المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[البكاء عند موت الميت] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[البكاء عند موت الميت]

يَكُونَ طَاهِرًا وَمَا عَلَيْهِ طَاهِرٌ فَهُوَ أَحْسَنُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَبَهُ حَائِضٌ وَلَا جُنُبٌ وَأَرْخَصَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ رَأْسِهِ بِسُورَةِ يَس ~ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ أَمْرًا مَعْمُولًا بِهِ

وَلَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ بِالدُّمُوعِ حِينَئِذٍ وَحَسُنَ التَّعَزِّي

ــ

[الفواكه الدواني]

مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لِيَكُونَ ذَلِكَ آخِرَ كَلَامِهِ، وَلِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ يَطْرُدُ الشَّيْطَانَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلَقِّنَهُ غَيْرُ وَارِثِهِ مِمَّنْ لَهُ بِهِ مَحَبَّةٌ وَإِلَّا فَأَرْأَفُهُمْ بِهِ، وَلَا يُلِحُّ عَلَيْهِ وَلَا يَقُولُ لَهُ قُلْ لِئَلَّا يُوَافِقَ ذَلِكَ قَوْلَهُ لَا لِرَدِّ فِتْنَةِ الْفَتَّانِينَ أَوْ إبْلِيسَ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْضُرُونَ لِلْمُحْتَضَرِ عَلَى صِفَةِ مَنْ تَقَدَّمَ مَوْتًا مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إلَيْهِ مِنْ أَقَارِبِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ: مُتْ عَلَى دِينِ كَذَا فَإِنَّهُ خَيْرُ الْأَدْيَانِ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى هَذَا «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ احْتِضَارِهِ: قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَك بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» ؛ لِأَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ مِنْهُ التَّلَفُّظُ بِهَا، وَإِذَا قَالَهَا الْمُحْتَضَرُ لَا تُعَادُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ فَتُعَادُ عَلَيْهِ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ فَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَضْجَرُ الْمُلَقِّنُ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ الْمُحْتَضَرِ لِمَا يُلَقِّنُهُ؛ لِأَنَّهُ يُشَاهِدُ مِنْ عَظَائِمِ الْمَوْتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَا لَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَسَ لِسَانُهُ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَلَمْ يَنْطِقْ بِالشَّهَادَتَيْنِ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَخْطُرْ الْإِيمَانُ بِقَلْبِهِ مَاتَ مُؤْمِنًا وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ إذَا مَاتَ كَذَلِكَ يُحْكَمُ لَهُ بِالْكُفْرِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الشَّخْصُ قَبْلَ مَوْتِهِ، حَيْثُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ فِي حَالِ كَمَالِ عَقْلِهِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّ الْمَيِّتَ الْمُؤْمِنَ إيمَانُهُ بَاقٍ حُكْمًا بَعْدَ مَوْتِهِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَلْقِينُ الْمُحْتَضَرِ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا، خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا يُلَقَّنُ إلَّا الْبَالِغُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُلَقَّنُ بَعْدَ دَفْنِهِ.

قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَيْسَ الْعَمَلُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى التَّلْقِينِ بَعْدَ الدَّفْنِ، وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ بِنَدْبِهِ، وَقَالَ ابْنُ الطَّلَّاعِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ: هُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنَعْمَلُ بِهِ، وَقَدْ رَوَيْنَا فِيهِ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ لَكِنْ اُعْتُضِدَ بِالْقَوَاعِدِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الشَّامِ، وَمِمَّنْ وَافَقَ عَلَى نَدْبِهِ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالثَّعَالِبِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، حَتَّى قَالَ الْأَبِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ حَمْلُ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ» عَلَى التَّلْقِينِ بَعْدَ الدَّفْنِ وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ الْبُعْدِ صَرِيحُ لَفْظِ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ: مَوْتَاكُمْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّأْوِيلِ، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ التَّعْلِيلُ بِصَيْرُورَتِهَا آخِرَ كَلَامِهِ فَافْهَمْ.

الثَّانِي: لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مُلَازَمَةِ الْمُحْتَضَرِ وَلَا عَلَى مَنْ يَطْلُبُ مِنْهُ، وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى أَقَارِبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَعَلَى أَصْحَابِهِ مُلَازَمَتُهُ. فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَعَلَى جِيرَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَعَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جِهَةِ الْكِفَايَةِ، فَقَدْ تَرَكَ ابْنُ عُمَرَ حُضُورَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حِينَ دُعِيَ لِحُضُورِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَمَحَلُّ طَلَبِ الْحُضُورِ عِنْدَ الْمَرِيضِ عِنْدَ اشْتِدَادِ مَرَضِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَكْرَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ صَارَ عَلَى حَالَةٍ لَا يُحِبُّ أَنْ يَرَاهُ أَحَدٌ عَلَيْهَا فَيَسْقُطُ طَلَبُ حُضُورِهِ بِمَنْعِهِ. وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّ الْمُحْتَضَرِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(وَإِنْ قُدِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى أَنْ يَكُونَ) جِسْمُ الْمُحْتَضَرِ (طَاهِرًا وَمَا عَلَيْهِ طَاهِرٌ فَهُوَ أَحْسَنُ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ كَمَا يُسْتَحَبُّ وَضْعُ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ عِنْدَهُ (وَيُسْتَحَبُّ) أَيْضًا (أَنْ لَا يَقْرَبَهُ) أَيْ الْمُحْتَضَرَ (حَائِضٌ وَلَا جُنُبٌ) وَلَا صَبِيٌّ يَعْبَثُ، وَلَا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ، وَلَا كَلْبٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي اتِّخَاذِهِ وَقِيلَ مُطْلَقًا، وَلَا تِمْثَالٌ وَلَا آلَةُ لَهْوٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا تَكْرَهُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَالْمُرَادُ بِتَجَنُّبِ مَا ذُكِرَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَ الْمُحْتَضَرِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

(وَأَرْخَصَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ اسْتَحَبَّ (بَعْضُ الْعُلَمَاءِ) وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ (فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ رَأْسِهِ) أَوْ رِجْلَيْهِ وَالضَّمِيرُ لِلْمُحْتَضَرِ (بِسُورَةِ يَس) لِخَبَرِ: «إذَا قُرِئَتْ، عَلَيْهِ سُورَةُ يَس بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى عَبْدِي الْمَوْتَ» وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُقْرَأُ عِنْدَهُ سُورَةُ يَس إلَّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .

وَقَالَ أَيْضًا: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يَس» .

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: أَرَادَ بِهِ بَعْضَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لَا أَنَّ الْمَيِّتَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ. (وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ (عِنْدَ مَالِكٍ أَمْرًا مَعْمُولًا بِهِ) بَلْ تُكْرَهُ عِنْدَهُ قِرَاءَةُ يَس ~ أَوْ غَيْرِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ عَلَى قَبْرِهِ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ: وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إذَا فُعِلَتْ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ، وَأَمَّا لَوْ فُعِلَتْ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بِهَا وَرَجَاءَ حُصُولِ بَرَكَةِ الْقُرْآنِ لِلْمَيِّتِ فَلَا، وَأَقُولُ: هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْصِدُهُ النَّاسُ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا يَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا.

قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ حُصُولُ بَرَكَةِ الْقُرْآنِ لِلْأَمْوَاتِ كَحُصُولِهَا بِمُجَاوَرَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَنْبَغِي إهْمَالُ أَمْرِ الْمَوْتَى مِنْ الْقِرَاءَةِ وَلَا مِنْ التَّهْلِيلِ الَّذِي يُفْعَلُ عِنْدَ الدَّفْنِ، وَالِاعْتِمَادُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَسِعَةِ رَحْمَتِهِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حُصُولَ بَرَكَةِ قِرَاءَتِهِ وَثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ بِلَا خِلَافٍ فَلْيَجْعَلْ ذَلِكَ دُعَاءً فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا أَقْرَؤُهُ لِفُلَانٍ أَوْ مَا قَرَأْته، وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ وَلِلْقَارِئِ ثَوَابُ الدُّعَاءِ

[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

وَلَمَّا كَانَ الْمَوْتُ يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْبُكَاءُ وَالتَّفَجُّعُ بَيَّنَ حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ) بِالْمَدِّ وَهُوَ مَا كَانَ (بِالدُّمُوعِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الِاحْتِضَارِ، وَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ حَيْثُ لَمْ يَصْحَبْهُ رَفْعُ صَوْتٍ وَلَا قَوْلٌ قَبِيحٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: بِالْعَطْفِ عَلَى الْجَائِزِ وَبُكَاءٌ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقَوْلٍ قَبِيحٍ شَرْعًا، فَقَدْ

ص: 284

وَالتَّصَبُّرُ أَجْمَلُ لِمَنْ اسْتَطَاعَ وَيُنْهَى عَنْ الصُّرَاخِ وَالنِّيَاحَةِ

وَلَيْسَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ حَدٌّ وَلَكِنْ يُنْقَى وَيُغَسَّلُ وِتْرًا بِمَاءٍ

ــ

[الفواكه الدواني]

بَكَى صلى الله عليه وسلم عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ وَقَالَ: «تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ» فَالْمُرَادُ بِلَا بَأْسٍ الْجَوَازُ الْمَرْجُوحُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (وَ) لَكِنْ (حُسْنُ التَّعَزِّي وَ) هُوَ (التَّصَبُّرُ) وَالتَّجَلُّدُ وَالرِّضَى بِمَا حَكَمَ الْجَبَّارُ (أَجْمَلُ) أَيْ أَفْضَلُ وَأَحْسَنُ مِنْ الْبُكَاءِ بِالدُّمُوعِ (لِمَنْ اسْتَطَاعَ) قَالَ تَعَالَى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَقَالَ مَعَهُ: اللَّهُمَّ أْجُرْنِي عَلَى مُصِيبَتِي وَأَعْقِبْنِي خَيْرًا مِنْهَا فَعَلَ اللَّهُ بِهِ ذَلِكَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قُلْت ذَلِكَ حِينَ مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، وَقُلْت: مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، فَأَعْقَبَنِي اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فَتَزَوَّجْته» ، وَالصَّبْرُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى، فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ التَّصَبُّرُ أَحْسَنَ مِنْ الْبُكَاءِ فَلِمَ أَهْمَلَهُ عليه الصلاة والسلام وَبَكَى عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمَّةِ، وَأَمَّا الرَّسُولُ عليه الصلاة والسلام فَيُؤْمَرُ بِفِعْلِ خِلَافِ الْأَفْضَلِ فِي حَقِّنَا لِلتَّشْرِيعِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْبُكَاءَ الْمَحْدُودَ وَهُوَ مُجَرَّدُ إرْسَالِ الدُّمُوعِ جَائِزٌ صَرَّحَ بِمُحْتَرَزِهِ بِقَوْلِهِ:(وَيُنْهَى) قَرِيبُ الْمُحْتَضَرِ وَكُلُّ مَنْ يَتَأَثَّرُ بِفَقْدِهِ (عَنْ الصُّرَاخِ وَالنِّيَاحَةِ) وَسَائِرِ الْأَقْوَالِ الْقَبِيحَةِ، فَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ حَيْثُ اسْتَلْزَمَ أَمْرًا مُحَرَّمًا لِخَبَرِ:«لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَلَا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ» وَرُوِيَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَصَلَقَ وَخَرَقَ» وَالصَّلْقُ الصِّيَاحُ فِي الْبُكَاءِ وَقُبْحُ الْقَوْلِ.

وَرُوِيَ «أَنَّ النَّائِحَةَ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» .

وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» وَحَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَا إذَا أَوْصَاهُمْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبُكَاءَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: جَائِزٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا كَانَ بِمُجَرَّدِ إرْسَالِ الدُّمُوعِ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ، وَحَرَامٌ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَا كَانَ بِالصَّوْتِ وَالْأَقْوَالِ الْقَبِيحَةِ، وَجَائِزٌ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا بَعْدَهُ وَهُوَ مَا كَانَ بِالصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ قَبِيحٍ مَعَهُ.

1 -

(خَاتِمَةٌ) مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَا يُنْدَبُ فِعْلُهُ مَعَ أَهْلِ الْمَيِّتِ مِنْهَا: تَعْزِيَتُهُمْ وَحَمْلُهُمْ عَلَى الصَّبْرِ وَعَلَى الرِّضَى بِمُصِيبَتِهِمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْبِرِّ وَإِظْهَارِ الْمَحَبَّةِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ حَتَّى قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّ التَّعْزِيَةَ سُنَّةٌ وَقَدْ جَاءَ فِيهَا ثَوَابٌ كَثِيرٌ، فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ اللَّهَ يُلْبِسُ الَّذِي عَزَّى مُصَابًا لِبَاسَ التَّقْوَى» وَجَاءَ:«مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ أَجْرٌ مِثْلُ أَجْرِهِ» وَصِفَتُهَا أَنْ يَقُولَ الْمُعَزِّي لِلْمُصَابِ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَك، وَغَفَرَ لِمَيِّتِك، وَعَزَّى صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً فِي أَبِيهَا فَقَالَ:«إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَبْقَى، وَلِكُلِّ أَجَلٍ مُسَمًّى وَكُلٌّ إلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَاحْتَسِبِي وَاصْبِرِي فَإِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ» وَتَكُونُ التَّعْزِيَةُ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ وَعِنْدَ الْقَبْرِ وَكَوْنُهَا فِي الْمَنْزِلِ وَبَعْدَ الدَّفْنِ أَحْسَنَ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَيِّتِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَلَا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَلَا فِي الْمُعَزَّى بِفَتْحِ الزَّايِ بَيْنَ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا حَيْثُ كَانَ جَارًا فَيُعَزَّى الْكَافِرُ بِالْكَافِرِ لِحَقِّ الْجِوَارِ وَيُقَالُ لَهُ: أَلْهَمَك اللَّهُ الصَّبْرَ وَعَوَّضَك خَيْرًا مِنْهُ، إلَّا الشَّابَّةَ وَاَلَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَلَا يُعْزَيَانِ، وَيُعَزَّى الشَّخْصُ فِي كُلِّ مَنْ يَتَأَثَّرُ بِفَقْدِهِ أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَنْتَهِي التَّعْزِيَةُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَزِّي أَوْ الْمُعَزَّى غَائِبًا. وَمِنْهَا: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصْنَعَ لَهُمْ طَعَامٌ أَوْ يُبْعَثَ إلَى مَحَلِّهِمْ لِاشْتِغَالِهِمْ بِمَيِّتِهِمْ، فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَهْلِهِ حِينَ جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا وَابْعَثُوا بِهِ إلَيْهِمْ فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْمَحَبَّةِ وَالِاعْتِنَاءِ، وَأَمَّا مَا يَصْنَعُهُ أَقَارِبُ الْمَيِّتِ مِنْ الطَّعَامِ وَجَمْعِ النَّاسِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُرْجَى خَيْرُهُ لِلْمَيِّتِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَأَمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَيُكْرَهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ الْأَكْلُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي صَنَعَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ بَالِغًا رَشِيدًا فَلَا حَرَجَ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِفِعْلِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي ثُلُثِهِ وَيَجِبُ تَنْفِيذُهُ عَمَلًا بِفَرْضِهِ، وَأَمَّا عَقْرُ الْبَهَائِمِ وَذَبْحُهُمْ عَلَى الْقَبْرِ وَحَمْلُ الْخُبْزِ وَيُسَمُّونَهُ بِعَشَاءِ الْقَبْرِ فَإِنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ وَمِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ» وَلِأَدَائِهِ إلَى الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَالْمَطْلُوبُ فِي فِعْلِ الْقُرَبِ الْإِخْفَاءُ، وَالصَّوَابُ فِي فِعْلِ هَذَا التَّصَدُّقُ بِهِ فِي الْمَنْزِلِ حَيْثُ سَلِمَ مِنْ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْحَطَّابِ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمُحْتَضَرِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ) أَيْ الَّذِي يُطْلَبُ تَغْسِيلُهُ (حَدٌّ) وَاجِبٌ بِحَيْثُ يُمْنَعُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ عَنْهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: (وَلَكِنْ) الْمَطْلُوبُ أَنْ (يُنَقَّى) مِنْ الْقَذَرِ وَيُعَمَّ جَسَدُهُ بِالْمَاءِ، وَنَفْيُ الْحَدِّ الْوَاجِبِ لَا يُنَافِي نَدْبَ التَّحْدِيدِ بِالْوِتْرِ كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُنَا: الَّذِي يُطْلَبُ تَغْسِيلُهُ احْتِرَازًا عَنْ شَهِيدِ الْمُعْتَرَكِ وَعَنْ الْكَافِرِ وَعَنْ السِّقْطِ وَعَنْ مَنْ فُقِدَ أَكْثَرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَلْ يَحْرُمُ تَغْسِيلُ الْكَافِرِ وَشَهِيدِ الْحَرْبِ، وَيُكْرَهُ تَغْسِيلُ السِّقْطِ وَمَنْ غَابَ أَكْثَرُهُ، وَيَكْفِي فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ الْإِسْلَامُ الْحُكْمِيُّ فَيَدْخُلُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ صَاحِبِهِ أَوْ أَبِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْغُسْلِ

ص: 285

وَسِدْرٍ وَيُجْعَلُ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورٌ وَتُسْتَرُ عَوْرَتُهُ وَلَا تُقَلَّمُ أَظْفَارُهُ وَلَا يُحْلَقُ شَعْرُهُ وَيُعْصَرُ بَطْنُهُ عَصْرًا رَقِيقًا وَإِنْ وُضِّئَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَيُقْلَبُ لِجَنْبِهِ فِي الْغُسْلِ أَحْسَنُ وَإِنْ أُجْلِسَ فَذَلِكَ وَاسِعٌ

وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِ

ــ

[الفواكه الدواني]

شُرُوطًا: اسْتِقْرَارُ الْحَيَاةِ وَعَدَمُ الشَّهَادَةِ فِي الْحَرْبِ وَوُجُودُ كُلِّ الْمَيِّتِ أَوْ جُلِّهِ وَإِسْلَامُهُ وَلَوْ حُكْمًا كَنِيَّةِ إسْلَامِ سَيِّدَيْ الْمَجُوسِيِّ أَيْ الْمَجُوسِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَإِنْ كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إلَّا أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْجَبْرِ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْصُلَ مِنْهُ الْإِسْلَامُ بِالْفِعْلِ، هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْرِيرُ عبق عَلَى الْمُخْتَصَرِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ جَارٍ فِي سَيِّدِي، الْمَجُوسِيِّ وَأَبِيهِ مَعًا.

(وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يُغَسَّلَ وِتْرًا) ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعَ غَسَلَاتٍ (بِمَاءٍ) مُطْلَقٍ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْقَاءُ بِالسَّابِعَةِ فَلَا إيتَارَ لِانْتِهَاءِ نَدْبِ الْإِيتَارِ بِالسَّبْعِ، وَإِنَّمَا يُطْلَبُ الْإِنْقَاءُ، وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ اعْتِرَاضِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَنْفِي التَّحْدِيدَ ثُمَّ يَقُولُ: وَيُغَسَّلُ وِتْرًا بِأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ التَّحْدِيدِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى تَعْمِيمِ الْجَسَدِ وَهُوَ الْوَاجِبُ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوِتْرَ لَا يَتَجَاوَزُ السَّبْعَ، أَوْ أَنَّ الْغُسْلَ الْوِتْرُ لَا يُحَدُّ بِثَلَاثٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ جُمَلٍ حُكْمُ الْغُسْلِ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ السُّنِّيَّةِ.

قَالَ خَلِيلٌ مُشِيرًا إلَى صِفَتِهِ بِقَوْلِهِ: وَغُسْلٌ كَالْجَنَابَةِ تَعَبُّدًا بِلَا نِيَّةٍ فَصِفَتُهُ كَصِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ الْإِجْزَاءُ كَالْإِجْزَاءِ وَالْكَمَالُ كَالْكَمَالِ إلَّا مَا يَخْتَصُّ بِهِ غُسْلُ الْمَيِّتِ مِنْ التَّكْرَارِ، وَلَا يُكَرِّرُ وُضُوءَهُ عَلَى الرَّاجِحِ، فَيَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْ الْمَيِّتِ أَوَّلًا ثُمَّ يُزِيلُ الْأَذَى إنْ كَانَ ثُمَّ يُوَضِّئُهُ مَرَّةً مَرَّةً، وَيُثَلِّثُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ عَلَى الْأَيْسَرِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَإِنْ كَانَ تَعَبُّدًا؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَيْرِ، وَسَيُشِيرُ الْمُصَنِّفُ. إلَى صِفَةِ وُضُوئِهِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ وُضِّئَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ، وَبَيَّنَ خَلِيلٌ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ غُسْلِهِ؛ لِأَنَّهُ صَدَّرَ بِهِ حَيْثُ قَالَ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِمُطَهِّرٍ وَلَوْ بِزَمْزَمَ وَعَلَى الْوُجُوبِ الْأَكْثَرُ، وَإِذَا تَعَذَّرَ الْمَاءُ يَجِبُ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَتَلَازَمَا أَيْ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَقُومُ مَقَامَ الْغُسْلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ.

(وَ) يُسْتَحَبُّ بَعْدَ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ أَنْ يُغَسَّلَ مَرَّةً أُخْرَى بِمَاءٍ مَعَ (سِدْرٍ) وَهُوَ وَرَقُ النَّبْقِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلِلْغُسْلِ سِدْرٌ وَصِفَتُهُ أَنْ يُطْحَنَ وَيُذَابَ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُعْرَكَ بِهِ بَدَنُ الْمَيِّتِ وَيُدَلَّكُ بِهِ، وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى إذَابَتِهِ فِي الْمَاءِ إضَافَتُهُ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ حَصَلَ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ وَهَذِهِ الْغَسْلَةُ لِلنَّظَافَةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوجَدْ السِّدْرُ فَالصَّابُونُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِلنَّظَافَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا.

(وَ) يُسْتَحَبُّ لِلْغَاسِلِ أَنْ (يَجْعَلَ فِي) الْغَسْلَةِ (الْأَخِيرَةِ كَافُورًا) فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَسْلَةَ الْأُولَى تَكُونُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ لِلتَّطْهِيرِ الْوَاجِبِ أَوْ الْمَسْنُونِ، وَالثَّانِيَةَ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ لِلتَّنْظِيفِ، وَالثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ لِلتَّطْيِيبِ لِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَشُدُّ جَسَدَ الْمَيِّتِ وَيَحْفَظُهُ عَنْ مُسَارَعَةِ الْفَسَادِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ كَوْنُهُ لِمَحْضِ التَّعَبُّدِ، وَقِيلَ مُعَلَّلٌ بِالِاسْتِعْدَادِ لِسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ، وَأَيْضًا وَرَدَ أَنَّ آدَمَ عليه السلام لَمَّا تُوُفِّيَ أُتِيَ بِحَنُوطٍ وَكُفِّنَ مِنْ الْجَنَّةِ وَنَزَلَتْ الْمَلَائِكَةُ فَغَسَّلَتْهُ وَكَفَّنَتْهُ فِي وِتْرٍ مِنْ الثِّيَابِ وَحَنَّطُوهُ وَتَقَدَّمَ مَلَكٌ مِنْهُمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَصَلَّتْ الْمَلَائِكَةُ خَلْفَهُ وَدَفَنُوهُ فِي لَحْدٍ وَنَصَبُوا عَلَيْهِ اللَّبِنَ وَابْنُهُ شِيثٌ حَاضِرٌ مَعَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغُوا قَالُوا لَهُ: اصْنَعْ هَكَذَا بِوَالِدِك وَإِخْوَتِك فَإِنَّهَا سُنَّتُكُمْ.

(وَ) يَجِبُ أَنْ (تُسْتَرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ (عَوْرَتُهُ) قَالَ خَلِيلٌ: وَسِتْرُ الْغَاسِلِ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ عِنْدَ تَجْرِيدِهِ لِلتَّغْسِيلِ، وَمَحِلُّ الْوُجُوبِ إذَا كَانَ الْغَاسِلُ غَيْرَ سَيِّدٍ وَغَيْرَ زَوْجٍ وَإِلَّا نُدِبَ فَقَطْ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:«لَا يُنْظَرُ لِفَخْذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» وَصِفَةُ سِتْرِهَا أَنْ تُلَفَّ خِرْقَةٌ وَيَضَعَهَا عَلَى قُبُلِهِ ثُمَّ يَجْعَلُ ثَوْبًا آخَرَ بِدُبُرِهِ، وَأَمَّا غُسْلُ الْمَرْأَةِ لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَسْتُرُ مِنْ سُرَّتِهَا إلَى رُكْبَتِهَا، وَلَا يَطَّلِعُ عَلَى الْمَغْسُولِ غَيْرُ غَاسِلِهِ وَالْمُعِينِ لَهُ. (وَلَا تُقَلَّمُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ (أَظْفَارُهُ وَلَا يُحْلَقُ لَهُ شَعْرٌ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْغَاسِلِ قَلْمُ أَظَافِرِ الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ حَلْقُ شَعْرِ رَأْسِهِ، وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمَرِيضِ فِعْلُ ذَلِكَ إذَا قُصِدَ بِهِ الْمَوْتُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ، لَا إنْ قَصَدَ بِهِ الْإِرَاحَةَ بِإِزَالَةِ نَحْوِ الظُّفُرِ وَالشَّعْرِ كَرَاهَةً.

قَالَ خَلِيلٌ: وَكُرِهَ حَلْقُ شَعْرِهِ وَقَلْمُ ظُفُرِهِ وَهُوَ بِدْعَةٌ وَضَمَّ مَعَهُ إنْ فَعَلَ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ لَا تَجِبُ مُوَارَاتُهَا، وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ تُنَقَّى قُرُوحُهُ وَإِنَّمَا يُزَالُ مَا سَالَ مِنْهَا بِخِرْقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَلَوْ كَانَ السَّائِلُ دُونَ دِرْهَمٍ قَصْدًا لِلنَّظَافَةِ.

(وَ) يُسْتَحَبُّ لِلْغَاسِلِ أَنْ (يَعْصِرَ بَطْنَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي بَيَانِ غُسْلِهِ (عَصْرًا رَفِيقًا) مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ حَالَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَهُ مِمَّا لَيْسَ بِصَدَدِ الْخُرُوجِ وَفِيهِ أَذِيَّةٌ لِلْمَيِّتِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ الْمَطْلُوبَةِ لِلْمَيِّتِ عَلَى الْوَجْهِ الْكَامِلِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ وُضِّئَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمَيِّتِ (وُضُوءَ الصَّلَاةِ فَحَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ) غَيْرُ ضَرُورِيٍّ الذِّكْرُ مَعَ قَوْلِهِ فَحَسَنٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْغَاسِلِ تَوْضِئَةُ الْمَيِّتِ بَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى مِثْلَ مَا يُنْدَبُ لِلْجُنُبِ عِنْدَ إرَادَةِ غُسْلِهِ لِلْجَنَابَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَنُدِبَ نَدْبًا بِإِزَالَةِ الْأَذَى، ثُمَّ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ كَامِلَةً مَرَّةً، فَيَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْ الْمَيِّتِ ثُمَّ يُزِيلُ الْأَذَى ثُمَّ يُوَضِّئُهُ وَيَتَفَقَّدُ أَسْنَانَهُ وَأَنْفَهُ بِخِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ لِإِزَالَةِ مَا يُكْرَهُ رِيحُهُ وَيُمَيِّلُ

ص: 286