المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[من أخطأ القبلة في الصلاة] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[من أخطأ القبلة في الصلاة]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الفواكه الدواني]

وَأَيْضًا قَدْ «قَالَ صلى الله عليه وسلم لِرَبَاحٍ وَهُوَ يَنْفُخُ فِي التُّرَابِ: مَنْ نَفَخَ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَكَلَّمَ» وَغَيْرُ ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ، وَمَفْهُومٌ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ النَّفْخَ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ بِكَلَامٍ، فَمَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يَحْنَثُ بِنَفْخِهِ، أَوْ حَلَفَ لَيَتَكَلَّمَنَّ لَا يَبِرُّ بِنَفْخِهِ.

1 -

(فُرُوعٌ تَشْتَدُّ حَاجَةُ الطَّالِبِ لِمَعْرِفَتِهَا) مِنْهَا: التَّنَحْنُحُ فِي الصَّلَاةِ لِضَرُورَةٍ لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَلَا سُجُودَ يَسْجُدُ، وَلِغَيْرِ ضَرُورَةٍ قَوْلَانِ الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْإِبْطَالِ بِهِ لِغَيْرِهَا، وَلَكِنْ قَيَّدَهُ السَّنْهُورِيُّ بِمَا إذَا فَعَلَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّلَاةِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ عَبَثًا، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ خَلِيلٍ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ لِغَيْرِهَا أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّلَاةِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فَعَلَهُ لِحَاجَةٍ غَيْرِ مُتَعَلِّقَةٍ بِهَا كَإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا لَوْ تَنَحْنَحَ عَبَثًا عَامِدًا فِي صَلَاتِهِ لَبَطَلَتْ وَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ الْبُطْلَانِ، وَقَالَ الْحَطَّابُ: ظَاهِرُ كَلَامِ خَلِيلٍ وَلَوْ فَعَلَهُ عَبَثًا حَيْثُ قَلَّ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ كَلَامَ السَّنْهُورِيِّ أَوْجَهُ.

قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنَّ الْجُشَاءَ وَالتَّنَخُّمَ كَالتَّنَحْنُحِ فِي أَحْكَامِهِ.

1 -

(الْفَرْعُ الثَّانِي) التَّشَهُّدُ فِي الصَّلَاةِ.

قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: إنْ فَعَلَهُ غَلَبَةً فَمُغْتَفَرٌ، وَإِنْ فَعَلَهُ سَهْوًا سَجَدَ غَيْرُ الْمَأْمُومِ، وَإِنْ فَعَلَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ.

(الْفَرْعُ الثَّالِثُ) الْأَنِينُ لِلْوَجَعِ فِي الصَّلَاةِ، الْمَذْهَبُ عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ، وَمِثْلُهُ الْبُكَاءُ إذَا كَانَ بِلَا صَوْتٍ حَصَلَ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً كَانَ لِتَخَشُّعٍ أَوْ لَا، إلَّا أَنْ يَكْثُرَ اخْتِيَارًا، وَإِلَّا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا مَا كَانَ بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ اخْتِيَارًا أَبْطَلَ مُطْلَقًا، وَأَمَّا غَلَبَةً فَإِنْ كَانَ لِخُشُوعٍ لَمْ يُبْطِلْ وَلِغَيْرِ خُشُوعٍ يُبْطِلُ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ حَيْثُ لَمْ يَكْثُرْ وَإِلَّا أَبْطَلَ، هَذَا مُلَخَّصُ قَوْلِ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ: الْبُكَاءُ الْمَسْمُوعُ إذَا كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ يَلْحَقُ بِالْكَلَامِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:«إنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ إذَا قَامَ فِي مَقَامِك لَمْ يُسْمِعْ النَّاسَ مِنْ الْبُكَاءِ، وَإِنْ تَرَدَّدَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ هَلْ هُوَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَوْ مِنْ النَّاسِ؟ لَمَا رَأَوْا أَبَا بَكْرٍ قَامَ مَقَامَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم» وَفِي مُسْلِمٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ.

وَالْمُرَادُ بِبُكَاءِ التَّخَشُّعِ الْبُكَاءُ لِخَوْفِ اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَوَقَعَ التَّوَقُّفُ مِنْ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الْأُجْهُورِيِّ فِي الْبُكَاءِ سُرُورًا لِمَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ هَلْ هُوَ كَالضَّحِكِ قَهْقَهَةٌ فِي الصَّلَاةِ، فَيَكُونُ الصَّوَابُ فِيهِ الْبُطْلَانُ بِهِ أَمْ لَا؟ اُنْظُرْ النَّصَّ الصَّرِيحَ فِي ذَلِكَ وَيَظْهَرُ الْبُطْلَانُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ غَلَبَةً فَيَكُونُ عَبَثًا فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَهْقَهَةِ وَالْكَلَامِ فِيمَا مَرَّ.

[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: (وَمَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ) بَعْدَ أَنْ صَلَّى مُجْتَهِدًا فِي جِهَتِهَا أَوْ مُقَلِّدًا غَيْرَهُ عَدْلًا عَارِفًا أَوْ مِحْرَابًا لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ جَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ وَكَانَ الْخَطَأُ بِغَيْرِ نِسْيَانٍ.

(أَعَادَ فِي الْوَقْتِ) أَيْ تِلْكَ الْفَرِيضَةَ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَاحْتُرِزَ بِالْخَطَأِ عَمَّنْ خَالَفَ الْقِبْلَةَ عَمْدًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَبَطَلَتْ إنْ خَالَفَهَا وَإِنْ صَادَفَ، فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْعَمْدِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ كَالتَّتَائِيِّ وَالزَّرْقَانِيِّ، وَقَوْلُنَا فِي الْمُجْتَهِدِ إذَا اجْتَهَدَ أَوْ قَلَّدَ غَيْرَهُ عَدْلًا عَارِفًا احْتِرَازٌ مِنْ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي تَحَيَّرَ وَاخْتَارَ جِهَةً وَصَلَّى لَهَا، وَالْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ، وَتَخَيَّرَ جِهَةً وَصَلَّى لَهَا فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَوْلُنَا: وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ جَامِعِ عَمْرٍو لِلِاحْتِرَازِ عَمَّنْ كَانَ يُصَلِّي لِهَؤُلَاءِ وَأَخْطَأَ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَيُعِيدُهَا أَبَدًا حَيْثُ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ، سَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا، وَسَوَاءٌ كَانَ أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا، هَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ عَيْنَ الْكَعْبَةِ وَإِنْ بِمَشَقَّةٍ، وَمَنْ بِالْمَدِينَةِ يُصَلِّي إلَى مِحْرَابِهِ صلى الله عليه وسلم، وَمِثْلُ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ سَائِرُ الْمَسَاجِدِ الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا عليه الصلاة والسلام، فَإِنَّ قِبْلَتَهَا مُسَامِتَةٌ لِلْكَعْبَةِ فَلَا يُصَلِّي إلَّا إلَيْهَا مَعَ الْعِلْمِ بِقِبْلَتِهَا، وَلَا يَصِحُّ الِاجْتِهَادُ فِي تِلْكَ الْأَمَاكِنِ، وَقِبْلَةُ جَامِعِ عَمْرٍو مُجْمَعٌ عَلَى مُسَامَتَتِهَا لِلْكَعْبَةِ أَيْضًا، وَقَوْلُنَا بَعْدَ أَنْ صَلَّى يُشْعِرُ بِأَنَّ الْخَطَأَ تَبَيَّنَ بَعْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ فِي أَثْنَائِهَا فَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ بِصَلَاةٍ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى وَمُنْحَرِفٍ يَسِيرًا، وَهُوَ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا بِأَنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ، وَأَمَّا الْأَعْمَى مُطْلَقًا، وَالْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ يَسِيرًا فَيَسْتَقْبِلَانِهِ اوَلَا يَقْطَعَانِ، فَإِنْ تَرَكَا الِاسْتِقْبَالَ عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمَا بِخِلَافِ الْبَصِيرِ الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا، وَلَفْظُ الْأُجْهُورِيِّ: أَمَّا لَوْ لَمْ يَسْتَقْبِلَانِهَا فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ فِيهِمَا فِي الْيَسِيرِ بَاطِلَةٌ لِغَيْرِ الْأَعْمَى فِي الْكَثِيرِ، وَأَقُولُ: جَعْلُهُ الْبُطْلَانَ لِغَيْرِ الْأَعْمَى فِي الْكَثِيرِ مُرَتَّبًا عَلَى عَدَمِ الِاسْتِقْبَالِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْخَطَأِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ خَلِيلٍ: قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى، دُونَ أَنْ يَقُولَ بَطَلَتْ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عُذْرُهُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ عَلَى الْخَطَأِ وَتَلَبُّسُهُ بِالصَّلَاةِ وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ.

وَقَوْلُنَا: بِأَنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْخَطَأِ الْيَسِيرِ، فَإِنَّهُ لَا تَنْدُبُ لِأَجْلِهِ إعَادَةٌ فِي حَقِّ الْأَعْمَى مُطْلَقًا وَلَا الْبَصِيرِ فِي الْيَسِيرِ، وَإِنَّمَا تَنْدُبُ فِي حَقِّ الْبَصِيرِ الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالْقَطْعِ عِنْد تَبَيُّنِ الْخَطَأِ فِي الْأَثْنَاءِ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُؤْمَرُ بِالْقَطْعِ بَلْ بِالِاسْتِقْبَالِ وَهُوَ الْأَعْمَى مُطْلَقًا أَوْ

ص: 229

بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ عَلَى مَكَان نَجِسٍ

وَكَذَلِكَ مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ مُخْتَلِفٍ فِي نَجَاسَتِهِ

وَأَمَّا مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ

ــ

[الفواكه الدواني]

غَيْرُهُ فِي الْيَسِيرِ، وَفَرَضْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ حَصَلَ لَهُ الْخَطَأُ بِغَيْرِ النِّسْيَانِ، وَأَمَّا مَنْ أَخْطَأَ نَاسِيًا فَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا بِلَا خِلَافٍ، وَالْمُرَادُ نَسِيَ إمَّا مَطْلُوبِيَّةَ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ نَسِيَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَالْخِلَافُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا جَاهِلُ حُكْمِ الِاسْتِقْبَالِ فَيُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ أَخْطَأَ لِغَيْرِ نِسْيَانٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَمَنْ أَخْطَأَ لِنِسْيَانٍ؟ فَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْإِعَادَةِ أَبَدًا أَوْ فِي الْوَقْتِ، فَالْجَوَابُ: أَنَّ النَّاسِيَ عِنْدَهُ تَفْرِيطٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَدْ فَعَلَ مَقْدُورَهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ لِلْعَدْلِ الْعَارِفِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّخْيِيرِ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ: مَنْ صَلَّى بِوَاحِدٍ مِنْ مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ جَامِعِ عَمْرٍو بِالْفُسْطَاطِ فَتَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ، وَلَوْ كَانَ أَعْمَى مُنْحَرِفًا يَسِيرًا، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَائِرَ الْمَحَارِيبِ الْكَائِنَةِ بِالْمَدِينَةِ لَوْ صَلَّى إلَيْهَا كَمِحْرَابِ قُبَاءَ حُكْمُهُ حُكْمُ مِحْرَابِ مَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام.

(تَنْبِيهٌ) : عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِمَّا ذَكَرْنَا وُجُوبُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَلَوْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ لَكِنْ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ. وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ، وَالْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ مَعَ ظُهُورِ الْعَلَامَاتِ لَهُ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ.

قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ، وَابْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ: مَنْ جَحَدَ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فَهُوَ كَافِرٌ يُقْتَلُ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ، فَإِنْ رَجَعَ تَرَكَ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَدِلَّتِهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: دَلِيلُ الْقِبْلَةِ بِالنَّهَارِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ ظِلَّكَ عِنْدَ وُقُوفِكَ قَبْلَ الْأَخْذِ فِي الزِّيَادَةِ فَذَلِكَ قِبْلَتُكَ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجْرِي فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَاَلَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَلَوْ مِحْرَابًا صَحِيحًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ الْمَغْرِبَ فِي صَلَاتِهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، أَوْ يَجْعَلَ الْمَشْرِقَ أَمَامَ وَجْهِهِ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي أَيِّ زَمَنٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ انْحِرَافٌ يَكُونُ يَسِيرًا، وَهُوَ لَا يَضُرُّ عِنْدَنَا، فِيمَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ.

وَمِنْ جُمْلَةِ الْعَلَامَاتِ لِمَنْ كَانَ مِصْرِيًّا أَنْ يَجْعَلَ الْقُطْبَ خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُسْرَى، وَإِنْ كَانَ بِالْعِرَاقِ خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى، وَإِنْ كَانَ بِالشَّامِ يَجْعَلُهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَإِنْ كَانَ بِالْيَمَنِ يَجْعَلُهُ أَمَامَهُ، فَإِنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَكُونُ مُسْتَقْبِلًا، فَإِنَّ الْعِرَاقَ مُقَابِلٌ لِمِصْرِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ، وَالشَّامَ مِنْ جِهَةِ شِمَالِ مُسْتَقْبِلِ قِبْلَةِ مِصْرَ، وَالْيَمَنَ فِي جَنُوبِهِ، وَقَوْلُنَا إنْ كَانَ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ لِقَوْلِ خَلِيلٍ وَلَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدٌ غَيْرَهُ وَلَا مِحْرَابًا إلَّا لِمِصْرِ وَإِنْ أَعْمَى، وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ، وَقَلَّدَ غَيْرَهُ مُكَلَّفًا عَارِفًا أَوْ مِحْرَابًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُقَلِّدُ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ تَخَيَّرَ الْمُجْتَهِدُ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ جِهَةً تَرْكَنُ إلَيْهَا نَفْسُهُ وَيُصَلِّي، وَإِنْ صَلَّى لِلْأَرْبَعِ جِهَاتٍ لَكَانَ فِعْلُهُ حَسَنًا لِاخْتِيَارِ بَعْضِ الشُّيُوخِ لَهُ، وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ بِكُلِّ وَجْهٍ كَالْمُصَلِّي فِي حَالَةِ الِالْتِحَامِ أَوْ مِنْ تَحْتِ هَدْمٍ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ كَمَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ سَفَرَ قَصْرٍ عَلَى دَابَّةِ النَّافِلَةِ لِجِهَةِ سَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ وِتْرًا، وَإِنَّمَا أَطَلْت فِي ذَلِكَ لِدَاعِي الْحَاجَةِ وَإِجْحَافِ الْمُصَنِّفِ.

(وَكَذَلِكَ) أَيْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (مَنْ صَلَّى) فَرِيضَةً (بِثَوْبٍ نَجِسٍ) أَوْ مُتَنَجِّسٍ مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى إزَالَتِهَا وَاتِّسَاعِ الْوَقْتِ، وَكَانَتْ تِلْكَ النَّجَاسَةُ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إزَالَتِهَا، لَكِنْ صَلَّى نَاسِيًا لَهَا حَتَّى أَتَمَّ صَلَاتَهُ. (أَوْ) صَلَّى (عَلَى مَكَان نَجِسٍ) فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَيْضًا، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ إنَّمَا تَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَتَسْقُطُ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ، وَأَمَّا مَعَ الْعَمْدِ وَالْقُدْرَةِ فَالصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ وَتُعَادُ أَبَدًا، وَقِيلَ: إنَّهَا سُنَّةٌ فَتُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ مَعَ الْعَمْدِ وَالْقُدْرَةِ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ جَرْيَهُ عَلَى الْوُجُوبِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ صَلَاتِهِ عَاجِزًا عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ نَاسِيًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إزَالَتَهَا سُنَّةٌ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُصَلِّيَ بِهَا عَامِدًا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ إنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَالْوَقْتُ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ، وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَلِلْأَسْفَارِ الْأَعْلَى عَلَى مُقَابِلِهِ.

(تَنْبِيهٌ) أَشْعَرَ قَوْلُهُ صَلَّى أَنَّهُ لَمْ يَتَذَكَّرْ النَّجَاسَةَ فِي الثَّوْبِ أَوْ الْمَكَانِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا لَبَطَلَتْ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهَا كَمَا لَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ فِيهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةِ مُبْطِلٍ كَذِكْرِهَا فِيهَا لَا قَبْلَهَا، وَلَكِنْ يُقَيَّدُ الْبُطْلَانُ بِمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، وَكَانَ قَادِرًا عَلَى إزَالَتِهَا بِوُجُودِ الْمُطْلَقِ وَاتِّسَاعِ الْوَقْتِ، وَمِثْلُ وُجُودِ الْمُطْلَقِ الثَّوْبُ أَوْ الْمَكَانُ الطَّاهِرُ فَيُصَلِّي فِي غَيْرِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا يُكْمِلُ، وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ طَرْحِ مَا عَلَيْهِ أَوْ تَحَوُّلِهِ إلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ لِبُطْلَانِهَا بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ إزَالَتِهَا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا، وَلَا إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا أَوْ مَعْفُوًّا عَنْهَا، وَأَمَّا لَوْ رَآهَا فِي ثَوْبِهِ، وَهَمَّ بِقَطْعِهَا فَنَسِيَهَا وَتَمَادَى فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَنَسِيَهَا وَصَلَّى فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: لَا قَبْلَهَا، وَأَمَّا لَوْ رَآهَا فِي ثَوْبِ إمَامِهِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ إنْ قَرُبَ مِنْهُ، وَإِذَا بَعُدَ أَعْلَمَهُ بِالْكَلَامِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ تَبَعِيَّتُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِنَجَاسَةِ ثَوْبِهِ أَوْ مَكَانِهِ بَلْ يَسْتَخْلِفُ

ص: 230

أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ أَعَادَ صَلَاتَهُ أَبَدًا وَوُضُوءَهُ

وَرُخِّصَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ، وَكَذَلِكَ فِي طِينٍ وَظُلْمَةٍ

يُؤَذِّنُ لِلْمَغْرِبِ أَوَّلَ الْوَقْتِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ ثُمَّ يُقِيمُ فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَيُصَلِّيهَا

ــ

[الفواكه الدواني]

الْإِمَامُ، وَلَوْ الَّذِي أَعْلَمَهُ بِالنَّجَاسَةِ حَيْثُ لَمْ يَتْبَعْهُ بَعْدَ الْعِلْمِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِبُطْلَانِهَا عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَمَّا مَنْ سَجَدَ أَوْ جَلَسَ عَلَى نَجَاسَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا فَقِيلَ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ عَلِمَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ قَطَعَ وَابْتَدَأَ صَلَاتَهُ بِإِقَامَتِهِ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ عَرَفَةَ: يُتِمُّ صَلَاتَهُ مُتَنَحِّيًا عَنْهَا، وَأَمَّا مَنْ رَأَى فِي صَلَاتِهِ نَجَاسَةً بِعِمَامَتِهِ بَعْدَ سُقُوطِهَا يَقْطَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إلَى أَنَّهُ يَتَمَادَى وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَهَذِهِ فُرُوعٌ حِسَانٌ قَلَّ أَنْ تَجِدَهَا مَجْمُوعَةً هَكَذَا فَاحْرِصْ عَلَيْهَا.

(وَكَذَلِكَ) أَيْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجَسٍ) الْأُولَى مُتَنَجِّسٌ لِقَوْلِهِ: (مُخْتَلَفٌ فِي نَجَاسَتِهِ) كَالْقَلِيلِ الَّذِي حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، سَوَاءٌ تَوَضَّأَ بِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا، وَبَعْدَ الْوُضُوءِ مَا أَصَابَهُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُصَنِّفِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ لَمْ يَجِدْ سِوَاهُ تَرَكَهُ وَتَيَمَّمَ، وَمَعْنَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالنَّجَاسَةِ يَكْتَفِي بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ، وَالْقَائِلُ بِالطَّهَارَةِ يَقُولُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالنَّجَاسَةِ، وَاَلَّذِي فِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ بِهَذَا الْمَاءِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا عَلَى الْمَشْهُورِ.

قَالَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ: وَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَأَقُولُ: قَوْلُ الْعَلَّامَةِ الْأُجْهُورِيِّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ بِعَدَمِ إعَادَةِ مُسْتَعْمِلِهِ إنْ كَانَ لِنَصٍّ صَرِيحٍ عَنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ لِظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ فَلَا؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ لَا يُنَافِي نَدْبَ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ كَمَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ، فَلَعَلَّ الْأَحْوَطَ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ مِنْ نَدْبِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ.

(وَأَمَّا مَنْ تَوَضَّأَ) أَوْ اغْتَسَلَ (بِمَاءٍ قَدْ تَغَيَّرَ) وَلَوْ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ (لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ) بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا مِنْ طَاهِرٍ كَلَبَنٍ أَوْ نَجَسٍ كَبَوْلٍ (أَعَادَ صَلَاتَهُ أَبَدًا وَوُضُوءَهُ) وَاسْتِنْجَاءَهُ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخُبْثِ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْمُطْلَقِ، وَهُوَ الْبَاقِي عَلَى أَوْصَافِ خِلْقَتِهِ غَيْرَ مُسْتَخْرَجٍ مِنْ نَبَاتٍ وَلَا حَيَوَانٍ لَا بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا، وَلَا فَرْقَ فِي الْإِعَادَةِ بَيْنَ اسْتِعْمَالِهِ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ أَوْ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ التَّيَمُّمُ،

وَلَمَّا كَانَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الصَّلَاةِ جَمْعُهَا فَتُصَلَّى إحْدَاهُمَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ لَهَا إمَّا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَأَسْبَابُهُ سِتَّةٌ: الْمَطَرُ وَحْدَهُ وَالطِّينُ وَالظُّلْمَةُ وَعَرَفَةُ وَالْمُزْدَلِفَةُ وَالسَّفَرُ وَالْمَرَضُ وَحُكْمُهُ مُخْتَلِفٌ، وَبَيَّنَ كُلًّا فِي مَحَلِّهِ، فَأَشَارَ إلَى الْجَمْعِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ بِقَوْلِهِ:(وَرُخِّصَ) أَيْ سُهِّلَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ أَوْ السُّنِّيَّةِ (فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ) الْغَزِيرِ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ رُءُوسِهِمْ بِحَيْثُ يَشُقُّ مَعَهُ الْوُصُولُ إلَى الْمَنَازِلِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاقِعِ أَوْ الْمُتَوَقَّعِ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَاخْتَصَّ الْجَمْعُ بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِلْمَطَرِ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ وَرَدَ بِهِمَا الْخَبَرُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ السُّنَّةِ: إذَا كَانَ يَوْمَ مَطَرٍ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَأَيْضًا إنَّمَا يَفْعَلَانِ فِي اللَّيْلِ، وَهُوَ مَحَلُّ الظُّلْمَةِ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ لَفْظِ الرُّخْصَةِ الْإِبَاحَةُ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ قَدْ تَكُونُ سُنَّةً وَقَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً، فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: الْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ سُنَّةٌ، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: الْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ، وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ، وَقَدْ فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَفِعْلُهُمْ لَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ نَسْخٌ، وَأُلْحِقَ بِالْمَطَرِ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ.

(وَكَذَلِكَ) أَيْ رَخَّصَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (فِي) كُلِّ لَيْلَةٍ ذَاتِ (طِينٍ وَظُلْمَةٍ) لِكَوْنِهَا مِنْ لَيَالِيِ آخِرِ الشَّهْرِ لَا ظُلْمَةَ الْغَيْمِ نَهَارًا، فَلَا يُجْمَحُ لِأَجْلِهَا وَلَوْ انْضَمَّ لَهَا طِينٌ أَوْ رِيحٌ شَدِيدٌ، وَإِنَّمَا يُطْلَبُ ذَلِكَ الْجَمْعُ فِي حَقِّ أَرْبَابِ الْمَسَاجِدِ السَّاكِنَةِ بِغَيْرِهَا رِفْقًا بِهِمْ فِي تَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ زَائِدَةٍ بِسَبَبِ ذَهَابِهِمْ قَبْلَ شِدَّةِ الظَّلَّامِ اللَّاحِقَةِ لَهُمْ إنْ صَبَرُوا لِغَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجْمَعُ أَرْبَابُ الْمَسَاجِدِ الْمُعْتَكِفَةِ بِهَا إلَّا تَبَعًا لِمَنْ مَنْزِلُهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَسْجِدِ كَالْمُجَاوِرِينَ بِالْأَزْهَرِ الْمُنْقَطِعِينَ بِهِ لَا يَجْمَعُونَ إلَّا تَبَعًا لِلْإِمَامِ الَّذِي مَنْزِلُهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ لَوَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِخْلَافٌ مِنْ مَنْزِلِهِ خَارِجٌ عَنْ الْمَسْجِدِ وَيَتَأَخَّرُ الْمُعْتَكِفُ يُصَلِّي مَأْمُومًا تَبَعًا.

1 -

(تَنْبِيهَانِ) . الْأَوَّلُ: لَوْ صَلَّى شَخْصٌ الْمَغْرِبَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الْجَمَاعَةَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ مَعَهُمْ حَيْثُ يَطْمَعُ فِي إدْرَاكِ رَكْعَةٍ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، وَنِيَّةُ الْإِمَامِ الْجَمْعُ تَقُومُ مَقَامَ نِيَّتِهِ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَهُمْ فَرَغُوا أَوْ فِي التَّشَهُّدِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَيُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ لِلشَّفَقِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ الَّذِي دَخَلَهُ وَوَجَدَ أَهْلَهُ قَدْ جَمَعُوا أَحَدَ الْمَسَاجِدِ مَكَّةَ أَوْ

ص: 231