الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نحو: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} ، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} ، أو خاصٌّ أُريد به عامٌّ؛ نحو:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} أي: لا تؤذهما بشيءٍ من أنواع الإيذاء.
قاعدة [في بيان كيفية أخذ الحكم]
كل حكمٍ أجازه الشارع أو منعه أو أمكن رده إلى أحدهما. . فهو واضحٌ، فإن أجازه مرةً ومنعه أخرى. . فالثاني ناسخٌ للأول، وإن لم ترِدْ عنه إجازته ولا منعه ولا أمكن رده إليه بوجهٍ. . ففيه الخلاف قبل ورود الشرع، والأصح: أن لا حكم، فلا تكليف فيها بشيءٍ، وقيل: يرجع فيه إلى المصلحة والسياسة، فما وافقها منه. . أُخذ، وما لا. . تُرك.
(رواه) أحمد وابن ماجه و (أبو داوود) وأبو نعيم، وقال: حديثٌ جيدٌ من صحيح حديث الشاميين (1)(والترمذي وقال: حديث حسن) وفي نسخة: حسن صحيح، هكذا هو في "كتاب الأربعين".
ولفظ أبي داوود: قال: صلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظةً بليغةً، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائلٌ: يا رسول اللَّه؛ كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال:"أوصيكم بتقوى اللَّه والسمع والطاعة وإن عبدًا حبشيًا؛ فإنه من يعش منكم بعدي. . فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور: فإن كل محدثةٍ بدعةٌ، وكل بدعةٍ ضلالةٌ".
ولفظ الترمذي نحو هذا، لكن فيه: بعد صلاة الغداة، وفيه:"وإن عبدٌ حبشيٌّ"(2) وفيه: "وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك
(1) مسند الإمام أحمد (4/ 126)، وسنن ابن ماجه (42)، والمسند المستخرج على صحيح مسلم (2).
(2)
قوله: (وفيه: "وإن عبدٌ حبشيٌّ") بالرفع على حذف (كان) مع خبرها وبقاء اسمها؛ أي: وإن كان عبدٌ حبشيٍّ مولى عليكم، وهو قليل. اهـ "مدابغي"
منكم. . فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ".
وفي بعض الطرق: إن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال:"تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، فلا يزيغ عنها إلا هالك، ومن يعش منكم. . فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ"(1).
وفي بعضها: "فإن كل محدثةٍ بدعةٌ، وكل بدعةٍ ضلالةٌ، وكل ضلالةٍ في النار" وهو قياسٌ مركبٌ متصلٌ من الشكل الأول، ينتج: كل محدثةٍ في النار؛ يعني صاحبها من فاعلٍ ومتَّبِع.
وزاد ابن ماجه آخر الحديث: "فإنما المؤمن كالجمل الأَنِف؛ حيثما قِيد. . انقاد"(2) لكن أنكر جمعٌ من الحُفَّاظ هذه الزيادة وقالوا: إنها مدرجة.
وأجيب بأن ابن ماجه أخرجه من طريقٍ إسناده جيدٌ متصل، ورواته ثقات مشهورون، وقد صرح فيه بسماع يحيى راويه من العرباض، وبه صرح البخاري في "تاريخه" (3) أي: وإن أنكره حفاظ أهل الشام، وقيل: إن البخاري في "تاريخه" تقع له أوهام في أخبار أهل الشام، وهم أعرف بشيوخهم.
* * *
(1) عند ابن ماجه (43) عن سيدنا العرباض بن سارية رضي الله عنه.
(2)
تقدم تخريجه في الهامش السابق. وقوله: (كالجمل الأنف) أي: المأنوف؛ وهو الذي عقر الخشاشُ أنفَه، فهو لا يمتنع على قائده؛ للوجع الذي به، وكان الأصل أن يقال: مأنوف؛ لأنه اسم مفعول كما يقال: مصدور ومبطون للذي اشتكى صدره وبطنه، وإنما جاء هذا شاذًا، ويروى:(كالجمل الآنِف) بالمد وهو بمعناه. اهـ "مدابغي"
(3)
انظر "سنن ابن ماجه"(42) حيث قال في سنده: (حدثني يحيى بن أبي المطاع، قال: سمعت العرباض بن سارية)، وانظر:"التاريخ الكبير"(8/ 306)، وانظر تفصيل الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه اللَّه تعالى في "جامع العلوم والحكم"(2/ 110 - 111).