المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قدر الجزية العنوية] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[قدر الجزية العنوية]

أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَيُخَفَّفُ عَنْ الْفَقِيرِ

وَيُؤْخَذُ مِمَّنْ تَجِرَ مِنْهُمْ مِنْ أُفُقٍ إلَى أُفُقٍ

ــ

[الفواكه الدواني]

تُؤْخَذُ مِنْ الْمَجَانِينِ وَلَا مِمَّنْ لَا يَصِحُّ سَبْيُهُ كَالْمُعَاهِدِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ عَهْدِهِ وَالْمُرْتَدِّ لِعَدَمِ صِحَّةِ سَبْيِهِمَا، وَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مُخَالِطًا لِأَهْلِ دِينِهِ، وَأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى أَدَائِهَا، فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُنْعَزِلِ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ كَالرُّهْبَانِ، وَلَا مِنْ الْعَاجِزِ عَنْ أَدَائِهَا، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ كَافِرٍ أَعْتَقَهُ كَافِرٌ أَوْ مُسْلِمٌ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ شَرْطَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ الْجِزْيَةُ عَنْوِيَّةً أَوْ صُلْحِيَّةً: الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَصِحَّةُ سَبْيِهِ وَعَدَمُ عِتْقِ مُسْلِمٍ لَهُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْأَدَاءِ وَالْمُخَالَطَةُ لِأَهْلِ دِينِهِ وَلَوْ رَاهِبَ كَنِيسَةٍ، بِخِلَافِ رَاهِبِ الدَّيْرِ أَوْ الصَّوْمَعَةِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِعَدَمِ مُخَالَطَتِهِمَا.

قَالَ خَلِيلٌ: عَقْدُ الْجِزْيَةِ إذْنُ الْإِمَامِ لِكَافِرٍ صَحَّ سَبْيُهُ حُرٍّ قَادِرٍ مُخَالِطٍ لَمْ يَعْتِقْهُ مُسْلِمٌ سَكَنَ غَيْرَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ. ثُمَّ ذَكَرَ مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تُؤْخَذُ) : الْجِزْيَةُ (مِنْ نِسَائِهِمْ) : أَيْ رِجَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ (وَ) : لَا تُؤْخَذُ مِنْ (صِبْيَانِهِمْ وَ) : لَا مِنْ (عَبِيدِهِمْ) : وَلَا مِنْ الرُّهْبَانِ الْمُنْعَزِلِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرَهُّبُهُمْ بَعْدَ ضَرْبِهَا فَلَا يُمْنَعُ لِاتِّهَامِهِمْ عَلَى قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ، وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ تَسْقُطُ بِالتَّرَهُّبِ، فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُمَا سَرِيعًا كَمَا لَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، وَلَا يُنْتَظَرُ بِالْأَخْذِ مُرُورُ الْحَوْلِ. (وَتُؤْخَذُ) : الْجِزْيَةُ (مِنْ الْمَجُوسِيِّ) : نِسْبَةً إلَى مَحَلِّهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِهِمْ: «سُنُّوا لَهُمْ سُنَّةَ الْكِتَابِ» قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَى ذَلِكَ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ وَلَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ، فَعَلَى هَذَا لَمْ تَتَعَدَّ السُّنَّةُ إلَى ذَبَائِحِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ. (وَتُؤْخَذُ) : الْجِزْيَةُ أَيْضًا (مِنْ رِجَالِ نَصَارَى الْعَرَبِ) :؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنْ نَصَارَى نَجْرَانَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نَصَارَى الرُّومِ أَوْ قُرَيْشٍ.

1 -

(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْعَاقِدِ لَهَا مَعَ الْكُفَّارِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ بِأَنَّهُ الْإِمَامُ فَلَوْ عَقَدَهَا مُسْلِمٌ غَيْرُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَصِحَّ عَقْدُهُ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُ الْكَافِرِ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ وَلَا أَسْرُهُ، وَيُفْعَلُ بِهِ غَيْرُ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، وَسَكَتَ عَنْ مَحَلِّ إقَامَتِهِمْ مَعَ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَبَيَّنَهُ خَلِيلٌ أَيْضًا بِأَنَّهُ غَيْرُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ الَّتِي هِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأَمَاكِنُ الثَّلَاثَةُ فَلَا يَجُوزُ سُكْنَاهُمْ فِيهَا وَلَا يُدْفَنُونَ بِهَا إنْ مَاتُوا وَإِنْ كَانَ يَمْضِي بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَلَا يُخْرَجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ إلَّا الْمَيِّتَ فِي الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ دَفْنِهِ كَمَا قَالَهُ السَّنْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ لِخَبَرِ:«لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ» نَعَمْ يَجُوزُ لَهُمْ الْمُرُورُ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ.

الثَّانِي: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَفْسَدَةُ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مَفْسَدَةً، فَكَيْفَ نُقِرُّهُمْ عَلَيْهَا بِأَخْذِ الْمَالِ مَعَ وُجُوبِ دَرْءِ الْمَفْسَدَةِ؟ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْقَرَافِيُّ بَعْدَ اسْتِشْكَالِهِ الْمَسْأَلَةَ: بِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْتِزَامِ الْمَفْسَدَةِ الدُّنْيَا لِتَوَقُّعِ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ إذَا قُتِلَ انْسَدَّ بَابُ الْإِيمَانِ، فَشُرِعَتْ الْجِزْيَةُ لِرَجَاءِ الْإِسْلَامِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ هُوَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ.

الثَّالِثُ: قَالَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ: وَمَا الْحِكْمَةُ فِي تَغْيِيرِ حُكْمِ الشَّرْعِ عِنْدَ نُزُولِ عِيسَى بَعْدَ قَبُولِ الْجِزْيَةِ؟ وَبَيَّنَهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِقَوْلِهِ: السِّرُّ فِي ذَلِكَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْمَالِ بَعْدَ نُزُولِ عِيسَى عليه السلام،؛ لِأَنَّهُ يَفِيضُ وَيَكْثُرُ فِي أَيَّامِهِ حَتَّى لَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْكَافِرِ إذْ ذَاكَ إلَّا الْإِيمَانُ أَوْ يَقْتُلُهُ، وَأَجَابَ وَلِيُّ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ: بِأَنَّ قَبُولَ الْجِزْيَةِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِشُبْهَةِ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لِتَعَلُّقِهِمْ بِزَعْمِهِمْ بِشَرْعٍ قَدِيمٍ، فَإِذَا نَزَلَ عِيسَى انْقَطَعَتْ شُبْهَتُهُمْ بِحُصُولِ مُعَايَنَتِهِ

[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

ثُمَّ ذَكَرَ الْقَدْرَ الْمَأْخُوذَ بِقَوْلِهِ: (وَ) : قَدْرُ (الْجِزْيَةِ) : الْعَنْوِيَّةِ (عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ) : فِي كُلِّ سَنَةٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ (وَ) : قَدْرُهَا (عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ) : أَيْ الْفِضَّةِ (أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) : هَذَا هُوَ الْمُقَدَّرُ الَّذِي فَرَضَهُ عُمَرُ رضي الله عنه بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إلَّا الْمَوَاشِي فَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَهُ، وَنَقَلَ بَعْضٌ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ عَلَيْهِمْ مَا أَرْضَاهُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ، وَقَصَرْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْعَنْوِيَّةِ الْمَأْخُوذَةِ مِمَّنْ فُتِحَتْ بَلَدُهُمْ قَهْرًا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْجِزْيَةِ الصُّلْحِيَّةِ وَهِيَ الْمَأْخُوذَةُ مِمَّنْ مَنَعُوا أَنْفُسَهُمْ وَحَفِظُوهَا وَطَلَبُوا الْإِقَامَةَ بِأَمَاكِنِهِمْ فَلَا تَحْدِيدَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ مَا شَرَطُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَرَضِيَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، إذْ لَهُ أَنْ لَا يَرْضَى وَيُقَاتِلَهُمْ، وَإِنْ أَطْلَقَ لَهُمْ الْإِمَامُ وَأَطْلَقُوا لَهُ وَلَمْ يُسَمُّوا قَدْرًا حِينَ الصُّلْحِ فَيَلْزَمُهُمْ مَا يَلْزَمُ الْعَنْوِيَّ. (تَنْبِيهٌ) : لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ هَلْ تُؤْخَذُ فِي أَوَّلِ الْعَامِ أَوْ آخِرِهِ؟ وَبَيَّنَهُ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَالظَّاهِرُ آخِرُهَا.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْبَاجِيُّ: لَا نَصَّ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ بِآخِرِ الْعَامِ كَالزَّكَاةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا صِفَةَ أَخْذِهَا وَبَيَّنَهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: مَعَ الْإِهَانَةِ عِنْدَ أَخْذِهَا، وَلِذَا لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِي دَفْعِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْسُطَ الْكَافِرُ كَفَّهُ بِهَا وَيَأْخُذُهَا الْمُسْلِمُ مِنْ كَفِّهِ لِتَكُونَ يَدُ الْمُسْلِمِ هِيَ الْعُلْيَا، وَالْقَدْرُ الْمَذْكُورُ إنْ يَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ:(وَيُخَفَّفُ عَنْ الْفَقِيرِ) : قَالَ خَلِيلٌ: وَنَقْصُ الْفَقِيرِ بِوُسْعِهِ وَلَا تُزَادُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى شَيْءٍ سَقَطَتْ عَنْهُ كَمَا تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ صُلْحِيَّةً

ص: 337