المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط وجوب صلاة الجمعة] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[شروط وجوب صلاة الجمعة]

بِالْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ بِهَلْ أَتَاك حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَنَحْوِهَا

وَيَجِبُ السَّعْيُ إلَيْهَا عَلَى مَنْ فِي الْمِصْرِ وَمَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهُ فَأَقَلَّ

وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ وَلَا عَلَى أَهْلِ مِنًى وَلَا عَلَى عَبْدٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا صَبِيٍّ وَإِنْ حَضَرَهَا عَبْدٌ أَوْ

ــ

[الفواكه الدواني]

اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُوَاظِبًا عَلَى قِرَاءَتِهَا فِيهَا.

(وَ) لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا (نَحْوَهَا) مِمَّا هُوَ مُقَارِبٌ لَهَا فِي الطُّولِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ عليه السلام لَمْ يَقْرَأْ فِي الْجُمُعَةِ إلَّا بِهَا، فَفِي مُسْلِمٍ:«أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى: بِ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى» فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي زِيَادَةِ قَوْلِهِ: أَوْ نَحْوَهَا، وَلَا يُقَالُ: سَبِّحْ لَيْسَتْ نَحْوَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَصْدُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ نَفَى قِرَاءَةَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّ الْمُصْطَفَى عليه الصلاة والسلام، وَهُوَ يَحْصُلُ بِوُرُودِهِ مُطْلَقَ قِرَاءَةِ سُورَةٍ غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَافْهَمْ.

(وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ بِ " هَلْ أَتَاك حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ " وَنَحْوِهَا) مِنْ الْقِصَارِ.

قَالَ فِي الْكَافِي: وَيَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ بِ " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى " أَوْ " هَلْ أَتَاك " أَوْ " إذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ " كُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ اسْتَحَبَّ فِي الثَّانِيَةِ قِرَاءَةَ: هَلْ أَتَاك فَقَطْ، وَبَعْضُهُمْ يُحَصِّلُ النَّدْبَ فِي الثَّانِيَةِ بِقِرَاءَةِ: سَبِّحْ، أَوْ: إذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ، أَوْ: هَلْ أَتَاك، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الثَّانِيَةِ: بِهَلْ أَتَاك وَنَحْوِهَا اقْتِصَارٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا لَقَالَ: وَفِي الثَّانِيَةِ بِهَلْ أَتَاك أَوْ هِيَ وَسَبِّحْ أَوْ الْمُنَافِقُونَ.

(وَيَجِبُ السَّعْيُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (عَلَى مَنْ) هُوَ مُسْتَوْطِنٌ (فِي الْمِصْرِ) وَهُوَ الْبَلَدُ الْكَبِيرُ.

قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَتَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ فِي الْمِصْرِ قَاصِيهِمْ وَدَانِيهِمْ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْمَصْرِ بَلْ سَائِرُ الْقُرَى الْمُسْتَوْطَنَةِ يَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ وَلَوْ بَعُدَتْ مَنَازِلُهُمْ عَنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ لِدُخُولِهِمْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ.

(وَ) كَذَا يَجِبُ السَّعْيُ عَلَى (مَنْ) مَنْزِلُهُ خَارِجٌ عَنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانَ (عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمِصْرِ، وَالْمُرَادُ مِنْ مَنَارِهِ أَوْ سُورِهِ (فَأَقَلَّ) فَلَا تَجِبُ عَلَى مَنْ خَرَجَ مَنْزِلُهُ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا عَلَى مَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَرُبْعٍ أَوْ ثُلُثِ مِيلٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَزِمَتْ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الذَّكَرَ الْمُتَوَطِّنَ وَإِنْ بِقَرْيَةٍ نَائِيَةٍ بِكَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي نَفْيِهِ الْوُجُوبَ عَنْ الْخَارِجِ عَنْ الْمِصْرِ دَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَهَذَا عَامٌّ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنِّدَاءُ يُسْمَعُ مِنْ الصِّيتِ مِنْ ثَلَاثِ أَمْيَالٍ مَعَ هُدُوءِ الرِّيحِ، وَلَكِنْ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِمَنْ كَانَ سَاكِنًا بِالْبَلَدِ، وَأَمَّا الْخَارِجُ عَنْهَا وَدَاخِلُ الْفَرْسَخِ تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ كَمَا قَدَّمْنَا، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ خَطِيبًا.

[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ يَذْكُرُ الضِّدَّ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تَجِبُ) صَلَاةُ الْجُمُعَةِ (عَلَى مُسَافِرٍ) بِدَلِيلِ عَدَمِ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ عَامَ حَجَّةِ سَنَةِ الْوَدَاعِ بِعَرَفَةَ، وَلَوْ صَلَّاهَا صلى الله عليه وسلم بِالْمُسْتَوْطَنَيْنِ بِعَرَفَةَ لَصَحَّتْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُشْتَرَطُ فِي إمَامَتِهِ الِاسْتِيطَانُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْمُصْطَفَى خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُسَافِرِ مَنْ أَتَى مِنْ مَحَلٍّ خَارِجٍ عَنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَرْسَخِ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ قَصْرٍ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُنَا: مَنْ أَتَى إلَخْ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدٍ وَأَدْرَكَ النِّدَاءَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، فَهَذَا لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْجُمُعَةُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ لَهَا حَيْثُ يَعْتَقِدُ إدْرَاكَهَا وَلَوْ بِرَكْعَةٍ، وَمِثْلُ إدْرَاكِ النِّدَاءِ تَحَقُّقُ الزَّوَالِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْفَرْسَخِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي مَحَلِّ إمَامِهِ (وَ) كَذَا (لَا) تَجِبُ الْجُمُعَةُ (عَلَى أَهْلِ مِنًى) الْكَائِنِينَ بِهَا لِرَمْيِ الْجِمَارِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ، وَأَمَّا الْمُسْتَوْطِنُونَ بِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ تَوَفَّرَتْ فِيهِمْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَنْ أَتَى قَرْيَةً إلَى قَرْيَةٍ وَأَرَادَ أَنْ يَخْطُبَ بِهَا تَصِحُّ خُطْبَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ الْقَاطِعَةَ لِحُكْمِ السَّفَرِ حَيْثُ كَانَتْ قَرْيَتُهُ عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ، وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَتُهُ خَارِجَةً عَنْ كَفَرْسَخٍ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ فِي الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ أَقَلُّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَعَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى الْمُسَافِرِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ إنْ صَلَّاهَا نَابَتْ لَهُ عَنْ الظُّهْرِ. (وَلَا) تَجِبُ الْجُمُعَةُ أَيْضًا (عَلَى عَبْدٍ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِهَا الْحُرِّيَّةُ (وَلَا امْرَأَةٍ) وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ (وَلَا صَبِيٍّ) لِحَدِيثِ:«الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوْ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» وَلَمَّا كَانَ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ عَدَمُ نَدْبِ فِعْلِهَا قَالَ: (إنْ حَضَرَهَا

ص: 262

امْرَأَةٌ فَلْيُصَلِّهَا وَتَكُونُ النِّسَاءُ خَلْفَ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَلَا تَخْرُجُ إلَيْهَا الشَّابَّةُ

وَيُنْصَتُ لِلْإِمَامِ فِي خُطْبَتِهِ وَيَسْتَقْبِلُهُ

ــ

[الفواكه الدواني]

عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ) أَوْ مُسَافِرٌ أَوْ مَرِيضٌ يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا (فَلْيُصَلِّهَا) وَتُجْزِئْهُ عَنْ الظُّهْرِ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى حُكْمِ حُضُورِهَا فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ، وَبَيَّنَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ النَّدْبُ فِي الصَّبِيِّ وَالْمُكَاتَبِ وَلَوْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمَا، وَأَمَّا الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ فَيُنْدَبُ لَهُمَا مَعَ الْإِذْنِ فِي حُضُورِهَا، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَفِي يَوْمِ سَيِّدِهِ يَتَوَقَّفُ النَّدْبُ عَلَى إذْنِهِ، وَفِي يَوْمِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ كَالْقِنِّ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يُنْدَبُ لَهَا حُضُورُهَا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مُتَجَالَّةً، وَحُكْمُ حُضُورِهَا الْحُرْمَةُ فِي الشَّابَّةِ النَّاعِمَةِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ الشَّابَّةِ الَّتِي لَا تَمِيلُ إلَيْهَا النُّفُوسُ غَالِبًا، وَالْجَوَازُ فِي حَقِّ الْمُتَجَالَّةِ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ، وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُنْدَبُ لَهُ الْحُضُورُ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا أَصْحَابُ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لَهَا فَحُضُورُهُمْ جَائِزٌ، وَإِنْ حَضَرُوهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، حُكْمُ دُخُولِهِ النَّدْبُ إلَّا النِّسَاءَ وَالْعَبِيدَ الَّذِينَ يَحْتَاجُونَ إلَى الْإِذْنِ وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ يُكْرَهُ لَهُمْ فِعْلُهَا أَوْ بِخِلَافِ الْأَوْلَى، هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حَضَرَتْ الْجُمُعَةُ تُصَلِّيهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ مَحَلِّ وُقُوفِهَا فَقَالَ:(وَتَكُونُ النِّسَاءُ) فِي حَالِ صَلَاتِهِنَّ (خَلْفَ صُفُوفِ الرِّجَالِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاتِهِنَّ غَيْرَ الْجُمُعَةِ، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّ وُقُوفِهِنَّ جَوَازُ خُرُوجِهِنَّ لِصَلَاتِهَا وَإِنْ كُنَّ شَوَابَّ قَالَ كَالْمُسْتَدْرِكِ عَلَى مَا سَبَقَ:(وَلَا تَخْرُجُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (الشَّابَّةُ) عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ وَإِلَّا حَرُمَ حُضُورُهَا، وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ فَيَجُوزُ حُضُورُهَا، فَحُضُورُهُنَّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ سَابِقًا.

(تَتِمَّةٌ) : بَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَشْيَاءُ يَسْقُطُ مِنْهَا وُجُوبُ السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ أَشَارَ إلَيْهَا فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ: وَالْمَانِعُ مِنْ حُضُورِهَا أَشْيَاءُ مِنْهَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفْسِ كَالْمَرَضِ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ الْإِتْيَانُ أَوْ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُ مَعَهَا الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ يَكُونُ مُقْعَدًا وَلَا يَجِدُ مَرْكُوبًا أَوْ أَعْمَى وَلَا يَجِدُ قَائِدًا عَنْ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَمِنْهَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَهْلِ بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ أَحَدَ وَالِدَيْهِ وَقَدْ اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَضُ أَوْ اُحْتُضِرَ أَوْ مَاتَ وَخُشِيَ، عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ إنْ تَرَكَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ فَلَهُ التَّخَلُّفُ وَيَشْتَغِلُ بِجِنَازَتِهِ، بَلْ الِاشْتِغَالُ بِهَا أَوْلَى وَلَوْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَلِقَرِيبِ الْمَرِيضِ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ إذَا بَلَغَهُ عَنْهُ مَا يُخْشَى مِنْهُ الْمَوْتُ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَخَافُ عَلَى مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِهِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ سَارِقٍ أَوْ حَرْقٍ، وَمِنْهَا: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ أَوْ الْوَحْلُ الْكَثِيرُ، وَمِنْهَا: كَوْنُهُ مُعْسِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيَخَافُ أَنْ يَحْبِسَهُ الْغَرِيمُ عِنْدَ ظُهُورِهِ، وَمِنْهَا: أَكْلُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَثُومٍ أَوْ بَصَلٍ أَوْ لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَكَوْنِهِ مَجْذُومًا، وَمِنْهَا: عَدَمُ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ بِغَيْرِ لَائِقٍ، وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ شُهُودُ صَلَاةِ الْعِيدِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ وَإِلَّا الْعُرْسُ بِمَعْنَى الزَّوْجَةِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُطْلَبُ لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ بِقَوْلِهِ: (وَ) يَجِبُ عَلَى مَنْ شَهِدَ الْجُمُعَةَ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ أَنْ (يُنْصِتَ) أَيْ يَسْتَمِعَ (لِلْإِمَامِ) فِي خُطْبَتِهِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَفِي حَالِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ تَفْرُغَ الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ فِي حَالِ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ، وَقَوْلُهُ فِي خُطْبَتِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِنْصَاتُ إلَّا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مُشْغِلٍ إنَّمَا يَحْرُمُ بِالْخُطْبَةِ.

قَالَ خَلِيلٌ مُشْبِهًا فِي الْحُرْمَةِ كَكَلَامٍ فِي خُطْبَتِهِ بِقِيَامِهِ وَبَيْنَهُمَا وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ إلَّا أَنْ يَلْغُوَ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَكَلَامٌ وَرَدُّهُ وَنَهْيٌ لَاغٍ وَحَصَبُهُ أَوْ إشَارَةٌ لَهُ، وَابْتِدَاءُ صَلَاةٍ بِخُرُوجِهِ وَإِنْ لِدَاخِلٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِنْصَاتَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ جَالِسًا بِالْمَسْجِدِ أَوْ رِحَابِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ يَسْمَعُ كَلَامَ الْإِمَامِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْإِنْصَاتُ وَالْإِصْغَاءُ لَا السَّمَاعُ، وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ شَهِدَ الْجُمُعَةَ الْجُلُوسُ بِقُرْبِ الْخَطِيبِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ، إذْ يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَجُزَ الْمَسْجِدِ اخْتِيَارًا بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْخَطِيبَ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ قَوْله تَعَالَى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] قِيلَ نَزَلَتْ فِي، الْخُطْبَةِ.

وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت» . وَرُوِيَ: «مَنْ لَغَى فَلَا جُمُعَةَ لَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ سَمَّى الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ فِيهِ لَغْوًا، وَاللَّغْوُ الْكَلَامُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ، وَمَا نُفِيَ عَنْهُ الْخَيْرُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ نَصًّا أَوْ ظُهُورًا يَقْبَحُ التَّكَلُّمُ بِهِ بَلْ يَحْرُمُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَقَوْلُنَا: جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رِحَابِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْجَالِسِ فِي غَيْرِهِمَا، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ إلَّا مَعَ الْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ لَا مَعَ غَيْرِهِمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ وُجُوبَ الْإِنْصَاتِ عَلَى الْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ بِمَا إذَا كَانَ الْخَطِيبُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ لَغْوٌ بِحَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْخُطْبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَقِرَاءَةِ كِتَابٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ السَّامِعِ حُرْمَةُ كُلِّ مَا يُنَافِيه مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَتَحْرِيكُ شَيْءٍ

ص: 263