المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[صفة الطهارة الحدثية] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[صفة الطهارة الحدثية]

يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ يَدَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ.

[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

وَمِنْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ

وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ سَنَةٌ وَبَاقِيهِ فَرِيضَةٌ.

فَمَنْ قَامَ إلَى وُضُوءٍ مِنْ نَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ قَالَ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْمَاءُ، سَوَاءٌ وَجَبَ غَسْلُ جَمِيعِهِ بِأَنْ خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ وَجَبَ غَسْلُ مَحَلِّ الْأَذَى فَقَطْ بِأَنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ لَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ، وَكَمَا يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِيمَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ وَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِخُرُوجِ مَنِيِّهِ بِلَا لَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَكَانَ مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُوجِبْ غُسْلًا وَلَا نَقَضَ وُضُوءًا فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ كَالْبَوْلِ وَالْحَصَى وَالدُّودِ الْخَارِجِينَ بِبِلَّةٍ كَثِيرَةٍ لِأَنَّ الْيَسِيرَةَ يُعْفَى عَنْهَا، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمَاءَ يَتَعَيَّنُ فِي غَسْلِ الْمَنِيِّ فِي صُورَتَيْنِ: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ أَوْ يَكُونُ غَيْرَ مُوجِبٍ الْغُسْلَ وَنَاقَضَا لِلْوُضُوءِ، وَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ فِي صُورَةٍ وَهِيَ أَنْ لَا يُوجِبَ وُضُوءًا وَلَا غُسْلًا.

الرَّابِعُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: " ثَلَاثَةِ " بِالتَّاءِ مُطَابِقٌ لِأَحْجَارٍ وَغَيْرُ مُطَابِقٍ لِآخِرِهِنَّ لِأَنَّ التَّاءَ تُشْعِرُ بِالتَّذْكِيرِ وَالنُّونَ بِالتَّأْنِيثِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ أَنَّثَ عَلَى تَأْوِيلِ الْأَحْجَارِ بِالْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا نَظِيرَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

يَمُرُّونَ بِالدَّهْنَا خِفَافًا عِيَابُهُمْ

وَيَرْجِعْنَ مِنْ دَارِينَ بُجْرَ الْحَقَائِبِ

وَفِي قَوْلِهِ أَطْيَبُ وَأَطْهَرُ إشْكَالٌ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَطْيَبَ وَأَطْهَرَ اسْمُ تَفْضِيلٍ وَهُوَ لَا يُبْنَى غَالِبًا إلَّا مِنْ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ لَا يَصِحُّ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الطَّهَارَةَ الْقَائِمَةَ بِالْمَاءِ أَشَدُّ مِنْ الطَّهَارَةِ الْقَائِمَةِ بِالْحَجَرِ، لِأَنَّ الْفِعْلَ الْقَاصِرَ لَا يُجَاوِزُ حَدَثُهُ فَاعِلَهُ وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ، لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّ تَطْهِيرَ الْمَاءِ لِلْمَحَلِّ أَشَدُّ مِنْ تَطْهِيرِ الْحَجَرِ لَهُ وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي أَطْيَبَ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى صَوْغِهِ مِنْ طَهَّرَ وَطَيَّبَ الْمُضَاعَفَيْنِ بَعْدَ حَذْفِ الزَّائِدِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَهُوَ ثَانِي الْمُضَعَّفِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: أَنَّ الْمَاءَ أَشَدُّ تَطْهِيرًا لِلْمَحَلِّ مِنْ تَطْهِيرِ الْحَجَرِ لَهُ وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الطَّهَارَةِ الْخَبَثِيَّةِ شَرَعَ فِي صِفَةِ الْحَدَثِيَّةِ لِأَنَّ فِعْلَ الْأُولَى مِنْ بَابِ التَّخْلِيَةِ وَالثَّانِيَةُ مِنْ بَابِ التَّحْلِيَةِ، وَالتَّخْلِيَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّحْلِيَةِ فَقَالَ:(وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بَوْلٌ وَلَا غَائِطٌ) وَلَا غَيْرُهُمَا مِمَّا يُوجِبُ الِاسْتِنْجَاءَ (وَتَوَضَّأَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأ (لِحَدَثٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ الْوُضُوءَ) وَلَا يُوجِبُ الِاسْتِنْجَاءَ (فَلَا بُدَّ) لَهُ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ (مِنْ غَسْلِ يَدَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ) الَّذِي يَتَوَضَّأُ مِنْهُ

[سُنَن الْوُضُوءِ]

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ لَا بُدَّ وُجُوبُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ قَالَ: (وَمِنْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ) وَلَوْ مَنْدُوبًا (غَسْلُ الْيَدَيْنِ) إلَى الْكُوعَيْنِ بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ وَلَوْ نَظِيفَتَيْنِ لِأَنَّ غَسَلَهُمَا لِلتَّعَبُّدِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ (قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ) حَتَّى تَحْصُلَ السُّنَّةُ حَيْثُ كَانَ الْإِنَاءُ صَغِيرًا يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ، لَا إنْ كَانَ كَبِيرًا أَوْ بَحْرًا أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ فَيَغْسِلُهُمَا دَاخِلَهُ حَيْثُ كَانَتَا طَاهِرَتَيْنِ أَوْ مُتَنَجِّسَتَيْنِ لَا يُخْشَى تَغْيِيرُهُ بِغُسْلِهِمَا فِيهِ لِكَثْرَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا مَا يَسْلُبُ طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ وَكَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا بِحَيْثُ يَتَحَقَّقُ أَوْ يُظَنُّ تَغَيُّرُهُ بِإِدْخَالِهِمَا، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ التَّحَيُّلُ عَلَى إزَالَةِ مَا عَلَيْهِمَا قَبْلَ إدْخَالِهِمَا أَزَالَهُ وَغَسَلَهُمَا دَاخِلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَتَيَمَّمَ كَعَادِمِ الْمَاءِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» وَلَكِنْ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ السَّنَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى غَسْلِهَا ثَلَاثًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثَلَاثًا تَعَبُّدًا بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ، وَصَرَّحَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّثْلِيثِ، وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ: التَّثْلِيثُ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ تَارَةً مَرَّتَيْنِ وَتَارَةً مَرَّةً» كَمَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ.

(تَنْبِيهٌ) : كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنَّفِ أَنْ يَقُولَ: وَمِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ لِإِتْيَانِهِ بِمِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ لِتَعَدُّدِ الْمُبَعَّضِ، وَلَا يُقَالُ: يُرَادُ بِسُنَّتِهِ الْجِنْسُ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ، لِأَنَّا نَقُولُ: وُجُودُ التَّاءِ يُنَافِي ذَلِكَ لِاقْتِضَائِهَا الْوَحْدَةَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْوَحِدَةِ بَلْ هِيَ كَتَاءِ فِضَّةٍ فَلَا يَمْنَعُ وُجُودُهَا مِنْ إرَادَةِ الْجِنْسِ.

[فَرَائِض الْوُضُوء]

وَلَمَّا قِيلَ بِوُجُوبِ بَعْضِ سُنَنٍ اسْتَأْنَفَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ سُنَّةٌ) فَلَفْظُ الْمَضْمَضَةِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: سُنَّةٌ خَبَرٌ عَنْهَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا مُقَدَّرٌ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ سُنَّةٌ، وَالْمَضْمَضَةُ بِمُعْجَمَتَيْنِ أَوْ مُهْمَلَتَيْنِ لُغَةً التَّحْرِيكُ وَشَرْعًا خَضْخَضَةُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ ثُمَّ مَجُّهُ، فَلَوْ لَمْ يَمُجَّهُ أَوْ لَمْ يُخَضْخِضْهُ لَمْ يَكُنْ آتَيَا بِالسُّنَّةِ، وَالِاسْتِنْشَاقُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّنَشُّقِ وَهُوَ لُغَةً الشَّمُّ وَشَرْعًا جَذْبُ الْمَاءِ بِنَفَسِهِ إلَى دَاخِلِ أَنْفِهِ وَالِاسْتِنْثَارُ عَكْسُهُ وَهُوَ طَرْحُ الْمَاءِ بِنَفَسِهِ إلَى خَارِجِ أَنْفِهِ مَعَ وَضْعِ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى أَنْفِهِ، وَصِفَةُ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ أَنْ يَجْعَلَ بَاطِنَ الْإِبْهَامَيْنِ عَلَى ظَاهِرِ الشَّحْمَتَيْنِ وَآخِرَ السَّبَّابَتَيْنِ فِي الصِّمَاخَيْنِ وَوَسَطَهُمَا مُقَابِلًا لِلْبَاطِنِ دَائِرَيْنِ مَعَ الْإِبْهَامَيْنِ لِلْآخِرَةِ وَكَرِهَ ابْنُ حَبِيبٍ تَتَبُّعَ غُضُونِهِمَا، وَسَيُعِيدُ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَى تِلْكَ السُّنَنِ فِي ذِكْرِ صِفَةِ الْوُضُوءِ

ص: 134