الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الفواكه الدواني]
وَمَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ كَعَنْبَرٍ فَلِوَاجِدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ، فَلَوْ رَآهُ جَمَاعَةٌ فَهُوَ لِمَنْ بَادَرَ إلَيْهِ، كَالصَّيْدِ يَمْلِكُهُ الْمُبَادِرُ لَهُ وَلَوْ رَآهُ غَيْرُهُ قَبْلَهُ، وَأَمَّا مَا يَتْرُكُهُ صَاحِبُهُ بِالْبَرِّ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ثُمَّ يَأْخُذُهُ آخَرُ فَأَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَى حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ: سَمَحَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَنْ أَسْلَمَ دَابَّةً فِي سَفَرٍ آيِسًا مِنْهَا أَخَذَهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا وَعَاشَتْ وَعَلَى رَبِّهَا دَفْعُ كُلْفَةِ الَّذِي أَخَذَهَا كَأُجْرَةِ قِيَامِهِ عَلَيْهَا إنْ قَامَ عَلَيْهَا كَرَبِّهَا، وَلِابْنِ رُشْدٍ كَلَامٌ تَرَكْنَاهُ خَوْفَ الْإِطَالَةِ، وَسَمَحَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لِمَنْ طَرَحَ مَتَاعَهُ خَوْفَ غَرَقِهِ أَخْذَهُ مِمَّنْ غَاصَ عَلَيْهِ وَحَمَلَهُ يَغْرَمُ أَجْرَهُمَا، وَأَجْرَى فِيهَا أَيْضًا ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا كَالسَّابِقَةِ، وَلِسَحْنُونٍ: مَنْ أَخْرَجَ ثَوْبًا مِنْ جُبٍّ وَأَبَى مِنْ رَدِّهِ إلَى رَبِّهِ وَطَرَحَهُ فِي الْجُبِّ فَطَلَبَهُ رَبُّهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَعَلَيْهِ إخْرَاجُهُ ثَانِيًا وَإِلَّا ضَمِنَهُ، مُحَمَّدٌ: إنْ أَخْرَجَهُ فَلَهُ أَجْرُهُ إنْ كَانَ رَبُّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَجْرٍ، وَسَمَحَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لِمَنْ أَسْلَمَ مَتَاعَهُ بِفَلَاةٍ لِمَوْتِ رَاحِلَتِهِ أَخَذَهُ مِمَّنْ احْتَمَلَهُ بِغُرْمِ أَجْرِهِ، وَلِابْنِ رُشْدٍ فِيهَا كَلَامٌ سِوَى هَذَا، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا تِلْكَ الْمَسَائِلَ لِعِزَّةِ وُجُودِهَا فِي صِغَارِ الْكُتُبِ
[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ لِزِيَادَتِهِ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَاقِي مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَقَالَ:
بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَزَكَاةُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَرِيضَةٌ
وَلَا زَكَاةَ مِنْ الْإِبِلِ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ وَهِيَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ مِنْ جُلِّ غَنَمِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ إلَى تِسْعٍ ثُمَّ فِي الْعَشْرِ شَاتَانِ إلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ فَإِذَا كَانَتْ عِشْرِينَ فَأَرْبَعُ شِيَاهٍ إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ
ــ
[الفواكه الدواني]
(بَابٌ فِي) : بَيَانِ (زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) : وَقَدْرُ النِّصَابِ وَهِيَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَهِيَ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَلَا تَجِبُ فِي خَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا لِوُجُودِ كَمَالِ النَّمَاءِ فِيهَا مِنْ لَبَنٍ وَصَفّ وَنَسْلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ، وَكَرَّرَ بَيَانَ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ:(وَزَكَاةُ) : مُبْتَدَأٌ أَيْ تَزْكِيَةُ (الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِالْمَاشِيَةِ وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ (فَرِيضَةٌ) : بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْنَ الْمَعْلُوفَةِ وَالسَّائِمَةِ وَلَا بَيْنَ الْعَامِلَةِ وَالْمُهْمَلَةِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْجَمِيعِ، دَلِيلُنَا عُمُومُ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«فِي أَرْبَعِينَ شَاةٍ شَاةٌ وَفِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ» وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ» قِيَامُ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَقْدِيمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ فِي بَابِ الِاحْتِجَاجِ، وَالْجَوَابُ عَلَى تَقْدِيرِ حُجِّيَّةِ الْمَفْهُومِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالسَّائِمَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا لِلِاحْتِرَازِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَنْعَامِ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ السَّوْمُ وَالتَّقْيِيدُ إذَا كَانَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ لَا يَكُونُ حُجَّةً بِالْإِجْمَاعِ
وَبَدَأَ الْكَلَامَ عَلَى بَيَانِ فُرُوضِ أَنْصِبَةِ الْإِبِل اقْتِدَاءً بِالْحَدِيثِ إذْ فَعَلَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ الْمَكْتُوبِ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَفُرُوضُ زَكَاتِهَا إحْدَى عَشْرَ فَرِيضَةً: أَرْبَعَةٌ مِنْهَا الْمَأْخُوذُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا وَيُسَمَّى الْمُزَكَّى بِهَا شَنَقًا بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالنُّونِ، وَسَبْعَةٌ الزَّكَاةُ فِيهَا مِنْ جِنْسِهَا، وَبَدَأَ بِالْأُولَى وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ بِقَوْلِهِ:(وَلَا زَكَاةَ فِي الْإِبِلِ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ) : الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إضَافَةُ خَمْسٍ إلَى ذَوْدٍ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْعَدَدِ إلَى الْمَعْدُودِ كَقَوْلِهِمْ: خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ وَخَمْسُ جَمَالٍ نُوقٍ، وَرُوِيَ بِتَنْوِينِ خَمْسٍ وَذَوْدٌ بَدَلٌ مِنْهُ، وَالذَّوْدُ بِدَالٍ مُعْجَمَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الذَّوْدُ مِنْ ثَلَاثٍ إلَى عَشْرَةٍ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: تَقُولُ ثَلَاثُ ذَوْدٍ بِحَذْفِ التَّاءِ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ الذَّوْدَ مُؤَنَّثٌ وَلَا مُفْرَدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ كَرَهْطٍ وَقَوْمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» أَيْ زَكَاةٌ فَمَا فِي الْمُصَنِّفِ حَدِيثٌ مَعَ تَغْيِيرٍ لِبَعْضِ أَلْفَاظِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى بِخِلَافِ الْقُرْآنِ، ثُمَّ فَسَّرَ الذَّوْدَ بِقَوْلِهِ:(وَهِيَ) : أَيْ الذَّوْدُ (خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) : فَإِذَا بَلَغَتْ هَذَا الْعَدَدَ. (فَفِيهَا شَاةٌ جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ) : وَهُمَا مَا أَوْفَى سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ دُخُولًا بَيِّنًا، وَالتَّاءُ فِيهِمَا لِلْوَحْدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِجْزَاءِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَتُؤْخَذُ (مِنْ جُلِّ غَنَمِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ) : فَإِنْ كَانَ جُلُّهَا الْمَعْزَ أُخِذَ مِنْهَا شَاةٌ وَلَا نَظَرَ إلَى غَنَمِ الْمَالِكِ، فَإِنْ تَطَوَّعَ وَأَخْرَجَ ضَائِنَةً فَتُجْزِي؛ لِأَنَّ الضَّائِنَةَ أَفْضَلُ،؛ لِأَنَّ الضَّابِطَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ غَيْرَ مَا طُلِبَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَسْتَمِرُّ أَخْذُ الشَّاةِ (إلَى تِسْعٍ) : إلَّا أَنَّ الْخَمْسَ هِيَ النِّصَابُ وَالْأَرْبَعَ وَقَصٌ. (ثُمَّ) : إنْ زَادَتْ عَلَى التِّسْعِ (فِي الْعَشْرِ شَاتَانِ) : وَيَسْتَمِرُّ أَخْذُهَا (إلَى) : أَنْ تَبْلُغَ (أَرْبَعَ عَشْرَةَ ثُمَّ) : إذَا زَادَتْ وَاحِدَةً وَجَبَ عَلَيْهِ (فِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى تِسْعَ عَشْرَةَ فَإِذَا كَانَتْ) : أَيْ صَارَتْ (عِشْرِينَ فَأَرْبَعُ شِيَاهٍ إلَى أَرْبَعً وَعِشْرِينَ) : فَالْوَقْصُ فِي هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَرْبَعٌ وَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْغَنَمُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَانَ الْأَصْلُ الْإِخْرَاجَ مِنْهَا لَكِنَّ الشَّارِعَ خَفَّفَ عَنْ الْمَالِكِ رِفْقًا بِهِ، فَإِذَا شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَخْرَجَ مِنْهَا فَالْأَصَحُّ إجْزَاءُ الْبَعِيرِ عَنْ الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ حَيْثُ سَاوَتْ قِيمَتُهُ قِيمَةَ الشَّاةِ، فَإِذَا زَادَتْ الْإِبِلُ بِحَيْثُ زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ زُكِّيَتْ مِنْ جِنْسِهَا؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا عَظُمَتْ النِّعَمُ وَزَادَ الْمَالُ يَنْبَغِي الزِّيَادَةُ فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ تَعْظِيمًا لِشُكْرِ الْمُنْعِمِ، وَذَلِكَ فِي سَبْعِ فَرَائِضَ تُزَكَّى مِنْ جِنْسِهَا أَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ:(ثُمَّ) : إذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ
وَهِيَ بِنْتُ سَنَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ثُمَّ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَهِيَ بِنْتُ ثَلَاثِ سِنِينَ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ وَهِيَ الَّتِي يَصْلُحُ عَلَى ظَهْرِهَا الْحَمْلُ وَيَطْرُقُهَا الْفَحْلُ وَهِيَ بِنْتُ أَرْبَعِ سِنِينَ إلَى سِتِّينَ ثُمَّ فِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ وَهِيَ بِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ ثُمَّ فِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ إلَى تِسْعِينَ ثُمَّ فِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ
وَلَا زَكَاةَ مِنْ الْبَقَرِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا تَبِيعٌ عِجْلٌ جَذَعٌ قَدْ أَوْفَى سَنَتَيْنِ ثُمَّ
ــ
[الفواكه الدواني]
يَكُونُ الْوَاجِبُ (فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ) : وَهِيَ الَّتِي حَمَلَتْ أُمُّهَا بَعْدَهَا. (وَ) : لِذَا بَيَّنَ سِنَّهَا بِقَوْلِهِ: (هِيَ بِنْتُ سَنَتَيْنِ) : أَيْ وَفَتْ سَنَةً وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاقَةِ تُرَبِّي وَلَدَهَا سَنَةً وَتَحْمِلُ فِي الثَّانِيَةِ وَحِينَ حَمْلِهَا يَكُونُ الْجَنِينُ كَمَخْضٍ بِبَطْنِهَا فَلِذَلِكَ تُسَمَّى الْمُخْرَجَةُ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَتُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي الضَّحِيَّةِ. (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) : أَيْ تُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ (فِيهَا) : أَيْ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ أَوْ وُجِدَتْ لَكِنْ مَعِيبَةً (فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ) : يُؤْخَذُ عِوَضًا عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ تَعَيَّنَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَجَعَلَ حُكْمَ عَدَمِ الصِّنْفَيْنِ كَحُكْمِ وُجُودِهِمَا، فَإِنْ أَتَاهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِابْنِ لَبُونٍ ذَكَرٍ فَذَلِكَ إلَى السَّاعِي إنْ رَأَى أَخْذَهُ نَظَرًا جَازَ وَإِلَّا لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَلَوْ لَمْ يُلْزِمْ السَّاعِي صَاحِبَ الْإِبِلِ بِنْتَ مَخَاضٍ حَتَّى أَتَاهُ بِابْنِ اللَّبُونِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِيهَا ابْتِدَاءً وَيَسْتَمِرُّ أَخْذُهَا (إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ) :؛ لِأَنَّ الْوَقْصَ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ عَشْرَةٌ. (ثُمَّ) : إنْ زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ (فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَهِيَ بِنْتُ ثَلَاثِ سِنِينَ) : أَيْ أَتَمَّتْ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا ذَاتَ لَبَنٍ، فَلَوْ لَمْ تُوجَدْ عِنْدَهُ أَوْ وُجِدَتْ مَعِيبَةً لَمْ يُؤْخَذْ عَنْهَا حِقٌّ بِخِلَافِ ابْنِ اللَّبُونِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ.
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْنَ اللَّبُونِ يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَيَرِدُ الْمَاءَ وَيَرْعَى الشَّجَرَ، فَعَادَلَتْ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ فَضِيلَةَ أُنُوثَةِ بِنْتِ الْمَخَاضِ، وَالْحِقُّ لَا يَخْتَصُّ بِمَنْفَعَةٍ وَغَايَةُ أَخْذِ ابْنِ اللَّبُونِ (إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ) :؛ لِأَنَّ الْوَقْصَ هُنَا تِسْعٌ (ثُمَّ) : إذَا زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ (فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ) : بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (وَهِيَ الَّتِي يَصْلُحُ عَلَى ظَهْرِهَا الْحَمْلُ) : أَيْ اسْتَحَقَّتْ أَنْ تُرْكَبَ وَيُحْمَلَ عَلَيْهَا (وَيَطْرُقُهَا الْفَحْلُ) : فَلَوْ دَفَعَ عَنْهَا بِنْتَيْ لَبُونٍ لَمْ يُجْزِئَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَادَلَتْ قِيمَتُهَا قِيمَةَ الْحِقَّةِ (وَهِيَ) : أَيْ الْحِقَّةُ (بِنْتُ أَرْبَعِ سِنِينَ) : الْمُرَادُ أَتَمَّتْ ثَلَاثَةً وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ وَيَسْتَمِرُّ يَدْفَعُهَا (إلَى) تَمَامِ (سِتِّينَ) :؛ لِأَنَّ الْوَقْصَ هُنَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ. (ثُمَّ) : إذَا زَادَتْ وَاحِدَةً عَلَى السِّتِّينَ فَعَلَيْهِ (فِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ وَهِيَ بِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ) : الْمُرَادُ دَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ سُمِّيَتْ جَذَعَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَجْذَعُ أَيْ تَسْقُطُ سِنُّهَا وَيَنْبُتُ غَيْرُهَا وَهِيَ آخِرُ الْأَسْنَانِ الَّتِي تُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْإِبِلِ وَغَايَةُ أَخْذِهَا (إلَى) : تَمَامِ (خَمْسٍ وَسَبْعِينَ) :؛ لِأَنَّ الْوَقْصَ فِي هَذِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا (ثُمَّ) : إذَا زَادَتْ عَلَى الْخَمْسِ وَسَبْعِينَ فَعَلَيْهِ (فِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ) : يَسْتَمِرُّ أَحَدُهُمَا (إلَى) : تَمَامِ (تِسْعِينَ) لِأَنَّ الْوَقْصَ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ أَيْضًا (ثُمَّ) : إذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَعَلَيْهِ (فِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ) : وَغَايَةُ أَخْذِهِمَا (إلَى) : تَمَامِ (عِشْرِينَ وَمِائَةٍ) : فَالْوَقْصُ فِي هَذِهِ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ (فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ) : أَيْ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ وَاحِدَةً عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ. (فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) : وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ يَتَغَيَّرُ بِمُطْلَقِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ وَاحِدَةً هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَيَجِبُ عِنْدَهُ فِي الْمِائَةِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ مِنْ غَيْرِ تَجْبِيرٍ لِلسَّاعِي، وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ مَالِكٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي يَتَغَيَّرُ بِهَا الْوَاجِبُ هِيَ زِيَادَةُ الْعَشْرَاتِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَأَمَّا زِيَادَةُ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ فَالسَّاعِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ حِقَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ حِقَّتَانِ أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ الْخِيَارُ لِلسَّاعِي إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ فِي كُلِّ عَشْرٍ يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ فَيَتَغَيَّرُ فِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مُخَالِفًا لِشَيْخِهِ أَنَّ فِي الْمِائَةِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَبِهِ أَقُولُ، وَاَلَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ وَمَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ أَنَّ فِي الْمِائَةِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، إلَى تِسْعٍ الْخِيَارَ لِلسَّاعِي فِي أَخْذِ حِقَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الَّتِي أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا بِغَيْرِ قَوْلِ الْإِمَامِ، وَبَاقِيهَا فِي التَّتَّائِيِّ فِي شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ أَوْجَبَ فِي الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ حِقَّتَيْنِ:«فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ» هَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مُطْلَقِ الزِّيَادَةِ؟ فَيَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ فَيُؤْخَذُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ تَبَعًا لِابْنِ شِهَابٍ