المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الحادي والعشرون [الاستقامة لب الإسلام] - الفتح المبين بشرح الأربعين

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌بين يدي الكتاب

- ‌عناية العلماء بـ "الأربعين النووية

- ‌ترجمة الإمام محيي الدين النووي رضي الله عنه للإمام محمد بن الحسن الواسطي الحسيني الشريف

- ‌اسمه ومولده ونشأته

- ‌شيوخه

- ‌تلامذته

- ‌مؤلفاته وتصانيفه

- ‌ترجمة الإمام الفقيه أحمد بن محمد ابن حجر الهيتمي المكي رحمه اللَّه تعالى

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم

- ‌شيوخه

- ‌مُقاساته في الطَّلب وخروجه إلى مكة

- ‌زملاؤه وأقرانه

- ‌تلامذته

- ‌مؤلفاته

- ‌وفاته

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌صور المخطوطات المستعان

- ‌[خُطْبَةُ الكِتَابِ]

- ‌[خطبة الأربعين النووية]

- ‌[روايات حديث: "من حفظ على أمتى أربعين حديثًا

- ‌تَنبيهَان

- ‌أحدهما [عدم التفرقة فيمن حفظ أربعين صحيحة وحسنة، وضعيفة في الفضائل]

- ‌ثانيهما [حفظ الأربعين مختصٌّ بالحديث الشريف]

- ‌[ذكر بعض من صنف أربعين حديثًا]

- ‌[بيان سبب تأليف "الأربعين" وشرطه فيها]

- ‌الحديث الأول [الأعمال بالنيات]

- ‌فائدة [تأثير الرياء على ثواب الأعمال]

- ‌الحديث الثاني [مراتب الدين: الإسلام والإيمان والإحسان]

- ‌تنبيه [تلازم مفهوم الإيمان والإسلام وتأويل ما ورد من تغايرهما]

- ‌الحديث الثالث [أركان الإسلام]

- ‌تنبيه [ثبوت عموم الحديث ووجوب تكرر الأركان من أدلة أخرى]

- ‌الحديث الرابع [مراحل خلق الإنسان وتقدير رزقه وأجله وعمله]

- ‌تنبيه [تعليق الطلاق على الحمل، ومتى تنفخ الروح]

- ‌الحديث الخامس [إنكار البدع المذمومة]

- ‌الحديث السادس [الابتعاد عن الشُّبهات]

- ‌الحديث السابع [النصيحة عماد الدين]

- ‌الحديث الثامن [حرمة دم المسلم وماله]

- ‌تنبيه [لزوم موافقة المجتهدين لأمر الإمام المجتهد العادل وحكمه]

- ‌الحديث التاسع [النهي عن كثرة السؤال والتنطُّع]

- ‌الحديث العاشر [كسب الحلال سبب لإجابة الدعاء، وأكل الحرام يمنعها]

- ‌تنبيه [علاقة انتفاء القبول بانتفاء الصحة]

- ‌الحديث الحادي عشر [من الورع توقي الشُّبَه]

- ‌الحديث الثاني عشر [ترك ما لا يعني والاشتغال بما يفيد]

- ‌تنبيه [تقسيم الأشياء مما يعني الإنسان وما لا]

- ‌الحديث الثالث عشر [من علامات كمال الإيمان حبُّك الخير للمسلمين]

- ‌الحديث الرابع عشر [حرمة المسلم ومتى تُهدر]

- ‌الحديث الخامس عشر [التكلم بخير وإكرام الجار والضيف من الآداب الإسلامية]

- ‌تنبيه [الصمت مطلقًا منهيٌّ عنه، والفرق بينه وبين السكوت]

- ‌الحديث السادس عشر [النهي عن الغضب]

- ‌تنبيه [الغضب للَّه محمودٌ ولغيره مذموم]

- ‌الحديث السابع عشر [الأمر بالإحسان والرفق بالحيوان]

- ‌الحديث الثامن عشر [حسن الخلق]

- ‌تنبيه [الأعمال الصالحة لا تكفر غير الصغائر، ووجوب التوبة من الصغيرة]

- ‌الحديث التاسع عشر [نصيحةٌ نبويةٌ لترسيخ العقيدة الإسلامية]

- ‌الحديث الموفي عشرين [الحياء من الإيمان]

- ‌الحديث الحادي والعشرون [الاستقامة لبُّ الإسلام]

- ‌الحديث الثاني والعشرون [دخول الجنة بفعل المأمورات وترك المنهيات]

- ‌الحديث الثالث والعشرون [من جوامع الخير]

- ‌الحديث الرابع والعشرون [آلاء اللَّه وفضله على عباده]

- ‌تنبيه [الدعاء بالهداية جائز ولو للمسلم]

- ‌فائدة [في الفرق بين القرآن والأحاديث القدسية، وأقسام كلام اللَّه تعالى]

- ‌الحديث الخامس والعشرون [التنافس في الخير، وفضل الذِّكر]

- ‌الحديث السادس والعشرون [كثرة طُرُق الخير وتعدُّد أنواع الصدقات]

- ‌الحديث السابع والعشرون [تعريف البر والإثم]

- ‌تنبيه [كيفية الاحتجاج بحديثٍ من كتب السنة]

- ‌الحديث الثامن والعشرون [السمع والطاعة والالتزام بالسنة]

- ‌قاعدة [في بيان كيفية أخذ الحكم]

- ‌الحديث التاسع والعشرون [طريق النجاة]

- ‌الحديث الثلاثون [الالتزام بحدود الشرع]

- ‌الحديث الحادي والثلاثون [الزهد في الدنيا وثمرته]

- ‌الحديث الثاني والثلاثون [لا ضرر ولا ضرار]

- ‌تنبيه [في المراد من حديث: "لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبه في جداره

- ‌فائدة [في بيان مراتب الضرورات]

- ‌الحديث الثالث والثلاثون [أسس القضاء في الإسلام]

- ‌فائدة [فصل الخطاب]

- ‌الحديث الرابع والثلاثون [تغيير المنكر ومراتبه]

- ‌الحديث الخامس والثلاثون [أخوة الإسلام وحقوق المسلم]

- ‌الحديث السادس والثلاثون [قضاء حوائج المسلمين، وفضل طلب العلم]

- ‌الحديث السابع والثلاثون [عظيم لطف اللَّه تعالى بعباده وفضله عليهم]

- ‌تنبيه [في بيان قوله تعالى: {وَهَمَّ بِهَا}]

- ‌الحديث الثامن والثلاثون [محبة اللَّه لأوليائه وبيان طريق الولاية]

- ‌تنبيه [اقتراف المعصية محاربة للَّه عز وجل]

- ‌الحديث التاسع والثلاثون [رفع الحرج في الإسلام]

- ‌فائدة [في بيان سبب نزول آخر "سورة البقرة

- ‌فائدة أخرى [في بيان بطلان مذهب أهل التقية]

- ‌الحديث الأربعون [اغتنام الأوقات قبل الوفاة]

- ‌الحديث الحادى والأربعون [اتباع النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌الحديث الثاني والأربعون [سعة مغفرة اللَّه عز وجل]

- ‌[خَاتمَة الكِتَاب]

- ‌بَابُ الإِشَارَاتِ إِلَى ضَبْطِ الأَلْفَاظِ الْمُشْكِلَاتِ

- ‌في الخطبة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادى عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الخامس عشر

- ‌السابع عشر

- ‌الثامن عشر

- ‌التاسع عشر

- ‌العشرون

- ‌الحادي والعشرون

- ‌الثالث عشر

- ‌الرابع والعشرون

- ‌الخامس والعشرون

- ‌السادس والعشرون

- ‌السابع والعشرون

- ‌الثامن والعشرون

- ‌التاسع والعشرون

- ‌الثلاثون

- ‌الثاني والثلاثون

- ‌الرابع والثلاثون

- ‌الخامس والثلاثون

- ‌الثامن والثلاثون

- ‌الأربعون

- ‌الثاني والأربعون

- ‌فصل [المراد بالحفظ في قوله صلى الله عليه وسلم: "من حفظ على أمتي أربعين حديثًا

- ‌أَهَمُّ مَصَادِرِ وَمَرَاجْعِ التَّحْقِيقِ

الفصل: ‌الحديث الحادي والعشرون [الاستقامة لب الإسلام]

‌الحديث الحادي والعشرون [الاستقامة لبُّ الإسلام]

عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَقِيلَ: أَبِي عَمْرَةَ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ قُلْ لِي فِي الإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ، قَالَ:"قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1).

(عن أبي عمرو) بالواو (وقيل: أبي عمرة) بالهاء (سفيان) بتثليث أوله (ابن عبد اللَّه الثقفي رضي اللَّه) تعالى (عنه) معدودٌ من أهل الطائف، وكان عاملًا لعمر رضي اللَّه تعالى عنه عليه حين عزل عنه عثمان بن أبي العاص.

روى له مسلم هذا الحديث والترمذي والنسائي وابن ماجه (2).

(قال: قلت: يا رسول اللَّه؛ قل لي في الإسلام) أي: في دينه وشريعته (قولًا) جامعًا لمعاني الدين، واضحًا في نفسه بحيث لا يحتاج إلى تفسير غيرك أعمل عليه وأكتفي به بحيث (لا أسأل) أي: لا يُحوِجني؛ لما اشتمل عليه من بديع الإحاطة والشمول، ونهاية الإيضاح والظهور إلى أن أسأل (عنه أحدًا غيرك، قال: قل: آمنت باللَّه) أي: جدِّد إيمانك متذكرًا بقلبك، ذاكرًا بلسانك؛ لتستحضر تفاصيل معاني الإيمان الشرعي التي مرت في حديث جبريل.

(ثم استقم) على عمل الطاعات، والانتهاء عن جميع المخالفات؛ إذ لا تتأتى الاستقامة مع شيءٍ من الاعوجاج؛ فإنها ضده، وهاتان الجملتان منتزعتان من قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} الآيةَ؛ أي: آمنوا به ووحَّدوه مع

(1) صحيح مسلم (38).

(2)

سنن الترمذي (2410)، وسنن النسائي الكبرى (11425)، وسنن ابن ماجه (3972).

ص: 386

شهود ألوهيته وتربيته لهم، ثم استقاموا واعتدلوا على ذلك وعلى طاعته عقدًا وقولًا وفعلًا، وداموا على ذلك إلى أن يتوفَّاهم عليه.

ويؤيد ذلك قول عمر رضي الله عنه: (استقاموا واللَّه على طاعته ولم يروغوا روغان الثعالب)(1)، وقول أبي بكر رضي اللَّه تعالى عنه:(لم يشركوا باللَّه شيئًا (2)، ولم يلتفتوا إلى إلهٍ غيره) (3)، أو: استقاموا على أن اللَّه ربهم.

وقال ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما: (استقاموا على شهادة أن لا إله إلا اللَّه)(4) وكذا قاله جماعة آخرون.

والمراد بذلك كله (5): الاستقامة على التوحيد الكامل، وهو مستلزمٌ للتحقق بجميع ما قلناه أولًا، ويؤيده: أنه جاء عن أبي بكر رضي اللَّه تعالى عنه أنه فسَّرها أيضًا: بأنهم لم يلتفتوا إلى غير اللَّه تعالى، وهذا هو غاية الاستقامة ونهايتها.

وجاء في حديثٍ آخر: "أيها الناس؛ إنكم لن تعملوا ولن تطيقوا كل ما أمرتكم به، ولكن سددوا وأبشروا"(6) والسداد: هو الإصابة في الأقوال والأعمال والمقاصد، والإصابة في جميعها هي الاستقامة، فلو فعلوا ذلك. . لكانوا فعلوا ما أُمروا به كله، فالاستقامة هي الدرجة القصوى التي بها كمال المعارف والأحوال، وصفاء القلوب في الأعمال، وتنزيه العقائد عن سفاسف البدع والضلال (7).

ومن ثَمَّ قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: (من لم يكن مستقيمًا في حاله. . ضاع سعيه، وخاب جده)(8). ونقل: (أنه لا يطيقها إلا الأكابر؛ لأنها الخروج عن المألوفات، ومفارقة الرسوم والعادات، والقيام بين يدي اللَّه سبحانه وتعالى على

(1) أخرجه الإمام أحمد في "الزهد"(601)، وابن المبارك في "الزهد"(325).

(2)

أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(326).

(3)

أخرجه الحاكم (2/ 440).

(4)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 322) وعزاه لعبد بن حميد.

(5)

في بعض النسخ: (وكذا قال جماعةٌ آخرون: المراد بذلك).

(6)

أخرجه أبو داوود (1096)، والإمام أحمد (4/ 212)، وأبو يعلى (6826) عن سيدنا الحكم بن حزن رضي الله عنه.

(7)

قوله: (سفاسف البدع) قال الجوهري: والسفساف: الرديء من كل شيء، والأمر الحقير. اهـ "مدابغي"

(8)

الرسالة القشيرية (ص 160).

ص: 387

حقيقة الصدق) (1)؛ ولعزتها أخبر صلى الله عليه وسلم أن الناس لن يطيقوها، فقد أخرج أحمد:"استقيموا ولن تطيقوا"(2).

(رواه مسلم) وهو من بدائع جوامع الكلم التي اختصَّه اللَّه تعالى بها؛ فإنه صلى الله عليه وسلم جمع لهذا السائل في هاتين الكلمتين جميع معاني الإيمان والإسلام اعتقادًا وقولًا وعملًا، كما أشرنا إلى ذلك كله في تقريرهما.

وحاصله: أن الإسلام توحيدٌ وطاعةٌ، فالتوحيد حاصلٌ بالجملة الأولى، والطاعة بجميع أنواعها في ضمن الجملة الثانية؛ إذ الاستقامة: امتثال كل مأمورٍ، واجتناب كل منهيٍّ، ومن ثَمَّ قال ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما في قوله سبحانه وتعالى:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} : (ما نزل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آيةٌ كانت أشدَّ ولا أشقَّ عليه من هذه الآية)(3) ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه جمن قالوا له: قد أسرع إليك الشيب: "شيبتني هود وأخواتها"(4)، وأخرج ابن أبي حاتم: لما نزلت هذه الآية. . (شمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فما رُئي ضاحكًا)(5).

وزاد الترمذي في هذا الحديث زيادةً مهمةً وقال: حسن صحيح، وهي: قلت: يا رسول اللَّه؛ ما أخوف ما تخاف عليَّ؟ فأخذ بلسان نفسه وقال: "هذا"(6) أي: تنبيهًا على أنَّ أعظمَ ما يُراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسانُ؛ فإنه ترجمان القلب، والمعبر به، ومن ثم أخرج أحمد:"لا يستقيم إيمان عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه"(7).

* * *

(1) الرسالة القشيرية (ص 161).

(2)

مسند الإمام أحمد (5/ 276) عن سيدنا ثوبان رضي الله عنه.

(3)

انظر "شرح الإمام النووي على مسلم"(2/ 9).

(4)

أخرجه أبو يعلى (880)، والطبراني في "الكبير"(17/ 286) عن سيدنا أبي جحفة رضي الله عنه.

(5)

ذكره الحافظ السيوطي رحمه اللَّه تعالى في "الدر المنثور"(4/ 480) وعزاه لابن أبي حاتم.

(6)

سنن الترمذي (2410) عن سيدنا سفيان بن عبد اللَّه الثقفي رضي الله عنه.

(7)

مسند الإمام أحمد (3/ 198) عن سيدنا أنس رضي الله عنه.

ص: 388