المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في زكاة الفطر] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[باب في زكاة الفطر]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الفواكه الدواني]

إجْزَاءِ الثَّمَنِ عَنْ الْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَأَنْ يَصْرِفَهُ فِي مَصَارِفِهَا، وَفِي قَوْلِهِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ إشَارَةٌ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ، وَحَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ إخْرَاجَ الْعَيْنِ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ يُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِخْرَاجُ الْعَرْضِ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ الْعَيْنِ لَا يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، وَكَذَا إخْرَاجُ الْحَرْثِ أَوْ الْمَاشِيَةِ عَنْ الْعَيْنِ، وَكَذَا إخْرَاجُ الْحَرْثِ عَنْ الْمَاشِيَةِ أَوْ عَكْسُهُ، وَاحْتَرَزْنَا بِتَخْفِيفِ الصَّادِ فِي ضَبْطِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُصَّدِّقِ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ فَإِنَّهُ الْمُزَكِّي

. (وَلَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ) : فَاعِلُ يُسْقِطُ الْمَبْنِيُّ لِلْفَاعِلِ وَمَفْعُولُهُ (زَكَاةَ حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ وَلَا مَاشِيَةٍ) : وَلَا مَعْدِنٍ وَإِنَّمَا يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ، وَهَذَا مَحْضُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ

1 -

(خَاتِمَةٌ) : تَشْمَلُ عَلَى مَسَائِلَ تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ خَوْفًا مِنْ التَّطْوِيلِ، وَأَرَدْنَا ذِكْرَهَا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، مِنْهَا: النِّيَّةُ وَتَكُونُ عِنْدَ دَفْعِهَا أَوْ عَزْلِهَا، وَلَوْ ضَاعَتْ قَبْلَ دَفْعِهَا لِلْفَقِيرِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَصِفَتُهَا أَنْ يَنْوِيَ إخْرَاجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَلَوْ دَفَعَ مَالًا لِفَقِيرٍ غَيْرَ نَاوِيهِ الزَّكَاةَ، ثُمَّ لَمَّا طُلِبَ بِالزَّكَاةِ أَرَادَ جَعْلَ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ زَكَاةٍ زَكَاةً لَمْ يَكْفِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَطَايَا لِوَجْهِ اللَّهِ أَوْ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ تَرْكِ النِّيَّةِ قَصْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّيُوخِ، وَيَنْوِي عَنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَلِيُّهُمَا، وَإِنَّمَا أَجْزَأَتْ مَعَ الْإِكْرَاهِ عَلَى أَخْذِهَا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ أَوْ الْفَقِيرِ الْمُكْرَهِ عَلَى أَخْذِهَا كَافِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ بَعْدَ وُجُوبِهَا قَهْرًا عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ، قَالَ خَلِيلٌ: وَأُخِذَتْ كَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ

1 -

، وَمِنْ الْمَسَائِلِ وُجُوبُ تَفْرِقَتِهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ وَفِيهِ الْمَالِكُ وَالْمُسْتَحَقُّونَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَرْثِ، وَالْمَاشِيَةِ حَيْثُ كَانَ لَهُمَا سَاعٍ، وَأَمَّا النَّقْدُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ فَهُوَ مَوْضِعُ الْمَالِكِ كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ، وَفِي حُكْمِ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ مَا قَرُبَ مِنْهُ وَهُوَ مَا دَخَلَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، وَأَمَّا الْخَارِجُ عَنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا يُجْزِئُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُعْدَمَ الْمُسْتَحِقُّ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ، أَوْ يَكُونُ مُسَاوِيًا لِفُقَرَاءِ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، وَأَوْلَى لَوْ كَانَ أُعْدِمَ فَتُجْزِئُ فِي الْجَمِيعِ،

وَمِنْ الْمَسَائِلِ أَنْ يَدْفَعَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، فَلَا تُجْزِئُ الْمُقَدَّمَةُ عَنْهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ بِالْإِفْرَاكِ وَطِيبِ الثَّمَرِ وَلَوْ بِقَلِيلٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ فَلَا شَكَّ فِي إجْزَائِهَا، وَأَمَّا فِي الْعَيْنِ وَمِنْهَا عُرُوضُ التِّجَارَةِ وَمِثْلُهَا الْمَاشِيَةُ حَيْثُ لَا سَاعِيَ لَهَا فَيُجْزِئُ دَفْعُهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ كَالشَّهْرِ، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا لِلْأَخْذِ لَهَا فَفِي مُخْتَصَرِ الْبُرْزُلِيِّ فَتْوَى شُيُوخِنَا أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُجْزِئُ حَتَّى يُسَمِّيَهَا الدَّافِعُ لِلْفَقِيرِ أَوْ يُعْلِمَهُ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ بَلْ كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ خَاطِرِ الْفَقِيرِ،

1 -

وَمِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ بَيَانُ مَصْرِفِهَا إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَتُصْرَفُ لَهُ وَهُوَ الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي آيَةِ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: 60] وَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُ تِلْكَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ، وَمِنْهَا: لَوْ مَاتَ شَخْصٌ قَبْلَ إخْرَاجِهَا وَبَعْدَ وُجُوبِهَا فَإِنْ كَانَتْ حَرْثًا أَوْ مَاشِيَةً لَا سَاعِيَ لَهَا أُخِذَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْعَيْنِ إنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الْمَالِكُ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَفِي الْحَرْثِ يُزَكِّيهَا الْوَارِثُ إنْ خَرَجَ لَهُ نِصَابٌ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ زَرْعٌ آخَرُ يَخْرُجُ مِنْهُمَا نِصَابٌ، وَأَمَّا فِي الْمَاشِيَةِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْوَارِثِ نِصَابٌ ضَمَّهَا إلَيْهِ وَزَكَّى عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَلَوْ قَرُبَ مِنْ الْمَوْتِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ سِوَاهَا أَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ لَاسْتَقْبَلَ حَوْلًا كَامِلًا مِنْ يَوْمِ كَمَالِ النِّصَابِ أَوْ مَلَكَهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا وَمَاتَ مَالِكُهُ قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ لَاسْتَقْبَلَ الْوَارِثُ بِهِ وَلَا يَضُمُّهُ لِمَا عِنْدَهُ مِنْ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْعَيْنِ يَسْتَقْبِلُ بِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَيْنَ شَأْنُهَا عَدَمُ السَّاعِي بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ، إنَّمَا عَبَّرْنَا بِشَأْنِهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى فَائِدَةِ الْمَاشِيَةِ تُضَمُّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَاعٍ، لَكِنْ إنْ ضُمَّتْ لِنِصَابٍ زُكِّيَتْ مَعَهُ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ النِّصَابِ، وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُومَةُ إلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَيَسْتَقْبِلْ بِالْجَمِيعِ حَوْلًا كَامِلًا مِنْ يَوْمِ الْكَمَالِ، هَذَا إيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَلَّ أَنْ تَجِدَهُ فِي مَحَلٍّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْأَمْوَالِ شَرَعَ فِي زَكَاةِ الْأَبْدَانِ فَقَالَ:

ص: 346

بَابٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُلِّ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَاعًا عَنْ كُلِّ نَفْسٍ بِصَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

وَتُؤَدَّى مِنْ جُلِّ عَيْشِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِنْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ سُلْتٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ

ــ

[الفواكه الدواني]

(بَابٌ فِي) : حُكْمِ (زَكَاةِ الْفِطْرِ) : وَيُقَالُ لَهَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَيُقَالُ لَهَا الْفِطْرَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ أَوْ الْخِلْقَةِ فَتَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ زَكَاةُ الْخِلْقَةِ، وَالْفِطْرَةُ لَفْظَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ بَلْ اصْطَلَحَ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ، وَالْمُعَرَّبَةُ هِيَ الْكَلِمَةُ الْأَعْجَمِيَّةُ الَّتِي اسْتَعْمَلَتْهَا الْعَرَبُ فِيمَا وُضِعَتْ لَهُ عِنْدَ الْعَجَمِ، وَفُرِضَتْ فِي ثَانِيَةِ الْهِجْرَةِ سَنَةَ فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ، وَسَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهَا لِتَكُونَ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَلِلرِّفْقِ بِالْفُقَرَاءِ فِي إغْنَائِهِمْ عَنْ السُّؤَالِ فِي هَذَا الْيَوْمِ.

قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الصَّوْمُ مَوْقُوفٌ عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَإِنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ قَبْلَ صَوْمِهِ، وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ زَكَاةَ الْفِطْرِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِقَوْلِهِ: إعْطَاءُ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ لِقُوتِ يَوْمِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ أَوْ جُزْئِهِ الْمُسَمَّى لِلْجُزْءِ وَالْمَقْصُودُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ، وَبِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ أَوْ جُزْئِهِ الْمُسَمَّى بِالْجُزْءِ إلَخْ، فَلَا تُدْفَعُ إلَّا لِمَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا كَمَا يَرْشُدُ لَهُ حَدِيثُ:«أَغْنُوهُمْ عَنْ ذُلِّ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ» هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ: فَقِيرٍ لِقُوتِ يَوْمِ الْفِطْرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ فَقِيرَ الزَّكَاةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ جُزْءٍ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا يُخْرَجُ عَنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ بِحَسَبِ الْجُزْءِ، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِهَا بِقَوْلِهِ:(وَزَكَاةُ الْفِطْرِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مَفْرُوضَةٌ بِالسُّنَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «فَرَضَهَا صلى الله عليه وسلم» وَعِبَارَةُ خَلِيلٍ ظَاهِرَةٌ وَنَصُّهَا: يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ، فَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَحَمْلُ الْفَرْضِ عَلَى التَّقْدِيرِ بَعِيدٌ خُصُوصًا وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا يُنَادِي فِي فِجَاجِ مَكَّةَ أَلَا إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» هَكَذَا فِي التَّتَّائِيِّ وَالشَّاذِلِيِّ.

قَالَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَالصَّوَابُ أَنَّ الَّذِي فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ فِجَاجُ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى فَرْضِهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَكَّةَ كَانَتْ حِينَئِذٍ دَارَ حَرْبٍ فَلَا يَبْعَثُ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي أَزِقَّتِهَا، وَهَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ بِالسُّنَّةِ وَبِالْقُرْآنِ أَيْضًا، إمَّا بِآيَةِ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] أَوْ بِآيَةِ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] لِعُمُومِهَا، وَلَكِنْ إذَا تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ لَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهَا كَمَا لَا يُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِ صَلَاةِ الْعِيدِ، بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ فَيُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِهَا، وَرَجَّحَ بَعْضٌ أَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا كَمَا قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ، وَعَدَمُ الْقِتَالِ عَلَى تَرْكِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ، وَلِذَلِكَ لَا يُكَفَّرُ مُنْكِرُ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ مُنْكِرِ مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَلَعَلَّهُ وَجْهُ شُهْرَةِ مَشْرُوعِيَّتِهَا دُونَ فَرْضِيَّتِهَا، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ صَاعًا هَكَذَا رُوِيَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَجَعَلْتهَا صَاعًا، وَأَعْرَبَهُ بَعْضُهُمْ حَالًا، وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ صَاعٌ وَلَيْسَ خَبَرَ الصَّدَقَةِ وَإِنَّمَا خَبَرُهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَلَعَلَّ هَذَا اللَّفْظَ رِوَايَةٌ لِلْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى، وَإِلَّا فَنَصُّ الْمُوَطَّإِ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ» إلَخْ وَصِلَةُ فَرَضَهَا (عَلَى كُلِّ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ) : كَائِنَيْنِ (مِنْ الْمُسْلِمِينَ) : وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ، وَمَفْعُولُ فَرَضَ (صَاعًا عَنْ كُلِّ نَفْسٍ بِصَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّهِ صلى الله عليه وسلم) : وَتَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ مُدٍّ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ.

قَالَ فِي الْقَامُوسِ نَقْلًا عَنْ الدَّاوُدِيِّ: الصَّاعُ الَّذِي لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْ الرَّجُلِ الَّذِي لَيْسَ بِعَظِيمِ الْكَفَّيْنِ وَلَا صَغِيرِهِمَا، إذْ لَيْسَ كُلُّ مَكَان يُوجَدُ فِيهِ صَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْرُ الصَّاعِ بِالْكَيْلِ الْمَصْرِيِّ قَدَحٌ وَثُلُثٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا أَبُو الْإِرْشَادِ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ، فَعَلَى تَحْرِيرِهِ الرُّبُعُ الْمَصْرِيُّ يُجْزِئُ عَنْ

ص: 347