الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَصَاةٍ
ثُمَّ يَنْحَرُ إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ
ثُمَّ يَحْلِقُ
ثُمَّ يَأْتِي الْبَيْتَ فَيُفِيضُ وَيَطُوفُ سَبْعًا وَيَرْكَعُ
ثُمَّ يُقِيمُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
فَإِذَا
ــ
[الفواكه الدواني]
وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ، بِخِلَافِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ فِيهَا الْمَشْيُ، وَيَجْعَلُ الْحَصَاةَ بَيْنَ إبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ، وَقِيلَ يُمْسِكُهَا بِإِبْهَامِهِ وَالْوُسْطَى. (وَيُكَبِّرُ) : نَدْبًا (مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) : كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا يُنْدَبُ تَتَابُعُهَا وَلَقْطُهَا.
[شُرُوطِ الرَّمْيِ]
1
(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: لَمْ يَتَعَرَّضْ لِشُرُوطِ الرَّمْيِ وَمُحَصِّلُهَا أَنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ: شَرَائِطُ صِحَّةٍ: وَشَرَائِطُ كَمَالٍ، فَشَرَائِطُ الصِّحَّةِ كَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا كَرُخَامٍ أَوْ بِرَامٍ فَلَا يَصِحُّ بِطِينٍ وَلَا مَعْدِنٍ، وَكَوْنُ إيصَالِ الْحَصَاةِ إلَى الْجَمْرَةِ بِوَاسِطَةِ الرَّمْيِ وَكَوْنُ الرَّمْيِ بِالْيَدِ، فَلَا يَصِحُّ بِقَوْسٍ وَلَا بِرِجْلٍ وَلَا بِفَمٍ، وَأَنْ يَرْمِيَ كُلَّ حَصَاةٍ بِانْفِرَادِهَا، فَإِنْ رَمَى بِالسَّبْعِ مَرَّةً وَاحِدَةً اعْتَدَّ بِوَاحِدٍ، وَتُرَتَّبُ الْجَمَرَاتُ الثَّلَاثُ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ، وَشَرَائِطُ الْكَمَالِ: الْمُبَادَرَةُ بِرَمْيِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ حَطِّ الرَّحْلِ وَإِثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالتَّكْبِيرُ حَالَ الرَّمْيِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَتَتَابُعُ الْحَصَيَاتِ فِيمَا بَيْنَهَا وَلَقْطُ الْحَصَيَاتِ فَلَا يَكْسِرُ حَجَرًا كَبِيرًا وَيَرْمِي بِهِ، وَطَهَارَةُ الْحَصَيَاتِ فَيُكْرَهُ الرَّمْيُ بِمُتَنَجِّسٍ، كَمَا يُكْرَهُ الرَّمْيُ بِمَا رَمَاهُ الْغَيْرُ، وَمِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ الرَّمْيُ فِي بَطْنِ الْوَادِي.
الثَّانِي: اعْلَمْ أَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ تَخْتَصُّ بِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ: صِحَّةُ رَمْيِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِخِلَافِ رَمْيِ غَيْرِهَا لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَا يُرْمَى فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَّا هِيَ، وَلَا يُوقَفُ عِنْدَ رَمْيِهَا لِلدُّعَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَرَمْيُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا.
1 -
الثَّالِثُ: اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ، فَالْأَكْبَرُ
طَوَافُ الْإِفَاضَةِ
؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ بِهِ كُلُّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الْمُحْرِمِ، وَالْأَصْغَرُ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ بِهِ غَيْرُ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَيُكْرَهُ مَعَهُ مَسُّ الطِّيبِ، وَمِثْلُ رَمْيِهَا بِالْفِعْلِ فَوَاتُ وَقْتِ أَدَائِهَا وَهُوَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ قَضَاءٌ
. (ثُمَّ) : بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (يَنْحَرُ) : أَوْ يَذْبَحُ (إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ) : بِمِنًى وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا لَكِنْ بِشَرْطِ إنْ كَانَ مَسُوقًا فِي إحْرَامِ حَجٍّ وَلَوْ لِنَقْصٍ فِي عُمْرَةٍ أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ كَانَ جَزَاءَ صَيْدٍ، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ بِعَرَفَةَ سَاعَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ فِي أَيَّامِ مِنًى، فَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَيَنْحَرُهُ بِمَكَّةَ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالنَّحْرُ بِمِنًى إنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَوَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ وَكَانَ الذَّبْحُ بِأَيَّامِهَا، وَإِلَّا فَمَكَّةُ وَمِنًى كُلُّهَا مَحَلٌّ لِلنَّحْرِ إلَّا مَا وَرَاءَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى، وَلَا يَنْتَظِرُ بِنَحْرِ الْهَدْيِ نَحْرَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مِنًى صَلَاةُ عِيدٍ، وَسَيَأْتِي هَذَا فِي كَلَامِهِ وَإِنَّمَا قَدَّمْنَاهُ لِلْمُنَاسِبَةِ.
1 -
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ خَالَفَ الشَّخْصُ بِأَنْ ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ فِي مِنًى مَا مَحَلُّهُ مَكَّةَ أَوْ عَكْسُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ نَحَرَ فِي مَكَّةَ مَا يُطْلَبُ نَحْرُهُ فِي مِنًى أَجْزَأَ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النَّحْرِ فِي مِنًى عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ، وَأَمَّا لَوْ نَحَرَ فِي مِنًى مَا يُطْلَبُ فِعْلُهُ فِي مَكَّةَ فَلَا يُجْزِئُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَرْوَةِ:«هَذَا النَّحْرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقُهَا مَنْحَرٌ»
. (ثُمَّ) : بَعْدَ النَّحْرِ أَوْ الذَّبْحِ (يَحْلِقُ) : وَلَوْ بِنُورَةٍ إنْ عَمَّ رَأْسَهُ بِالْمُزِيلِ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ بَعْضِ الشَّعْرِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَيُجْزِئُ التَّقْصِيرُ إلَّا أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِنَّ التَّقْصِيرُ وَلَوْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ
[طَوَافَ الْإِفَاضَةِ]
. (ثُمَّ) : بَعْدَ الْحَلْقِ فِي مِنًى (يَأْتِي الْبَيْتَ) : الشَّرِيفَ (فَيُفِيضُ وَ) : مَعْنَى يُفِيضُ أَنَّهُ (يَطُوفُ) : بِهِ (سَبْعًا) : وَيُسَمَّى ذَلِكَ الطَّوَافُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] وَلَا رَمَلَ فِي هَذَا الطَّوَافِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الرَّمَلِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَتَقَدَّمَتْ شُرُوطُ الطَّوَافِ مُطْلَقًا.
(وَ) : يُطْلَبُ مِنْهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِهِ أَنْ (يَرْكَعَ) : قَبْلَ نَقْضِ طَهَارَتِهِ رَكْعَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي تِلْكَ الرَّكْعَتَيْنِ.
1 -
(تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ الْبَابِ أَنَّهُ رُكْنٌ بَلْ أَعْظَمُ أَرْكَانِ الْحَجِّ لِقُرْبِهِ مِنْ الْبَيْتِ، وَلَا يُشْكِلُ بِالْحَجِّ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ فَوَاتِ الْحَجِّ بِفَوَاتِهِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَوَقْتُهُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ آخِرُ أَرْكَانِ الْحَجِّ لِمَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَاقِيًا لَسَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَبِالْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ قَدَّمَهُ يَحِلُّ كُلُّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ كَالنِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَكَرَاهَةِ الطِّيبِ.
1 -
الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَفْعَلُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ: مَرْتَبَةً الرَّمْيَ فَالنَّحْرَ فَالْحَلْقَ فَالطَّوَافَ، لَكِنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ فِي مِنًى وَالرَّابِعَ فِي مَكَّةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ الصَّحِيحِ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَمَى ثُمَّ نَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ رَكِبَ إلَى الْبَيْتِ فَأَفَاضَ وَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ» لَكِنَّ حُكْمَ هَذَا التَّرْتِيبِ مُخْتَلِفٌ، فَتَقْدِيمُ الرَّمْيِ عَلَى الْحَلْقِ وَعَلَى الْإِفَاضَةِ وَاجِبٌ، فَإِنْ حَلَقَ قَبْلَ الرَّمْي أَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْلَهُ لَزِمَهُ دَمٌ، بِخِلَافِ تَأْخِيرِ الذَّبْحِ عَنْ الرَّمْيِ أَوْ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ عَنْ الذَّبْحِ فَمَنْدُوبٌ، كَتَأْخِيرِ الْإِفَاضَةِ عَنْ الذَّبْحِ، وَمَا وَرَدَ:«مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ صَارُوا يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، فَقَالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ، وَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ» فَمَا سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ إلَّا
زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي مِنًى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَتَيْنِ كُلَّ جَمْرَةٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيَقِفُ لِلدُّعَاءِ بِإِثْرِ الرَّمْيِ فِي الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلْيَنْصَرِفْ فَإِذَا رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ رَابِعُ يَوْمِ النَّحْرِ انْصَرَفَ إلَى مَكَّةَ وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ فِي
ــ
[الفواكه الدواني]
قَالَ: افْعَلْ وَلَا حَرَجَ، لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ الَّذِي سُئِلَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام غَيْرُ مَا قَدَّمْنَا أَنَّ تَرْتِيبَهُ وَاجِبٌ، وَاَلَّذِي قَالَ فِيهِ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ خَاصٌّ بِمَا سُئِلَ عَنْهُ، وَمَعْنَى افْعَلْ مَعَ وُقُوعِ الْفِعْلِ اعْتَدَّ بِفِعْلِك الصَّادِرِ مِنْك وَلَا تُطَالَبُ بِإِعَادَتِهِ.
(ثُمَّ) : بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَصَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ لِمَنْ قَدَّمَ سَعْيَهُ يَرْجِعُ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى بِحَيْثُ يُدْرِكُ الْبَيَاتَ بِهَا وَ (يُقِيمُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) : بِلَيَالِيِهَا إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَيَوْمَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا وَلَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ، فَلَوْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِيهَا لَزِمَهُ دَمٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ كَخَوْفِهِ عَلَى مَتَاعِهِ، وَيُسْتَثْنَى رُعَاةُ الْإِبِلِ فَإِنَّهُمْ يُرَخَّصُ لَهُمْ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَنْ يَنْصَرِفُوا إلَى الْمَرْعَى ثُمَّ يَأْتُوا فِي ثَالِثِ النَّحْرِ فَيَرْمُوا لِلْيَوْمِ الْمَاضِي وَهُوَ ثَانِي النَّحْرِ، وَلِلْيَوْمِ الَّذِي حَضَرُوا فِيهِ وَهُوَ ثَالِثُ النَّحْرِ، ثُمَّ إنْ شَاءُوا تَعَجَّلُوا فَيَسْقُطُ عَنْهُمْ رَمْيُ الرَّابِعِ، وَإِنْ شَاءُوا أَقَامُوا الْيَوْمَ الرَّابِعَ فَيَرْمُوهُ مَعَ النَّاسِ، وَمِثْلُ الرُّعَاةِ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْمَبِيتِ لَيَالِي مِنًى أَهْلُ السِّقَايَةِ فَيَجُوزُ لَهُمْ الْبَيَاتُ بِمَكَّةَ لِأَجْلِ الْمَاءِ، لَكِنَّ أَهْلَ السِّقَايَةِ يَرْمُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ
، ثُمَّ بَيَّنَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُقِيمُ بِمِنًى بِقَوْلِهِ:(فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا) : أَيْ مِنْ أَيَّامِ مِنًى الثَّلَاثِ وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْرُوفَةُ بِأَيَّامِ الرَّمْيِ وَهِيَ ثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثُهُ وَرَابِعُهُ. (رَمَى) : أَيْ الْمُقِيمُ بِمِنًى وُجُوبًا (الْجَمْرَةَ) : الْأُولَى وَهِيَ الْكُبْرَى (الَّتِي تَلِي) : مَسْجِدَ (مِنًى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ) : فِي سَبْعِ مَرَّاتٍ كَمَا قَدَّمْنَا، وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الرَّمْيِ إثْرَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ (يُكَبِّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) : تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ بِهَا. (ثُمَّ) : بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ رَمْيِ الْأُولَى (يَرْمِي الْجَمْرَتَيْنِ) : يُثَنِّي بِالْوُسْطَى وَهِيَ الَّتِي فِي السُّوقِ، ثُمَّ يَخْتِمُ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الثَّلَاثِ شَرْطُ صِحَّةٍ، فَإِنْ نَكَّسَ بَطَلَ رَمْيُ الْمُقَدَّمَةِ عَنْ مَحَلِّهَا وَلَوْ سَهْوًا، وَيَرْمِي الْوُسْطَى مِنْ فَوْقِهَا وَالْعَقَبَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَمِنْ فَوْقِهَا، وَيَرْمِي (كُلَّ جَمْرَةٍ) : مِنْهَا (بِمِثْلِ ذَلِكَ) : الْمَذْكُورِ فِي رَمْيِ الْأُولَى مِنْ كَوْنِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ كُلُّ حَصَاةٍ فِي مَرَّةٍ (وَيُكَبِّرُ مَعَ) : رَمْيِ (كُلِّ حَصَاةٍ) : وَتُنْدَبُ الْمُبَادَرَةُ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْأُولَى وَبِالثَّالِثَةِ عَقِبَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ التَّرْتِيبِ. بَيْنَهَا الْمُبَادَرَةُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَقِبَ رَمْيِ مَا قَبْلَهَا.
(تَنْبِيهٌ) : تَلَخَّصَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ أَوَّلَ يَوْمٍ إنَّمَا يُرْمَى فِيهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، وَأَنَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ وَهِيَ أَيَّامُ الرَّمْيِ وَيُقَالُ لَهَا الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ يُرْمَى فِي كُلِّ يَوْمٍ الثَّلَاثُ جِمَارٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، الْجُمْلَةُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ، وَحَصَيَاتُ الْعَقَبَةِ سَبْعَةٌ الْجُمْلَةُ سَبْعُونَ حَصَاةً لِمَنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَجِّلَ يَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الرَّابِعِ.
(وَ) : يُسْتَحَبُّ أَنْ (يَقِفَ لِلدُّعَاءِ) : وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (بِإِثْرِ الرَّمْيِ فِي الْجَمْرَةِ الْأُولَى) : وَهِيَ الْكُبْرَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى.
(وَ) : كَذَا بِإِثْرِ (الثَّانِيَةِ) : الَّتِي هِيَ الْوُسْطَى.
قَالَ خَلِيلٌ: وَوُقُوفُهُ إثْرَ الْأَوَّلِيَّيْنِ قَدْرُ إسْرَاعِ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. (وَلَا يَقِفُ عِنْدَ) : رَمْيِ (جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) : وَلِذَا قَالَ: (وَلْيَنْصَرِفْ) : سَرِيعًا عَقِبَ رَمْيِهَا مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام.
(تَنْبِيهٌ) : عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ مَرْتَبَةٌ، وَإِنْ رَمَى غَيْرَ الْعَقَبَةِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالزَّوَالِ، وَيَنْتَهِي الْأَدَاءُ إلَى غُرُوبِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ لَهُ، وَيَفُوتُ الرَّمْيُ كُلُّهُ بِغُرُوبِ الرَّابِعِ، وَلِذَا قَالُوا: لَا قَضَاءَ لِلرَّابِعِ لِانْقِضَاءِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِغُرُوبِ شَمْسِ الرَّابِعِ، وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ أَوْ فِي تَرْكِ الْجَمِيعِ، إلَّا إذَا كَانَ قَدْ أَخَّرَ كَتَأْخِيرِ شَيْءٍ مِنْهَا إلَى اللَّيْلِ.
قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى مَا يُوجِبُ الدَّمَ: وَتَأْخِيرُ كُلِّ حَصَاةٍ أَوْ الْجَمِيعِ لِلَّيْلِ (فَإِذَا رَمَى) : الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ عَلَى تَرْتِيبِهَا السَّابِقِ رَمْيًا صَحِيحًا (فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ) : مِنْ أَيَّامِ مِنًى. (وَهُوَ رَابِعُ يَوْمِ النَّحْرِ) :؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ لَيْسَ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُرْمَى فِيهِ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ. (انْصَرَفَ) : مِنْ مِنًى (إلَى مَكَّةَ) : وَيُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُقْتَدًى بِهِ،؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدَى بِهِ يُسْتَحَبُّ لَهُ النُّزُولُ بِهِ لِيُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ يَدْخُلَ مَكَّةَ لَيْلًا لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ النُّزُولِ بِهِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ إذَا لَمْ يُصَادِفْ يَوْمُ الِانْصِرَافِ مِنْ مِنًى يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِلَّا اسْتَمَرَّ سَائِرًا لِيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِأَهْلِ مَكَّةَ.
(وَ) : بَعْدَ فِعْلِ الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالرَّمْيِ. (قَدْ تَمَّ حَجُّهُ) : بِفَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ، فَالْجَوَابُ: أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا لِتَوْدِيعِ الْبَيْتِ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ لِكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ وَلَيْسَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَلَا مِنْ سُنَنِهِ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ: ثُمَّ يُقِيمُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُوهِمُ الْوُجُوبَ