الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الفواكه الدواني]
يُكَبِّرُ فِي الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّهُ يُبَدِّلُ التَّكْبِيرَ الْمَطْلُوبَ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ فِيهَا بِالِاسْتِغْفَارِ كَمَا قَدَّمْنَا (وَلَا أَذَانَ فِيهَا وَلَا إقَامَةَ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الْفَرَائِضِ.
1 -
(خَاتِمَةٌ) لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا لَوْ اسْتَجَابَ اللَّهُ الدُّعَاءَ وَأَنْزَلَ الْغَيْثَ وَتَوَقَّعْنَا مِنْهُ الضَّرَرَ لِكَثْرَتِهِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَدَّعِي بِرَفْعِهِ وَإِنَّمَا يَدَّعِي بِرَفْعِ ضَرَرِهِ، وَمِمَّا وَرَدَ فِي الدُّعَاءِ لِرَفْعِ ضَرَرِهِ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى مَنَابِتِ الشَّجَرِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَطَهُورِ الْآكَامِ وَالْآجَامِ وَالظِّرَابِ» ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى: اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُ حَوَالَيْنَا وَلَا تُنْزِلْهُ عَلَيْنَا، وَالْآكَامُ جَمْعُ أَكَمَةٍ وَهِيَ التَّلُّ وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْآجَامُ مِثْلُهَا وَالْأَجَمَةُ مِنْ الْقَصَبِ، وَالظِّرَابُ بِكَسْرِ الظَّاءِ هِيَ الْبَوَادِي الْكِبَارُ وَالْجِبَالُ الصِّغَارُ، وَلَا يَقُولُ ارْفَعْهُ عَنَّا؛ لِأَنَّهُ رَحْمَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَنِعْمَةٌ لَا يُطْلَبُ رَفْعُهَا، وَلِذَلِكَ وَقَعَ الِاضْطِرَابُ فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ.
قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ: شَيْخُ شَيْخِ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْأُجْهُورِيُّ وَقَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَأَفْتَى عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِأَنَّهُ شَهَادَةٌ وَالشَّهَادَةُ لَا يُسْأَلُ رَفْعُهَا إلَّا الْبَكْرِيَّ، لَمْ أَقِفْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ سَيِّدِي أَحْمَدَ زَرُّوقٍ وَالْقَلْشَانِيَّ اسْتَعْمَلَا أَدْعِيَةً لِلْحِفْظِ مِنْهُ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الْحَوَازَةِ، دَعَوَاتُ سَيِّدِي، أَحْمَدَ زَرُّوقٍ: تَحَصَّنْت بِذِي الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، وَاعْتَصَمْت بِرَبِّ الْمَلَكُوتِ، وَتَوَكَّلْت عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، اصْرِفْ عَنَّا الْأَذَى إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثًا. وَدَعَوَاتُ الْقَلْشَانِيِّ: اللَّهُمَّ سَكِّنْ فِتْنَةً صَدَمَتْ قَهْرَمَانَ الْجَبَرُوتَ، بِأَلْطَافِك الْخَفِيَّةِ الْوَارِدَةِ النَّازِلَةِ مِنْ بَابِ الْمَلَكُوتِ، حَتَّى نَتَشَبَّثَ بِأَلْطَافِك وَنَعْتَصِمَ بِك عَنْ إنْزَالِ قُدْرَتِك، يَا ذَا الْقُدْرَةِ الْكَامِلَةِ وَالرَّحْمَةِ الشَّامِلَةِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ أَيْضًا مَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ» مَعَ أَنَّ لِقَاءَهُ يَسْتَلْزِمَ الشَّهَادَةُ.
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: تَمَّ ثُلُثُ الرِّسَالَةِ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْمَنَّانَ بِفَضْلِهِ الْإِقْدَارَ عَلَى تَمَامِ شَرْحِ الْبَقِيَّةِ مَعَ الْإِخْلَاصِ وَحُسْنِ النِّيَّةِ بِحَقِّ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ خَيْرِ الْبَرِّيَّةِ.
[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]
وَلَمَّا كَانَ سَبَبُ الِاسْتِسْقَاءِ رُبَّمَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْمَوْتُ نَاسَبَ ذِكْرَ بَابِ الْجَنَائِزِ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ:
بَابُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَكَفْنِهِ وَتَحْنِيطِهِ وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ وَيُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَإِغْمَاضُهُ إذَا قَضَى وَيُلَقَّنُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ قُدِرَ عَلَى أَنْ
ــ
[الفواكه الدواني]
(بَابُ) بَيَانِ (مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ) بِفَتْحِ الضَّادِ أَيْ الَّذِي حَضَرَ أَجَلُهُ. (وَفِي) بَيَانِ حُكْمِ (غُسْلِ الْمَيِّتِ) وَلَمْ يُضْمَرْ بِأَنْ يَقُولَ وَفِي غُسْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُغَسَّلُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يُسَمَّى مُحْتَضَرًا إلَّا عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ نَحْوَ:{وَآتُوا الْيَتَامَى} [النساء: 2] أَيْ الَّذِينَ كَانُوا يَتَامَى.
(وَ) فِي بَيَانِ حُكْمِ (كَفْنِهِ) بِسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ إدْرَاجِهِ فِي الْكَفَنِ بِفَتْحِ الْفَاءِ.
(وَ) فِي بَيَانِ (تَحْنِيطِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَفَنِ وَالْمَيِّتِ.
(وَ) فِي بَيَانِ (حَمْلِهِ) إلَى الْمُصَلَّى أَوْ إلَى الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ وُجُوبِ دَفْنِهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَدَفْنِهِ) أَيْ وَضْعِهِ فِي قَبْرِهِ وَسَتْرِهِ. وَبَدَأَ بِمَا صَدَّرَ بِهِ فَقَالَ: (وَيُسْتَحَبُّ) لِمَنْ ظَهَرَتْ لَهُ عَلَامَاتُ قُرْبِ الْمَوْتِ (اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْمُحْتَضَرِ) أَيْ تَقْبِيلُهُ فَالسِّينُ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ أَفْضَلُ الْجِهَاتِ وَفِيهِ التَّفَاؤُلُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ: إذَا حَضَرَتْنِي الْوَفَاةُ فَاصْرِفْنِي إلَى الْقِبْلَةِ، وَمِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَالْمُسْتَحَبُّ فِي صِفَةِ الِاسْتِقْبَالِ أَنْ يُجْعَل عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ وَصَدْرُهُ إلَى الْقِبْلَةِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوضَعَ فِي قَبْرِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلًا، وَهَذَا بِخِلَافِ وَضْعِهِ لِلْغُسْلِ فَيُسْتَحَبُّ وَضْعُهُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ لِيَبْدَأَ بِغُسْلِ الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ، وَمُقَدِّمَاتُ الْمَوْتِ إحْدَادُ بَصَرِهِ وَشُخُوصُهُ إلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْمَنْدُوبِ: وَتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إحْدَادِهِ عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ ظَهْرٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ قَبْلَ ظُهُورِ عَلَامَاتِ الْمَوْتِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤْذِي الْمَرِيضَ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَضَرَهُ (إغْمَاضُهُ) أَيْ إغْلَاقُ عَيْنَيْهِ (إذَا قَضَى) أَيْ مَاتَ بِالْفِعْلِ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِإِذَا الْمُفِيدَةِ لِلتَّحْقِيقِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ شَدُّ لَحْيَيْهِ بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ وَيَرْبِطُهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ لِيَنْطَبِقَ فَاهُ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ إغْمَاضُهُ؛ لِأَنَّ فَتْحَ عَيْنَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَقْبُحُ بِهِ مَنْظَرُهُ، كَمَا أَنَّ فَتْحَ فِيهِ كَذَلِكَ، وَمِنْ عَلَامَاتِ تَحَقُّقِ الْمَوْتِ انْقِطَاعُ نَفَسِهِ وَإِحْدَادُ بَصَرِهِ وَانْفِرَاجُ شَفَتَيْهِ وَسُقُوطُ قَدَمَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:«دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّقَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ بَصَرَهُ فَأَغْمَضَهُ وَقَالَ: الرُّوحُ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» وَيُقَالُ عِنْدَ ذَلِكَ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَوْتَهُ وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِك وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَلَّى إغْمَاضَهُ مَنْ هُوَ أَرْفَقُ بِهِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، وَمَنْ مَاتَ وَلَمْ يُغْمَضْ وَانْفَتَحَتْ عَيْنَاهُ وَشَفَتَاهُ يَجْذِبُ شَخْصٌ عَضُدَيْهِ وَآخَرُ إبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ فَإِنَّهُمَا يَنْغَلِقَانِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ تَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ عَقِبَ مَوْتِهِ تَسْهِيلًا عَلَى الْغَاسِلِ، وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ بِأَنْ يُوضَعَ عَلَى سَرِيرٍ خَوْفَ الْهَوَامِّ، وَيُسْتَحَبُّ سَتْرُهُ بِثَوْبٍ زَائِدٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَظْهَرُ مِنْهُ مَا لَا يَجِبُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَيُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِهِ إلَّا الْغَرِيقَ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ تَجْهِيزِ الْمُصْطَفَى عليه الصلاة والسلام فَلِلْأَمْنِ مِنْ تَغَيُّرِهِ وَلِلِاهْتِمَامِ بِعَقْدِ الْخِلَافَةِ، وَلِذَلِكَ دُفِنَتْ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لَيْلًا، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ مَاتَ لَيْلًا، حَتَّى اُسْتُثْنِيَ تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ مِنْ ذَمِّ الْعَجَلَةِ وَأَنَّهَا مِنْ الشَّيْطَانِ، وَمِثْلُهُ التَّوْبَةُ وَالصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَإِنْكَاحُ الْبِكْرِ إذَا بَلَغَتْ، وَتَقْدِيمُ الطَّعَامِ لِلضَّيْفِ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ إذَا حَلَّ، وَتَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ مِنْ السَّفَرِ، وَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ عِنْدَ حُلُولِهَا، فَكُلُّ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْعَجَلَةُ، وَأَمَّا الْغَرِيقُ وَمَنْ بِهِ مَرَضُ السَّكْتَةِ وَمَنْ يَمُوتُ فَجْأَةً أَوْ تَحْتَ هَدْمٍ فَلَا يُسْرَعُ بِتَجْهِيزِهِمْ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ (يُلَقَّنَ) الْمُحْتَضَرُ بِأَنْ يَقُولَ الْجَالِسُ عِنْدَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ: (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَشْهَدُ، وَلَا بُدَّ مِنْ جَمْعِ مُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ مَعَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إذْ الْعَبْدُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا إلَّا بِهِمَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ (عِنْدَ) ظُهُورِ عَلَامَاتِ (الْمَوْتِ) لِيَتَذَكَّرَهُمَا بِقَلْبِهِ فَيَمُوتُ وَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِهِمَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «لَقِّنُوا