الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة الإمام محيي الدين النووي رضي الله عنه للإمام محمد بن الحسن الواسطي الحسيني الشريف
(1)
اسمه ومولده ونشأته
هو يحيى بن شرف بن مُرِّي بن حسن بن حسين بن محمدبن جمعة بن حِزام، الشيخ الإمام العالم الرباني محيي الدين أبو زكريا الحِزامي النووي الحافظ الفقيه، شيخ الإسلام في عصره، وبعد عصره.
كان من العلماء العاملين، والأئمة الراسخين، وأولياء اللَّه العارفين، والزهاد المذكورين.
اجتمع له من الورع ما لم يتفق مثله لأحد في زمانه ولا قبله من الفقهاء بدهر طويل، فكان لا يأكل من فواكه دمشق؛ لما في بساتينها من الشُّبَه في ضمانها، وقد صرح بذلك رضي الله عنه.
ولم يدخل حمَّامًا، وكان لا يأكل إلا أكلة واحدة في اليوم والليلة بعد عشاء الآخرة، وعند السحر يشرب شربة يجعلها سحورًا، مقتصدًا في مأكله وملبسه وجميع أحواله كل الاقتصاد، صابرًا على خشونة العيش.
وَلِيَ مشيخة دار الحديث الأشرفية، ولم يتناول من معلومها شيئًا، ولم يقبل لأحدٍ هديةً، وإنما كان يتقوت مما يأتيه به أبوه من نوى من كعك وتين.
(1) هذه الترجمة مأخوذة بتصرف من كتاب "المطالب العلية في طبقات الشافعية" للشريف محمد بن الحسن الواسطي (ت 776 هـ)، وهو مخطوط، وأضفنا عليها بالهوامش بعض الفوائد والزيادات المستفادة من غيره كـ"تاريخ الإسلام" للذهبي، و"طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي، و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة، و"حياة الإمام النووي" للسخاوي، و"المنهاج السوي" للسيوطي، و"شذرات الذهب" لابن العماد، وغيرها.
وكان يلبس ثوبًا حَوْرانيًا وعمامة شبختانية، ولا يجمع بين أدمين، حافظًا لأوقاته عن أن تضيع في غير طاعة.
إذا زاره أحد. . لا يزيده على السلام وجواب ما لا بد منه من مسألة علم، فإن جلس عنده. . دفع إليه كتابًا ينظر فيه، لئلا يشغله.
مراقبًا للَّه عز وجل في حركاته وسكناته وخطواته وخطراته.
آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، أنكر على الملك الظاهر غير مرة، فكان يقول: أنا لا أخاف إلا من هذا النووي، وكان يمتثل جميع ما يأمره به.
كل ذلك من ثمرة الصدق والإخلاص، وإرادة وجه اللَّه عز وجل، وابتغاء رضوانه علمًا وعملًا. . فهنيئًا له رضي الله عنه.
فسبحان من وفقه وأعطاه وأفاض عليه من جوده وفضله إنه ذو الفضل العظيم.
واعلم: أن مناقبه ومآثره لا تكاد تحصى، وقد أفردها تلميذه الشيخ علاء الدين ابن العطار بتصنيف مستقل جمع فيه معظم أحواله.
وملخص ما أقول: أنه ولد في العشر الأوسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين وست مئة، ونشأ ببلده نوى، وكان آية في النجابة من صغره، وقرأ بها القرآن.
وقدم دمشق في سنة تسع وأربعين، فقرأ "التنبيه" في أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع "المهذب" في بقية السنة.
ولزم شيخه كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، وأعاد عنده للجماعة.
ومكث قريبًا من سنتين لا يضع جنبه إلى الأرض، وأقام بالرّواحيّة ملازمًا للاشتغال إلى سنة إحدى وخمسين.
فحج مع والده (1)، فحُمَّ من أول ليلة خرجوا من نوى إلى يوم عرفة، قال والده: فما تأوَّه ولا تضجَّر.
(1) قال السخاوي في "حياة الإمام النووي"(ص 7): (وكانت هذه حجة الإسلام، وفي كلام الدميري -كما في "النجم الوهاج" [1/ 217]- أنه حج مرة أخرى، ويستأنس له بقول العماد ابن كثير في "تاريخه" [7/ 323]: أنه حج في مدة إقامته بدمشق). =