المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[صفة وضع الميت في قبره] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[صفة وضع الميت في قبره]

بِك وَخَلَّفَ الدُّنْيَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَافْتَقَرَ إلَى مَا عِنْدَك اللَّهُمَّ ثَبِّتْ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ مَنْطِقَهُ وَلَا تَبْتَلِهِ فِي قَبْرِهِ بِمَا لَا طَاقَةَ لَهُ وَأَلْحِقْهُ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

وَيُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْقُبُورِ وَتَجْصِيصُهَا

وَلَا يُغَسِّلُ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ وَلَا

ــ

[الفواكه الدواني]

وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ شَافِعٌ وَحَقُّ الشَّافِعِ أَنْ يَتَقَدَّمَ، فَالْمَاشِي أَمَامَهَا مُحَصِّلٌ لِفَضِيلَتَيْنِ الْمَشْيِ وَالتَّقَدُّمِ، وَيُكْرَهُ الرُّكُوبُ إلَّا بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ الْمَاشِينَ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالرَّاكِبُونَ فَالْمَنْدُوبُ فِي حَقِّهِمْ التَّأَخُّرُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَمَشْيُ مُشَيِّعٍ وَإِسْرَاعُهُ وَتَقَدُّمُهُ وَتَأَخُّرُ، رَاكِبٍ وَامْرَأَةٍ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ الْإِسْرَاعُ بِالْجِنَازَةِ لِخَبَرِ:«أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ فَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهُمْ إلَيْهِ وَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» . وَنَدْبُ الْإِسْرَاعِ لَا يُنَافِي مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي الْمَشْيِ بِجَنَائِزِكُمْ» ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْرَاعِ مَا فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ دُونَ الْخَبَبِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ.

1 -

(تَنْبِيهٌ) : الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ الْخُرُوجُ لِتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا هُمْ الرِّجَالُ وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ قَرِيبٍ وَأَجْنَبِيٍّ، وَأَمَّا النِّسَاءُ الْمَخْشِيَّاتُ الْفِتْنَةَ فَلَا يَحِلُّ خُرُوجُهُنَّ وَلَوْ لِجِنَازَةِ وَلَدٍ أَوْ زَوْجٍ، وَأَمَّا الشَّابَّةُ غَيْرُ الْمَخْشِيَّةِ فَتَخْرُجُ لِجِنَازَةِ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهَا فَقْدُهُ كَابْنِهَا وَزَوْجِهَا وَأَخِيهَا وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ.

[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ بِقَوْلِهِ: (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يُجْعَلَ الْمَيِّتُ) أَيْ يُضْجَعَ (فِي قَبْرِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، وَتُحَلُّ عُقَدُ كَفَنِهِ، وَتُمَدُّ يَدُهُ الْيُمْنَى عَلَى جَسَدِهِ، وَيُعْدَلُ رَأْسُهُ بِالتُّرَابِ وَرِجْلَاهُ بِرِفْقٍ، وَيُجْعَلُ التُّرَابُ خَلْفَهُ وَأَمَامَهُ لِئَلَّا يَنْقَلِبَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَضْعُهُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ فَعَلَى ظَهْرِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَضُجِعَ فِيهِ عَلَى أَيْمَنَ مُقْبِلًا وَتُدُورِكَ إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي قَبْرِهِ بَلْ مَيِّتُ الْبَحْرِ إنْ لَمْ يُرْجَ الْبُرْءُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُرْمَى عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يُثَقَّلُ بِشَيْءٍ فِي رِجْلَيْهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ.

(تَنْبِيهٌ) هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ يَمُوتُ وَخِفْنَا عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ لِعَدَمِ كَافِرٍ يُوَارِيه فَيَجِبُ عَلَيْنَا مُوَارَاتُهُ وَلَا يُسْتَقْبَلُ بِهِ قِبْلَتَنَا وَلَا قِبْلَتَهُ.

(وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يُنْصَبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهُوَ الطُّوبُ النِّيءُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَسَدُّهُ بِلَبِنٍ ثُمَّ لَوْحٍ ثُمَّ قُرْمُودٍ ثُمَّ آجُرٍّ ثُمَّ قَصَبٍ، وَسَتْرُهُ بِالتُّرَابِ أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا وَرَدَ " مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَلْحَدَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَنَصَبَ اللَّبِنَ عَلَى لَحْدِهِ» وَفَعَلَ بِهِ عليه الصلاة والسلام كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فَهُوَ أَفْضَلُ مَا يَسُدُّهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ خَلَا التُّرَابَ فَالسَّدُّ بِهِ وَصَبُّهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَفْضَلُ مِنْ وَضْعِهِ فِي التَّابُوتِ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي تُوضَعُ كَالصُّنْدُوقِ.

(وَ) يُسْتَحَبُّ لِلْوَاضِعِ لِلْمَيِّتِ فِي حَالِ إضْجَاعِهِ لَهُ أَنْ (يَقُولَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ سَدِّ الْقَبْرِ عَلَيْهِ (اللَّهُمَّ إنَّ صَاحِبَنَا قَدْ نَزَلَ بِك) ضَيْفًا (وَخَلَّفَ) بِشَدِّ اللَّامِ أَيْ تَرَكَ (الدُّنْيَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَافْتَقَرَ إلَى مَا عِنْدَك) مِنْ الرَّحْمَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدِمَ وَحِيدًا فَرِيدًا وَإِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مُتَعَزِّزًا بِقَوْمِهِ وَمَالِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا أَوْ أَبًا (اللَّهُمَّ ثَبِّتْ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّهَا (عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ (مَنْطِقَهُ) أَيْ نُطْقَهُ وَالْمَعْنَى: أَسْأَلُك يَا رَبِّ أَنْ تُعْطِيَ هَذَا الْمَيِّتَ قُوَّةً عَلَى فَهْمِ وَرَدِّ جَوَابِ الْمَلَكَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يَسْأَلَانِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَعْدَ إقْعَادِهِ وَرَدِّ الْحَيَاةِ فِي جَمِيعِهِ وَقِيلَ نِصْفِهِ الْأَعْلَى وَإِعْطَائِهِ مِنْ الْعَقْلِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْفَهْمُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِ الْحَاضِرِينَ لِلدَّفْنِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] وَالْمُرَادُ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْآخِرَةِ وَقْتُ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ فِي الْقَبْرِ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْعَقِيدَةِ. (وَلَا تَبْتَلِهِ) أَيْ لَا تَخْتَبِرْهُ (فِي قَبْرِهِ بِمَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ) أَيْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى رَدِّ جَوَابِهِ لِمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ صِفَةَ السُّؤَالِ مُخْتَلِفَةٌ بِالصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ. (وَأَلْحِقْهُ بِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم) أَيْ اجْعَلْهُ فِي جِوَارِهِ وَمَشْمُولًا بِشَفَاعَتِهِ، وَاخْتَارَ هَذَا الدُّعَاءَ؛ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ لَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ دُونَ غَيْرِهِ، إذْ قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ يَقُولُ:«بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ» .

قَالَ الْإِمَامُ أَشْهَبُ: عَقِبَ هَذَا الدُّعَاءِ إنْ دَعَا بِغَيْرِهِ فَحَسَنٌ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الدُّعَاءِ مِمَّا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى خَلِيلٍ فَرَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى دَفْنِ الْمَيِّتِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ إظْهَارِ قَبْرِهِ فَقَالَ: (وَيُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْقُبُورِ) وَكَذَا تَحْوِيزُ مَوَاضِعِهَا بِالْبِنَاءِ حَوْلَهَا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْعَلْهُ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَإِنَّمَا صَدَرَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «وَضَعَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ حَجَرًا عِنْدَ رَأْسِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَقَالَ: أُعَلِّمُ بِهِ قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِهِ» وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ لِلْبِنَاءِ إذَا عَرَى قَصْدُ الْمُبَاهَاةِ وَإِلَّا حَرُمَ، كَمَا إذَا كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ كَصَيْرُورَتِهِ مَأْوًى لِلُّصُوصِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَمَحِلُّهَا أَيْضًا إذَا كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْبَانِي أَوْ مُبَاحَةٍ كَمَوَاتٍ، وَأَمَّا فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ فَحَرَامٌ كَالْقَرَافَةِ بِمِصْرَ، وَمَحَلُّهَا أَيْضًا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ مُجَرَّدَ تَمْيِيزِ الْقَبْرِ وَإِلَّا جَازَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ، قَالَ شُرَّاحُهُ: أَيْ الْبِنَاءُ أَوْ التَّجْوِيزُ، كَمَا يَجُوزُ وَضْعُ خَشَبَةٍ أَوْ

ص: 291