الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني والأربعون [سعة مغفرة اللَّه عز وجل]
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا بْن آدَمَ؛ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي، يَا بْنَ آدَمَ؛ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ الْسَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي. . غَفَرْتُ لَكَ، يَا بْنَ آدَمَ؛ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِك بِي شَيْئًا. . لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ رحمه الله وَقَالَ: حدِيثٌ حسَنٌ (1).
(عن أنس رضي اللَّه) تعالى (عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: قال اللَّه تعالى: يا بن آدم)(2) هو أبو البشر صلى الله عليه وسلم، وهو غير منصرف؛ للعلمية ووزن الفعل؛ إذ وزن (أَأْدم):(أفعل) أبدلت فاؤه ألفًا (3)، مشتقٌّ من أديم الأرض، أو من الأُدْمة: حمرة تميل إلى السواد، لا (فاعَلَ)، خلافًا لمن زعمه، وإلَّا. . لصرف كعالَم، والعلمية وحدها لا تؤثر، وليس بأعجميٍّ، وقيل: أعجميٌّ لا اشتقاق له.
وفي الحديث: "خُلق آدم من أديم الأرض كلها، فخرجت ذريته على نحو ذلك،
(1) سنن الترمذي (3540). وسيذكر الشارح اختلاف نسخ "الترمذي"(ص 633)، والمثبت من نسخ المتن، في قوله:(حديث حسن).
(2)
قوله: (يا بن آدم) نداء لم يُرَدْ به واحدٌ بعينه، عدل إليه ليعلم كل من يتأتى نداؤه، والإضافة فيه للتشريف على حد {يَا عِبَادِىَ} ، ووجه عمومه: أنه مفردٌ مضافٌ كما في: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي: عن كل أمرٍ له صلى الله عليه وسلم؛ فالنداء هنا لا يختص به منادًى دون آخر. اهـ "مدابغي"
(3)
وعلة هذا الإبدال التخفيف؛ لاستثقال اجتماع الهمزتين.
فيهم الأبيض، والأسود، والأحمر، والسهل، والحزن، والطيب، والخبيث" (1).
(إنك ما دعوتني) بمغفرة ذنوبك، كما يدل عليه السياق الآتي؛ أي: مدة دوام دعائك، فهي مصدريةٌ ظرفيةٌ (2)، وغلط من جعلها شرطية.
(و) الحال أنك قد (رجوتني) بأن ظننت تفضلي عليك بإجابة دعائك وقبوله؛ إذ الرجاء: تأميل الخير وقرب وقوعه (غفرت لك) ذنوبك؛ أي: سترتها عليك بعدم العقاب عليها في الآخرة؛ لأن الدعاء مخ العبادة كما ورد (3)، وروى أصحاب "السنن" الأربعة:"إن الدعاء هو العبادة" ثم تلا: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (4).
وروى الطبراني: "من أعطي الدعاء. . أعطي الإجابة؛ لأن اللَّه تعالى يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} "(5)، وفي حديث آخر:"ما كان اللَّه ليفتح على عبدٍ باب الدعاء ويغلقَ عنه باب الإجابة"(6).
والرجاء يتضمن حسن الظن باللَّه تعالى، وهو يقول:"أنا عند ظن عبدي بي" وعند ذلك تتوجه رحمة اللَّه تعالى للعبد، وإذا توجهت. . لا يتعاظمها شيء؛ لأنها وسعت كل شيء (7).
(1) أخرجه ابن حبان (6181)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 3) عن سيدنا أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(2)
قوله: (فهي مصدرية ظرفية) أي: أن (ما) مصدرية ظرفية، والعامل فيها:(غفرتُ) أي: (إني غفرت لك مدة دوام دعائك إياي. . . إلخ) فهي حرف؛ أي: من الموصولات المذكورة في قوله:
وها هي (أَنْ) بالفتح (أنَّ) مشددا
…
وزِيدَ عليها (كي) فخذها و (ما) و (لو)
وكان ينبغي للشارح رحمه الله أن يسقط لفظة (دوام) فإن معنى كون (ما) مصدرية: أن يؤول مدخولها بمصدر، وهو هنا الدعاء، ومعنى كونها ظرفية: أن تقدر بالمدة، ولفظ الدوام هنا لا دخل له، بل يغني عنه قوله:(مدة) فتأمل. اهـ "مدابغي"
(3)
أخرجه الترمذي (3371) عن سيدنا أنس رضي الله عنه.
(4)
سنن أبي داوود (1479)، وسنن الترمذي (2969)، وسنن النسائي الكبرى (11400)، وسنن ابن ماجه (3828) عن سيدنا النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
(5)
المعجم الأوسط (7019) عن سيدنا عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه.
(6)
أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس"(6273)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 322) عن سيدنا أنس رضي الله عنه.
(7)
الراجح عند السادة الشافعية: أن يكون رجاؤه وخوفه مستوين، وفي "مروج الذهب" (4/ 320): عن فقير بن مسكين قال: دخلت على الإمام الشافعي رحمه الله أعوده في مرض موته، فقلت له: كيف أصبحت يا أبا =
(على ما كان منك) من المعاصي وإن تكررت (ولا أبالي) أي: لا أكترث بذنوبك ولا أستكثرها وإن كثرت؛ إذ لا يتعاظمه تعالى شيء؛ كما في الحديث الصحيح: "إذا دعا أحدكم. . فليعظم الرغبة؛ فإن اللَّه تعالى لا يتعاظمه شيء"(1).
ولأنه لا حجر عليه تعالى فيما يفعله، ولا معقب لحكمه، ولا مانع لتفضله وعطائه سبحانه.
ومعنى قولك: (لا أبالي بكذا) أي: لا يشتغل بالي به، وهذا موافقٌ لقوله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الآيةَ، ولقوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، ولقوله في الحديث القدسي:"أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظن بي ما شاء"(2)، وفي رواية:"فلا تظنوا باللَّه إلا خيرًا"(3).
وورد: (إن العبد إذا أذنب ثم ندم فقال: أي رب؛ إني أذنبت ذنبًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي. . قال: فيقول اللَّه تعالى: أذنب عبدي ذنبًا وعلم أن له ربًا يغفر الذنوب، ويأخذ بالذنب، أشهدكم أني قد غفرت له، ثم يفعل ذلك ثانية وثالثة، فيقول اللَّه جل جلاله في كل مرةٍ مثل ذلك، ثم يقول: اعمل ما شئت فقد غفرت لك)(4) يعني: ما أذنبت واستغفرت.
وفي ذلك حثٌّ أكيدٌ على الدعاء، والمخالفُ في ذلك لا يُعبأ به (5)؛ فإن الآيات والأحاديث الكثيرة الشهيرة تردُّ عليه، ولا ينافي ما مر تخلف الإجابة عن الدعاء كثيرًا؛ لأن ذلك غالبًا لانتفاء بعض شروط الدعاء، أو وجود بعض موانعه، وقد
= عبد اللَّه؟ قال: أصبحت من الدنيا راحلًا، ولإخواني مفارقًا، ولكأس المنية شاربًا، ولا أدري إلى الجنة تصير روحي فأُهنِّيها، أم إلى النار فأُعزِّيها. ثم قال:(من الطويل)
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي
…
جعلت رجائي نحو عفوك سُلَّما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته
…
بعفوك ربي كان عفوك أعظما
(1)
أخرجه ابن حبان (896) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه ابن حبان (633) عن سيدنا واثلة بن الأسقع رضي الله عنه.
(3)
عند ابن أبي الدنيا في "حسن الظن باللَّه"(84) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري (7507)، ومسلم (2758) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
وهم المعتزلة قبَّحهم اللَّه تعالى، وقد ردَّ عليهم الإمام اللقاني رحمه اللَّه تعالى في "جوهرته" بقوله:(من الرجز)
وعندنا أن الدعاء ينفع
…
كما من القرآن وعدًا يُسمَعُ
استوفيت بيانها مع ما يتعلَّق بها بما لا مزيد على بسطه واستيعابه وتحقيقه في "شرح العباب" وغيره، وقدمتُ من ذلك نبذةً في شرح (الحديث العاشر)(1).
ومن أعظم شرائطه: حضور القلب، ورجاء الإجابة من اللَّه تعالى؛ لخبر الترمذي:"ادعوا اللَّه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن اللَّه لا يقبل دعاءً من قلبٍ غافل"(2)، وخبر أحمد:"إن هذه القلوب أوعية، فبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم اللَّه تعالى. . فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن اللَّه تعالى لا يستجيب لعبدٍ دعاءً عن ظهر قلبٍ غافلٍ"(3)؛ ولذا نهي العبد أن يقول في دعائه: (اللهم؛ اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، فإن اللَّه تعالى لا مكره له)(4).
ونهي أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة (5)، وإنما جعل ذلك من موانع الإجابة؛ حتى لا يقطع العبد دعاءه وإن أبطأت عليه الإجابة؛ لأنه تعالى يحب الملحِّين في الدعاء (6)، وأخرج الحاكم في "صحيحه":"لا تعجزوا عن الدعاء؛ فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد"(7).
ومن أهم ما يسأل مغفرةُ الذنوب أو ما يستلزمها؛ كالنجاة من النار، أو دخول الجنة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم:"حولها ندندن"(8) يعني: حول سؤال الجنة والنجاة من النار.
ومن رحمة اللَّه تعالى بعبده أن يدعوه لحاجةٍ دنيويةٍ فلا يستجيبها له، بل يعوضه
(1) انظر ما تقدم (ص 291).
(2)
سنن الترمذي (3479) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
مسند الإمام أحمد (2/ 177) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما.
(4)
أخرجه البخاري (6339)، ومسلم (2679) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
أخرجه البخاري (6340)، ومسلم (2735) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
(6)
أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب"(1069) عن أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي الله عنها.
(7)
المستدرك (1/ 493) عن سيدنا أنس رضي الله عنه.
(8)
أخرجه أبو داوود (792)، وابن ماجه (910) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه. وقوله:(ندندن) أي: نصوت ونكثر من الدعاء، قاله صلى الله عليه وسلم لسائله حيث قال له: إني أسأل اللَّه الجنة كثيرًا، فقال له:"نعم؛ حولها ندندن" اهـ هامش (ج)، والدندنة: أن تسمع من الرجل كلامًا ولا تفهم ما يقول. اهـ هامش (غ).
خيرًا منها صرْفَ سوء عنه، أو ادخارها له في الآخرة، أو مغفرة ذنب؛ فقد أخرج أحمد والترمذي:"ما من أحدٍ يدعو بدعاءٍ إلا آتاه اللَّه ما سأل، أو كفَّ عنه من السوء مثله ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحم"(1).
وأحمد والحاكم في "صحيحه": "ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ أو قطيعةُ رحمٍ إلا أعطاه اللَّه بها إحدى ثلاثٍ: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يكشف عنه من السوء مثلها" قالوا: إذًا نكثر، قال:"اللَّه أكثر"(2)، ورواه الطبراني وأبدل الأخيرة بقوله:"أو يغفر له بها ذنبًا قد سلف"(3).
وزاد تعالى ذلك تأكيدًا مبالغة في سعة رجاء خلقه فيما عنده من مزيد التفضل والإنعام فقال: (يا بن آدم؛ لو بلَغَت ذنوبك) عند فرضها أجرامًا (عَنَان) بفتح المهملة؛ أي: سحاب (السماء) بأن ملأت ما بينها وبين الأرض؛ كما في الرواية الأخرى: "لو أخطأتم حتى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم اللَّه تعالى. . لغفر لكم"(4) وقيل: عَنَانها: ما عنَّ لك منها -أي: ظهر- إذا رفعت رأسك إليها (5).
(ثم استغفرتني) أي: تُبتَ توبةً صحيحةً بأن أقلعت عن المعصية للَّه، وندمت عليها من حيث كونها معصية، وعزمت على ألَّا تعود إليها، ورددتها إن كانت ظلامةً إلى أهلها أو تحلَّلت منهم (غفرت لك) وإن تكرر الذنب والتوبة منه مرارًا في اليوم الواحد، ومن ثم ورد عنه صلى الله عليه وسلم:"ما أصرَّ من استغفر -أي: تاب- وإن عاد في اليوم سبعين مرة"(6) وأنبأ بهذا المثال الذي هو النهاية في الكثرة على أن كرمه وفضله وعفوه ومغفرته لا نهاية لها ولا غاية، فذنوب العالم كلها متلاشيةٌ عند
(1) مسند الإمام أحمد (3/ 360)، وسنن الترمذي (3381) عن سيدنا جابر رضي الله عنه.
(2)
مسند الإمام أحمد (3/ 18)، والمستدرك (1/ 493) عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(3)
المعجم الأوسط (4365) عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(4)
أخرجه الإمام أحمد (3/ 238).
(5)
العَنَان -بفتح العين والنون مع تخفيفها-: السحاب مطلقًا، أو بقيد كونه ممتلئًا بالماء، والعِنان -بكسر العين-: اسمٌ لما تُقاد به الدابة، الأسفل للأسفل والأعلى للأعلى؛ كالملك بكسر اللام وبفتحها، والجنازة -بكسر الجيم- اسم للسرير الذي يحمل عليه الميت، وبفتحها: اسم للميت المحمول.
(6)
أخرجه أبو داوود (1514)، والترمذي (3559) عن سيدنا أبي بكر رضي الله عنه.
حلمه وعفوه؛ إذ لو بلغت ذنوب العبد ما عسى أن تبلغ ثم استقال منها بالاستغفار. . غفرت؛ لأنه طلب الإقالة من كريم، والكريم محل إقالة العثرات، وغفر الزلات.
وقد طلب تعالى منا الاستغفار ووعد بالإجابة في آيٍ كثيرةٍ من كتابه العزيز.
وما ذكرناه من أن المراد بالاستغفار التوبة لا مجرد لفظه. . هو ما ذكره بعضهم، وهو الموافق للقواعد بالنسبة للكبائر؛ إذ لا يكفرها إلا التوبة، بخلاف الصغائر؛ فإن لها مكفراتٍ أُخر؛ كاجتناب الكبائر، والوضوء، والصلاة، وغيرها، فلا يبعد أن يكون الاستغفار مكفرًا لها أيضًا، وينبغي أن يحمل على ذلك أيضًا تقييدُ بعضهم جميع ما جاء في نصوص الاستغفار المطلقة بما في آية (آل عمران) من عدم الإصرار؛ فإنه تعالى وعد فيها المغفرة لمن استغفره من ذنوبه ولم يصر على ما فعل، قال: فتحمل نصوص الاستغفار المطلقة كلها على هذا المقيد. اهـ
نعم؛ نحو (أستغفر اللَّه) و (اللهم؛ اغفر لي) من غير توبةٍ دعاءٌ، فله حكمه من أنه قد يُجاب تارةً، وقد لا يُجاب أُخرى؛ لأن الإصرار قد يمنع الإجابة كما أفاده مفهوم آية (آل عمران) السابقة، وأخرج ابن أبي الدنيا:"المستغفر من ذنبٍ وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه" قيل: رفعه منكر، ولعله موقوفٌ على راويه ابن عباس. اهـ (1)
ويُجاب بأنه حجةٌ وإن فرض أنه موقوفٌ؛ لأن مثله لا يقال من قِبَلِ الرأي، وكلُّ موقوفٍ كذلك. . له حكم المرفوع.
وأخرج ابن أبي الدنيا مرفوعًا: "بينا رجل مستلقٍ. . إذ نظر إلى السماء وإلى النجوم فقال: إني لأعلم أن لكِ ربًا خالقًا، اللهم؛ اغفر لي، فغفر له"(2).
ويؤيده خبر "الصحيحين": "إن عبدًا أذنب ذنبًا فقال: رب أذنبت ذنبًا فاغفر لي، فقال اللَّه عز وجل: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرتُ لعبدي، ثم مكث ما شاء اللَّه، ثم أذنب ذنبًا آخر" فذكر مثل الأول مرتين أخريين (3).
(1) انظر "جامع العلوم والحكم"(2/ 409 - 410).
(2)
حسن الظن باللَّه (107) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
صحيح البخاري (7507)، وصحيح مسلم (2758) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي روايةٍ لمسلم: أنه قال في الثالثة: "قد غفرت لعبدي فلعمل ما شاء"(1) أي: ما دام على هذا الحال كلَّما أذنب. . استغفر ولم يصر.
وأخرج أبو داوود والترمذي: "ما أصرَّ مَنِ استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة"(2)، فالاستغفار التام الكامل، المسبب عنه المغفرة: هو ما قارن عدم الإصرار؛ لأنه حينئذٍ توبةٌ نصوحٌ، وأما مع الإصرار. . فهو مجرد دعاءٍ كما مر.
ومن قال: (إنه توبة الكذابين) مراده: أنه ليس بتوبة حقيقة؛ خلافًا لما تعتقده العامة؛ لاستحالة التوبة مع الإصرار، على أن من قال:(أستغفر اللَّه وأتوب إليه) وهو مصرٌّ بقلبه على المعصية كاذبٌ آثم؛ لأنه أخبر أنه تائبٌ وليس حاله كذلك؛ فإن قال ذلك وهو غير مصرٍّ بأن أقلع بقلبه عن المعصية. . فقالت طائفةٌ من السلف: يكره له ذلك، وبه قال أصحاب أبي حنيفة رحمهم اللَّه تعالى؛ لأنه قد يعود إلى الذنب فيكون كاذبًا في قوله:(وأتوب إليه)، والجمهور على أنه لا كراهة في ذلك؛ لأن العزم على ألَّا يعود إلى المعصية واجبٌ عليه، فهو مخبرٌ عمَّا عزم عليه في الحال، فلا ينافي وقوعه منه في المستقبل، فلا كذب بتقدير الوقوع.
وفي حديث كفارة المجلس: "أستغفرك اللهم وأتوب إليك"(3).
وأخرج أبو داوود: أنه صلى الله عليه وسلم قطع إنسانًا ثم قال له: "استغفر اللَّه وتب إليه" فقال: أستغفر اللَّه وأتوب إليه، فقال:"اللهم؛ تب عليه"(4)، بل استحبَّ جمعٌ من السلف قول ذلك مع زيادة:(توبةَ مَنْ لا يملك لنفسه ضرًا، ولا نفعًا، ولا موتًا، ولا حياةً، ولا نشورًا).
(1) صحيح مسلم (2758/ 30) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
سنن أبي داوود (1514)، وسنن الترمذي (3559) عن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
(3)
أخرج أبو داوود (4857) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما، والترمذي (3433) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه.
(4)
سنن أبي داوود (4380) عن سيدنا أبي أمية المخزومي رضي الله عنه. وأول الحديث لفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بلصٍّ قد اعترف اعترافًا ولم يوجد معه متاعٌ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما إخالك سرقت؟ " قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا، فأمر به فقُطع، وجيء به فقال:"استغفرِ اللَّه. . . ".
وللاستغفار ألفاظٌ شهيرةٌ جاءت في السنة؛ منها: سيد الاستغفار، ولم نذكره لشهرته، ومنها:(أستغفر اللَّه العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) أخرج أبو داوود والترمذي: أن من قاله. . غفر له وإن كان فرَّ من الزحف (1)، وهذا أبلغ ردٍّ على من كره:(وأتوب إليه)(2).
وأخرج النسائي عن أبي هريرة: (ما رأيت أحدًا أكثر أن يقول: أستغفر اللَّه وأتوب إليه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (3).
ثم زاد تعالى ذلك تأكيدًا ثالثًا فقال: (يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض) بضم القاف، وهو الأشهر، وبكسرها؛ أي: بقريب ملئها، أو بملئها، وهذا أبلغ مما قبله، خلافًا لمن فسَّره بما يوهم اتحادهما؛ لأن قرابها ملؤها، وهو يشمل ملء ما بينها وبين السماء وملء طبقاتها السبع.
وفسَّرناه بالملء وإن كان حقيقةً في قرب الملء؛ لأن ذلك أبلغ في سعة العفو الدال عليها السياق، ثم رأيت بعضهم فسره بما يقتضي أنه حقيقةٌ في كلٍّ من الملء ومقاربه، فإن صح ذلك. . فلا إشكال.
(خطايا ثم لقيتني) أي: مت حال كونك (لا تشرك بي شيئًا) لاعتقادك توحيدي والتصديق برسلي وبما جاؤوا به (لأتيتك بقرابها) عبَّر به للمشاكلة، وإلَّا. . فمغفرة اللَّه تعالى أعظم وأوسع من ذلك.
(مغفرةً) ويرادفها العفو، لكن فُرِّق بينهما: بأنها لِمَا لم يَطَّلع عليه أحدٌ، وهو لما اطُّلِع عليه، وهو بالتحكم أشبه، فعلم أن الإيمان شرطٌ في مغفرة ما عدا الشرك؛ لأنه الأصل الذي ينبني عليه قبول الطاعة وغفران المعصية، وأما مع الشرك. . فلا أصل ينبني عليه ذلك:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} .
فالسبب الأعظم للمغفرة هو التوحيد، فمن فقده. . فقد فقدها، ومن أتى به ولو
(1) سنن أبي داوود (1517)، وسنن الترمذي (3577) عن سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنه.
(2)
انظر تفصيل الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه تعالى في "فتح الباري"(13/ 472).
(3)
سنن النسائي الكبرى (10216).
وحده بأن لم يكن له عمل خير غيره. . فقد أتى بأعظم أسبابها، لكنه تحت المشيئة، وعلى كلٍّ فمآله إلى الجنة (1).
وأما من كمل توحيده وإخلاصه وقام بشرائطه وأحكامه. . فإنه يُغفَر له ما سلف من ذنوبه، ولا يدخل النار إلا لتَحِلَّة القسم (2)؛ فقد أخرج أحمد:"لا إله إلا اللَّه لا تترك ذنبًا ولا يسبقها عمل"(3).
(رواه الترمذي) بتثليث الفوقية، وكسر الميم أو ضمها، وإعجام الذال رحمه الله تعالى (وقال: حديث صحيح) (4) وفي نسخة: (حسن) وفي أخرى: (حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من هذا الوجه) وعلى كلٍّ: فسنده لا بأس به، وقد أخرجه أحمد وأبو عوانة أيضًا في "مسنده الصحيح" من حديث أبي ذر (5)، والطبراني عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما (6)، ووَقْفُه في بعض الطرق لا يؤثر؛ لأن مع الرافع زيادةَ علمٍ.
وفيه بشارةٌ عظيمةٌ، وما لا يُحصى من أنواع الفضل والامتنان، وهو نظير الحديث الصحيح أيضًا:"واللَّهِ؛ للَّهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم بضالته لو وجدها"(7)، والحديث الحسن:"لولا أنكم تذنبون. . لخلق اللَّه خلقًا يذنبون فيغفر لهم"(8)، وفي التنزيل:{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنوبَ جمَيعًا} أي: إلا الشرك؛ للآية السابقة، وهذا
(1) في بعض النسخ: (وعلى كل حالٍ فمآله).
(2)
قوله: (إلا لتحلَّة القسم) مصدر: حللت اليمين تحليلًا وتحلّة؛ أي: أبررتها، يريد: إلا قدر ما يبر اللَّه قسمه فيه، وهو قوله عز وجل:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَرِدُهَا} فإذا مرَّ بها وجاوزها. . فقد أبو قسمه، وقيل: ليس في قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَرِدُهَا} قسم فتكون له تحِلَّة، ولكن معناه: إلا التعزير الذي يصيبه منه مكروه؛ من قول العرب: (ضربه تحليلًا، وضربه تعزيرًا) إذا لم يبالغ في ضربه، والأول أصح، وموضع القسم مردودٌ إلى قوله:{فَوَرَبِكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} . وقيل: القسم فيه مضمر، معناه: وإن منكم واللَّه إلا واردها، واللَّه تعالى أعلم. اهـ. "مدابغي"
(3)
مسند الإمام أحمد (6/ 425) عن سيدتنا أم هانئ رضي الله عنها.
(4)
في أكثر النسخ: (حديث حسن صحيح)، وفي نسخ المتن:(حديث حسن).
(5)
مسند الإمام أحمد (5/ 167)، وأبو عوانة في "البر والصلة" كما في "إتحاف المهرة"(14/ 195).
(6)
المعجم الكبير (12/ 16).
(7)
أخرجه مسلم (2675) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه
(8)
أخرجه مسلم (2748)، والترمذي (3539) عن سيدنا أبي أيوب رضي الله عنه.
الحديث على عمومه؛ لأن الذنب إما شركٌ فيغفر بالاستغفار منه وهو الإيمان، أو غيره فيغفر بالتوبة، وكذا بسؤال المغفرة بنحو:(اللهم؛ اغفر لي)، أو:(أستغفر اللَّه) لأنه خبرٌ في معنى الطلب.
واعلم: أن المصنف رحمه اللَّه تعالى وشكر سعيه صدَّر في الخطبة أنه يأتي بأربعين حديثًا، وقد زاد عليها اثنين فزاد خيرًا، وكأنهما أعجباه، وهما جديران بذلك، فناسب الختم بهما؛ لأن أولهما من باب الوعظ بمخالفة الهوى ومتابعة الشرع، وهذا جامعٌ لجميع ما في هذه "الأربعين" وسائر دواوين السنة، بل ولما في الكتاب العزيز أيضًا كما مر، وثانيهما ترغيبٌ في الدعاء والرجاء والاستغفار من الذنوب، والطمع في رحمة علام الغيوب.
نسأل اللَّه تعالى المانَّ بفضله أن يرحمنا برحمته الخاصة والعامة، وأن ينجينا من أهوال الحاقة والطامة، وأن يمنَّ علينا بتوفيقه، والهداية إلى سواء طريقه، ونتوسَّل إليه به، وباسمه الأعظم، وبكل اسمٍ هو له، استأثر به في علم غيبه، أو علَّمه لأحدٍ من خلقه، وبشرف كتبه المنزلة، وأنبيائه ورسله، وبخاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم، وبملائكته المقربين. . أن يختم لنا بالحسنى، وأن يبلغنا من فضله المقام الأرفع الأسنى، وأن يوفقنا من القول والعمل لما يحبُّه ويرضاه، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم لقاه، وأن يقربنا لديه (1)، ولا يخجلنا بين يديه؛ إنه الجواد الكريم، الرؤوف الرحيم.
والحمد للَّه الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللَّه.
يا ربنا؛ لك الحمد حمدًا يوافي نعمك، ويكافئ مزيدك، كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، سبحانك، لا نُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
والصلاة والسلام على أشرف مخلوقاتك، وعين أخصَّائك محمدٍ صلى اللَّه عليه
(1) في بعض النسخ: (ولما يقربنا لديه).
وسلم، وعلى آله وصحبه، وشيعته وحزبه؛ كما تحب وترضى، عدد معلوماتك، ومداد كلماتك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، كلما ذكرك وذكره الذاكرون، وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون، دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد للَّه رب العالمين (1).
(1) تنبيه: تبين يقينًا أن الشارح رحمه اللَّه تعالى أنهى كتابه سنة إحدى وخمسين وتسع مئة، وقد وقع وهم في خواتيم بعض المخطوطات، وهي أربع، وقد صوبناها بين [].
ورد في خاتمة (أ): (يقول مؤلفه شيخ شيوخنا، وسيدنا الإمام العالم العلامة، العمدة البحر الحبر الفهامة، جامع أشتات الفضائل، بقية السلف الأفاضل، شهاب الدين أحمد ابن حجر الهيثمي، عفا اللَّه تعالى عنا وعنه، وعن والدينا ومشايخنا وعيالنا وعن جميع المسلمين: وكان الفراغ من تعليق هذا الشرح المبارك نفعنا اللَّه به آمين يوم الخميس، حادي عشرين شهر اللَّه الحرام ذي القعدة، سنة [إحدى وخمسين] وتسع مئة بمكة المشرفة، زادها اللَّه شرفًا وكرمًا ومهابة وتعظيمًا.
علقها لنفسه أضعف خلقه وأحوجهم إلى ربه، الفقير الحقير المعترف بالعجز والتقصير، راجي عفو ربه القدير، محمد بن الحاج رجب البولاقي بلدًا، الشافعي مذهبًا، الأزهري نسبًا، ختم اللَّه له بخير ولوالديه وعياله وأقاربه وأصدقائه ومشايخه وجميع المسلمين بمنه وكرمه وعفوه وجوده وإحسانه؛ إنه على ما يشاء قدير، آمين وللَّه الحمد، وصلى اللَّه على سيدنا محمد.
وكان الفراغ من مقابلته مستهل شهر اللَّه الحرام ذي الحجة سنة خمس وثمانين وتسع مئة، على نسخة المؤلف شيخ شيوخ مشايخ الإسلام، شهاب الدين أحمد ابن حجر الهيتمي، عفا اللَّه عنا وعنه، آمين في مسجد بمكة المشرفة، زادها اللَّه شرفًا وكرمًا ومهابة وتعظيمًا، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا).
وفي خاتمة (ب): (قال مؤلفه الإمام العلامة، العمدة البحر الفهامة، شهاب الدين أحمد ابن حجر الهيتمي: وكان الفراغ من كتابته يوم السبت المبارك، تاسع عشري صفر الخير، سنة إحدى وخمسين وتسع مئة] اهـ
وكان الفراغ من تعليق هذه النسخة المباركة على يد أفقر العباد وأحوجهم وكئيبهم، وأحقرهم لعفو ربه القدير، ومن هو بحاله بصير، فعل ذلك لنفسه ولمن شاء اللَّه من بعده، صالح بن علي المنداوي الحنفي، أدام اللَّه له ولوالديه ولجميع المسلمين في الدارين، بره ولطفه الخفي، قاصدًا بذلك جزيل الثواب من المنعم الوهاب؛ إنه على ذلك قدير، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، دائمًا أبدًا إلى يوم الدين، والحمد للَّه بدءًا وختمًا).
وفي خاتمة (د): (قال مؤلفه الإمام العالم العلامة، العمدة البحر الفهامة، جامع أشتات الفضائل، بقية السلف الأفاضل، شهاب الدين أحمد ابن حجر الهيتمي، عفا اللَّه تعالى عنه: ابتدأت فيه أثناء القعدة، وفرغت منه هلال المحرم سنة إحدى وخمسين وتسع مئة، أرجو اللَّه تعالي جل ذكره قبوله وعموم النفع به؛ إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
ووافق الفراغ من كتابته يوم الأحد المبارك، سادس عشرين في رجب المعظم قدره، من شهور سنة ثمانية عشر ومئة بعد الألف من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وذلك على يد أفقر عباد اللَّه وأحوجهم إلى مغفرته الققير إلى اللَّه تعالى: محمد أبو بكر الدلجي بلدًا، الشافعي مذهبًا، غفر اللَّه له ولوالديه، وإخوانه ومحبيه، ومشايخه والمسلمين أجمعين) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي خاتمة (هـ): (قال مؤلفه الرحلة، العمدة الفهامة، شهاب الدين أحمد ابن حجر الهيتمي، تغمده اللَّه بالرحمة والرضوان، وبوأه من الجنة أعلى الجنان: ابتدأت فيه في أثناء القعدة، وفرغت هلال المحرم سنة إحدى وخمسين وتسع مئة، أرجو اللَّه قبوله وعموم النفع به؛ إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
وكان الفراغ من كتابته يوم السبت المبارك، رابع يوم شهر ربيع الثاني، من شهور سنة ألف [ومئة] وستة وثلاثين "سنة 1136" من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
والحمد للَّه وحده، وصلى اللَّه على من لا نبي بعده، تم على يد أفقر عباد اللَّه إلى رحمة ربه الغفار، أحمد بن علي بن أحمد الشعار، الفيومي بلدًا، والمالكي مذهبًا، غفر اللَّه له ولوالديه ولمن والاه خيرًا، آمين، آمين، آمين).
وفي خاتمة (ز): (قاله مؤلفه الإمام العالم العلامة، العمدة البحر الفهامة، شهاب الدين أحمد ابن حجر الهيتمي، رحمه اللَّه تعالى، ونفعنا ببركته، آمين، والحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكان الفراغ من كتابته يوم الخميس المبارك، ثاني شهر العقدة الحرام، سنة سبع وسبعين ومئة وألف، على يد الفقير عمر الخلوتي، قاصدًا بذلك وجه اللَّه تعالى، وعملًا بقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا مات ابن آدم. . انقطع عمله إلا من ثلاث" وعلى آله وصحبه وسلم).
وفي خاتمة (ح): (قال مؤلفه رحمه اللَّه تعالى: وكان الفراغ من تأليفه يوم السبت المبارك، تاسع عشر صفر الخير، سنة [إحدى وخمسين] وتسع مئة، وقد وافق كتابة شرح الأربعين للإمام العلامة، شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي المكي، أعاد اللَّه علينا من بركاته، ونفعنا بعلومه.
وكان الفراغ من كتابته يوم الأربعاء، سبعة أيام خلت من شهر صفر، سنة ألف ومئتين وإحدى وتسعين، على يد الفقير الحقير، المعترف بالذنب والتقصير: علي بن حسنين الشافعي، غفر اللَّه له ولوالديه، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، ولمن نظر فيه ودعا له بالمغفرة، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وسلم، آمين).
وفي خاتمة (ط): (قال مؤلفه رحمه اللَّه تعالى، وأعاد علينا من بركاته، وحشرنا في زمرته، وأمدنا من إمداداته: ابتدأت فيه أثناء القعدة، وفرغت منه هلال المحرم "سنة 951"، أرجو اللَّه جل ذكره قبوله، وعموم النفع به؛ إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وصلى اللَّه على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، آمين، آمين، آمين.
وكان الفراغ من نسخه: ليلة الأحد المبارك، سابع عشري شهر ذي الحجة الحرام، ختام سنة واحد وثمانين ومئة وألف، على يد ناسخه، راجي عفو الإله الصمدي: عبده محمد العوضي، غفر اللَّه له ولوالديه، ولمن تعلق نظره فيه، وسأل له المغفرة ولجميع المسلمين أجمعين، حامدًا، مصليًا، مسلمًا).
وفي خاتمة: (ي): (يقول مؤلفه شيخنا وسيدنا، الإمام العالم العلامة، العمدة البحر الفهامة، جامع أشتات الفضائل، بقية السلف الأفاضل: شهاب الدين أحمد ابن حجر الهيتمي، عفا اللَّه تعالى عنا وعنه: ابتدأت فيه أثناء القعدة، وفرغت منه هلال المحرم، سنة إحدى وخمسين وتسع مئة، أرجو اللَّه تعالى جل ذكره قبولَه، وعمومَ النفع به؛ إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير. تم بحمد اللَّه وعونه وحسن توفيقه، والحمد للَّه رب العالمين.
وكان الفراغ من كتابته: نهار الربوع، يوم سابع وعشرين من شهر ربيع الأول، سنة ثالث وعشرين من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، والحمد للَّه رب العالمين حمدًا يوافي نعمه، ويكافئ مزيده، آمين، آمين. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بلغ مقابلة في مجالس متعددة، آخرها بعد صلاة الظهر يوم الخميس المبارك [. . . . . .] شهر رجب الفرد الحرام، سنة خمسين بعد الألف من الهجرة النبوية، لدى ضريح الشيخ العارف باللَّه عز وجل عبد الهادي بن سود، نفع اللَّه به على نسخة مضبوطة بخط شيخ الإسلام الصديق بن الخاص السراج الحنفي رحمه اللَّه تعالى، وصلى اللَّه على سيدنا محمد آله وصحبه وسلم تسليمًا).
وفي خاتمة (ك): (يقول مؤلفه الإمام: شهاب الدين أحمد ابن حجر الهيتمي، نفع اللَّه به: ابتدأت فيه أثناء القعدة، وفرغت منه هلال المحرم، سنة إحدى وخمسين وتسع مئة من الهجرة، أرجو اللَّه جل ذكره قبوله، وعموم النفع به؛ إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
وكان الفراغ من رقمه: نهار الجمعة، شهر رمضان المعظم، رابع عشر منه، سنة ثمانٍ وأربعين ومئة وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، بعناية سيدي القاضي الفاضل، الكامل العالم العامل، العلامة، الورع الزاهد، البحر الفهامة، حاكم الشريعة المطهرة، في الجهة الغفارية، وما إليها، عماد الإسلام والدين، وارث علوم سيد المرسلين: يحيى بن أحمد الآنسي فهمه اللَّه معانيه، ووفقنا وإياه العمل بما فيه، ونفعنا به وجميع المسلمين، بجاه سيد المرسلين، وآله أجمعين. آمين.
غفر اللَّه لكاتبه، ومالكه، ولوالديهما، ولمن دعا لهما بالمغفرة، ولجميع المسلمين، وصلى اللَّه على من نطق له الجماد: سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وأصحابه الأمجاد، وسلَّم).
وفي خاتمة (خ): (قال مؤلفه الإمام العلامة، العمدة البحر الفهامة؛ شهاب الدين أحمد ابن حجر الهيتمي، رحمه اللَّه تعالى: وكان الفراغ من كتابته يوم السبت المبارك تاسع عشري صفر الخير، سنة [إحدى وخمسين] وتسع مئة.
وكان الفراغ من كتابته يوم الثلاثاء المبارك، ثالث شهر ربيع الأول، سنة ست وأربعين بعد الألف من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، على يد كاتبها لنفسه: العبد الفقير الحقير، المعترف بالذنب والتقصير: محمد الخطيب بن الشيخ عبد الصمد بن الشيخ أبو الحسن الخطيب الشربيني الشافعي، غفر اللَّه لهم ولوالديهم، ولأمواتهم، وكل المسلمين أجمعين، آمين، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل، لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه، صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وصحابتهم أجمعين، آمين.
الحمد للَّه، وفي شهر ربيع الأول سنة أربع ومئتين وألف، دخل هذا الكتاب في ملك الفقير إلى اللَّه تعالى السيد أحمد بن الإمام العارف باللَّه عمر بن زين بن سميط بالشراء الصحيح الشرعي، من ملك السيد علي بن محمد السقاف، ساكن سيؤون، في من معلوم قبضه البائع، وبرئت عنه ذمة المشتري، حضر ذلك وكتبه: عبد اللَّه بن عوض باذيب، عفا اللَّه عنه. حضر عنه عمر بن سالم فضل.
وفي سنة (1222) دخل في ملك الفقير إلى اللَّه عمر بن زين بن محمد [. . . . . .] باذيب عفا اللَّه عنه آمين).
وفي هامش (غ): يقول الكاتب الفقير مرتضى علي بن محمد الشدردي الداغستاني: قد وقع الفراغ الفراغ عن كتبه هذا الكتاب في "15" من ذي الحجة الحرام، الموافق ليوم "21" من أكتوبر "3321" هجرية، "1914" ميلادية، وصححناه حسب ما يمكن من النسخ المعتبرة).