المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْمَسَاجِدِ كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: الْمَسَاجِدِ كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}

الْمَسَاجِدِ كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] فَإِنْ كَانَ بَلَدٌ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي الْجَامِعِ إلَّا أَنْ يَنْذِرَ أَيَّامًا لَا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ

وَأَقَلُّ مَا هُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الِاعْتِكَافِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ

وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَأَكْثَرَ لَزِمَهُ وَإِنْ نَذَرَ لَيْلَةً لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ

وَمَنْ أَفْطَرَ فِيهِ مُتَعَمِّدًا فَلْيَبْتَدِئْ اعْتِكَافَهُ وَكَذَلِكَ مَنْ جَامِع فِيهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا نَاسِيًا أَوْ

ــ

[الفواكه الدواني]

ذِمَّتُهُ فَرَّقَهُ أَوْ تَابَعَهُ، بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ يَسْتَغْرِقُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَكَأَنَّ حُكْمَهُ يَقْتَضِي التَّتَابُعَ اعْتِبَارًا بِأَجَلِ الدَّيْنِ وَالْإِجَازَةِ وَالْخِدْمَةِ وَالْأَيْمَانِ نَحْوَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا ثَلَاثَ أَيَّامٍ، فَيَحْنَثُ إنْ كَلَّمَهُ فِي لَيَالِيهَا كَمَا يَحْنَثُ بِكَلَامِهِ فِي النَّهَارِ.

(وَ) مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ أَيْضًا أَنَّهُ (لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ) الْمُبَاحَةِ فَلَا يَصِحُّ فِي بَيْتٍ وَلَا فِي مَسْجِدٍ مُحَجَّرٍ وَلَا فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَلَا فِي بَيْتِ قَنَادِيلِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ امْرَأَةً، وَاشْتِرَاطُ الْمَسْجِدِ (كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وَإِطْلَاقُ الْمَسْجِدِ يَعُمُّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي اسْتِحْبَابَ عَجْزِهِ، وَلَمَّا كَانَتْ الْمَسَاجِدُ شَامِلَةً لِلْجَوَامِعِ ذَوَاتِ الْخُطَبِ وَغَيْرِهَا، وَالِاعْتِكَافُ تَارَةً يَسْتَلْزِمُ الْجُمُعَةَ وَتَارَةً لَا، وَكَانَ الْأَوَّلُ يَجِبُ فِيهِ الْجَامِعُ دُونَ الثَّانِي قَالَ:(فَإِنْ كَانَ) أَيْ مَحَلُّ مُرِيدِ الِاعْتِكَافِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ (بَلَدًا فِيهَا الْجُمُعَةُ) وَكَانَ مُرِيدُ الِاعْتِكَافِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَنَوَى أَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ تُدْرِكُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ (فَلَا يَكُونُ) اعْتِكَافُهُ (إلَّا فِي الْجَامِعِ) لِأَجْلِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَلَوْ اعْتَكَفَ فِي مَسْجِدٍ لَا خُطْبَةَ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ صَغِيرَةٌ، وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا يَبْطُلُ بِارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتْرُكَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، وَإِلَّا جَرَى الْخِلَافُ فِي بُطْلَانِهِ بِالْكَبِيرَةِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: إنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْجَامِعِ قَوْلَهُ: (إلَّا أَنْ يَنْذِرَ) أَوْ يَنْوِيَ (أَيَّامًا لَا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ

[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

، ثُمَّ بَيَّنَ أَقَلَّ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الِاعْتِكَافِ بِقَوْلِهِ:(وَأَقَلُّ مَا هُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الِاعْتِكَافِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ مَالِكًا أَنْكَرَ مُقَابِلَهُ وَقَالَ: أَقَلُّهُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْتَكِفْ أَقَلَّ مِنْهَا، وَأَكْثَرُهُ شَهْرٌ، وَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: أَكْمَلُهُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ، وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَى عَشْرَةٍ، وَنُقِلَ هَذَا عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا فَتَلَخَّصَ أَنَّ لَهُ قَوْلَيْنِ فِي أَقَلِّهِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْأَقَلِّ فِيمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا أَوْ دَخَلَ فِيهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدًا، فَعَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْمُسْتَحَبِّ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ الْمُسْتَحَبِّ عِنْدَهُ

. (وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَأَكْثَرَ لَزِمَهُ) مَعَ لَيْلَةٍ فَيَلْزَمُهُ دُخُولُ الْمُعْتَكَفِ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَهُ.

(وَ) كَذَا (إنْ نَذَرَ) اعْتِكَافَ (لَيْلَةً) فَقَطْ. (لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) قَالَ خَلِيلٌ: وَلَزِمَ يَوْمٌ إنْ نَذَرَ لَيْلَةً وَكَذَا عَكْسُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضَ لَيْلَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْجِوَارَ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْأَمْرَانِ بِنَذْرِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ اللَّيْلَةَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ يَوْمِهَا كَمَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ.

قَالَ تَعَالَى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] الْآيَةَ، اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَيَّامُ وَلَيَالِيهَا.

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ فَإِنَّ السِّتَّةَ بِلَيَالِيِهَا مِنْ شَوَّالٍ» فَإِنْ قِيلَ: قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ نَذْرَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ بَلْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِكَرَاهَتِهِ فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ مَعَ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ فِي ذَلِكَ الْأَقَلِّ شَائِبَتَيْنِ، شَائِبَةَ كَوْنِهِ مُطْلَقَ عِبَادَةٍ، وَشَائِبَةَ التَّجْدِيدِ بِهَذَا الْقَدْرِ الْمَخْصُوصِ، فَيَلْزَمُ النَّاذِرَ الْوَفَاءُ بِهِ لِلشَّائِبَةِ الْأُولَى كَمَا قَالُوهُ فِي نَاذِرِ رَابِعِ النَّحْرِ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ مَكْرُوهًا قَبْلَ النَّذْرِ، وَمِثْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي لُزُومِهِ الْوَفَاءَ لَوْ نَذَرَ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ

[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

، ثُمَّ شَرَعَ فِي بُطْلَانِ الِاعْتِكَافِ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ أَفْطَرَ فِيهِ) أَيْ فِي زَمَنِ اعْتِكَافِهِ (مُتَعَمِّدًا فَلْيَبْتَدِئْ اعْتِكَافَهُ) لِبُطْلَانِهِ بِتَعَمُّدِ إفْسَادِ الصَّوْمِ، وَمَفْهُومُ مُتَعَمِّدًا لَوْ بَطَلَ صَوْمُهُ بِغَيْرِ تَعَمُّدٍ وَبِغَيْرِ وَطْءٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ كَأَكْلِهِ نَاسِيًا وَكَمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا يَبْتَدِئُهُ لِعَدَمِ بُطْلَانِهِ وَيَقْضِي بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ الْيَوْمَ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْفِطْرُ وَاصِلًا لَهُ بِاعْتِكَافِهِ حَيْثُ كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا بِحَسَبِ الْأَصْلِ كَرَمَضَانَ أَوْ مَنْذُورًا وَلَوْ مُعَيَّنًا، فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِالْبِنَاءِ فَنَسِيَ ابْتِدَاءَ اعْتِكَافِهِ وَلَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ الثَّانِي، بِخِلَافِ مَنْ ذَكَرَ نَجَاسَةً وَهَمَّ بِغَسْلِهَا فَنَسِيَ وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ النِّسْيَانِ الثَّانِي فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَيُعِيدُ نَدْبًا فِي الْوَقْتِ لِخِفَّةِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ إزَالَتَهَا سُنَّةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الصَّوْمُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِي زَمَنِهِ تَطَوُّعًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ الْفِطْرُ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ فَكَذَلِكَ يَقْضِيهِ لِمَا مَعَهُ مِنْ التَّفْرِيطِ، وَإِنْ كَانَ الْفِطْرُ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ لَمْ يَلْزَمْ قَضَاؤُهُ، فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَقْضِي مَا أَفْطَرَ فِي زَمَنِهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ مَعَ كَوْنِهِ مَنْذُورًا مُعَيَّنًا وَفَاتَ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ الصَّوْمَ لَمَّا انْضَمَّ لَهُ الِاعْتِكَافُ تَقَوَّى جَانِبُهُ فَلَزِمَ

ص: 321