المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ دفن الجماعة في قبر واحد - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌ دفن الجماعة في قبر واحد

أَفْضَلَهُمْ

وَأَمَّا‌

‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

فَيُجْعَلُ أَفْضَلُهُمْ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ

وَ‌

‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

وَوُرِيَ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ

وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَيُصَلَّى عَلَى أَكْثَرِ الْجَسَدِ وَاخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مِثْلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ.

ــ

[الفواكه الدواني]

أَفْضَلُهُمْ) وَعَنْ يَمِينِهِ مَنْ يَلِيه فِي الْفَضْلِ، وَعَنْ يَسَارِهِ مَنْ يَلِيه رَجُلًا الْمَفْضُولُ عِنْدَ رَأْسِ الْفَاضِلِ، وَمَنْ دُونَهُمَا فِي الْفَضْلِ كَذَلِكَ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نَاجِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ جَعْلِ الْجَنَائِزِ صَفًّا مِنْ الْإِمَامِ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ صَفًّا مِنْ الْمَشْرِقِ، إلَى الْمَغْرِبِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ الصِّفَةُ الْأُولَى وَقَالَهَا مَالِكٌ أَيْضًا، وَلِذَلِكَ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ الصِّفَةِ الْأُولَى لِتَقْدِيمِهِ لَهَا؛ وَلِقَوْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ: وَلَا بَأْسَ الْمُشْعِرَةُ غَالِبًا بِالتَّمْرِيضِ.

(تَنْبِيهٌ) : هَذَا إذَا كَانَتْ الْجَنَائِزُ صِنْفًا وَاحِدًا، فَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ يَلِي الْإِمَامَ الْأَعْلَمُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ ثُمَّ الْأَسَنُّ، وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَيُقَدَّمُ بِالْخِصَالِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي تُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْفَضْلِ رُجِّحَ بِالسِّنِّ، فَإِنْ تَسَاوَوْا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، إلَّا أَنْ تَتَرَاضَى الْأَوْلِيَاءُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْقَرَارِيطَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِمْ، وَانْظُرْ هَلْ تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِهِمْ فِي الْفَضْلِ أَمْ لَا؟ وَيَظْهَرُ التَّفَاوُتُ وَحَرِّرْهُ.

[دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ]

(وَأَمَّا) كَيْفِيَّةُ (دَفْنِ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ) عِنْدَ الضَّرُورَةِ الْحَامِلَةِ عَلَى ذَلِكَ كَضِيقِ الْمَحَلِّ أَوْ عَدَمِ الْحَافِرِ.

(فَيُجْعَلُ أَفْضَلُهُمْ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ) قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْجَائِزِ: وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ وَوَلَّى الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلَ، وَأَمَّا جَمْعُهُمْ فِي قَبْرٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَمَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانُوا مَحَارِمَ، وَلَكِنْ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ جَعْلِ شَيْءٍ مِنْ التُّرَابِ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَكْفِي الْكَفَنُ، وَكَمَا يَجُوزُ جَمْعُ الْأَمْوَاتِ فِي الْقَبْرِ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ أَجَانِبَ، يَجُوزُ جَمْعُهُمْ فِي كَفَنٍ لِلضَّرُورَةِ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِمَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذُكِرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِير إلَى وَاحِدٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ» .

(تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ جَمْعِ الْأَمْوَاتِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِلضَّرُورَةِ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ حَصَلَ دَفْنُهُمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا لَوْ أَرَدْنَا دَفْنَ مَيِّتٍ عَلَى آخَرَ بَعْدَ تَمَامِ دَفْنِهِ فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْقَبْرَ حَبْسٌ. لَا يُمْشَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَلَا يَحْرُمُ.

[مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ]

(وَمَنْ دُفِنَ) بَعْدَ الْغُسْلِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَوُرِيَ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا فَيُصَلِّي عَلَى الْقَبْرِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَدَمُ الصَّلَاةِ عَمْدًا، كَمَا أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَمَامِ الدَّفْنِ مُجَوِّزٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَجِبُ إخْرَاجُهُ وَلَوْ تَمَّ دَفْنُهُ إلَّا أَنْ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالْفَوَاتُ يَمْنَعُ إخْرَاجَ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ خَشْيَةَ تَغَيُّرِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَعِيسَى، وَمَحَلُّ طَلَبِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ عِنْدَ خَشْيَةِ تَغَيُّرِهِ إذَا ظُنَّ بَقَاؤُهُ أَوْ شُكَّ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ تُيُقِّنَ ذَهَابُهُ وَلَوْ بِأَكْلِ سَبُعٍ فَإِنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَوْلُنَا بَعْدَ الْغُسْلِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ دُفِنَ قَبْلَ غُسْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ لِلْغُسْلِ إلَّا أَنْ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ فَيَسْقُطَانِ لِتَلَازُمِهِمَا.

قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمَدْفُونَ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ يُخْرَجُ مَا لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ.

(وَلَا يُصَلَّى) عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ (عَلَى مَنْ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِ) جَمَاعَةٌ قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا تُكَرَّرُ وَأَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ مُنْفَرِدٌ لَنُدِبَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِ (وَ) مَنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ يَجِبُ أَنْ (يُصَلَّى عَلَى أَكْثَرِ الْجَسَدِ) مِنْهُ كَالثُّلُثَيْنِ بَعْدَ تَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَكْثَرِ وَيَنْوِي الْمُصَلِّي الصَّلَاةَ عَلَى الْجَمِيعِ. (وَاخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مِثْلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ) وَأَمَّا دُونَ الْجُلِّ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الصَّلَاةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا مَا دُونَ الْجُلِّ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ الرَّأْسُ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ: وَإِنَّمَا لَمْ يُصَلَّ عَلَى مَا دُونَ الثُّلُثَيْنِ لِأَدَائِهِ إلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ وَهِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ رضي الله عنه وَأَصْحَابِهِ، وَاغْتُفِرَ غَيْبَةُ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ، وَبِهَذَا التَّوْجِيهِ انْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ التُّونُسِيِّ بِأَنَّ عَدَمَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا دُونَ الْجُلِّ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى مَا دُونَ الْجُلِّ تُؤَدِّي إلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ وَهِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَالصَّلَاةُ قِيلَ إنَّهَا سُنَّةٌ وَلَا يُرْتَكَبُ غَيْرُ الْجَائِزِ لِسُنَّةٍ، وَبَحَثَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي ذَلِكَ قَائِلًا: إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا الْكَلَامُ إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ مُحَرَّمَةً، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهَا فَلَا كَيْفَ، وَقَدْ قِيلَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرْمَتِهَا وَفِيهِ شَيْءٌ لِاحْتِجَاجِ الْمُخَالِفِ بِصَلَاةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّجَاشِيِّ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ، وَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا بِأَنَّ هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَوْ أَنَّ الْأَرْضَ رَفَعَتْهُ لَهُ وَرَآهُ وَنَعَاهُ لِأَصْحَابِهِ فَأَمَّهُمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُوَارَى، وَيَدُلُّ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا صَلَّى أَحَدٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ وُورِيَ، الْحَالُ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمَ رَغْبَةً.

ص: 299