضَ، فيَطِيرَ؛ لأنَّه صار في يَده مَضْمُونًا، وتَخْلِيَتُه غيرَ مُمْتَنِعٍ ليس بردٍّ تامٍّ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَضْمَنَه؛ لأنَّه لم يَجْعَلْه غيرَ مُمْتَنِعٍ بعدَ أن كان مُمْتَنِعًا، بل تَرَكَه على صِفَتِه، فهو كما لو أمْسَكَ طائِرًا أعْرَجَ، ثم تَرَكَه. وإن مات، ففيه ما في صِغارِ أوْلادِ المُتْلَفِ بَيْضُهُ، ففى فَرخِ
(1) في: باب جزاء الصيد يصيبه المحرم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1031.
(2)
مَدرَ البيض مَذَرًا: فَسَدَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَمام صَغِيرُ أوْلادِ الغنَمِ. وفى فَرْخِ النَّعامَةِ حُوارٌ (1)، وفيما عَداهما قِيمَة، إلَّا ما كان أكْبَرَ مِن الحَمامِ، ففيه ما نَذكُرُه مِن الخِلافِ في أُمَّهاتِه إن شاء اللهُ تعالى. ولا يَحِلُّ لمُحْرِمٍ أكْلُ بَيْضِ الصَّيْدِ إذا كَسَرَه هو أو مُحْرِمٌ سِواه. وإن كَسَرَه حَلالٌ فهو كلَحْمِ الصَّيْدِ، إن كان أخَذَه لأجْلِ المُحْرِمِ لم يُبْحْ أكْلُه، وإلَّا أُبِيحَ. وإن كَسَر المُحْرِمُ بَيْضَ صَيْدٍ، لم يُحَرَّمْ على الحَلالِ؛ لأنَّ حِلَّهُ له لا يَقِفُ على كَسْرِه، ولا يُعْتَبَر له أهْلِيَّتُه، بل لو كَسَرَه مَجُوسِيٌّ أو وَثَنيُّ، أو بغيرِ تَسْمِيَةٍ، لم يحَرَّمْ، فأشْبَهَ قَطْعَ اللَّحْمِ وَطبْخَه. وقال القاضى: يُحَرَّمُ على الحَلالِ أكْلُه، كالصَّيْدِ؛ لأنَّ كَسْرَه جَرَى مَجْرَى الذَّبْحِ، بدَلِيلِ حِلِّه للمُحْرِمِ بكَسْرِ الحَلالِ له، وتَحْرِيمِه عليه بِكَسرِ المُحْرِمِ.
فصل: وإن نَقَل بَيْضَ صَيْدٍ، فجَعَلَه تَحْتَ آخَرَ، أو تَرَك مع بَيْضِ الصيْدِ بَيْضًا آخَرَ، أو شَيْئًا، فنَفَرَ عن بَيْضِه حتى فَسَد، فعليه ضَمانُه؛ لأنَّه تَلِف بسَبَبِه. وإن صَحَّ وفَرَّخَ، فلا ضَمانَ عليه. وإن باضَ الصَّيْدُ على فِراشِه، فنَقَلَه بِرفقٍ، ففسَدَ، ففيه وَجْهان؛ بناءً على الجَرادِ إذا انْفَرَشَ في طَرِيقهِ، وحُكْمُ بَيْضِ الجَرادِ حُكْمُ الجَرادِ، وكذلك بَيْضُ كلِّ حيَوانٍ حُكْمُه حُكْمُه؛ لأنَّه جُزءٌ منه أشْبَهَ الأصْلَ. وانِ احْتَلَبَ لَبَنَ صَيْدٍ ففيه قِيمَتُه، كما لو حَلَب لَبَنَ حَيَوانٍ مَغْصُوبٍ.
(1) الحُوار: ولد الناقة ساعةَ تضعُه أو إلي أن يفصلَ عن أمِّه.