المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[موجب الكفارة على الصائم في رمضان] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[موجب الكفارة على الصائم في رمضان]

عَلَى مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ مَعَ الْقَضَاءِ

وَالْكَفَّارَةُ فِي ذَلِكَ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكَ أَحَبُّ إلَيْنَا وَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ

وَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ

ــ

[الفواكه الدواني]

قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى سَبَبٍ مَوْجُودٍ فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ، خِلَافًا لِخَلِيلٍ فِي مَشْيِهِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ وَأَفْطَرَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، بِخِلَافِ مَنْ تَسَحَّرَ فِي الْفَجْرِ وَيُفْطِرُ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ صَاحِبَ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ بِخِلَافِ الْبَعِيدِ، فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّأْوِيلِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ

. (وَإِنَّمَا الْكَفَّارَةُ) وَاجِبَةٌ (عَلَى مَنْ أَفْطَرَ) فِي رَمَضَانَ الْحَاضِرِ (مُتَعَمِّدًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ) أَوْ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا تَأْوِيلًا بَعِيدًا. قَالَ خَلِيلٌ: وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَجَهِلَ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ جِمَاعًا أَوْ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا بِفَمٍ فَقَطْ، أَوْ رَفَعَ نِيَّةً نَهَارًا، أَوْ كَانَ فِطْرُهُ بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ، أَوْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَ مَنِيٍّ وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرُوطَ الْكَفَّارَةِ خَمْسٌ: الْعَمْدُ وَالِاخْتِيَارُ وَالِانْتِهَاكُ لِلْحُرْمَةِ وَالْعِلْمُ بِحُرْمَةِ الْمُوجِبِ الَّذِي فَعَلَهُ وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ جَهْلِ رَمَضَانَ فَيُسْقِطُهَا اتِّفَاقًا، وَخَامِسُ الشُّرُوطِ كَوْنُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَحَيْثُ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَنْ الْمُكَفِّرِ فَتَجِبُ. (مَعَ الْقَضَاءِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَيَجِبُ مَعَهَا الْقَضَاءُ إنْ كَانَتْ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ كَفَّرَ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ أَوْ غَيْرَهَا عَلَى الْجِمَاعِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ وَإِنَّمَا الْقَضَاءُ عَلَيْهَا.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُقَيِّدْ الْأَكْلَ بِالْفَمِ اعْتِمَادًا عَلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ أَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ إنَّمَا يَكُونَانِ بِالْفَمِ، وَأَمَّا لَوْ أَفْطَرَ بِمَا وَصَلَ مِنْ أَنْفِهٍ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ رَأْسِهِ كَدَهْنِ الْمَرْأَةِ رَأْسَهَا نَهَارًا بِمَا يَصِلُ إلَى حَلْقِهَا لَوَجَبَ الْقَضَاءُ فَقَطْ، وَيُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ وُصُولُ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ إلَى الْجَوْفِ فَلَا كَفَّارَةَ بِمَا يَصِلُ إلَى الْحَلْقِ، وَرَدَّهُ وَإِنْ لَزِمَ الْقَضَاءُ بِوُصُولِ الْمُنْحَلِ إلَى الْحَلْقِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُنْحَلِ نَحْوِ الدِّرْهَمِ يَصِلُ إلَى حَلْقِهِ وَيَرُدُّهُ فَلَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْجِمَاعِ الْمُوجِبِ لِلْكَفَّارَةِ كَوْنُهُ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ عَلَى الْفَاعِلِ، لَا إنْ وَطِئَ الصَّائِمُ الْبَالِغُ غَيْرَ الْمُطِيقَةِ وَلَمْ يُنْزِلْ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى كَبِيرَةٍ وَطِئَهَا صَبِيٌّ وَلَمْ تُنْزِلْ وَمَعَ الْمَذْيِ الْقَضَاءُ.

الثَّانِي: إذَا عَرَفْت مَا ذَكَرْنَاهُ لَك مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، عَلِمْت أَنْ حَصْرَ الْمُصَنِّفِ الْكَفَّارَةَ فِي تَعَمُّدِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ نَظَرَ إلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا قَدْ تَجِبُ بِغَيْرِ مَا ذَكَرَهُ.

الثَّالِثُ: لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ مَا إذَا تَعَدَّدَ مِنْهُ مُوجِبُ الْكَفَّارَةِ، وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهَا لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَكَلَاتِ أَوْ الْوَطَآتِ، وَلَا بِأَكْلٍ وَوَطْءٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ أَخْرَجَ لِلْأَوَّلِ كَفَّارَةً قَبْلَ فِعْلِ الثَّانِي، وَإِنَّمَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ، وَهَذَا حُكْمُ الْكَفَّارَةِ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَلَى غَيْرِهِ فَتَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ بِتَعَدُّدِ الْمُكَفَّرِ عَنْهُ.

الرَّابِعُ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْكَفَّارَةِ الِانْتِهَاكُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ بِالظَّاهِرِ، وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ فِي يَوْمٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ، أَوْ أَفْطَرَتْ الْمَرْأَةُ مُتَعَمِّدَةً ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَائِضٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا، خِلَافًا لِحَمْدِيسٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، بِخِلَافِ مَنْ أَفْطَرَتْ مُتَعَمِّدَةً ثُمَّ يَأْتِيهَا بَعْدَ فِطْرِهَا الْحَيْضُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ.

الْخَامِسُ: صَرِيحُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَلْزَمُ بِالْأَكْلِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ حُصُولِهِ، وَأَمَّا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الْجِمَاعِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا الْقَضَاءُ، كَمَنْ عَزَمَ عَلَى نَقْضِ وُضُوئِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ النَّاقِضُ بِالْفِعْلِ وَلَا يُعَدُّ قَصْدُهُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ رَفْضًا، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي ذَلِكَ لِدَاعِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا قَوْلُهُ: (وَالْكَفَّارَةُ) الْكُبْرَى (فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْأَكْلِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِي حَقِّ الْحُرِّ الرَّشِيدِ وَأَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: (إطْعَامُ) أَيْ تَمْلِيكُ (سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ، وَالْمُرَادُ بِالْمِسْكِينِ مَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ وَثَانِي مَفْعُولَيْ إطْعَامُ (هَذَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) فَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، كَمَا لَا يُجْزِئُ دَفْعُهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ وَلَا لِأَكْثَرَ، وَيَسْتَرْجِعُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا زَادَ عَلَى الْمُدِّ إنْ كَانَ بَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَبَقِيَ بِيَدِهِ وَكَمَّلَ السِّتِّينَ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْ يَدِهِ فَلَا يُتْبَعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسَلِّطُ لَهُ فِي إتْلَافِهِ، وَيُكْمِلُ لِمَنْ أَخَذَ النَّاقِصَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَمِقْدَارُ الْمُدِّ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ، وَهُوَ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَيْنِ، وَهَلْ تَكُونُ مِنْ عَيْشِ الْمُكَفِّرِ أَوْ مِنْ غَالِبِ عَيْشِ أَهْلِ الْبَلْدَةِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ؟ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُجْزِئُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَهِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَأَفْضَلُ أَنْوَاعِهَا الْإِطْعَامُ. فَلِذَلِكَ صَدَّرَ بِهِ وَقَالَ:(فَذَلِكَ) أَيْ الْإِطْعَامُ (أَحَبُّ إلَيْنَا) مُعْظَمِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْمُصَنِّفِ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا كَانَ الْإِطْعَامُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ نَفْعًا وَأَفْضَلِيَّةً فِي حَقِّ الْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَجَهِلَ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ جِمَاعًا أَوْ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا بِفَمٍ فَقَطْ، بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مُدٍّ.

ص: 314

مُتَعَمِّدًا كَفَّارَةٌ

وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَيْلًا فَأَفَاقَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ وَلَا يَقْضِي مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا مَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ

وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ وَجَوَارِحَهُ

وَيُعَظِّمَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مَا عَظَّمَ اللَّهُ سبحانه وتعالى

وَلَا يَقْرَبُ

ــ

[الفواكه الدواني]

وَهُوَ الْأَفْضَلُ، أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ كَالظِّهَارِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا أَجَابَ بِهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْأَمِيرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حِينَ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ وَطْئِهِ جَارِيَتَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مِنْ لُزُومِ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ، وَسَكَتَ الْحَاضِرُونَ ثُمَّ سَأَلُوهُ: لِمَ لَمْ تُخَيِّرْهُ؟ فَقَالَ: لَوْ خَيَّرْته لَوَطِئَ كُلَّ يَوْمٍ وَأَعْتَقَ فَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ.

قَالَ الْقَرَافِيُّ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ الْكَفَّارَاتِ شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ، وَالْمُلُوكُ لَا تَنْزَجِرُ بِالْإِعْتَاقِ لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِمْ فَتَعَيَّنَ مَا هُوَ زَاجِرٌ لَهُمْ، وَهَذَا مِنْ النَّظَرِ فِي الْمَصْلَحَةِ وَلَا تَأْبَاهُ الْقَوَاعِدُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلتَّخْيِيرِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ التَّخْيِيرِ عَلَى فَقْدِ الْمُعَيِّنِ لِنَوْعٍ مِنْهَا، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ، وَأَشَارَ إلَى ثَانِي أَنْوَاعِهَا بِقَوْلِهِ:(وَلَهُ) أَيْ الْحُرِّ الرَّشِيدِ (أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ وَمُحَرَّرَةٍ لِخُصُوصِ الْكَفَّارَةِ، وَرُتْبَتُهُ تَلِي رُتْبَةَ الْإِطْعَامِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلْغَيْرِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَشَارَ إلَى ثَالِثِ الْأَنْوَاعِ بِقَوْلِهِ:(أَوْ) يُكَفِّرُ بِ (صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ، وَقَيَّدْنَا بِالْحُرِّ الرَّشِيدِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْعَبْدِ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ، إلَّا أَنْ يَعْجَزَ عَنْهُ أَوْ يَمْنَعَهُ سَيِّدُهُ لِإِضْرَارِهِ بِخِدْمَتِهِ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ السَّفِيهِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَأْمُرُهُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَوْ أَبَى كَفَّرَ عَنْهُ بِأَدْنَى النَّوْعَيْنِ أَيْ قِيمَةِ الْإِطْعَامِ أَوْ الرَّقَبَةِ، وَهَذَا فِي تَكْفِيرِ الشَّخْصِ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَفَّرَ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ عَنْهُ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْعِتْقِ إنْ كَانَ الْمُكَفَّرُ عَنْهُ حُرًّا، أَوْ بِالْإِطْعَامِ فَقَطْ إنْ كَانَ رَقِيقًا، كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.

(تَنْبِيهٌ) كَمَا يَلْزَمُ الْمُعْتَمَدَ لِلْفِطْرِ الْكَفَّارَةُ يَلْزَمُهُ الْأَدَبُ أَيْضًا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَأُدِّبَ الْمُفْطِرُ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا.

قَالَ شُرَّاحُهُ: وَلَوْ كَانَ فِطْرُهُ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ عُقُوبَةُ الْمَالِ وَهِيَ الْكَفَّارَةُ، وَعُقُوبَةُ الْبَدَنِ وَهِيَ الْحَدُّ، وَالْأَدَبُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ، فَإِنْ جَاءَ تَائِبًا سَقَطَ الْأَدَبُ فَقَطْ وَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ وَالْكَفَّارَةُ، كَمَا يَسْقُطُ الْأَدَبُ إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى عَدَمِ الِاسْتِفْتَاءِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُؤَدِّبْ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَمَّا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ مُخْتَصَّةً بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ الْحَاضِرِ شَرَعَ فِي مُحْتَرِزِهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا كَفَّارَةٌ) لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا، خِلَافًا لِمُجَاهِدٍ الْقَائِلِ: بِوُجُوبِهَا، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ مِنْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ سَبَبُهَا انْتِهَاكُ حُرْمَةِ رَمَضَانَ بِإِفْسَادِ الصَّوْمِ فِيهِ وَالْوَقْتُ الْحَاضِرُ لَهُ حُرْمَةٌ، وَإِنَّمَا وَقَعَ خِلَافٌ فِي لُزُومِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي لُزُومِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ خِلَافٌ، فَعَلَى اللُّزُومِ يَلْزَمُهُ يَوْمَانِ: يَوْمٌ لِلْأَصْلِ وَيَوْمٌ لِلْمُفْسِدِ، وَقِيلَ: يَوْمٌ فَقَطْ، وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي الْفِطْرِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا عَلَى مَا ارْتَضَاهُ السَّنْهُورِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ، وَمِثْلُ قَضَاءِ رَمَضَانَ قَضَاءُ النَّفْلِ الْمُفْسِدِ

وَلَمَّا كَانَ الْإِغْمَاءُ مُسْقِطًا لِوُجُوبِ الصَّوْمِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ لِشَرْطِيَّةِ الْعَقْلِ فِيهَا وَكَانَ يُتَوَهَّمُ سُقُوطُ قَضَائِهِ كَالصَّلَاةِ قَالَ: (وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَيْلًا) فِي شَهْرِ رَمَضَانَ (فَأَفَاقَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ) وَلَوْ يَسِيرًا (فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ النِّيَّةِ الَّذِي هُوَ اللَّيْلُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّ الصَّائِمَ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْإِغْمَاءُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَزَالَ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِمُقَارَنَةِ الْإِغْمَاءِ لِوَقْتِ النِّيَّةِ، زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا يُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْ الْأَكْلِ بَقِيَّةَ النَّهَارِ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا اسْتَمَرَّ الْإِغْمَاءُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُلَّ الْيَوْمِ وَلَوْ سَلِمَ أَوَّلُهُ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ دُونَ الْجُلِّ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلُهُ بَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مَغْمِيٌّ عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَأَمَّا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ دُونَ الْجُلِّ وَسَلِمَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ اسْتَمَرَّ سَالِمًا نَاوِيًا الصَّوْمَ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْإِغْمَاءُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ إلَخْ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: لَا إنْ سَلِمَ أَوَّلُهُ وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَهُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ إلَخْ أَنَّ مَنْ سَكِرَ بِحَرَامٍ لَيْلًا وَاسْتَمَرَّ عَلَى سُكْرِهِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِتَسَبُّبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْفِطْرِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ بِحَلَالٍ فَكَالْمَجْنُونِ، وَالْمَجْنُونُ فِي التَّفْصِيلِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَمَّا النَّائِمُ يَمْضِي عَلَيْهِ أَيَّامٌ وَهُوَ نَائِمٌ بَعْدَ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِصِحَّةِ صَوْمِهِ وَبَقَاءِ تَكْلِيفِهِ، وَإِنَّمَا السَّاقِطُ عَنْ النَّائِمِ الْإِثْمُ فَقَطْ، حَتَّى لَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ وَنَامَ جَمِيعَهُ صَحَّ صَوْمُهُ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَلَيْسَ السَّكْرَانُ بِحَلَالٍ كَالنَّائِمِ بَلْ كَالْمَجْنُونِ كَمَا عَلِمْت، فَمَا شَرَحَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْأُجْهُورِيِّ مِنْ أَنَّهُ كَالنَّائِمِ زَلَّةُ قَلَمٍ. (وَلَا يَقْضِي) أَيْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ (مِنْ الصَّلَوَاتِ) فَرْضًا (إلَّا مَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ) وَلَوْ الضَّرُورِيَّ، وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لِيُنَبِّهَ عَلَى مُخَالَفَةِ الصَّوْمِ لِلصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ الصَّلَاةُ دُونَ الصَّوْمِ لِتَكَرُّرِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ يَقْضِيَانِهِ دُونَ الصَّلَاةِ؟ (تَنْبِيهٌ) : كَانَ الْأَنْسَبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ لَوْ قَالَ: وَلَا يُطَالَبُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا مَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمَا خَرَجَ وَقْتُهُ، وَمَا أَفَاقَ فِي وَقْتِهِ أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ

. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُطْلَبُ مِنْ الصَّائِمِ وَمَا يُنْهَى عَنْهُ مُبْتَدِئًا بِالْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ) أَيْ

ص: 315

الصَّائِمُ النِّسَاءَ بِوَطْءٍ وَلَا مُبَاشَرَةٍ وَلَا قُبْلَةٍ لِلَذَّةٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي لَيْلِهِ

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصْبِحَ جُنُبًا مِنْ الْوَطْءِ

وَمَنْ الْتَذَّ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ قُبْلَةٍ فَأَمْذَى لِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ حَتَّى أَمْنَى فَعَلَيْهِ

ــ

[الفواكه الدواني]

يُطْلَبُ مِنْهُ (أَنْ يَحْفَظَ) أَيْ يَصُونَ (لِسَانَهُ وَجَوَارِحَهُ) عَمَّا لَا ثَوَابَ فِي فِعْلِهِ، وَعَطْفُ الْجَوَارِحِ عَلَى اللِّسَانِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ اقْتِصَارِ خَلِيلٍ عَلَى اللِّسَانِ حَيْثُ قَالَ: وَكَفُّ لِسَانٍ، وَفَسَّرْنَا يَنْبَغِي بِيُطْلَبُ؛ لِأَنَّ مَا لَا ثَوَابَ فِي فِعْلِهِ مِنْهُ مَا هُوَ وَاجِبُ التَّرْكِ كَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، وَمِنْهُ مَا تَرْكُهُ مَنْدُوبٌ وَهُوَ كُلُّ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَوْ مُبَاحًا لِغَيْرِ الصَّائِمِ كَتَرْكِ الْإِكْثَارِ مِنْ الْكَلَامِ الْمُبَاحِ، وَإِنَّمَا خُصَّ رَمَضَانُ بِالذِّكْرِ وَإِنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ فِيهِ أَشَدُّ، إذْ الْمَعَاصِي تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَمَنْ عَصَى اللَّهَ فِي الْحَرَمِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِمَّنْ عَصَاهُ خَارِجًا عَنْهُ، وَمَنْ عَصَاهُ فِي مَكَّةَ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِمَّنْ عَصَاهُ فِي خَارِجِهَا، وَالْجَوَارِحُ سَبْعَةٌ: السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَاللِّسَانُ وَالْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْبَطْنُ وَالْفَرْجُ وَاللِّسَانُ بَعْضُهَا، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ مَعَ دُخُولِهِ فِيهَا لِأَنَّهُ أَعْظَمُهَا آفَةً، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا رَأَيْت قَسَاوَةً فِي قَلْبِك وَوَهَنًا فِي بَدَنِك وَحِرْمَانًا فِي رِزْقِك فَاعْلَمْ أَنَّك تَكَلَّمْت فِيمَا لَا يَعْنِيك، فَبِالْجُمْلَةِ اللِّسَانُ شَرُّ الْجَوَارِحِ، فَإِنْ اسْتَقَامَ اسْتَقَامَتْ الْجَوَارِحُ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ:«إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ فَقَدْ كَمُلَ نِصْفُ الدِّينِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي» قِيلَ: النِّصْفُ الْبَاقِي اللِّسَانُ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ أَنْ يُقِلُّوا الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَعْنِي، وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الصَّائِمِ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«الصَّوْمُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثُ وَلَا يَجْهَلُ، فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ» وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ وَالْفُحْشُ مِنْ الْقَوْلِ وَكَلَامُ النِّسَاءِ فِي الْجِمَاعِ، وَقَوْلُهُ:«فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ» أَيْ بِلِسَانِ حَالِهِ لَا بِلِسَانِ مَقَالِهِ.

(وَ) مِمَّا يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَيْضًا أَنْ (يُعَظِّمَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مَا عَظَّمَ اللَّهُ سبحانه وتعالى قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ؛ " مِنْ " زَائِدَةٌ " وَمَا " مَوْصُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى: وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يُعَظِّمَ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي عَظَّمَهُ اللَّهُ سبحانه وتعالى إذْ أَنْزَلَ فِيهِ الْقُرْآنَ وَأَنْزَلَ فِيهِ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ عَلَى تَعْظِيمِهِ، وَخَصَّهُ بِإِيجَابِ الصَّوْمِ فِيهِ بِقَوْلِهِ:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَتَعْظِيمُ الصَّائِمِ لَهُ بِتَمْيِيزِهِ بِفِعْلِ الْمَبَرَّاتِ وَكَثْرَةِ الْعِبَادَاتِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَصَحَّحَ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِادِّعَاءِ أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى فِي وَهَذِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِيُعَظِّمُ، وَالْمَعْنَى: وَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يُعَظِّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا عَظَّمَ اللَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالتَّسْبِيحِ وَالصَّلَاةِ، وَتَعْظِيمُهَا بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَيُكْرَهُ تَعْظِيمُهُ بِغَيْرِ مَا عَظَّمَ اللَّهُ كَكَثْرَةٍ وَقَيْدِ النَّارِ فِي الْمَسَاجِدِ وَتَزْوِيقِهَا بِبَعْضِ فُرُشٍ نَفِيسَةٍ

(وَ) يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ وَلَوْ غَيْرَ رَمَضَانَ أَنْ (لَا يَقْرَبَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالرَّاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ (الصَّائِمُ النِّسَاءَ بِوَطْءٍ وَلَا مُبَاشَرَةٍ وَلَا قُبْلَةٍ لِلَذَّةٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ) لِأَنَّ قُرْبَ النِّسَاءِ ذَرِيعَةٌ إلَى إفْسَادِ الصَّوْمِ، وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ عَيْنُ الْحُكْمِ وَمُحَصِّلُهُ: إنَّ قُرْبَهُنَّ بِوَطْءٍ حَرَامٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَأَمَّا بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ فَمَكْرُوهٌ مَعَ عِلْمِ السَّلَامَةِ وَحَرَامٌ عِنْدَ عَدَمِ عِلْمِهَا.

قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْمَكْرُوهِ: وَمُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ كَقُبْلَةٍ وَفِكْرٍ إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ وَإِلَّا حُرِّمَتْ، وَقَوْلُنَا: وَلَوْ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ دَفْعًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِصِيَامِ رَمَضَانَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ. (وَ) مَفْهُومٌ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَنَّهُ (لَا يَحْرُمُ) وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ (ذَلِكَ) أَنَّ الْمَذْكُورَ مِنْ وَطْءٍ وَغَيْرِهِ (عَلَيْهِ فِي لَيْلِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَكِفًا أَوْ مُحْرِمًا أَوْ صَائِمًا فِي كَفَّارَةِ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ، فَيَسْتَوِي عِنْدَهُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَلَا يَطَأُ الْمُظَاهِرُ مِنْهَا وَلَوْ لَيْلًا.

(تَنْبِيهٌ) اعْتَرَضَ ابْنُ الْفَخَّارِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَيَّدَ الْقُبْلَةَ بِكَوْنِهَا اللَّذَّةَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إبَاحَتَهَا بِدُونِ اللَّذَّةِ، مَعَ أَنَّ اللَّذَّةَ قَدْ تَحْدُثُ عِنْدَهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ بِقَصْدِهَا فَالصَّوَابُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا عِنْدَ عِلْمِ عَدَمِ السَّلَامَةِ، وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ عِلْمِ السَّلَامَةِ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ خَلِيلٍ حَيْثُ قَالَ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمَكْرُوهِ: وَمُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ كَقُبْلَةٍ وَفِكْرٍ إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ وَإِلَّا حَرُمَتْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ النَّهْيُ عَنْ الْقُبْلَةِ لِكُلِّ صَائِمٍ وَلَوْ نَقْلًا لِحُرْمَةِ إبْطَالِ التَّطَوُّعَاتِ عِنْدَنَا اخْتِيَارًا، كَمَا أَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّائِمُ شَابًّا أَوْ شَيْخًا كَبِيرًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنْ التَّفَكُّرَ أَوْ النَّظَرَ لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَجَعَلَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْقُبْلَةِ وَخَلِيلٌ أَيْضًا، وَجَعَلَ اللَّخْمِيُّ النَّظَرَ الْمُسْتَدَامَ كَالْقُبْلَةِ، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ ابْنِ الْفَخَّارِ بِتَصَرُّفٍ وَإِيضَاحٍ، وَأَقُولُ: كَلَامُ ابْنِ الْفَخَّارِ الْمُتَضَمِّنُ عَدَمَ جَوَازِ الْقُبْلَةِ وَلَوْ لِغَيْرِ قَصْدِ اللَّذَّةِ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ خَلِيلٍ كَمَا قَدَّمْنَا، وَأَمَّا الشَّاذِلِيُّ فَتَمَحَّلَ لِلْمُصَنِّفِ جَوَابًا وَقَالَ: كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِلَذَّةٍ عِنْدَ الْقُبْلَةِ لِلْوَدَاعِ أَوْ الرَّحْمَةِ مِمَّا لَا الْتِذَاذَ بِهِ عَادَةً، وَارْتَضَى تَقْيِيدَهُ الْأُجْهُورِيُّ فَلَا يُنَافِي عَدَمَ جَوَازِهَا لِغَيْرِ الْوَدَاعِ أَوْ الرَّحْمَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ قَصْدِ اللَّذَّةِ.

(وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصْبِحَ) الصَّائِمُ (جُنُبًا مِنْ الْوَطْءِ) وَأَوْلَى مِنْ الِاحْتِلَامِ.

قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْجَائِزِ: وَإِصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ وَالْمُرَادُ بِلَا بَأْسٍ وَبِالْجَوَازِ فِي كَلَامِ خَلِيلٍ

ص: 316