المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[التكفين وما يكفن فيه الميت] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[التكفين وما يكفن فيه الميت]

وَعِمَامَةٍ فَذَلِكَ مَحْسُوبٌ فِي عَدَدِ الْأَثْوَابِ الْوِتْرِ «وَقَدْ كُفِّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ أُدْرِجَ فِيهَا إدْرَاجًا صلى الله عليه وسلم» وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَمَّصَ الْمَيِّتُ وَيُعَمَّمَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَنَّطَ وَيُجْعَلَ الْحُنُوطُ بَيْنَ أَكْفَانِهِ وَفِي جَسَدِهِ وَمَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْهُ

وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ فِي الْمُعْتَرِكِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ بِثِيَابِهِ

وَيُصَلَّى عَلَى

ــ

[الفواكه الدواني]

قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا يُخْرَجُ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي عبق، وَالثَّانِي يَفُوتُ تَغْسِيلُهُ بِتَمَامِ دَفْنِهِ كَمَا لَوْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، إلَّا أَنَّ هَذَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا.

[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْغُسْلِ وَعَلَى مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ بِقَوْلِهِ:(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَفَّنَ الْمَيِّتُ) الَّذِي يَجِبُ تَغْسِيلُهُ الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ (فِي وِتْرٍ) مِنْ الثِّيَابِ وَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ (ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ) وَهِيَ: الْقَمِيصُ وَالْعِمَامَةُ لِلرَّجُلِ وَالْخِمَارُ لِلْمَرْأَةِ وَالْأُزْرَةُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَالْأَفْضَلُ فِي الْوَاحِدِ وَلِذَلِكَ قُلْنَا: وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ الْوِتْرِ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَا شَفْعًا لِزِيَادَةِ السِّتْرِ، وَالثَّلَاثَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ لِمَا فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ السِّتْرِ وَالْوِتْرِيَّةِ. (أَوْ خَمْسَةٌ) وَهِيَ الْقَمِيصُ وَالْعِمَامَةُ وَالْخِمَارُ وَالْأُزْرَةُ وَلِفَافَتَانِ يُدْرَجُ فِيهِمَا الْمَيِّتُ وَتُجْعَلُ الْعُلْيَا أَوْسَعَ مِنْ السُّفْلَى، وَالْخَمْسَةُ أَفْضَلُ مِنْ السِّتَّةِ وَلَا يُزَادُ الرَّجُلُ عَلَى خَمْسٍ فَقَوْلُهُ:(أَوْ سَبْعَةٌ) بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ فَيُزَادُ لَهَا عَلَى الْخَمْسِ السَّابِقَةِ لِفَافَتَانِ. (وَمَا جُعِلَ لَهُ مِنْ أُزْرِهِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَا يُتَّزَرُ بِهِ.

(وَ) مِنْ (قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ) لِلرَّجُلِ (فَذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الثَّلَاثَةِ (مَحْسُوبٌ فِي عَدَدِ الْأَثْوَابِ الْوِتْرِ) وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَا جُعِلَ لَهُ إلَخْ أَنَّ نَحْوَ الْخِرَقِ وَالْعَصَائِبِ الَّتِي تُشَدُّ عَلَى الْوَجْهِ وَالْوَسَطِ وَغَيْرِهِمَا لَا يُحْسَبُ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ السَّبْعِ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى اسْتِحْبَابِ إيتَارِ الْكَفَنِ بِقَوْلِهِ:«وَقَدْ كُفِّنَ» بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ «رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ أُدْرِجَ» أَيْ لُفَّ (فِيهَا إدْرَاجًا) مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ لِعَامِلِهِ (صلى الله عليه وسلم) وَصِفَةُ الْإِدْرَاجِ أَنْ تُبْسَطَ الْوَافِيَةُ أَوَّلًا وَيُجْعَلَ عَلَيْهَا الْحَنُوطُ ثُمَّ تُجْعَلُ الَّتِي تَلِيهَا فِي الْقَصْرِ عَلَيْهَا وَيُجْعَلُ عَلَيْهَا الْحَنُوطُ ثُمَّ يُوضَعُ الْمَيِّتُ عَلَيْهَا بَعْدَمَا يُجَفَّفُ بِخِرْقَةٍ، فَإِذَا وُضِعَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُقْلَبُ عَلَيْهِ الَّذِي مِنْ نَاحِيَةِ الْيُمْنَى، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُقْلَبُ أَوَّلًا الَّذِي مِنْ نَاحِيَةِ الْيَسَارِ وَيُخَاطُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَسْقُطَ عَنْهُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«كُفِّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهَا: لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ فَحَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي الْكَفَنِ وَقَالَ: فَيُسَنُّ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ خَاصَّةً لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، وَحَمَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْدُودٍ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الثَّلَاثَةُ أَثْوَابٍ زِيَادَةً عَلَى الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ فَنَقَلَ عَنْهُمَا اسْتِحْبَابَ زِيَادَةِ الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ وَسَحُولِيَّةٍ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا فَعَلَى الْفَتْحِ النِّسْبَةُ إلَى السَّحُولِ وَهُوَ الْقَصَّارُ الَّذِي يَسْحَلُهَا أَيْ يُقَصِّرُهَا وَيَغْسِلُهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ النِّسْبَةُ إلَى سَحُولَةَ الْقَرْيَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْيَمَنِ، وَعَلَى الضَّمِّ فَهُوَ جَمْعُ سُحُلٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ النَّقِيُّ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ قُطْنٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَضْمُومُ، كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ الثَّوْبُ الَّذِي غُسِّلَ فِيهِ، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَفْضَلُ قَالَ:(وَلَا بَأْسَ) أَيْ يُنْدَبُ (أَنْ يُقَمَّصَ الْمَيِّتُ) أَيْ يَلْبَسَ قَمِيصًا (وَيُعَمَّمَ) أَيْ يُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ، كَمَا يُنْدَبُ تَخْمِيرُ رَأْسِ الْمَرْأَةِ كَمَا قَدَّمْنَا (وَيَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ (أَنْ يُحَنَّطَ) أَيْ يُطَيَّبَ الْمَيِّتُ بِمِسْكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ مُحْرِمًا وَمُعْتَدَّةً وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ.

(وَ) أَنْ (يُحْمَلَ الْحَنُوطُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَهُوَ مَا يَتَطَيَّبُ بِهِ (بَيْنَ أَكْفَانِهِ وَفِي) مَنَافِذِ (جَسَدِهِ) كَعَيْنَيْهِ وَأَنْفِهِ وَأُذُنَيْهِ بِأَنْ يُدِرُّ مِنْهُ عَلَى قُطْنٍ وَيُلْصَقُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَفِي أُذُنَيْهِ وَعَلَى مَخْرَجِهِ مِنْ غَيْرِ إدْخَالٍ.

(وَ) يُجْعَلُ (فِي مَوَاضِعِ السُّجُودِ مِنْهُ) كَالْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ يُلَفُّ الْكَفَنُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَبْخِيرِهِ بِنَحْوِ الْعُودِ وَيُرْبَطُ الْكَفَنُ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقِيلَ يُخَاطُ وَيُحَلُّ عِنْدَ الدَّفْنِ.

1 -

(تَتِمَّاتٌ) الْأُولَى: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ التَّكْفِينِ وَلَا الْقَدْرَ الْوَاجِبَ وَإِنْ نَصَّ عَلَى نَدْبِ إيتَارِهِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَهَلْ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْبَاقِي سُنَّةٌ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَهُوَ سَتْرُ جَمِيعِ الْجَسَدِ وَالْخِلَافُ فِي الذَّكَرِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجِبُ سَتْرُ جَمِيعِ جَسَدِهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَمَّا التَّكْفِينُ وَهُوَ إدْرَاجُ الْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ فَوَاجِبٌ اتِّفَاقًا كَمُوَارَاتِهِ فِي التُّرَابِ.

1 -

الثَّالِثَةُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَنْ يَلْزَمُهُ تَكْفِينُ الْمَيِّتِ وَمُؤَنُ تَجْهِيزِهِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكِتَابِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ خَلِيلٌ: وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لَا زَوْجِيَّةٍ وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَإِلَّا فَمِنْ مَالِهِ وَلَوْ صَغِيرًا.

الثَّالِثَةُ: الْأَفْضَلُ فِي الْكَفَنِ الْبَيَاضُ لِمُوَافَقَةِ كَفَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَيَجُوزُ بِالْمَلْبُوسِ حَيْثُ كَانَ طَاهِرًا

ص: 289