المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[زكاة عروض الاحتكار] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ١

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ: مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[أَحْكَامِ النِّفَاسِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَمَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ طَهَارَةِ الْمَاءِ]

- ‌[حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمُضَادَّةِ لِلطَّهَارَةِ]

- ‌[مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَمَسْنُونِهِ وَمَفْرُوضِهِ وَذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْوُضُوءِ]

- ‌[صِفَةِ الطَّهَارَة الْحَدَثِيَّةِ]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءِ]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْإِتْيَانُ بِهِ]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌بَابٌ فِي الْغُسْلِ

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَسْمَائِهَا

- ‌[بَاب الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[صفة الْأَذَان]

- ‌[صِفَةِ الْإِقَامَةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ

- ‌[صفة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد]

- ‌[مَا يُسْتَحَبُّ عَقِبَ الصَّلَاةِ]

- ‌وَأَقَلُّ الشَّفْعِ

- ‌[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]

- ‌[مَكْرُوهَات الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[بَيَان حُكْم الْمَأْمُوم فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب جَامِع فِي الصَّلَاة]

- ‌[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]

- ‌[مَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِهِ كَمَالَهَا]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً نَسِيَهَا]

- ‌[تَرْتِيبِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِصَلَاةٍ حَاضِرَةٍ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مَنْ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاة]

- ‌[أَسْبَاب الْجَمْع وَصِفَته]

- ‌[الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ]

- ‌[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الرُّعَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌[بَاب فِي سُجُود الْقُرْآن]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقْتَ صَلَاة الْجُمُعَةَ]

- ‌[شُرُوطِ وُجُوبِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[آدَاب الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخَوْف]

- ‌[صفة صَلَاة الْخَوْف فِي الْحَضَر]

- ‌[صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَالتَّكْبِير أَيَّام منى]

- ‌[زَمَن صَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[خُطْبَةَ الْعِيدِ]

- ‌[صِفَةِ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ]

- ‌[غُسْلَ الْعِيدِ]

- ‌[بَاب فِي صَلَاة الْخُسُوف]

- ‌[صفة صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف]

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌[وَقْت صَلَاة الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[بَاب مَا يَفْعَل بِالْمُحْتَضَرِ وَفِي غَسَلَ الْمَيِّت]

- ‌[الْبُكَاء عِنْدَ مَوْتِ الْمَيِّت]

- ‌[تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ]

- ‌[التَّكْفِينِ وَمَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ]

- ‌[غُسْلِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[صِفَةِ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ]

- ‌[بَاب فِي الصَّلَاة عَلَى الْجَنَائِز وَالدُّعَاء لِلْمَيِّتِ]

- ‌ دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ

- ‌مَنْ دُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ

- ‌بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغُسْلِهِ

- ‌بَابٌ فِي الصِّيَامِ

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ شَهْر رَمَضَان]

- ‌[شُرُوطِ الصَّوْمِ]

- ‌[أَسْبَابٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ]

- ‌[أَفْطَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَالَ كَوْنِهِ نَاسِيًا]

- ‌[مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّائِم فِي رَمَضَان]

- ‌[حُكْمِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ]

- ‌بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ

- ‌[أَقَلّ مُدَّة الأعتكاف]

- ‌[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]

- ‌[مَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ]

- ‌[مَالًا يُبْطِل الِاعْتِكَاف]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْعَيْن وَالْحَرْث وَالْمَاشِيَة وَمَا يَخْرَج مِنْ الْمَعْدِن]

- ‌ زَكَاةُ الْحَرْثِ

- ‌[زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[زَكَاة الْمَعَادِن]

- ‌[الْجِزْيَةَ وَشُرُوطهَا]

- ‌[قَدْرُ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ]

- ‌[مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْمَاشِيَة]

- ‌[نِصَابِ الْغَنَمِ]

- ‌[حُكْمِ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَهُوَ الْوَقْصُ]

- ‌[زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فِي الْأَنْعَام]

- ‌[شُرُوطِ زَكَّاهُ الْخَلِيطِينَ]

- ‌[بَاب فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[مَا تَخْرُجُ مِنْهُ صَدَقَة الْفِطْرِ]

- ‌[زَمَنِ إخْرَاجِهَا زَكَّاهُ الْفِطْر]

- ‌[بَاب فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[غَصَبَ مَالًا وَحَجَّ بِهِ]

- ‌[صِفَتِهِ الْإِحْرَام بِالْحَجِّ]

- ‌[سُنَنٍ الْغُسْلُ الْمُتَّصِلُ بِالْإِحْرَامِ]

- ‌[الْغُسْلُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ]

- ‌ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌[شُرُوطِ الرَّمْيِ]

- ‌ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ

- ‌[الْعُمْرَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا لَا يَحْرُمُ]

- ‌[أَفْضَل أَنْوَاع الْحَجّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ

- ‌[أَكْلُ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب فِي الْجِهَاد]

- ‌[وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَاب فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور]

الفصل: ‌[زكاة عروض الاحتكار]

الْعُرُوضِ حَتَّى تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ

فَإِذَا بِعْتهَا بَعْد حَوْلٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ أَخَذْت ثَمَنَهَا أَوْ زَكَّيْته فَفِي ثَمَنِهَا الزَّكَاةُ لِحَوْلٍ وَاحِدٍ أَقَامَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ حَوْلًا أَوْ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا لَا يَسْتَقِرُّ بِيَدِك عَيْنٌ وَلَا عَرَضٌ فَإِنَّك تُقَوِّمُ عُرُوضَك كُلَّ عَامٍ وَتُزْكِي ذَلِكَ مَعَ مَا بِيَدِك مِنْ الْعَيْنِ

وَحَوْلُ رِبْحِ الْمَالِ حَوْلُ أَصْلِهِ وَكَذَلِكَ حَوْلُ نَسْلِ الْأَنْعَامِ حَوْلُ الْأُمَّهَاتِ

وَمَنْ لَهُ مَالٌ

ــ

[الفواكه الدواني]

تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَلْيُخْرِجْ مِنْ كُلٍّ عَدَمُ جَوَازِ إخْرَاجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ بِصَرْفِ وَقْتِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا إخْرَاجُ الْفُلُوسِ الْجُدُدِ عَنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَيُجْزِئُ بَعْدَ الْوُقُوعِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَوَادِرِهِ.

الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ جَعْلِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُقَابِلَةً لِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ أَنَّ صَرْفَ دِينَارِ الزَّكَاةِ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ كَدِينَارِ الْجِزْيَةِ بِخِلَافِ صَرْفِ دِينَارِ غَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا.

[زَكَاة عُرُوض التِّجَارَة]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْحُبُوبِ وَالْعَيْنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعُرُوضِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا زَكَاةَ فِي) أَعْوَاضِ (الْعُرُوضِ) وَمِثْلُهَا الْكُتُبُ وَالْحَدِيدُ وَسَائِرُ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا زَكَاةَ فِي أَعْيَانِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْعُرُوضِ هُنَا مَا عَدَا النُّقُودِ وَمَاشِيَةُ الْأَنْعَامِ وَأُلْحِقَ بِهَا مَا فِي عَيْنِهِ الزَّكَاةُ وَنَقَصَ عَنْ النِّصَابِ أَوْ كَمُلَ، وَأُخْرِجَتْ زَكَاةُ عَيْنِهِ كَالْحَبِّ الْمُزَكَّى حِينَ التَّصْفِيَةِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ زَكَاةُ عَيْنِهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَإِنَّمَا قُدِّرَتْ فِي أَعْوَاضِ الْعُرُوضِ؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْعُرُوضِ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَلَوْ نَوَى بِهَا الْمَالِكُ التِّجَارَةَ. (حَتَّى تَكُونَ) أَيْ تَصِيرَ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتُ (لِلتِّجَارَةِ) بِأَنْ يَنْوِيَ حِينَ اسْتِحْدَاثِ مِلْكِهِ التِّجَارَةَ فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ بِزَكَاةِ عِوَضِهِ إذَا بَاعَهُ وَلَوْ صَاحَبَ نِيَّةَ التِّجَارَةِ غَيَّرَهَا كَنِيَّةِ قِنْيَةٍ أَوْ غَلَّةٍ أَوْ هُمَا، وَأَمَّا لَوْ اسْتَحْدَثَ مِلْكَهُ بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ أَوْ الِاغْتِلَالِ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ أَصْلًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا زَكَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَلَا عَبْدِهِ» . وَاعْلَمْ أَنَّ التِّجَارَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا احْتِكَارٌ بِأَنْ يَنْتَظِرَ بِالْبَيْعِ الرِّبْحَ وَيَرْصُدَ الْأَسْوَاقَ، وَإِمَّا إدَارَةٌ يَبِيعُ وَلَوْ بِالرُّخْصِ، وَلِلْقِسْمَيْنِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ، أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ الْعَرْضَ مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ، لَا إنْ مُلِكَ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بِمُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَالِيَّةٍ. كَالْمَأْخُوذِ مِنْ خُلْعٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إذَا بَاعَهُ وَلَوْ نَوَى بِهِ حِينَ تَمَلَّكَهُ التِّجَارَةَ بَلْ ثَمَنُهُ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ، فَلَوْ أَخَّرَ ثَمَنَهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَّرَ قَبْضَهُ هُرُوبًا مِنْ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نَوَى بِشِرَائِهِ التِّجَارَةَ وَلَوْ صَاحَبَ نِيَّتَهَا نِيَّةُ غَيْرِهَا كَمَا قَدَّمْنَا. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ عَيْنًا اشْتَرَاهُ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ أَوْ عَرْضًا مَلَكَهُ بِمُعَاوَضَةٍ وَلَوْ لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ بَاعَهُ وَاشْتَرَى بِهِ ذَلِكَ الْعَرْضَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْعَرْضَ بِعَيْنٍ لَا أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ بَاعَهُ بِغَيْرِ عَيْنٍ، إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِبَيْعِهِ بِغَيْرِ الْعَيْنِ الْهُرُوبَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَالْبَيْعُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَقِيقِيِّ مِنْهُ وَالْمَجَازِيِّ بِأَنْ يَسْتَهْلِكَهُ شَخْصٌ وَيَأْخُذَ التَّاجِرُ قِيمَتَهُ، لَكِنْ إنْ كَانَ التَّاجِرُ مُحْتَكِرًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِيعَ بِنِصَابٍ؛ لِأَنَّ عُرُوضَ الِاحْتِكَارِ لَا تُقَوَّمُ، وَإِنْ كَانَ مُدِيرًا فَيَكْفِي فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي حَقِّهِ مُطْلَقُ الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ مَا بَاعَهُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْوِيمُ بَقِيَّةِ عُرُوضِهِ

[زَكَاة عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ]

، وَبَدَأَ بِحُكْمِ عُرُوضِ الِاحْتِكَارِ بِقَوْلِهِ:(فَإِذَا بِعْتهَا) أَوْ اسْتَهْلَكَهَا شَخْصٌ وَأَخَذْت قِيمَتَهَا أَيْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِكَارِ (بَعْدَ حَوْلٍ فَأَكْثَرَ) ابْتِدَاؤُهُ (مِنْ يَوْمِ أَخَذْت) أَيْ مَلَكْت (ثَمَنَهَا) إنْ لَمْ تَكُنْ زَكَّيْته (أَوْ) مِنْ يَوْمِ (زَكَّيْته فَفِي ثَمَنِهَا الزَّكَاةُ) حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا لَا إنْ كَانَ عَرْضًا، إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِأَخْذِ الْعَرْضِ ثَمَنًا الْهُرُوبَ مِنْ الزَّكَاةِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ (لِحَوْلٍ وَاحِدٍ) سَوَاءٌ (أَقَامَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ حَوْلًا أَوْ أَكْثَرَ) وَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُحْتَكِرِ أَنْ يَكُونَ بَاعَ بِنِصَابٍ كَمَا قَدَّمْنَا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: بِعْتهَا بَعْدَ حَوْلٍ عَمَّا لَوْ بَاعَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ.

(تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: إذَا عَرَفْت مَا قَدَّمْت لَك مِنْ الشُّرُوطِ ظَهَرَ لَك مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْإِجْمَالِ الْحَامِلِ عَلَيْهِ الِاخْتِصَارُ.

الثَّانِي: رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِالْعِنَايَةِ جَوَازُ الِاحْتِكَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَوْ فِي الْأَطْعِمَةِ، لَكِنْ يُفِيدُ الْجَوَازَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بِالنَّاسِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ جَمِيعَ مَا فِي السُّوقِ بِحَيْثُ لَا يَتْرُكُ لِغَيْرِهِ شَيْئًا مِمَّا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فَيُمْنَعُ، وَلَا يُمْكِنُ إلَّا مِنْ شِرَاءِ قَدْرِ حَاجَتِهِ، وَثَنَّى بِالْكَلَامِ عَلَى عُرُوضِ الْإِعَارَةِ بِقَوْلِهِ:(إلَّا أَنْ تَكُونَ مُدِيرًا) أَيْ حَرِيصًا عَلَى سُرْعَةِ الْبَيْعِ بِحَيْثُ (لَا يَسْتَقِرُّ) أَيْ لَا يَمْكُثُ (بِيَدِك عَيْنٌ وَلَا عَرْضٌ) بَلْ تَبِيعُ وَلَوْ بِلَا رِبْحٍ وَتَخْلُفُهُ بِغَيْرِهِ كَالْعَطَّارِينَ وَالزَّيَّاتِينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَرْصُدُ الْأَسْوَاقَ. (فَإِنَّك) يَا مُدِيرُ إذَا بِعْت بِنَقْدٍ وَلَوْ دِرْهَمًا (تُقَوِّمُ عُرُوضَك) قِيمَةَ عَدْلٍ تُرَاعِي فِيهَا الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ فِي (كُلِّ عَامٍ) وَالتَّقْوِيمُ عَامٌّ فِي سَائِرِ عُرُوضِهِ الْمُعَدَّةِ لِلتِّجَارَةِ وَلَوْ طَعَامَ سَلَمٍ وَلَوْ بَارَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ؛ لِأَنَّ بَوَارَهَا وَكَسَادَهَا لَا يَنْقُلُهَا لِلْقِنْيَةِ وَلَا لِلِاحْتِكَارِ، وَكَذَا دُيُونُهُ الَّتِي عَلَى النَّاسِ الْمُؤَجَّلَةُ الْكَائِنَةُ مِنْ بَيْعٍ كَانَتْ عُرُوضًا أَوْ نُقُودًا حَيْثُ كَانَتْ مَرْجُوَّةً، لَكِنَّ الْعَرْضَ يَوْمٌ بِعَيْنٍ وَالنَّقْدَ بِعَرْضٍ ثُمَّ بِنَقْدٍ لَا دُيُونُهُ الْغَيْرُ الْمَرْجُوَّةِ، وَلَا دَيْنُ الْقَرْضِ أَوْ دُيُونُهُ الْكَائِنَةُ مِنْ بَيْعٍ إذَا كَانَتْ مِنْ النَّقْدِ الْحَالِّ الْمَرْجُوِّ فَالْمُعْتَبَرُ عَدَدُهَا، وَأَمَّا دَيْنُ الْقَرْضِ فَلَا يُزَكَّى إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ وَلَوْ مَكَثَ أَعْوَامًا عَلَى الْمَدِينِ.

(وَ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّقْوِيمِ (تُزَكِّي ذَلِكَ) الْقَدْرَ الْمَجْمُوعَ مِنْ الْقِيَمِ (مَعَ مَا بِيَدِك مِنْ الْعَيْنِ) النَّاضَّةِ عِنْدَك وَكَذَلِكَ

ص: 331

تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ أَوْ يَنْقُصُهُ وَعَنْ مِقْدَارِ مَالِ الزَّكَاةِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِمَّا لَا يُزَكَّى مِنْ

ــ

[الفواكه الدواني]

النَّقْدُ الْحَالُّ الْمَرْجُوُّ وَالْمُعَدُّ لِلنَّمَاءِ، لَا إنْ كَانَ سَلَفًا عَلَى النَّاسِ فَلَا يُعْتَبَرُ عَدَدُ الْحَالِّ مِنْهُ، وَلَا يُقَوَّمُ الْمُؤَجَّلُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَتَأَوَّلَتْهُ الْمُدَوَّنَةُ بِتَقْوِيمِ الْمُؤَجَّلِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمُدِيرَ لَا يَلْزَمُهُ تَقْوِيمُ عُرُوضِهِ إلَّا إنْ بَاعَ شَيْئًا وَلَوْ بِدِرْهَمٍ حَيْثُ قَبَضَهُ وَلَوْ أَتْلَفَهُ سَرِيعًا بَعْدَ قَبْضِهِ، لَا إنْ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا أَوْ بَاعَ عُرُوضَهُ بِعُرُوضٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالْبَيْعِ بِالْعُرُوضِ الْهُرُوبَ مِنْ الزَّكَاةِ.

الثَّانِي: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كُلَّ عَامِ لَمْ يُبَيِّنْ أَوَّلَ الْعَامِ إحَالَةً عَلَى الْمُحْتَكِرِ مِنْ أَنَّهُ يُزَكِّي مِنْ يَوْمِ تَزْكِيَةِ الْأَصْلِ أَوْ مِلْكِهِ.

1 -

الثَّالِثُ: لَوْ بَاعَ الْعُرُوضَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ فَزَادَ ثَمَنَهَا عَلَى قِيمَتِهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: ثُمَّ زِيَادَتُهُ مُلْغَاةٌ بِخِلَافِ حُلِيِّ التَّجْرِ، كَمَا أَنَّهَا لَوْ بِيعَتْ بِبَخْسٍ فَلَا تُسْتَرَدُّ الزِّيَادَةُ مِنْ الْفَقِيرِ.

1 -

الرَّابِعُ: لَوْ كَانَ الْمُدِيرُ كَافِرًا وَأَسْلَمَ وَبَاعَ بِعَيْنٍ فَهَلْ يُقَوِّمُ عُرُوضَهُ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ إسْلَامِهِ أَوْ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ؟ قَوْلَانِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ الْمُحْتَكِرُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ بِالثَّمَنِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ قَوْلًا وَاحِدًا كَالْفَائِدَةِ

، وَأَمَّا الْعَيْنُ لَا تُزَكَّى كَغَيْرِهَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ عَامٍ، وَكَانَ حَوْلُ الرِّبْحِ وَالنِّتَاجِ حَوْلَ أَصْلِهِ قَالَ:(وَحَوْلُ رِبْحِ الْمَالِ حَوْلُ أَصْلِهِ) فَيُضَمُّ لِأَصْلِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَضَمُّ الرِّبْحِ لِأَصْلِهِ كَغَلَّةِ مُكْتَرٍ لِلتِّجَارَةِ وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ، فَإِذَا اسْتَلَفَ قَدْرًا وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً ثُمَّ بَاعَهَا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا تَسَلَّفَهُ عِشْرِينَ دِينَارًا مَثَلًا بَعْد حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ السَّلَفِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِقَدْرٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ حَوْلٍ بِثَمَنٍ زَائِدٍ عَلَى ثَمَنِهَا نِصَابًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَفَائِدَةُ بِنَاءِ حَوْلِهِ عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصْلُهُ مِنْ نِصَابٍ وَكَمُلَ بِهِ النِّصَابُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ كَامِنٌ فِي أَصْلِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ رِبْحِ الْفَوَائِدِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ كَمَا يَسْتَقْبِلُ بِهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ كَعَطِيَّةِ أَوْ غَيْرِ مُزَكًّى كَثَمَنِ مُقْتَنًى، وَحَقِيقَةُ رِبْحِ الْمَالِ الَّذِي حَوْلُهُ حَوْلُ أَصْلِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ زَائِدُ ثَمَنٍ مُبِيحٍ تَجُرُّ عَلَى ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً. (تَنْبِيهٌ) : لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله حَوْلَ أَصْلِهِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا تَسَلَّفَهَا، أَوْ عَرْضَا تَسَلَّفَهُ، أَوْ عَرَضًا اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ، أَوْ عَرَضًا اشْتَرَاهُ لِلْقِنْيَةِ، وَبَدَا لَهُ التَّجْرُ فِيهِ، فَالْحَوْلُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ يَوْمِ الْقَرْضِ، وَفِي الثَّانِي مِنْ يَوْمِ التَّجْرِ، وَفِي الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ.

وَفِي الرَّابِعِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ (وَكَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ رِبْحِ الْمَالِ (حَوْلُ نَسْلِ الْأَنْعَامِ) هُوَ (حَوْلُ الْأُمَّهَاتِ) وَلَوْ كَانَتْ الْأُمَّهَاتُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثٌ مِنْ الْإِبِلِ فَوَلَدَتْ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ مِنْ الضَّأْنِ فَوَلَدَتْ تَمَامَ النِّصَابِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ، لِأَنَّ نَسْلَ الْحَيَوَانِ كَرِبْحِ الْمَالِ يُضَمُّ لِأَصْلِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ النَّسْلُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الْأُمَّهَاتِ فَلَوْ نَتَجَتْ الْإِبِلُ غَنَمًا أَوْ الْبَقَرُ إبِلًا نِصَابًا لَكَانَ حَوْلُ النَّسْلِ حَوْلَ الْأُمَّهَاتِ، لَكِنْ يُرَاعَى النِّصَابُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّسْلُ مِنْ نَوْعِ الْأَصْلِ، فَلَا تُضَمُّ الْإِبِلُ لِلْبَقَرِ وَلَا عَكْسُهُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ.

(خَاتِمَةٌ) لَمْ يُنَبِّهْ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مَا لَوْ اسْتَفَادَ شَيْئًا وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ مَا اسْتَفَادَهُ عَيْنًا بِأَنْ وَرِثَ نَقْدًا أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ بَاعَ دَارًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ قَبَضَ أُجْرَةً فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ كَعَطِيَّةٍ أَوْ ثَمَنِ غَيْرِ مُزَكًّى، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَا اسْتَفَادَهُ مَاشِيَةً فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ نَوْعِهَا نِصَابٌ ضَمَّهَا إلَيْهِ وَزَكَّاهَا لِحَوْلِ الْأَصْلِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ وَإِنْ قَبْلَ حَوْلِهِ بِيَوْمٍ لَا لِأَقَلَّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ فَائِدَةِ الْعَيْنِ وَفَائِدَةِ الْمَاشِيَةِ أَنَّ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ مَوْكُولَةٌ لِلسَّاعِي فَلَوْ لَمْ تُضَمَّ لَخَرَجَ السَّاعِي فِي كُلِّ زَمَنٍ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ زَكَاةِ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا

. وَلَمَّا قَدَّمْنَا أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ عَدَمُ الدَّيْنِ قَالَ: (وَمَنْ لَهُ مَالٌ) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ (تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ) لِكَوْنِهِ نِصَابًا (وَ) لَكِنْ (عَلَيْهِ دَيْنُ مِثْلِهِ) أَيْ قَدْرُهُ كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ (أَوْ) أَقَلُّ مِنْهُ لَكِنْ (يُنْقِصُهُ عَنْ مِقْدَارِ مَالِ الزَّكَاةِ) أَيْ عَنْ النِّصَابِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَعَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ (فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ) لِخَبَرِ: «إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ» وَلِمَا وَرَدَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ: هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَقْضِهِ فَإِنْ فَضَلَ لَهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلْيُزْكِهِ ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. (تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي الدَّيْنِ شُمُولُهُ لِدَيْنِ الزَّكَاةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِذَا تَجَمَّدَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يُعَادِلُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَيْنِ النِّصَابَ أَوْ يُنْقِصَهُ عَنْ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَشُمُولُهُ لِلْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ، وَلَوْ مَهْرَ زَوْجَتِهِ الْمُؤَجَّلَ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَاهُ لَا دَيْنَ كَفَّارَةٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ نَذْرٍ فَلَا يُسْقِطُ زَكَاةَ مَا عِنْدَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ مِنْ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَتُؤْخَذُ وَلَوْ كَرْهًا، بِخِلَافِ نَحْوِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ. وَلَمَّا كَانَ إسْقَاطُ

ص: 332

عُرُوضٍ مُقْتَنَاةٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُقْتَنَاةٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ رَيْعٍ مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِدَيْنِهِ فَلْيُزَكِّ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ تَفِ عُرُوضُهُ بِدَيْنِهِ حَسَبَ بَقِيَّةِ دَيْنِهِ فِيمَا بِيَدِهِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ

وَلَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ زَكَاةَ حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ وَلَا مَاشِيَةٍ

وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي دَيْنٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَإِنْ أَقَامَ أَعْوَامًا فَإِنَّمَا يُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ وَكَذَلِكَ الْعَرْضُ حَتَّى يَبِيعَهُ وَإِنْ

ــ

[الفواكه الدواني]

الدَّيْنِ الزَّكَاةِ مِنْ الْعَيْنِ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ وُجُودِ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ مِنْ الْعُرُوضِ قَالَ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ) أَيْ مَنْ لَهُ مَالُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَدْرُهُ وَلَا يَنْقُصُ النِّصَابُ (مِمَّا لَا يُزَكَّى) وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (مِنْ عُرُوضٍ مُقْتَنَاةٍ) كَثِيَابٍ (أَوْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُقْتَنًى أَوْ عَقَارٍ أَوْ رُبْعِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِدَيْنِهِ) أَوْ مُعَشَّرٍ وَإِنْ زُكِّيَ أَوْ مَعْدِنٍ أَوْ قِيمَةِ كِتَابَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ (فَلْيُزَكِّ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ) وَيُجْعَلُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِمَّا لَا يُزَكَّى إلَخْ الظَّرْفُ خَبَرُ يَكُونَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْمِ وَمَا فِيهِ وَفَاءٌ اسْمُهَا مُؤَخَّرٌ، وَقَوْلُهُ مِمَّا لَا يُزَكَّى رُتْبَتُهُ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمَا الْوَاقِعَةِ اسْمًا، فَفِي كَلَامِهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا فِيهِ وَفَاءٌ مِمَّا لَا يُزَكَّى مِنْ عَرَضٍ إلَخْ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِدَيْنِهِ بِقَوْلِهِ:(فَإِنْ لَمْ تَفِ عُرُوضُهُ) الَّتِي عِنْدَهُ (بِدَيْنِهِ) بِأَنْ زَادَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ عَلَى قِيمَةِ الْعُرُوضِ الَّتِي عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْعُرُوضَ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِهِ (حَسَبَ بَقِيَّةِ دَيْنِهِ) مِمَّا خَرَجَ عَنْ قِيمَةِ الْعَرَضِ (فِيمَا بِيَدِهِ) مِنْ الْمَالِ (فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ) الْمَحْسُوبُ فِي الدَّيْنِ (مَا فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ) مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ ثَلَاثُونَ دِينَارًا وَعَلَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَعِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مَا يُوفِي عَشْرَةً تَبْقَى عَشْرَةُ مِنْ الدَّيْنِ بِحَسَبِهَا وَيَأْخُذُهَا مِنْ الثَّلَاثِينَ الَّتِي عِنْدَهُ وَيُعْطِيهَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَبْقَى بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ عِشْرُونَ فَيُزَكِّيهَا، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ إذَا لَمْ يَبْقَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ وَعَلَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَعِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يَفِي بِعَشْرَةٍ يَبْقَى مِنْ الدَّيْنِ عَشْرَةٌ يُعْطِيهَا مِنْ الْعِشْرِينَ الَّتِي عِنْدَهُ يَفْضُلُ لَهُ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ عَشْرَةٌ لَا زَكَاةَ فِيهَا

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ فَقَطْ ذَكَرَ مُحْتَرِزَهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُسْقِطُ الدَّيْنَ زَكَاةُ حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ وَلَا مَاشِيَةٍ) وَلَا مَعْدِنٍ وَلَا رِكَازٍ، فَمَنْ خَرَجَ مِنْ زَرْعِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ وَجَدَ فِي مَاشِيَتِهِ نِصَابًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَيُوَفِّي دَيْنَهُ مِنْ الْبَاقِي.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ حَرْثٍ وَلَا مَاشِيَةٍ وَمَعْدِنٍ بِدَيْنٍ أَوْ فَقْدٍ أَوْ أَسْرٍ وَظَاهِرُهُ كَالْمُصَنِّفِ، وَلَوْ اسْتَدَانَ الدَّيْنَ لِإِحْيَاءِ الزَّرْعِ أَوْ الْمَاشِيَةِ أَوْ اسْتَعَانَ بِهِ عَلَى إخْرَاجِ الْمَعْدِنِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يُقَيِّدْهُ أَحَدٌ فِيمَا نَعْلَمُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَبَيْنَ الْعَيْنِ أَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ ظَاهِرَةٌ وَزَكَاتُهَا مَوْكُولَةٌ إلَى السَّاعِي يَأْخُذُهَا قَهْرًا، بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَإِنَّ زَكَاتَهَا مَوْكُولَةٌ إلَى أَمَانَةِ أَرْبَابِهَا لِخَفَائِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي أَنَّ عَلَيْهِمْ دَيْنًا كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي إخْرَاجِهَا، وَهَذَا تَوْجِيهٌ لِمَا فَرَّقَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ قَالَ: لِأَنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ بِإِسْقَاطِ الدَّيْنِ لِزَكَاةِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا.

قَالَ الْقَرَافِيُّ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَبْعَثُونَ الْخُرَّاصَ وَالسُّعَاةَ وَلَا يُنْقِصُونَ شَيْئًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَرَةٍ وَلَا مِنْ مَاشِيَةٍ وَكَانُوا يَسْأَلُونَهُمْ عَنْ الدَّيْنِ فِي الْعَيْنِ» .

1 -

. (تَنْبِيهٌ) : وَقَعَ الْخِلَافُ فِي إسْقَاطِ الدَّيْنِ لِصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ إسْقَاطِهَا بِالدَّيْنِ لِوُجُوبِ تَسَلُّفِ الصَّاعِ عَنْهُ فِي الْحَالِّ لِلْقَادِرِ عَلَى وَفَائِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ خَلِيلٌ

. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَدِينَ إذَا نَصَّ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ جَمِيعِ مَا عِنْدَهُ وَمَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمَرْجُوِّ كُلَّ عَامٍ، بِخِلَافِ الْمُحْتَكِرِ إنَّمَا يُزَكِّي إذَا بَاعَ بِنِصَابٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ دَيْنِهِ بِقَوْلِهِ:(وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُحْتَكِرِ وَمِثْلُهُ الْمُقْرِضُ (فِي دَيْنٍ) لَهُ عَلَى آخَرَ مَا دَامَ عَلَى الْمَدِينِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنَ سِلْعَةٍ بَاعَهَا الْمُحْتَكِرُ أَوْ عَيْنًا أَقْرَضَهَا لَهُ. (حَتَّى يَقْبِضَهُ) عَيْنًا وَبَالَغَ عَلَى عَدَمِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَقَامَ أَعْوَامًا) فَإِنْ قَبَضَهُ عَيْنًا (فَإِنَّمَا يُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ) مِنْ يَوْمِ مَلَكَ أَوْ زَكَّى الْأَصْلَ (بَعْد قَبْضِهِ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَقُبِضَ عَيْنًا وَلَوْ بِهِبَةٍ أَوْ إحَالَةً لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ، فَأَفَادَ أَنَّهُ إنَّمَا يُزَكَّى بِشُرُوطٍ: مِنْهَا أَنْ يَكُونَ أَصْلُ هَذَا الدَّيْنِ عَيْنًا بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ وَكِيلِهِ أَوْ عَرْضًا مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَأَقْرَضَ الْعَيْنَ أَوْ بَاعَ الْعَرْضَ، لَا إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ إرْثٍ أَوْ كَانَ الْعَرْضُ الَّذِي بَاعَهُ عَرْضَ قِنْيَةٍ فَلَا زَكَاةَ إلَّا بَعْدَ اسْتِقْبَالِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِ الْمَالِ الْمُورَثِ أَوْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّتِي كَانَتْ لِلْقِنْيَةِ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ حَقِيقَةً وَهُوَ وَاضِحٌ، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ وَهَبَهُ الْمُحْتَكِرُ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمُحْتَكِرُ يُزَكِّيهِ لَكِنْ مِنْ غَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ أَرَادَ أَنَّ الزَّكَاةَ مِنْهُ وَأَوْلَى لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ الْوَاهِبُ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ وَمِنْ الْقَبْضِ الْحُكْمِيِّ الْإِحَالَةُ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُحْتَكِرِ مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى شَخْصٍ وَمَضَى لَهَا حَوْلٌ فَأَكْثَرُ وَعَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ حَالَ حَوْلُهَا فَأَحَالَ بِاَلَّتِي عَلَيْهِ عَلَى الَّتِي لَهُ، فَعَلَى الْمُحْتَكِرِ الْمُحِيلِ زَكَاةُ الْمِائَةِ الَّتِي لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ، لِأَنَّ قَبُولَ الْمُحَالِ لِلْحَوَالَةِ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْمُحِيلِ، وَهَذَا

ص: 333

كَانَ الدَّيْنُ أَوْ الْعَرْضُ مِنْ مِيرَاثٍ فَلْيَسْتَقْبِلْ حَوْلًا بِمَا يَقْبِضُ مِنْهُ

وَعَلَى الْأَصَاغِرِ الزَّكَاةُ فِي أَمْوَالِهِمْ فِي الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ

وَلَا زَكَاةَ عَلَى عَبْدٍ وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِذَا أُعْتِقَ فَلْيَأْتَنِفْ حَوْلًا مِنْ يَوْمئِذٍ بِمَا يَمْلِكُ مِنْ مَالِهِ

وَلَا زَكَاةَ عَلَى أَحَدٍ فِي عَبْدِهِ وَخَادِمِهِ وَفَرَسِهِ وَدَارِهِ وَلَا مَا يُتَّخَذُ لِلْقِنْيَةِ مِنْ الرِّبَاعِ وَالْعُرُوضِ

ــ

[الفواكه الدواني]

بِخِلَافِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لَا يُزَكِّيهِ الْوَاهِبُ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ يُزَكِّيهِ ثَلَاثَةٌ فِي عَامٍ وَاحِدٍ: الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ، لَكِنَّ الْمُحِيلَ يُزَكِّيهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَتِهِ وَالْمُحَالُ يُزَكِّيهِ مِنْهُ، وَمَفْهُومُ هَذَا الشَّرْطِ لَا زَكَاةَ وَلَوْ أَخَّرَ الْمُحْتَكِرُ قَبْضَهُ هُرُوبًا مِنْ الزَّكَاةِ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَقْبِضَ عَيْنًا إنْ قَبَضَ عَرْضًا بَدَلَهُ، فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ بَيْعِهِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ لِسَنَةٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ مِنْ الدَّيْنِ نِصَابًا أَوْ يَكُونُ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ وَلَوْ فَائِدَةً جَمَعَهَا مَعَ الْمَقْبُوضِ مِلْكًا وَحَوْلًا، فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ أَوْ زَكَّى أَصْلَهُ وَلَوْ تَلِفَ الْمَقْبُوضُ أَوَّلًا أَوْ آخِرًا أَوْ هُمَا حَيْثُ حَصَلَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْإِخْرَاجِ لَا إنْ تَلِفَ النِّصَابُ أَوْ بَعْضُهُ سَرِيعًا.

(تَنْبِيهٌ) : حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى دَيْنِ الْقَرْضِ وَدَيْنِ الْمُحْتَكِرِ لِقَوْلِهِ: حَتَّى يَقْبِضَهُ؛ لِأَنَّ الْمُدِيرَ يُزَكِّي كُلَّ عَامٍ حَيْثُ نَضَّ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ وَلَوْ دِرْهَمًا، وَلَوْ الدَّيْنَ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ، إمَّا عَدَدُهُ إنْ كَانَ نَقْدًا حَالًّا مَرْجُوًّا، وَإِمَّا قِيمَتُهُ إنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا مُؤَجَّلًا مَرْجُوًّا، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ إرْثٍ وَنَحْوِهِ فَسَيَأْتِي. ثُمَّ شَبَّهَ فِي دَيْنِ الْمُحْتَكِرِ قَوْلُهُ:(وَكَذَلِكَ الْعَرْضُ) الَّذِي بِيَدِهِ لِلِاحْتِكَارِ لَا يُزَكِّيهِ (حَتَّى يَبِيعَهُ) بِعَيْنٍ وَيَكُونُ نِصَابًا فَيُزَكِّيهِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا: فَإِذَا بِعْتهَا بَعْدَ حَوْلٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ أَخَذْت ثَمَنَهَا أَوْ زَكَّيْته، فَفِي ثَمَنِهَا الزَّكَاةُ لِحَوْلٍ وَاحِدٍ قَامَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ حَوْلًا أَوْ أَكْثَرَ، فَتَلَخَّصَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَنَّ الْمُدِيرَ يُزَكِّي كُلَّ سَنَةٍ إذَا نَضَّ لَهُ شَيْءٌ مَا مِنْ الْمَالِ وَيُقَوِّمُ عُرُوضَهُ، وَالْمُحْتَكِرُ لَا يُزَكِّي إلَّا إذَا بَاعَ بِنِصَابٍ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الدَّيْنِ النَّاشِئِ عَنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ فَقَالَ:(وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَوْ الْعَرْضُ) حَاصِلًا (مِنْ إرْثٍ) أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْ دَمٍ خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ أَوْ عَمَلِ يَدٍ (فَلْيَسْتَقْبِلْ) الْمَالِكُ (حَوْلًا بِمَا يَقْبِضُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ثَمَنِ مَا بَاعَهُ لِأَنَّهُ فَائِدَةٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ كَعَطِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُزَكًّى كَثَمَنِ مُقْتَنًى، وَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِهَا مَا مُلِكَ لَا عَنْ عِوَضٍ مُلِكَ لِتَجْرٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ حَوْلًا كَامِلًا بِثَمَنِ مَا ذَكَرَ بَعْدَ قَبْضِهِ عَيْنًا، وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِ الْقَبْضِ أَعْوَامًا قَالَ الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ شَامِلَةً، وَإِنْ وَرِثَ عَيْنًا اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلًا كَامِلًا مِنْ قَبْضِهِ أَوْ قَبْضِ رَسُولِهِ، وَلَوْ أَقَامَ أَعْوَامًا أَوْ عَلِمَ بِهِ أَوْ وَقَفَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ الْجَارِي عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا فِي خَلِيلٍ.

(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ مَا يَتَحَصَّلُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ يَسْتَقْبِلُ بِهِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا يَقْبِضُهُ مِنْ وَظَائِفِهِ أَوْ جَرَامِكَةٍ لِصِدْقِ حَدِّ الْفَائِدَةِ عَلَيْهِ.

وَلَمَّا كَانَ الْخِطَابُ بِالزَّكَاةِ وَضْعِيًّا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَكْلِيفُ الْمَالِكِ قَالَ: (وَعَلَى الْأَصَاغِرِ) وَهُمْ غَيْرُ الْبَالِغِينَ وَمِثْلُهُمْ الْمَجَانِينُ (الزَّكَاةُ فِي أَمْوَالِهِمْ فِي الْحَرْثِ وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ) لَكِنْ اتِّفَاقًا فِي الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ لِنُمُوِّهِمَا بِنَفْسِهِمَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْعَيْنِ، وَلِذَلِكَ قَالَ خَلِيلٌ فِي الْعَيْنِ: وَإِنْ لِطِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ دَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] ظَاهِرُهَا الْعُمُومُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ:«اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لِئَلَّا تَأْكُلَهَا الزَّكَاةُ» وَالْمُخَاطَبُ بِالْإِخْرَاجِ الْوَلِيُّ فَالْمُعْتَبَرُ مَذْهَبُهُ، فَإِذَا كَانَ مَذْهَبُهُ يَرَى الْوُجُوبَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ مَذْهَبُهُ يَرَى الْوُجُوبَ فَلَا حَاجَةَ إلَى رَفْعٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يَرَى سُقُوطَ الزَّكَاةِ عَنْ مَالِ الصَّغِيرِ فَلَا يُخْرِجُ حَتَّى يَرْفَعَ لِمَنْ يَرَى الْوُجُوبَ، كَمَا لَوْ جَهِلَ فَيَنْبَغِي الرَّفْعُ إلَيْهِ لَعَلَّهُ مِمَّنْ لَا يَرَى الزَّكَاةَ عَلَى الْأَصَاغِرِ فَيَمْنَعُهُمْ مِنْ إخْرَاجِهَا، كَمَا يَفْعَلُهُ بِخَمْرٍ يَجِدُهَا فِي التَّرِكَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَرَى تَحْلِيلَهَا لِإِرَاقَتِهَا فَيَضْمَنُهَا إنْ أَرَاقَهَا.

(وَ) عَلَى الْأَصَاغِرِ أَيْضًا (زَكَاةُ الْفِطْرِ) لَكِنَّ الْمُطَالَبَ بِالْإِخْرَاجِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ،

وَلَمَّا قَدَّمْنَا أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ الْحُرِّيَّةُ قَالَ: (وَلَا زَكَاةَ عَلَى عَبْدٍ) لَا شَائِبَةَ حُرِّيَّةٍ فِيهِ (وَلَا عَمَّنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ) كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَا فِيمَا يُرَبِّيهِ لِلتِّجَارَةِ بِلَا خِلَافٍ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى سَيِّدِهِ أَيْضًا فِيمَا بِيَدِهِ وَلَوْ انْتَزَعَهُ مِنْهُ اسْتَقْبَلَ بِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى الْعَبْدِ فِي مَالِهِ قَوْله تَعَالَى:{عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] وَخَبَرُ لَا النَّافِيَةِ مُتَعَلِّقٌ (فِي ذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمِ (كُلِّهِ) مِنْ حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ أَوْ عَيْنٍ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الْإِشَارَةِ زَكَاةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ الْبَابَ لِزَكَاةِ الْأَمْوَالِ. (فَإِذَا أُعْتِقَ) الْعَبْدُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ سَيِّدُهُ أَخْذَ مَالِهِ (فَلْيَأْتَنِفْ حَوْلًا مِنْ يَوْمئِذٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ نَجَزَ عِتْقُهُ (بِمَا يَمْلِكُ) فِي الْحَالِ (مِنْ مَالِهِ) الَّذِي فِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ كَمَالِ مِلْكِهِ،

ص: 334