الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ
تُثْنِي عَلَى اللَّهِ تبارك وتعالى وَتُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك أَنْتَ خَلَقْته وَرَزَقْته وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيه اللَّهُمَّ فَاجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ سَلَفًا وَذُخْرًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمْ وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمْ وَلَا تَحْرِمْنَا وَإِيَّاهُمْ أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا وَإِيَّاهُمْ بَعْدَهُ اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ تَقُولُ ذَلِكَ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَتَقُولُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْلَافِنَا وَأَفْرَاطِنَا وَلِمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ
ــ
[الفواكه الدواني]
[بَاب فِي الدُّعَاء لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاة عَلَيْهِ وَغَسَلَهُ]
(بَابٌ فِي) صِفَةِ (الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ.
(وَ) فِي حُكْمِ (الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ) وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا شَفَاعَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا، وَرَدَّ كَلَامَهُ بِأَنَّ الشَّفَاعَةَ قَدْ تَكُونُ لِمَحْضِ رَفْعِ دَرَجَاتٍ فَلَا تَتَقَيَّدُ بِالْمُذْنِبِينَ وَصِفَتُهَا أَنْ (تُثْنِيَ عَلَى اللَّهِ تبارك وتعالى بِأَنْ تَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَدْبًا (وَتُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم) كَذَلِكَ (ثُمَّ) بَعْدَهُمَا (تَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك) وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّثْنِيَةِ، وَقِيلَ تَقُولُ فِي وَلَدِ الزِّنَا (وَابْنُ أَمَتِك) بَدَلٌ، وَابْنُ عَبْدِك (أَنْتَ خَلَقْته وَرَزَقْته) وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِهْلَالِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ رَزَقَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. (وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيه) فِي الْآخِرَةِ (اللَّهُمَّ فَاجْعَلْهُ لِوَالِدِيهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ (سَلَفًا) أَيْ مُقَدَّمًا بَيْنَ أَيْدِيهمْ (وَذُخْرًا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآخِرَةِ بِخِلَافِهِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فَإِنَّهُ فِي الدُّنْيَا وَقِيلَ بِالْإِهْمَالِ مُطْلَقًا. (وَفَرَطًا) ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا لِسَلَفًا لِمُرَادَفَتِهِ لَهُ قَالَهُ صلى الله عليه وسلم:«أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» أَيْ مُتَقَدِّمُكُمْ.
(وَأَجْرًا) أَيْ جَزَاءً عَظِيمًا لِمَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ: «لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبُهُمْ إلَّا كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنْ النَّارِ، قَالَتْ امْرَأَةٌ: وَاثْنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَاثْنَانِ وَوَرَدَ: لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ إلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ» وَهَذَا مَعَ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى، وَفِي الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ مِنْ الثَّوَابِ مَا لَيْسَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الطَّاعَةِ. (وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمْ وَأَعْظِمْ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ أَيْ أَكْثِرْ (بِهِ أُجُورَهُمْ وَلَا تَحْرِمْنَا وَإِيَّاهُمْ أَجْرَهُ) أَيْ أَجْرَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ أَجْرَ الْمُصِيبَةِ. (وَلَا تَفْتِنَّا وَإِيَّاهُمْ بَعْدَهُ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ الدُّعَاءَ وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي أَبًا أَوْ أُمًّا لِلطِّفْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ هُوَ الْمَأْثُورُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أَذَانِهِ:«أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَاجْعَلْهُ لِوَالِدِيهِ سَلَفًا يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِالْمُسْلِمِ الْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ أَوْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي فَلَا يَقُولُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ وَيَسْقُطُ وَإِيَّاهُمْ. (اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ) أَوْلَادِ (الْمُؤْمِنِينَ فِي كَفَالَةِ) أَيْ حَضَانَةِ أَبِينَا (إبْرَاهِيمَ) عليه الصلاة والسلام فِي الْجَنَّةِ، وَذَلِكَ «؛ لِأَنَّ نَبِيَّنَا صلى الله عليه وسلم رَأَى لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ شَيْخًا فِي السَّمَاءِ فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ وَحَوْلَهُ صِبْيَانُ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لِجِبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُوك إبْرَاهِيمُ وَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُ الْمُؤْمِنِينَ» .
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ، وَالتَّقْيِيدُ بِأَوْلَادِ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُنَافِي أَنَّ غَيْرَهُمْ فِي كَفَالَتِهِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى دُخُولِ أَوْلَادِ غَيْرِهِمْ الْجَنَّةَ. (وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ) بِأَنْ تَجْعَلَهُ مُجَاوِرًا لِنَحْوِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ (وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ) وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَطْفَالَ تُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ.
(وَ) عَافِهِ (مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ) وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَطْفَالَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، بَلْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وُجُودَ الْخِلَافِ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَالْأَوْلَى فِي تَوْجِيهِ الدُّعَاءِ بِالْمُعَافَاةِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لَهُ تَعْذِيبُ الطَّائِعِ. (تَقُولُ ذَلِكَ) الدُّعَاءَ (فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ حَتَّى الرَّابِعَةَ.
(وَ) قِيلَ (تَقُولُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَدْعُو بَعْدَهَا: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْلَافِنَا وَأَفْرَاطِنَا وَلِمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ) بِكَسْرِ الْهَاءِ
وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ ثُمَّ تُسَلِّمُ
وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُدْفَنَ السِّقْطُ فِي الدُّورِ
وَلَا بَأْسَ أَنْ يُغَسِّلَ النِّسَاءُ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ ابْنَ سِتِّ سِنِينَ أَوْ سَبْعٍ وَلَا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ الصَّبِيَّةَ وَاخْتُلِفَ فِيهَا إنْ كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ أَنْ تُشْتَهَى وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيْنَا.
ــ
[الفواكه الدواني]
(عَلَى الْإِيمَانِ) الْكَامِلِ (وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ) بِضَمِّ الْهَاءِ (عَلَى الْإِسْلَامِ) وَهُوَ السَّعَادَةُ الْعُظْمَى. (وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ ثُمَّ تُسَلِّمُ) تَسْلِيمَةً خَفِيفَةً وَيُسْمِعُ الْإِمَامُ جَمِيعَ مَنْ يَلِيه، وَهَذَا الدُّعَاءُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَا قِيلَ أَنَّ بَعْضَهُ مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْضَهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ بَلْ الْأَفْضَلُ دُعَاءُ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا قَدَّمْنَا، وَإِنْ كَانَ يَكْفِي مُطْلَقُ دُعَاءٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَبَقَ، بَلْ لَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اُعْفُ عَنْهُ كَفَى وَإِنْ صَغِيرًا.
(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ اجْتِمَاعِ كِبَارٍ وَأَطْفَالٍ، وَالْمَطْلُوبُ تَقْدِيمُ الدُّعَاءِ لِلْكِبَارِ عَلَى الْأَطْفَالِ أَوْ يَجْمَعُهُمْ فِي دُعَاءٍ وَاحِدٍ، وَيَقُولُ عَقِبَ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ الْأَوْلَادَ سَلَفًا لِوَالِدِيهِمْ وَفَرَطًا وَأَجْرًا، وَهَكَذَا عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ الْجَمِيعَ فِي دُعَاءٍ أَجْزَأَ، كَمَا لَوْ جَهِلَ كَوْنَ الْمَيِّتِ كَبِيرًا أَوْ طِفْلًا فَيَدْعُو بِنَحْوِ دُعَاءِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ.
(وَلَا يُصَلَّى) عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ (عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا) بِأَنْ نَزَلَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا.
قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْمَكْرُوهِ: وَلَا سِقْطٍ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَلَا تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ وَغُسِلَ دَمُهُ وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ وَوُرِيَ، وَحُكْمُ غَسْلِ الدَّمِ النَّدْبُ، وَحُكْمُ الْمُوَارَاةِ وَاللَّفِّ بِخِرْقَةٍ الْوُجُوبُ، وَلَا يُسْأَلُ وَلَا يُبْعَثُ وَلَا يُشَفَّعُ إنْ لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ.
(وَ) كَمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِعَدَمِ اسْتِهْلَالِهِ (لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِرْثِ تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَاسْتِهْلَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ إلَّا الْغُرَّةَ فَتُورَثُ عَنْهُ وَإِنْ نَزَلَ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً؛ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ عَنْ ذَاتِهِ، وَالشَّرْطُ لِمَا يُورَثُ عَنْهُ مِمَّا فِي يَدِهِ (وَيُكْرَهُ أَنْ يُدْفَنَ السِّقْطُ فِي الدُّورِ) وَحَقِيقَتُهُ مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَهُوَ مُثَلَّثُ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ دَفْنُهُ فِي الدُّورِ خَوْفَ امْتِهَانِهِ عِنْدَ سُقُوطِ الْحَائِطِ، وَإِنْ اشْتَرَى شَخْصٌ دَارًا فَوَجَدَ فِيهَا قَبْرَ سِقْطٍ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ قَبْرَهُ لَيْسَ حَبْسًا بِخِلَافِ قَبْرِ الْمُسْتَهِلِّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَبْرُ غَيْرِ السِّقْطِ حَبْسٌ عَلَى الدَّفْنِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِيهِ
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْمُبَاشِرِ لِلتَّغْسِيلِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ) أَيْ يَجُوزُ (أَنْ يُغَسِّلَ النِّسَاءُ) الْأَجَانِبُ (الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ ابْنَ سِتِّ سِنِينَ أَوْ سَبْعٍ) قَالَ خَلِيلٌ: وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ ابْنَ سَبْعٍ.
قَالَ شُرَّاحُهُ: وَابْنَ ثَمَانٍ، وَرَوَى ابْنَ وَهْبٍ: وَابْنَ تِسْعٍ وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الرِّجَالِ، وَلَا تُكَلَّفُ الْغَاسِلَةُ بِسَتْرِ عَوْرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُهُنَّ إلَى بَدَنِهِ حَيْثُ لَمْ يُنَاهِزْ الْحُلُمَ.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالْمُنَاهِزُ كَكَبِيرٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا دُونَ الْمُنَاهِزِ لِلْحُلُمِ لَهَا نَظَرُ عَوْرَتِهِ، وَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَهُوَ يَصْدُقُ بِابْنِ عَشَرٍ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَاهِزٍ، وَجَوَازُ النَّظَرِ لَا يُنَافِي حُرْمَةَ التَّغْسِيلِ؛ لِأَنَّ التَّغْسِيلَ فِيهِ جَسٌّ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ النَّظَرِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ عَوْرَتَهُ وَتُغَسِّلُهُ، وَقَيَّدْنَا النِّسَاءَ بِالْأَجَانِبِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمَرْأَةِ الْمَحْرَمِ، فَإِنَّ لَهَا تَغْسِيلَ الرَّجُلِ مِنْ مَحَارِمِهَا إنْ لَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ يُغَسِّلُهُ.
قَالَ خَلِيلٌ: ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ ثُمَّ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ، وَهَلْ تَسْتُرُهُ أَوْ عَوْرَتَهُ تَأْوِيلَانِ، ثُمَّ يُيَمَّمُ لِمِرْفَقَيْهِ، ثُمَّ شَرَعَ فِي تَغْسِيلِ الذَّكَرِ لِلْأُنْثَى بِقَوْلِهِ:(وَلَا يُغَسِّلُ الرِّجَالُ الصَّبِيَّةَ) الَّتِي بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ كَبِنْتِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ لِحُرْمَةِ نَظَرِهِمْ لَهَا بِقَصْدِ الِالْتِذَاذِ، وَأَمَّا الرَّضِيعَةُ وَمَا قَارَبَهَا مِمَّنْ لَا تَمِيلُ لَهَا النَّفْسُ فَيَجُوزُ.
قَالَ خَلِيلٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَرَجُلٌ كَرَضِيعَةٍ. (وَاخْتُلِفَ فِيهَا) أَيْ الصَّبِيَّةِ (إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْ أَنْ تُشْتَهَى) كَبِنْتِ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ فَقِيلَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ تَغْسِيلُهَا وَقِيلَ يَجُوزُ (وَالْأَوَّلُ) وَهُوَ حُرْمَةُ تَغْسِيلِهَا (أَحَبُّ إلَيْنَا) مَعَاشِرَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ كَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ لِلْوُجُوبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّضِيعَةَ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ تَغْسِيلُهَا، وَاَلَّتِي بَلَغَتْ أَنْ تُشْتَهَى يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَغْسِيلُهَا، وَالْخِلَافُ فِيمَا فَوْقَ الرَّضِيعَةِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، الْمَنْعُ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ مَحْرَمًا لِلصَّبِيَّةِ أَمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشُّيُوخِ، وَقِيلَ: إنَّمَا هَذَا فِي الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ، وَأَمَّا الرِّجَالُ الْمَحْرَمُ فَلَهُ تَغْسِيلُ الْمَرْأَةِ مِنْ مَحَارِمِهِ إنْ لَمْ تُوجَدْ امْرَأَةٌ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالْمَرْأَةُ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ ثُمَّ مَحْرَمٌ فَوْقَ ثَوْبٍ يُمِّمَتْ لِكُوعَيْهَا.
1 -
(خَاتِمَةٌ) لَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَجَنِينُهَا يَضْطَرِبُ فِي بَطْنِهَا فَإِنْ أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ مِنْ مَحِلِّهِ فُعِلَ اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَا تُدْفَنُ مَا دَامَ حَيًّا، وَاخْتُلِفَ هَلْ تُبْقَرُ بَطْنُهَا لِإِخْرَاجِهِ حَيْثُ رُجِيَ خُرُوجُهُ حَيًّا؟ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَعُزِيَ لِأَشْهَبَ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا تُبْقَرُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَوَقَعَتْ فِي زَمَنِهِمَا وَسُئِلَا عَنْهَا فَأَفْتَى أَشْهَبُ بِالْبَقْرِ، وَافَتَى ابْنُ الْقَاسِمِ بِعَدَمِهِ، فَعَمِلُوا فِيهَا بِكَلَامِ أَشْهَبَ فَخَرَجَ الْجَنِينُ حَيًّا وَكَبُرَ وَصَارَ عَالِمًا يُعَلِّمُ الْعِلْمَ وَيَتَّبِعُ قَوْلَ أَشْهَبَ وَيَدَعُ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ ابْتَلَعَ مَالًا وَلَوْ مَمْلُوكًا لَهُ فَإِنَّ بَطْنَهُ تُبْقَرُ حَيْثُ كَانَ بَال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الفواكه الدواني]
لَهُ، قَالَ خَلِيلٌ: وَبَقْرٌ عَنْ مَالٍ كَثُرَ وَلَوْ بِشَاهِدٍ لَا عَنْ جَنِينٍ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الْبَقْرِ إنْ رُجِيَ وَإِنْ قُدِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلٍّ فُعِلَ، وَمِثْلُ الْمَالِ الْجَوَاهِرُ النَّفِيسَةُ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الْحَيَوَانُ الْبَهِيمِيُّ يَمُوتُ بِلَا ذَكَاةٍ وَوَلَدُهُ يَضْطَرِبُ فِي بَطْنِهِ فَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ بَقْرِ بَطْنِ أُمِّهِ حَيْثُ رُجِيَ خُرُوجُهُ حَيًّا، وَانْظُرْ كَيْفَ تُبْقَرُ بَطْنُ الْمَيِّتِ لِإِخْرَاجِ الْمَالِ إنْفَاقًا وَيُخْتَلَفُ فِي بَقْرِهَا لِإِخْرَاجِ الْجَنِينِ مَعَ عَظَمَةِ النَّفْسِ وَشَرَفِهَا عَلَى الْمَالِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ ذَلِكَ بِمَا فِيهِ لُيُونَةٌ بِأَنَّ نَفْعَ الْمَالِ مُحَقَّقٌ دُونَ الْجَنِينِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِسُرْعَةٍ مَعَ أَذِيَّةِ الْأُمِّ بِبَقْرِ بَطْنِهَا وَيُؤْذِي الْمَيِّتَ مَا يُؤْذِي الْحَيَّ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى رُكْنَيْ الْإِسْلَامِ وَهُمَا شَهَادَتَا الْإِسْلَامِ وَالصَّلَاةُ شَرَعَ فِي الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: