المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[غسل الشهداء والصلاة عليهم] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[غسل الشهداء والصلاة عليهم]

قَاتِلِ نَفْسِهِ وَيُصَلَّى عَلَى مَنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ فِي حَدٍّ أَوْ قَوَدٍ وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ

وَلَا يُتْبَعُ الْمَيِّتُ بِمِجْمَرٍ وَالْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ

وَيُجْعَلُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَيُنْصَبُ عَلَيْهِ اللَّبِنُ وَيَقُولُ حِينَئِذٍ اللَّهُمَّ إنَّ صَاحِبَنَا قَدْ نَزَلَ

ــ

[الفواكه الدواني]

سَاتِرًا لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه: الْحَيُّ أَوْلَى بِالْجَدِيدِ إنَّهُ لِلْمِهْنَةِ وَالصَّدِيدِ، وَيُكْرَهُ التَّكْفِينُ فِي الْحَرِيرِ وَلَوْ لِلرِّجَالِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ، كَمَا يُكْرَهُ التَّكْفِينُ بِالنَّجَسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ الْأَسْوَدِ أَوْ الْأَزْرَقِ، بِخِلَافِ الْمَصْبُوغِ بِمَا فِيهِ طِيبٌ كَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُوَرَّسِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الضَّرُورَةِ، وَأَمَّا عِنْدَهَا فَيَجُوزُ التَّكْفِينُ فِي كُلِّ سَاتِرٍ وَلَوْ نَجِسًا أَوْ حَشِيشًا.

[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ شُرُوطِ التَّغْسِيلِ بِذِكْرِ ضِدِّهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ) بِقَتْلِهِ (فِي الْمُعْتَرَكِ) لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ شَرْطَ التَّغْسِيلِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَيِّتُ شَهِيدَ حَرْبٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ فَقَطْ وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ وَإِنْ أَجْنَبَ عَلَى الْأَحْسَنِ.

وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَغْسِيلُهُ سَوَاءٌ قَاتَلَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ أَوْ لِلْغَنِيمَةِ، سَوَاءٌ غَزَا الْمُسْلِمُونَ الْعَدُوَّ أَوْ عَكْسُهُ، سَوَاءٌ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ بِأَنْ كَانَ غَافِلًا حَتَّى قَتَلَهُ الْعَدُوُّ، أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ بِظَنِّهِ كَافِرًا، أَوْ دَاسَتْهُ الْخَيْلُ، أَوْ رَجَعَ بِسَيْفِهِ عَلَيْهِ، أَوْ سَقَطَ عَنْ دَابَّتِهِ، أَوْ حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ، رَاجِعْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ.

(وَ) كَمَا لَا يُغَسَّلُ (لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) لِقَوْلِ خَلِيلٍ وَتَلَازُمًا؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ شَفَاعَةٌ لِأَصْحَابِ الذُّنُوبِ وَالشَّهِيدُ مُسْتَغْنٍ عَنْهَا لِرَفْعِ دَرَجَتِهِ وَكَثْرَةِ ثَوَابِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ طَلَبِ تَغْسِيلِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلَى أُحُدٍ:«زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ فَإِنِّي قَدْ شَهِدْت عَلَيْهِمْ وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» وَفِي رِوَايَةٍ: «زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَنْ كَلْمٍ وَيُكْلَمُ فِي اللَّهِ إلَّا هُوَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ» . فَإِنْ قِيلَ: لِمَ غُسِّلَتْ الْأَنْبِيَاءُ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ أَكْمَلُ مِنْ الشُّهَدَاءِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ حُرْمَةَ غُسْلِ الشُّهَدَاءِ مَزِيَّةٌ وَهِيَ لَا تَقْضِي الْأَفْضَلِيَّةَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْطَانَ إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَدْبَرَ وَلَهُ ضُرَاطٌ، وَإِذَا شَرَعَ الشَّخْصُ فِي الصَّلَاةِ يُقْبِلُ عَلَيْهِ وَيُوَسْوِسُ لَهُ، مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ أَعْظَمُ مِنْ الْأَذَانِ، وَأَيْضًا الشَّهِيدُ إنَّمَا حُذِّرَ مِنْ تَغْسِيلِهِ اسْتِبْقَاءً لِلدَّمِ لِيَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى حُرْمَةِ تَغْسِيلِ الشُّهَدَاءِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَتَلَهُ كَافِرٌ مَعَ أَنَّهُ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَاتِلَ عُمَرَ رضي الله عنه غَيْرُ حَرْبِيٍّ بَلْ رَقِيقٌ نَصْرَانِيٌّ يَلْزَمُ قَاتِلَهُ قِيمَتُهُ.

وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: فِي الْمُعْتَرَكِ عَنْ شَهِيدِ الْآخِرَةِ كَالْغَرِيقِ وَالْمَبْطُونِ وَالْغَرِيبِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ شُهَدَاءِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ، وَسُمِّيَ الشَّهِيدُ شَهِيدًا؛ لِأَنَّ رُوحَهُ شَهِدَتْ دَارَ السَّلَامِ وَدَخَلَتْهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بِخِلَافِ رُوحِ غَيْرِهِ لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ صَاحِبِهَا وَهُوَ بَعْدَ الْقِيَامَةِ وَالصِّرَاطِ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ شَهِيدِ الْحَرْبِ وَالْآخِرَةِ لَا يُسْأَلُ. (وَ) يَجِبُ أَنْ (يُدْفَنَ بِثِيَابِهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَدُفِنَ بِثِيَابِهِ إنْ سَتَرَتْهُ وَإِلَّا زِيدَ بِخُفٍّ وَقَلَنْسُوَةٍ وَمِنْطَقَةٍ قَلَّ ثَمَنُهَا وَخَاتَمٍ قَلَّ فَصُّهُ لَا دِرْعٍ وَسِلَاحٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ بِكُلُومِهِمْ» .

(وَ) يَجِبُ أَنْ (يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ عِصْيَانَهُ بِقَتْلِ نَفْسِهِ لَا يُسْقِطُ طَلَبَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَا دَامَ مُسْلِمًا.

(وَ) كَذَا يَجِبُ أَنْ (يُصَلَّى عَلَى مَنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ فِي حَدٍّ) مُوجِبٍ لِلْقَتْلِ كَرَجْمٍ أَوْ حِرَابَةٍ أَوْ تَرْكِ صَلَاةٍ كَسَلًا. (أَوْ) قَتَلَهُ فِي (قَوَدٍ) لِقَتْلِهِ مُكَافِئًا لَهُ لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِ الْجَمِيعِ، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَيْ وَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» . وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الَّذِي يُبَاشِرُ الصَّلَاةَ عَلَى أَرْبَابِ الْمَعَاصِي غَيْرُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ قَاتِلِ نَفْسِهِ وَمَا بَعْدَهُ (الْإِمَامُ) وَلَا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْمُرَادُ يُكْرَهُ.

قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْمَكْرُوهِ: وَصَلَاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ، وَالْإِمَامِ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ بِحَدٍّ أَوْ قَتْلٍ وَإِنْ تَوَلَّاهُ النَّاسُ دُونَهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتَرَدَّدَ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يُصَلَّى عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ وَلَا تُعَادُ مَرْضَاهُمْ وَلَا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُمْ أَدَبًا لَهُمْ، فَإِنْ خِيفَ ضَيْعَتُهُمْ غُسِّلُوا وَكُفِّنُوا وَصَلَّى عَلَيْهِمْ غَيْرُ أَهْلِ الْفَضْلِ، وَإِنَّمَا أُفْرِدَ الْإِمَامُ بِالذِّكْرِ مَعَ عَدَمِ قَصْرِ الْكَرَاهَةِ عَلَيْهِ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي قَوْلِهِ بِجَوَازِ صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَيِّتِ بِالرَّجْمِ مُحْتَجًّا «بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ» ، وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُصَلِّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ قُتِلَ فِي تَعْزِيرٍ أَوْ فِي حَدٍّ غَيْرِ الْقَتْلِ لَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَلَا مَنْ فِي حُكْمِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُشْتَهِرًا بِالْمَعَاصِي، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مِنْ الْإِمَامِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى عَدَمِ صَلَاتِهِمْ تَرْكُ الصَّلَاةِ جُمْلَةً عَلَى مَنْ ذُكِرَ، وَإِلَّا وَجَبَتْ صَلَاتُهُ حَتَّى الْفَاضِلُ لِوُجُوبِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى كُلِّ مَحْكُومٍ لَهُ بِالْإِسْلَامِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَعْضِ الْمَكْرُوهَاتِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُتْبَعُ الْمَيِّتُ بِمِجْمَرٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْرَهُ اتِّبَاعُ الْمَيِّتِ بِالشَّيْءِ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الْجَمْرُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا بِالْمِبْخَرَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِتْبَاعُهُ بِنَارٍ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ: «لَا يُتْبَعُ الْمَيِّتُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: فَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ فَكَرَاهَةٌ ثَانِيَةٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ زَائِدَةٌ عَنْ التَّرْجَمَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ:(وَالْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ) فِي حَالِ الذَّهَابِ إلَى الصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ (أَفْضَلُ) مِنْ الْمَشْيِ خَلْفَهَا لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ»

ص: 290