الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بين يدي الكتاب
الحمد للَّه الفتاح العليم، المنعم على من شاء من عباده بالفتح المبين، والفهم المتين، سبحانه جلّ وعز، رافع درجات العلماء، والذين يخشونه من الأعلام النبلاء، اختصهم بالعلم وشرفهم بالعمل، فصرفوا هممهم العالية للاعتناء به، وكرسوا جهودهم لبيانه وحفظه، لتقوم بهم حجة اللَّه على خلقه.
والصلاة والسلام على منقذ البشرية من ظلمات الجاهلية، ومعلم الخير لسائر البشرية، وعلى آله الطاهرين، وصحابته المخبتين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن السنة النبوية هي المصدر الثاني من ينابيع التشريع الإسلامي، وهي المبينة للتنزيل الحكيم، المفصلة لأحكامه، لذلك فهي ملتحمة بالفرقان التحامًا يستعصي على الانفكاك.
وقد قيض اللَّه لها جهابذة موفقين، وأعلامًا عباقرة، فحفظوها من دسائس الوضع والتخليط، وبينوا مقاصدها، واستنبطوا أحكامها، ووضحوا مبانيها، وقربوا معانيها، وأَثْرَوا بذلك مكتبة الإسلام، وأدوا أمانة البيان والإعلام، فآضت المكتبة الإسلامية زاخرة بتلك الجواهر المتلألئة في سماء الإبداع، وعرضت أفكارهم مطالب الشرع العلية مرصعًا بحكمة التبيين، موشًى بفهم الراسخين، مطرزًا باستنباط الأتقياء المفلحين.
ومن هذه الأسفار كتاب "الفتح المبين شرح متن الأربعين النووية"، فإن مؤلفه العلامة المتفنن أحمد ابن حجر الهيتمي، سكب فيه من براعة التأليف وملاحة الترصيف ما أثلج به الصدور، وأنار به البصائر، وأودعه من نفائس الفوائد وعزيز
النقول ما به أوفى على الغاية؛ فلذلك كان مطلب أولي النهى، والمرتع الخصب لمحبي السنة الغراء، لا سيما و"الأربعين النووية" متضمنة أصول الأحاديث المشتملة على مهمات الدين وقواعد الإسلام، فكان شرح الهيتمي المجلّي على أترابه (1)، الفريد بلا منازع في بابه.
وحين أدركت دار المنهاج أهمية الكتاب ومردوده العلمي في أمة الإسلام. . شمّرت عن ساعد الجد لتحقيق الكتاب وإخراجه إخراجًا يتناسب مع جلالة قدره ونفاسة فوائده، فقامت بذلك خدمة للسنة النبوية، وتقريبًا لفهم مباحثها، وإبراز التراث الإسلامي مُشِعًّا بنور التحقيق العلمي.
وتتبعت الدار أماكن وجود مخطوطات "الفتح المبين"، فعثرت بعد التنقيب على ثلاث عشرة مخطوطة للكتاب، إحداها -وهي المرموز لها بـ (أ) - مقابلة على نسخة المؤلف، وهي قريبة من عصره؛ مما يجعلها صالحة لأن تكون الأصل الأول الذي يصح الاعتماد عليه في باب التوثيق، كما استجلبت نسخةً مطبوعة من داغستان، لها من النفاسة مكان، محلّاة بحواشٍ علمية عزيزة، أفدنا منها مع أخواتها ومن "حاشية المدابغي" الشيء الكثير الذي يقر عين القارئ بإذن اللَّه تعالى.
وقد قامت اللجنة العلمية بالدار بتوثيق نقول المؤلف؛ بإحالة كل نص إلى مصدره حسب الطاقة والإمكان، ولم تترك غامضًا إلا وأتت عليه، فشرحت الغامض وبينت المشكل، وقوَّمت عوج العبارة بأمانةٍ وتحرٍّ فجعلت الزيادة بين معقوفين، مع حسن ترتيب وأناقة إخراج تعين على التحصيل.
كما عنيت لجنة التحقيق بكتابة مقدمة ضافية لعرض من اعتنى بـ "الأربعين"، إضافة إلى ترجمتين ترسلان أشعة الأضواء على المؤلفين النووي وابن حجر الهيتمي رحمهما اللَّه تعالى.
ونهضت لعمل فهارس لموضوعات الكتاب، ليسهل على الناظر في الكتاب الرجوع بسهولة إلى أي موضوع أراده فيه.
(1) المجلي: السابق في الحلبة.
ودار المنهاج إذ تقدم هذا الكتاب يزهو بمنظره، ويفخر بمخبره. . لتؤكد من جديد أنها ماضية في خدمة تراثنا وآثارنا، مستخدمة كل الطاقات والوسائل الحديثة التي من شأنها أن ترفع من شأن الكتاب شكلًا، وتبرز محاسنه مضمونًا.
الناشر