المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَرَمَى وَانْصَرَفَ   فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ طَافَ - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَرَمَى وَانْصَرَفَ   فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ طَافَ

يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَرَمَى وَانْصَرَفَ

فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ طَافَ لِلْوَدَاعِ وَانْصَرَفَ

وَالْعُمْرَةُ يَفْعَلُ فِيهَا كَمَا ذَكَرْنَا

ــ

[الفواكه الدواني]

لِلثَّلَاثَةِ مُطْلَقًا، بَيَّنَ أَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ بِقَوْلِهِ:(وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) : أَيْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ (مِنْ أَيَّامِ مِنًى) : بِأَنْ يَنْصَرِفَ فِي ثَالِثِ أَيَّامِ النَّحْرِ.

قَالَ خَلِيلٌ: ثُمَّ عَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا، أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ (فَرَمَى) : أَيْ الْيَوْمَ الثَّانِيَ (وَانْصَرَفَ) : فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ وَهُوَ رَابِعُ النَّحْرِ، وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ مُجَاوَزَةُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ، فَإِنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهَا لَزِمَهُ الْبَيَاتُ بِمِنًى؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ إنَّمَا أُمِرَ بِالْمَقَامِ فِيهَا لِأَجْلِ الرَّمْيِ فِي النَّهَارِ، فَإِنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيَاتُ لِأَجْلِهِ وَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَ الثَّالِثِ؛ وَلِأَنَّ مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ شَمْسُ الثَّانِي لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ.

(تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ مُسَاوَاةُ التَّعْجِيلِ لِعَدَمِهِ، مَعَ أَنَّ عَدَمَ التَّعْجِيلِ فِيهِ كَثْرَةُ عَمَلٍ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] لِتَرْكِ رُخْصَةِ التَّعْجِيلِ، فَإِنْ قِيلَ: عَدَمُ الْإِثْمِ فِي التَّأْخِيرِ لَا يُتَوَهَّمُ حَتَّى يَنْفِيَهُ فِي الْآيَةِ، فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ رَدٌّ عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ بِالْإِثْمِ عَلَى الْمُتَأَخِّرِينَ مَعَ تَعْجِيلِ غَيْرِهِ لِتَوَهُّمِهِمْ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِرُخْصَةِ التَّعْجِيلِ.

الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ رُخْصَةَ التَّعْجِيلِ عَامَّةٌ فِي حَقِّ كُلِّ حَاجٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ خَاصَّةٌ بِغَيْرِ أَمِيرِ الْحَاجِّ، وَأَمَّا هُوَ فَيُكْرَهُ لَهُ التَّعْجِيلُ لِقَوْلِ مَالِكٍ: لَا يُعْجِبُنِي لِأَمِيرِ الْحَاجِّ أَنْ يَتَعَجَّلَ.

(فَإِذَا خَرَجَ) : أَيْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ (مِنْ مَكَّةَ) لِكَالْجُحْفَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ (طَافَ لِلْوَدَاعِ) : عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ (وَرَكَعَ) : أَيْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ لِكُلِّ طَوَافٍ (وَانْصَرَفَ) : قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْمَنْدُوبِ: وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ، وَلَا يَنْصَرِفُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى يُقَبِّلَ الْحَجَرَ وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى، وَإِذَا فَعَلَ الطَّوَافَ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ أَعَادَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى نَدْبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ» . (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: إنَّمَا جَعَلْنَا فَاعِلَ خَرَجَ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ لَا الْحَاجَّ، إشَارَةً إلَى أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ مَنْدُوبٌ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ لِكَالْجُحْفَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بَعْدِ الْمَوَاقِيتِ، سَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ، قَدِمَ بِنُسُكٍ أَوْ تِجَارَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ الْعَوْدِ أَمْ لَا، وَأَمَّا الْخَارِجُ مِنْ مَكَّةَ لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ إلَّا إذَا خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ الِانْتِقَالِ، وَمِمَّنْ لَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ الْمُتَرَدِّدُ فِي الْخُرُوجِ كَالْحَطَّابِ وَالْبَيَّاعِ وَكَذَلِكَ الْمُتَعَجِّلُ.

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الطَّوَافَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَرُكْنٌ لَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْحَجِّ إلَّا بِهِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَمُسْتَحَبٌّ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ.

1 -

الثَّالِثُ: قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَنْ أَتَى بِأَعْمَالِ الْحَجِّ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ بَعْضَهَا فَرْضٌ وَبَعْضَهُمَا غَيْرُ فَرْضٍ وَلَكِنْ لَا يُمَيِّزُ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ حَجَّهُ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَهَا فَرْضٌ فَإِنَّ حَجَّهُ لَا يَصِحُّ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَحُكِيَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ حَجَّهُ صَحِيحٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ، قَالَ ذَلِكَ الْأُجْهُورِيُّ نَقْلًا عَنْ جَدِّهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ فَرْضِيَّةَ شَيْءٍ مِنْهُ وَأَتَى بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ: وَيُفْهَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ نِيَّةِ النَّفْلِ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا أَنَّ مَنْ نَوَى فِعْلَ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا تَقَعُ صَحِيحَةً وَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ تَوَضَّأَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ الْوُضُوءَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَوْ نَوَى فِعْلَ الصَّلَاةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا، وَلَمْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِهَا وَلَا فَعَلَ فِيهَا مَا يُبْطِلُهَا، فَإِنَّ فِعْلَهُ صَحِيحٌ وَلَوْ اعْتَقَدَ فَرْضِيَّةَ إجْزَاءِ الْعِبَادَةِ لَا يُورِثُ بُطْلَانًا، وَمِثْلُهَا الطَّهَارَةُ وَكَذَا يَصِحُّ فِعْلُهُ، وَلَوْ اعْتَقَدَ فَرْضِيَّةَ جَمِيعِ أَفْعَالِ جَمِيعِ الْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ فَرْضِيَّةِ غَيْرِ الْفَرْضِ تُعَدُّ مُقَوِّيَةً لِغَيْرِ الْفَرْضِ لَا مُنَافِيَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْفَرْضَ سُنَّةٌ أَوْ نَافِلَةٌ أَوْ نَوَى بِالْفَرْضِ غَيْرَهُ لَا يَشُكُّ فِي عَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْفَرْضِ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْفَرْضِ لِلْمُنَافَاةِ، وَالضَّعِيفُ لَا يُؤَكِّدُ الْقَوِيَّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَحَرِّرْ الْحُكْمَ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَإِنِّي لَمْ أَجِدْهُ، وَالْمَوْجُودُ فِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّيُوخِ مَا سَبَقَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ الْحَجِّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعُمْرَةِ فَقَالَ: (الْعُمْرَةُ) : لُغَةً الزِّيَادَةُ وَاصْطِلَاحًا عِبَادَةٌ يَلْزَمُهَا طَوَافٌ وَسَعْيٌ بَعْدَ إحْرَامٍ. (يُفْعَلُ فِيهَا) : الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ. (كَمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا) : فِي أَوَّلِ الْحَجِّ بِأَنْ يَتَجَرَّدَ وَيَغْتَسِلَ وَيَلْبَسَ الْإِزَارَ وَالرِّدَاءَ وَالنَّعْلَيْنِ وَيُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ إذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ أَوْ مَشَى يُحْرِمُ مَعَ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ وَيَمْضِي فِي

ص: 365

أَوَّلًا إلَى تَمَامِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

ثُمَّ يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَقَدْ تَمَّتْ عُمْرَتُهُ وَالْحِلَاقُ أَفْضَلُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالتَّقْصِيرُ يُجْزِئُ وَالتَّقْصِيرُ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ

وَسُنَّةُ الْمَرْأَةِ التَّقْصِيرُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا الْحِلَاقُ وَتَأْخُذُ الْمَرْأَةُ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهَا قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ مِنْ جَمِيعِهِ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ وَالرَّجُلُ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ

وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ

ــ

[الفواكه الدواني]

أَفْعَالِهَا. (إلَى تَمَامِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) :؛ لِأَنَّ أَرْكَانَهَا الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَلَهَا مِيقَاتَانِ: زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ كَالْحَجِّ، فَالزَّمَانِيُّ الْوَقْتُ كُلُّهُ وَلَوْ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ عَرَفَةَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلِلْعُمْرَةِ أَبَدًا إلَّا مَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهَا إلَّا بَعْدَ تَحَلُّلِهِ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَرَمْيِ الرَّابِعِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِمَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ وَلَمْ يَتَعَجَّلْ أَوْ يَمْضِي قَدْرُ زَمَنِ رَمْيِ الرَّابِعِ إنْ تَعَجَّلَ، فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مَا ذُكِرَ صَحَّ إحْرَامُهُ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ قَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ، وَلَكِنْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ غُرُوبِ الرَّابِعِ صَحَّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ وَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ إلَّا بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا إذَا لَا تَدْخُلُ عُمْرَةٌ عَلَى أُخْرَى، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ الْحِلَاقِ مِنْ الْحَجِّ لِمَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، أَوْ قَبْلَ الْحِلَاقِ مِنْ الْعُمْرَةِ لِمَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَأَمَّا مِيقَاتُهَا الْمَكَانِيُّ فَهُوَ الْحِلُّ سَوَاءً كَانَ آفَاقِيًّا أَوْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ، وَمِثْلُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ الْإِحْرَامُ بِهِمَا مَعًا، فَيَجِبُ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ وَهُوَ مَا جَاوَزَ الْحَرَمَ، فَيَخْرُجُ إلَى مَسَاجِدِ عَائِشَةَ وَيُحْرِمُ بِهِمَا أَوْ بِالْعُمْرَةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَهَا وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ بِالْقِرَانِ لَمْ يَجْمَعْ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهَا تَنْقَضِي فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِعَرَفَةَ إنَّمَا هُوَ لِلْحَجِّ، فَإِذَا خَالَفَ وَأَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ أَحْرَمَ لِلْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ وَلَكِنْ لَا يَطُوفُ وَلَا يَسْعَى لَهَا حَتَّى يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ، فَإِنْ طَافَ وَسَعَى قَبْلَ خُرُوجِهِ أَعَادَهُمَا بَعْدَهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَعَادَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَهُ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ قَارِنًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ أَيْضًا إلَى الْحِلِّ، وَإِنْ كَانَ لَا يَطُوفُ وَلَا يَسْعَى لِلْعُمْرَةِ لِانْدِرَاجِ طَوَافِهَا وَسَعْيِهَا فِي طَوَافِ وَسَعْيِ الْحَجِّ، فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ الْقَارِنُ إلَى الْحِلِّ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ فَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَسَعَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ.

قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّ حُكْمَهَا السُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ.

(ثُمَّ) : بَعْدَ تَمَامِ عُمْرَتِهِ يَجِبُ أَنْ (يَحْلِقَ رَأْسَهُ) : وَلَوْ بِنُورَةٍ (وَقَدْ تَمَّتْ عُمْرَتُهُ) : وَالْمُرَادُ بِتَمَامِ الْعُمْرَةِ كَمَالُهَا، فَلَا يُنَافَى تَمَامَهَا بِالْفَرَاغِ مِنْ طَوَافِهَا وَسَعْيِهَا؛ لِأَنَّ الْحِلَاقَ مِنْ وَاجِبَاتِهَا وَلَا دَخْلَ لَهُ فِي حَقِيقَتِهَا، وَلَمَّا كَانَ الْحِلَاقُ غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ فِي التَّحَلُّلِ قَالَ:(وَالْحِلَاقُ أَفْضَلُ فِي) : التَّحَلُّلِ مِنْ (الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالتَّقْصِيرُ يُجْزِئُ) : وَالدَّلِيلُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْحِلَاقِ حَدِيثُ: «رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» وَالدَّلِيلُ عَلَى إجْزَاءِ التَّقْصِيرِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ» وَمَحَلُّ إجْزَاءِ التَّقْصِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ شَعْرُهُ مَضْفُورًا أَوْ مَعْقُوصًا أَوْ مُلَبَّدًا، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْحِلَاقُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ تَقْصِيرِ جَمِيعِ الشَّعْرِ، وَمَحَلُّ أَفْضَلِيَّةِ الْحِلَاقِ عَلَى التَّقْصِيرِ لِغَيْرِ الْمُتَمَتِّعِ، وَأَمَّا الْمُتَمَتِّعُ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ عُمْرَتِهِ التَّقْصِيرُ اسْتِبْقَاءً لِلشَّعْرِ حَتَّى يَتَحَلَّلَ مِنْ الْحَجِّ.

(وَ) : صِفَةُ (التَّقْصِيرِ) أَنْ يَجُزَّ (مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ) : طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ مِنْ قَرُبَ أَصْلِهِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى جَزِّ بَعْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَيْسَ تَقْصِيرُ الرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ وَلَكِنْ يَجُزُّهُ جَزًّا، وَلَيْسَ كَالْمَرْأَةِ فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَخْطَأَ وَيُجْزِئُهُ فَكَوْنُهُ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ أَوْ الْوُجُوبِ الْغَيْرِ الشَّرْطِيِّ

، وَلَمَّا كَانَ الْحِلَاقُ قَاصِرًا عَلَى الرِّجَالِ قَالَ:(وَسُنَّةُ الْمَرْأَةِ التَّقْصِيرُ: وَلَا يَجُوزُ لَهَا الْحِلَاقُ) : وَلَوْ بِنْتَ عَشْرِ سِنِينَ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ جِدًّا فَيَحُوزُ لِوَلِيِّهَا حَلْقُ رَأْسِهَا، وَإِنَّمَا حُرِّمَ الْحَلْقُ عَلَى الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا إلَّا إنْ كَانَ بِرَأْسِهَا أَذًى فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ إذْ يَجُوزُ لَهَا مَا كَانَ مُحَرَّمًا، وَصِفَةُ تَقْصِيرِهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِ رَأْسِهَا قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ مِنْ جَمِيعِهِ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ، لَكِنْ بَعْدَ زَوَالِ عَقْصِهِ أَوْ ضَفْرِهِ أَوْ تَلْبِيدِهِ لِمَنْعِهِ التَّقْصِيرَ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الطَّرِيقَةُ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ وَاجِبٌ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الْحِلَاقُ.

قَالَ خَلِيلٌ: ثُمَّ حَلَقَهُ وَلَوْ بِنُورَةٍ إنْ عَمَّ رَأْسَهُ وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ، وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ.

(وَ) : بَيَّنَ صِفَةَ التَّقْصِيرِ لِلْمَرْأَةِ بِقَوْلِهِ: (تَأْخُذُ الْمَرْأَةُ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهَا قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ مِنْ جَمِيعِهِ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ) : وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى الْأُنْمُلَةِ لَكَانَ حَسَنًا لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ أَوْ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ أَوْ دُونَهَا، وَرِوَايَةُ الطِّرَازِ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ لَا أَعْرِفُهَا. (وَ) : صِفَةُ تَقْصِيرِ (الرَّجُلُ) أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِ رَأْسِهِ (مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ) : اسْتِحْبَابًا فَلَوْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ

1 -

. (خَاتِمَةٌ) : الْحِلَاقُ وَالتَّقْصِيرُ تَحَلُّلٌ وَنُسُكٌ أَيْ عِبَادَةٌ تُطْلَبُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: فَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَلْقِ رَأْسِهِ وَلَا تَقْصِيرِهِ لِوَجَعٍ بِهِ: فَعَلَيْهِ هَدْيُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ نُسُكًا، وَيَدُلُّ

ص: 366