الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّمَتُّعِ وَمِنْ الْقِرَانِ
فَمَنْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ يَذْبَحُهُ أَوْ يَنْحَرُهُ بِمِنًى إنْ أَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ فَلْيَنْحَرْهُ بِمَكَّةَ بِالْمَرْوَةِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ يَعْنِي مِنْ وَقْتِ
ــ
[الفواكه الدواني]
مِنْ كَعْبٍ وَلَا فِدْيَةَ فِي لُبْسِهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، بِخِلَافِ لُبْسِهِمَا لِمَرَضٍ أَوْ دَوَا: فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ قَطَعَهُمَا أَوْ ثَنَاهُمَا.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ الرَّجُلِ فِي جَمِيعِ جَسَدِهِ لَا فِي خُصُوصِ وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ، وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَعَلُّقُ الْإِحْرَامِ بِالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ أَشَدَّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِبَقِيَّةِ الْجَسَدِ إذْ يَحْرُمُ سَتْرُهُمَا بِكُلِّ سَاتِرٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ، إنَّمَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ بِالْمُحِيطِ جَعَلَ إحْرَامَهُ مُخْتَصًّا بِوَجْهِهِ وَرَأْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ إحْرَامَ الرَّجُلِ عَلَى قِسْمَيْنِ: خَاصٍّ وَعَامٍّ، فَالْخَاصُّ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ، وَالْعَامُّ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ، وَالْمَرْأَةُ إنَّمَا لَهَا إحْرَامٌ خَاصٌّ فَقَطْ، وَالْمُنْقَسِمُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إنَّمَا هُوَ الْخَاصُّ الْمُتَعَلِّقُ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ
1 -
(تَنْبِيهٌ آخَرُ) : لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا إذَا فَعَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا مِمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ يَفْتَدِي وَلَوْ لَبِسَ جَمِيعَ ثِيَابِهِ، وَكَذَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ لَبِسَ جَمِيعَ ثِيَابِهِ لِضَرُورَةٍ، وَتَتَّحِدُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا بِفَوْرٍ أَوْ نَوَى التَّكْرَارَ أَوْ قَدَّمَ الثَّوْبَ عَلَى السَّرَاوِيلِ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ، وَشَرْطُهَا فِي اللُّبْسِ الِانْتِفَاعُ مِنْ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ، وَأَمَّا لَوْ نَزَعَ مَا لَبِسَهُ قَبْلَ انْتِفَاعِهِ بِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا غَيْرُ اللُّبْسِ كَمَسِّ الطِّيبِ أَوْ حَلْقِ الشَّعْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]
وَلَمَّا كَانَ فِعْلُ الْحَجِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بَيَّنَ الْأَفْضَلَ مِنْهَا: بِقَوْلِهِ: (وَالْإِفْرَادُ بِالْحَجِّ أَفْضَلُ عِنْدَنَا) : مَعَاشِرَ الْمَالِكِيَّةِ (مِنْ التَّمَتُّعِ وَمِنْ الْقِرَانِ) : وَصِفَةُ الْإِحْرَامِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ، ثُمَّ إذَا فَرَغَ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ؛ لِأَنَّ الْإِفْرَادَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عُمْرَةٍ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، بِخِلَافِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فَلَا بُدَّ فِي تَحَقُّقِهِمَا مِنْ فِعْلِ عُمْرَةٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ حَقِيقَةِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَدِّمَ بَيَانَ صِفَتِهَا عَلَى صِفَةِ الْإِحْرَامِ تَحَاشِيًا عَنْ تَقْدِيمِ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصَوُّرِ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ عَلَى الْإِفْرَادِ بِالْأَفْضَلِيَّةِ وَعَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ بالمفضولية قَبْلَ بَيَانِهِمَا، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِهِ إنَّمَا هُوَ تَقْدِيمُ الْحُكْمِ عَلَى التَّصْوِيرِ لَا عَلَى التَّصَوُّرِ وَالْمَمْنُوعُ الثَّانِي فَقَطْ، وَإِنَّمَا كَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ لِمَا فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إنَّمَا حَجَّ مُفْرِدًا» وَاتَّصَلَ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ وَالْأَئِمَّةِ بِذَلِكَ، فَقَدْ أَفْرَدَ الصِّدِّيقُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَعُمَرُ بَعْدَهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَيْضًا حَجُّ الْإِفْرَادِ لَا هَدْيَ فِيهِ، بِخِلَافِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْهَدْيُ يَنْشَأُ عَنْ النَّقْصِ، وَمَا جَاءَ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ» فَأَجَابَ عَنْهُ الْإِمَامُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَمَرَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ بِالْقِرَانِ وَأَمَرَ بَعْضًا بِالتَّمَتُّعِ، فَنُسِبَ ذَلِكَ إلَيْهِ عَنْ طَرِيقِ الْمَجَازِ، وَلَمْ يُعْلَمْ بِذَلِكَ هَلْ الْأَفْضَلُ الْقِرَانُ أَوْ التَّمَتُّعُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَنُدِبَ إفْرَادٌ ثُمَّ قِرَانٌ ثُمَّ ذَكَرَ عِلَّةَ مَفْضُولِيَّةِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ بِقَوْلِهِ:
(فَمَنْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ) : الْمُقِيمِينَ بِهَا وَقْتَ الْإِحْرَامِ (فَعَلَيْهِ هَدْيٌ) : قَالَ خَلِيلٌ: وَشَرْطُ دَمِهَا عَدَمُ إقَامَةٍ بِمَكَّةَ أَوْ ذِي طُوًى وَقْتَ فِعْلِهِمَا وَإِنْ بِانْقِطَاعٍ بِهَا أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُقِيمَ بِمَكَّةَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا لَا يَلْزَمُهُ قِرَانٌ وَلَا تَمَتُّعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
ثُمَّ بَيَّنَ مَحَلَّ تَزْكِيَةِ الْهَدْيِ بِقَوْلِهِ: (يَذْبَحُهُ أَوْ يَنْحَرُهُ بِمِنًى) : وَكُلُّهَا تَصِحُّ الزَّكَاةُ فِيهَا إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى، وَلَا يَجُوزُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِنًى وَشَرْطُ ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ بِمِنًى (إنْ أَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ) : هُوَ أَوْ نَائِبُهُ بِإِذْنِهِ سَاعَةَ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَبَقِيَ شَرْطَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَسُوقًا فِي إحْرَامِ حَجٍّ وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ فِي عُمْرَةٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ، وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ فِي أَيَّامِ مِنًى فَتَخَلَّصَ أَنَّ الشُّرُوطَ ثَلَاثَةٌ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالنَّحْرُ بِمِنًى إنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَوَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ كَهُوَ بِأَيَّامِهَا.
(وَ) : مَفْهُومُ كَلَامِهِ (إنْ لَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ) : أَوْ كَانَ غَيْرَ مَسُوقٍ فِي إحْرَامِ حَجٍّ أَوْ كَانَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى (فَلْيَنْحَرْهُ) : أَوْ يَذْبَحْهُ (بِمَكَّةَ) : وَالْمُرَادُ الْبَلَدُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَكُونَ (بِالْمَرْوَةِ) : لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْمَرْوَةِ: «هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ» . فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ بِلَوَاحِقِهَا، فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الذَّبْحُ أَوْ النَّحْرُ بِذِي طُوًى، وَلَمَّا كَانَ الْهَدْيُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ قَالَ: فِيمَا يُذْبَحُ بِمَكَّةَ وَقَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ (بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ) : وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ فَالْجَمْعُ حَاصِلٌ فِيهِ قَطْعًا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ.
1 -
(تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ تَذْكِيَةِ الْهَدْيِ فِي مِنًى مَعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ مَا إذَا
يُحْرِمُ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ فَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ صَامَ أَيَّامَ مِنًى وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ
وَصِفَةُ التَّمَتُّعِ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ يَحِلَّ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ الرُّجُوعِ إلَى أُفُقِهِ أَوْ إلَى مِثْلِ أُفُقِهِ فِي الْبُعْدِ وَلِهَذَا أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ إنْ كَانَ بِهَا وَلَا يُحْرِمُ
ــ
[الفواكه الدواني]
خَالَفَ الْمَطْلُوبَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يُفِيدُ أَنَّ ذَكَاتَهُ فِي مِنًى مَعَ الشُّرُوطِ فِيهَا قَوْلَانِ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَعَلَى كِلَيْهِمَا لَوْ خَالَفَ وَذَبْحُهُ أَوْ نَحْرُهُ فِي مَكَّةَ مَعَ الشُّرُوطِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ فِي مِنًى مَا يُطْلَبُ ذَبْحُهُ أَوْ نَحْرُهُ فِي مَكَّةَ.
1 -
الثَّانِي: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا سِنَّ الْهَدْيِ ولَا مَا الْأَفْضَلُ فِيهِ، وَبَيَّنَهُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَسِنُّ الْجَمِيعِ وَعَيْبُهُ كَالضَّحِيَّةِ وَالْمُعْتَبَرُ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمَانِعَةِ الْإِجْزَاءِ وَقْتَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ، فَلَا يَضُرُّ الْعَيْبُ الطَّارِئُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ لَوْ قَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ مَعِيبًا فَلَا يُجْزِئُ وَلَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَمِنْهُ النَّذْرُ الْمَضْمُونُ، وَأَمَّا الْمُتَطَوِّعُ بِهِ وَمِثْلُهُ الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ فَهَذَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ بِتَقْلِيدِهِ وَلَوْ مَعِيبًا بِعَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، رَاجِعْ الْأُجْهُورِيَّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَالنَّهَارُ شَرْطٌ فِي ذَكَاةِ الْهَدْيِ كَالضَّحِيَّةِ أَيْضًا فَلَا تُجْزِئُ ذَكَاتُهُ لَيْلًا، وَالْأَفْضَلُ فِي الْهَدْيِ مَا كَثُرَ لَحْمُهُ، فَالْأَفْضَلُ الْإِبِلُ وَيَلِيهَا الْبَقَرُ وَأَدْنَاهَا الْغَنَمُ،
وَلَمَّا كَانَ غَيْرُ الْفِدْيَةِ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ مُرَتَّبًا قَالَ: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) : مَنْ حَصَلَ مِنْهُ نَقْصٌ فِي حَجِّهِ (هَدْيًا) وَلَوْ يَتَسَلَّفُ ثَمَنَهُ مِنْ الْغَيْرِ (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) : قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] وَبَيَّنَ دُخُولَ وَقْتِهَا بِقَوْلِهِ: (يَعْنِي) : أَيْ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ الشَّارِعُ أَوْ الْإِمَامُ مَالِكٍ أَيْ يُرِيدُ أَنَّهُ يَدْخُلُ زَمَنُ صَوْمِهَا (مِنْ وَقْتِ يُحْرِمُ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ) : وَالْمَعْنَى: أَنَّ النَّقْصَ الْمُوجِبَ لِلْهَدْيِ إنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ زَمَنَ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ مِنْ إحْرَامِهِ وَيَمْتَدُّ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَصُومَهُ. (فَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ) : أَيْ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ (صَامَ أَيَّامَ مِنًى) : وَهِيَ ثَانِي الْعِيدِ وَثَالِثُهُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى بِنَقْصٍ فِي حَجٍّ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ، وَحُكْمُ تَأْخِيرِ الثَّلَاثَةِ إلَى أَيَّامِ مِنًى الْحُرْمَةُ إنْ أَخَّرَهَا عَمْدًا وَعَدَمُهَا إنْ أَخَّرَهَا لِعُذْرٍ (وَ) : صِيَامُ (سَبْعَةِ) : أَيَّامٍ أَيْ بَقِيَّةِ الْعَشَرَةِ (إذَا رَجَعَ) : مِنْ مِنًى الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] وَفَسَّرَهُ مَالِكٌ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى، وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الرَّمْيِ لِيَشْمَلَ أَهْلَ مِنًى أَوْ مَنْ أَقَامَ بِهَا، فَلَوْ قَدَّمَ السَّبْعَةَ عَلَى وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ لَمْ تُجْزِهِ، وَكَذَا لَوْ صَامَ شَيْئًا مِنْ السَّبْعَةِ بِمِنًى؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ شَرْطٌ فِي صَوْمِهَا، وَإِذَا صَامَ الْعَشَرَةَ قَبْلَ رُجُوعِهِ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْتَزِئُ مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ.
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ مِنْ الدِّمَاءِ إنْ كَانَ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ يُسَمَّى هَدْيًا وَهُوَ مُرَتَّبٌ، فَلَا يَصُومُ الْعَشَرَةَ أَيَّامٍ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْهَدْيِ، وَلَا يَصِحُّ الْإِطْعَامُ فِي الْهَدْيِ بِخِلَافِ الْفِدْيَةِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ:. الثَّانِي: عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: مِنْ وَقْتِ يُحْرِمُ أَنَّ النَّقْصَ الْمُوجِبَ لِلْهَدْيِ سَابِقٌ عَلَى الْوُقُوفِ كَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ أَوْ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِيمَا سَبَقَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْوُقُوفِ أَوْ كَانَ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ كَتَرْكِ الْوُقُوفِ نَهَارًا أَوْ تَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَوْ الْبَيَاتِ بِمِنًى فَإِنَّهُ يَصُومُ الْعَشَرَةَ أَيَّامٍ مَتَى شَاءَ، كَمَا أَنَّهُ يَصُومُ الثَّلَاثَةَ مَتَى شَاءَ إذَا لَمْ يَصُمْهَا فِي أَيَّامِ مِنًى.
1 -
الثَّالِثُ: لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ مَا إذَا شَرَعَ فِي الصَّوْمِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْهَدْيِ ثُمَّ أَيْسَرَ، وَمُحَصِّلُهُ: إنْ أَيْسَرَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَقَبْلَ إكْمَالِ الْيَوْمِ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِلْهَدْيِ، وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ إتْمَامِ الْيَوْمِ وَقَبْلَ كَمَالِ الثَّالِثِ يُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ إتْمَامِ الثَّالِثِ لَا يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ بَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّمَادِي عَلَى الصَّوْمِ وَالرُّجُوعُ، وَهَذَا فِيمَنْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ عِنْدَ تَيَقُّنِ الْعَجْزِ عَنْ الْهَدْيِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا
. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَتِهِمَا فَقَالَ: (وَصِفَةُ التَّمَتُّعِ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ) : فَقَطْ وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ (ثُمَّ يَحِلُّ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ) : بِأَنْ يَحُجَّ (قَبْلَ الرُّجُوعِ إلَى أُفُقِهِ) : بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْفَاءِ وَسُكُونِهَا أَيْ بَلَدِهِ، فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ فِعْلِ عُمْرَتِهِ إلَى أُفُقِهِ (أَوْ إلَى مِثْلِ أُفُقِهِ فِي الْبُعْدِ) : عَنْ مَكَّةَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ كَانَ بَلَدُهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، وَأَمَّا لَوْ رَجَعَ إلَى أَقَلَّ مِنْ بَلَدِهِ حَجَّ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلِلتَّمَتُّعِ عَدَمُ عَوْدٍ إلَى بَلَدِهِ أَوْ مِثْلِهِ وَلَوْ بِالْحِجَازِ لَا أَقَلَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَلَدُهُ بَعِيدًا كَإِفْرِيقِيَّةَ، فَإِنَّ هَذَا إذَا رَجَعَ إلَى مِصْرَ بَعْدَ فِعْلِ عُمْرَتِهِ قَبْلَ حَجِّهِ وَعَادَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا مَعَ كَوْنِهِ رَجَعَ إلَى أَقَلَّ مِنْ بَلَدِهِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ لِلْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، فَمَفْهُومُ أَقَلَّ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ يُدْرِكُ أُفُقَهُ إذَا رَجَعَ وَيَعُودُ يُدْرِكُ الْحَجَّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ الْمُتَمِّمُ لَهَا قَبْلَ فِعْلِ الْحَجِّ مُتَمَتِّعًا لِتَمَتُّعِهِ بِكُلِّ مَا لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ فِعْلُهُ أَوْ لِإِسْقَاطِهِ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ.
(وَ) : يَجُوزُ (لِهَذَا) : الَّذِي حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (أَنْ يُحْرِمَ) : بِالْحَجِّ (مِنْ مَكَّةَ إنْ كَانَ) : مُقِيمًا (بِهَا) : سَوَاءٌ كَانَ آفَاقِيًّا أَوْ مُسْتَوْطِنًا، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ
مِنْهَا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ حَتَّى يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ
وَصِفَةُ الْقِرَانِ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا وَيَبْدَأُ بِالْعُمْرَةِ فِي نِيَّتِهِ وَإِذَا أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَيَرْكَعَ فَهُوَ قَارِنٌ
وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ هَدْيٌ فِي تَمَتُّعٍ وَلَا قِرَانٍ
وَمَنْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ
وَمَنْ أَصَابَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ جَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ
ــ
[الفواكه الدواني]
الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ:؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ فِي عَرَفَةَ فَيَحْصُلُ فِي إحْرَامِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَلَمَّا كَانَ كُلُّ إحْرَامٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْن الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَكَانَتْ أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ تَنْقَضِي فِي الْحَرَمِ (وَلَا يُحْرِمُ مِنْهَا) : أَيْ مِنْ مَكَّةَ (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ حَتَّى يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ) : وَهُوَ مَا جَاوَزَ الْحَرَمَ وَالْأُولَى مِنْهُ الْجِعْرَانَةُ وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ لِاعْتِمَارِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا، ثُمَّ يَلِيهَا فِي الْفَضْلِ التَّنْعِيمُ وَهُوَ مَسَاجِدُ عَائِشَةَ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ لَكِنْ يَخْرُجُ قَبْلَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ، فَإِنْ طَافَ وَسَعَى قَبْلَ الْخُرُوجِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِمَا، قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَعَادَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَهُ وَافْتَدَى إنْ حَلَقَ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ فِي صِفَةِ التَّمَتُّعِ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْقِرَانِ فَقَالَ: (وَصِفَةُ الْقِرَانِ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا وَ) : يَجِبُ أَنْ (يَبْدَأَ) : أَيْ يُقَدِّمَ (الْعُمْرَةَ فِي نِيَّتِهِ) : قَالَ خَلِيلٌ: ثُمَّ قِرَانٌ بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا وَقَدَّمَهَا وُجُوبًا فِي نِيَّتِهِ وَنَدْبًا فِي تَلَفُّظِهِ، وَأَشَارَ إلَى صِفَةٍ أُخْرَى لِلْقِرَانِ بِقَوْلِهِ:(وَإِذَا) : أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا، وَ (أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَيَرْكَعَ فَهُوَ قَارِنٌ) : وَكَذَا لَوْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهَا، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ ذَلِكَ الطَّوَافَ وَيَنْقَلِبَ تَطَوُّعًا وَلَا يَسْعَى بَعْدَهُ لِانْدِرَاجِ أَفْعَالِهَا فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَشَرْطُ الْإِرْدَافِ الْمَذْكُورِ صِحَّةُ الْعُمْرَةِ.
قَالَ خَلِيلٌ: أَوْ يُرْدِفُهُ بِطَوَافِهَا إنْ صَحَّتْ وَكَمَّلَهُ وَلَا يَسْعَى، فَلَوْ أَرْدَفَ حَجَّةً عَلَى عُمْرَةٍ فَاسِدَةٍ لَمْ يَصِحَّ إرْدَافُهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى عُمْرَتِهِ وَلَا يَحُجُّ حَتَّى يَقْضِيَهَا، فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ قَضَائِهَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إتْمَامِهَا صَحَّ إحْرَامُهُ.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ طَوَافِهِ مُرَادُهُ قَبْلَ إتْمَامِ طَوَافِهِ فَيَصْدُقُ بِإِحْرَامِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَرْدَفَ بَعْدَ إكْمَالِ الطَّوَافِ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إرْدَافُهُ وَلَا يَكُونُ قَارِنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ صَحَّ الْإِرْدَافُ وَإِنْ كُرِهَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا يَصِحُّ الْإِرْدَافُ.
(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: إذَا أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ انْدَرَجَتْ أَفْعَالُهَا فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ أَرْكَانَهَا عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِطَوَافِ وَسَعْيِ الْحَجِّ بَلْ يَقَعَانِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
الثَّانِي: رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ فِي الْإِرْدَافِ عَدَمُ صِحَّةِ إرْدَافِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ كَثْرَةُ أَفْعَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، فَلِذَلِكَ صَحَّ إرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَكَمَا لَا يَصِحُّ إرْدَافُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ لَا يَصِحُّ إرْدَافُ عُمْرَةٍ عَلَى عُمْرَةٍ وَلَا حَجٍّ عَلَى حَجٍّ.
1 -
الثَّالِثُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ الْإِحْرَامِ لِلْقِرَانِ وَبَيَّنَهُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَلَهَا وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ الْجِعْرَانَةُ أَوْلَى ثُمَّ التَّنْعِيمُ، فَلَوْ خَالَفَ وَأَحْرَمَ فِي مَكَّةَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلَهُمَا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ، لَكِنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَصِحُّ أَرْكَانُهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ كَمَا قَدَّمْنَا، وَأَمَّا الْقَارِنُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِلْحِلِّ وَإِنْ كَانَ يُؤَخِّرُ السَّعْيَ وَالطَّوَافَ لِإِرْدَافِهِ بِالْحَرَمِ، فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لِلْحِلِّ قَبْلَ عَرَفَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ الْوَاقِعَيْنِ لِلْحَجِّ بَعْدَ عَرَفَةَ وَيَكْفِيهِ خُرُوجُهُ لِعَرَفَةَ؛ لِأَنَّهَا حِلٌّ، وَأَفْعَالُ الْعُمْرَةِ انْدَرَجَتْ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ.
الرَّابِعُ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: إفْرَادٌ وَقِرَانٌ وَتَمَتُّعٌ، وَبَقِيَ لَوْ أَحْرَمَ وَأَبْهَمَ أَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ، وَالْحُكْمُ الْمُبْهَمُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي صَرْفِهِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ، وَالْأَحَبُّ عِنْدَ مَالِكٍ صَرْفُهُ لِلْإِفْرَادِ وَالْقِيَاسُ لِلْقِرَانِ، وَأَمَّا الْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ فَقِيلَ يَصِحُّ وَيَكُونُ مُحْرِمًا بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ لَوْ تَبَيَّنَ عَدَمَ إحْرَامِ زَيْدٍ يَكُونُ كَمَنْ أَحْرَمَ مُبْهَمًا، وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَوْ وَجَدَهُ مُحْرِمًا عَلَى الْإِبْهَامِ.
ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ مِنْ قَرْنٍ أَوْ تَمَتُّعٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ هَدْيٌ فِي تَمَتُّعٍ وَلَا) : فِي (قِرَانٍ) قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وَقَالَ خَلِيلٌ: وَشَرْطُ دَمِهِمَا عَدَمُ إقَامَةٍ بِمَكَّةَ أَوْ ذِي طُوًى وَقْتَ فِعْلِهِمَا، وَلِلتَّمَتُّعِ عَدَمُ عَوْدَةٍ لِبَلَدِهِ أَوْ مِثْلِهِ وَلَوْ بِالْحِجَازِ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ، وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْهَدْيُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ لِمَسَاكِينِ مَكَّةَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَبَقِيَ لَوْ كَانَ لِلْمُتَمَتِّعِ أَهْلَانِ أَهْلٌ بِمَكَّةَ وَأَهْلٌ بِغَيْرِهَا وَالْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُهُ وَلَوْ غَلَبَتْ إقَامَتُهُ فِي أَحَدِهِمَا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَنُدِبَ لِذِي أَهْلَيْنِ وَأَهَلَّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَيُعْتَبَرُ تَأْوِيلَانِ وَقَدْ عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا
. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ التَّمَتُّعِ أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ) : بِأَنْ فَرَغَ مِنْ أَرْكَانِهَا (قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ) : وَلَوْ أَخَّرَ حِلَاقَهُ إلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ (ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ) : الَّذِي اعْتَمَرَ فِيهِ وَأَوْلَى لَوْ حَجَّ فِي عَامٍ بَعْدَهُ (فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ) : لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ
ذَوَا عَدْلٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَلُّهُ مِنًى إنْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ وَإِلَّا فَمَكَّةُ وَيَدْخُلُ بِهِ مِنْ الْحِلِّ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ ذَلِكَ أَوْ كَفَّارَةَ طَعَامِ مَسَاكِينَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الصَّيْدِ طَعَامًا فَيَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ عَدْلَ ذَلِكَ صِيَامًا أَنْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَلِكَسْرِ
ــ
[الفواكه الدواني]
مَنْ تَحَلَّلَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ
، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجْتَنِبُ التَّعَرُّضَ لِلصَّيْدِ بَيَّنَ هُنَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(وَمَنْ أَصَابَ صَيْدًا) : فِي إحْرَامِهِ أَوْ فِي الْحَرَمِ وَقَتَلَهُ أَوْ جَرَحَهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَلَامَتَهُ (فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ) : وَلَوْ قَتَلَهُ لِمَخْمَصَةٍ أَوْ لِجَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ، إلَّا مَا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْفَوَاسِقِ، وَالنَّعَمُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الْمُقَارِبِ لِلصَّيْدِ فِي قَدْرِهِ وَصُورَتِهِ، فَمِثْلُ النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَالْفِيلُ بَدَنَةٌ خُرَاسَانِيَّةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا بِأَنْ يُوزَنَ بِطَعَامٍ وَيُخْرَجَ مَا يُعَادِلُهُ، وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُجْعَلَ الْفِيلُ فِي مَرْكَبٍ وَيُنْظَرَ إلَى الْحَدِّ الَّذِي نَزَلَ فِي الْمَاءِ مِنْ الْمَرْكَبِ ثُمَّ يُخْرَجَ الْفِيلُ وَيُوضَعَ مَكَانَهُ الطَّعَامُ حَتَّى تَبْلُغَ الْمَرْكَبُ فِي الْمَاءِ مَا بَلَغَتْهُ مِنْ الْفِيلِ، وَقِيلَ يُوزَنُ بِالْقَبَّانِي وَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ حَيْثُ لَا إمْكَانَ وَإِلَّا فَالتَّحَرِّي كَافٍ، وَيَنْبَغِي إذَا تَعَذَّرَ الْإِطْعَامُ فَالصَّوْمُ، وَمِثْلُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ أَوْ مَا قَارَبَهَا وَهُوَ الْأُيَّلُ وَالْأُيَّلُ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ حَيَوَانٌ وَحْشِيٌّ أَوْ حِمَارُ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ إنْسِيَّةٌ، وَمِثْلُ الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ وَالظَّبْيِ شَاةٌ إنْسِيَّةٌ، وَيَجِبُ فِي صَغِيرِ الصَّيْدِ مَا يَجِبُ فِي كَبِيرِهِ، كَمَا يَجِبُ فِي الْمَعِيبِ مِنْهُ مَا يَجِبُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ كَوْنِهِ سَلِيمًا مِنْ الْعُيُوبِ، وَبَلَغَ سِنَّ الضَّحِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ سِنَّ الْهَدَايَا وَالْفِدْيَةِ وَالْجَزَاءِ كَسِنِّ الضَّحِيَّةِ وَفِي الْعَيْبِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا نَحْوُ الضَّبِّ وَالْأَرْنَبِ وَالْيَرْبُوعِ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ الْأَنْعَامِ فَالْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ طَعَامًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَكَمَّلَ لِكَسْرِهِ، وَكَذَا جَمِيعُ الطُّيُورِ خَلَا حَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِمَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَاحِدَةِ شَاةٌ بِلَا حُكْمٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا صَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يُخْرِجُ طَعَامًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ، وَالْحَرَمِ بِمَنْزِلَةِ الْهَدْيِ لَا يُجْزِئُ فِيهِ الْإِطْعَامُ، وَإِنَّمَا شَدَّدَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ تُبَادِرُ إلَى قَتْلِهِمَا لِكَثْرَتِهِمَا وَعَدَمِ نُفُورِهِمَا مِنْ النَّاسِ.
وَفِي جَنِينِ الصَّيْدِ الْغَيْرِ الْمُسْتَهِلِّ، وَفِي الْبَيْضَةِ الْغَيْرِ الْمَذِرَةِ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ، وَفِي الصَّيْدِ الْمُعَلَّمِ مَنْفَعَةُ شَرْعِيَّةِ الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ وَيَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ أَوْ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ قِيمَتَانِ: إحْدَاهُمَا لِرَبِّهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا سَلِيمًا أَوْ مَعِيبًا، وَالثَّانِيَةُ لِمَسَاكِينِ مَحَلِّ الصَّيْدِ فَجَزَاؤُهُ كَجَزَاءِ الْكَبِيرِ فَيَكُونُ سِنُّهُ كَسِنِّ الضَّحِيَّةِ وَسَالِمًا مِنْ الْعُيُوبِ، وَلَمَّا كَانَ جَزَاءُ الصَّيْدِ مُخَالِفًا لِلْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ بَيَّنَ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْجَزَاءُ: بِقَوْلِهِ: (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ) : قَالَ خَلِيلٌ: وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِذَلِكَ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ أَوْ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ يَوْمَ التَّلَفِ بِمَحَلِّهِ وَإِلَّا فَبِقُرْبِهِ وَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ، فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ وَالْفِيلُ بِذَاتِ سَنَامَيْنِ وَحِمَارُ الْوَحْشِ وَبَقَرَةٌ وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ شَاةٌ كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِ بِلَا حُكْمٍ وَالْوَاجِبُ فِي حَمَامِ الْحِلِّ وَفِي الضَّبِّ وَالْأَرْنَبِ وَالْيَرْبُوعِ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ الْقِيمَةُ طَعَامًا وَالصَّغِيرُ مِنْ الصَّيْدِ كَالْكَبِيرِ وَالْمَرِيضُ كَالسَّلِيمِ وَالْجَمِيلُ كَالْوَحْشِ؛ لِأَنَّهُ دِيَةٌ، وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ يَسْتَلْزِمُ الْحُرِّيَّةَ وَالْبُلُوغَ وَمَعْرِفَةَ مَا يَحْكُمُ بِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَمِنْ عِلْمِهِمَا بِبَابِ الْجَزَاءِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا بِغَيْرِهِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ فِي أَمْرٍ إنَّمَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِمَا وَلِيَ فِيهِ وَلَوْ جَهِلَ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْ اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ حَمَامُ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ لِلدَّلِيلِ وَهُوَ قَضَاءُ عُثْمَان رضي الله عنه بِالشَّاةِ فِي الْوَاحِدَةِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إلْحَاقُ الْقُمْرِيِّ وَالْفَوَاخِتِ وَشَبَهِهَا بِالْحَمَامِ. ثُمَّ بَيَّنَ مَحَلَّ إخْرَاجِ الْجَزَاءِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَاجِّ بِقَوْلِهِ:(وَمَحَلُّهُ) : أَيْ الْجَزَاءِ وَالْمُرَادُ مَوْضِعُ تَذْكِيَتِهِ (مِنًى إنْ وَقَفَ) : الَّذِي أَصَابَ الصَّيْدَ (بِهِ) : أَيْ بِالْجَزَاءِ (بِعَرَفَةَ) : جُزْءًا مِنْ اللَّيْل وَأَنْ تَكُونَ تَذْكِيَتُهُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ تَالِيَيْهِ لَا الرَّابِعِ (وَإِلَّا) : بِأَنْ لَمْ يَقِفْ بِهِ وَلَا نَائِبُهُ بِعَرَفَةَ أَوْ فَاتَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ الثَّلَاثَةُ (فَمَكَّةُ) : مَحَلُّ تَذْكِيَتِهِ وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ الْبَلَدُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَأَفْضَلُهَا الْمَرْوَةُ.
(وَ) : الْجَزَاءُ كَالْهَدْيِ (يَدْخُلُ بِهِ) : مَكَّةَ (مِنْ الْحِلِّ) : لِيَجْمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ، وَقَيَّدْنَا الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْحَاجِّ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْجَزَاءِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْمُحْرِمِ بِعُمْرَةٍ أَوْ عَلَى الْحَلَالِ بِقَتْلِ صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّ مَحَلَّ تَذْكِيَتِهِ فِي حَقِّهِمَا مَكَّةُ،؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَكَاةِ الْجَزَاءِ مَحَلُّ ذَكَاةِ الْهَدَايَا، بِخِلَافِ مَحَلِّ الْفِدْيَةِ يَذْبَحُهَا كَيْفَ شَاءَ إلَّا أَنْ يُقَلِّدَهَا وَيُشْعِرَهَا فَتَصِيرَ كَالْهَدْيِ وَلَمَّا كَانَ جَزَاءُ الصَّيْدِ وَالْفِدْيَةِ وَكَفَّارَةُ الصِّيَامِ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ قَالَ:(وَلَهُ) : أَيْ قَاتِلِ الصَّيْدِ (أَنْ يَخْتَارَ ذَلِكَ) : أَيْ إخْرَاجَ الْمِثْلِ مِنْ النَّعَمِ (أَوْ) : أَيْ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ (كَفَّارَةً) : بِالنَّصْبِ لِعَطْفِهِ عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ (طَعَامَ مَسَاكِينَ) : وَيَجُوزُ فِي طَعَامِ الْحُرِّ لِإِضَافَةِ كَفَّارَةٍ إلَيْهِ وَتَكُونُ بَيَانِيَّةً وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ كَفَّارَةً عِنْدَ تَنْوِينِهَا، وَقَوْلُهُ أَنْ يَنْظُرَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَصِفَةُ إخْرَاجِ الطَّعَامِ (أَنْ يَنْظُرَ) : الْقَاتِلُ لِلصَّيْدِ إنْ كَانَ عَارِفًا (إلَى قِيمَةِ الصَّيْدِ طَعَامًا) : أَيْ مِنْ الطَّعَامِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّلَفِ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الطَّعَامُ مِنْ جُلِّ عَيْشِ أَهْلِ مَحَلِّ التَّلَفِ فَيُقَالُ: كَمْ يُسَاوِي هَذَا الطَّيْرُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ؟ فَيَلْزَمُ إخْرَاجُهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى إطْعَامِ سِتِّينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّيْدِ قِيمَةٌ بِمَحَلِّ التَّلَفِ اُعْتُبِرَ قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ. (فَيَتَصَدَّقُ بِهِ) : عَلَى مَسَاكِينِ