الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاءَ ضمير " هُمْ " في قوله: (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) جَمْعاً، مراعاةً للحالِ
المشَبَّهَة، وهي حالُ المنافقين، وليس الحالَ المشَبَّهَ بها، وهي حالُ المستوقِدِ
ناراً، لأَنَّ الهدفَ من هذا التشبيهِ التمثيلي هو المَشبَّهُ وليس المشَبَّه به، وبيانُ
عَدَمِ استفادةِ المنافقين من الهدى والنور.
لقد عادَ ضميرُ " هم " في (بِنُورِهِمْ) على ضميرِ " هُمْ " في (مَثَلُهُمْ) ،
والمرادُ بهذا الضميرِ المنافقون.
ولو عادَ الضميرُ على المفردِ، وقالَ:" ذهب الله بنوره وتركه في ظلمات "
لكانَ التركيزُ على التشبيهِ والتمثيل، وهذا ممكِن، ولكنه ليسَ فصيحاً.
إِنَّ الأَفصحَ والأَبلغَ الانتقالُ من التمثيل والتشبيهِ إِلى الحقيقة، ليدُلَّ على
أَنَّ اللهَ أَذهبَ نورَ الإِيمانِ من قلوبِ المنافقين؟
لأَنَّ هذا هو المقصودُ من التشبيه.
وصارَ التقدير هكذا: مَثَلُ المنافقين في عَدَمِ استفادتِهم من الإِيمانِ كَمَثَلِ
رجلٍ استوقدَ ناراً، فلما أَضاءَتْ ما حولَه، ذهبَ اللهُ بنارِه، فلم يَسْتَفِدْ منها، وكذلك المنافقون ذَهَبَ اللهُ بنورِهم، فلم يستفيدوا من الإِيمان.
وقد جاءَ ضميرُ الجمعِ في (بِنُورِهِمْ) بين ضميرَيْ جَمْع: الضميرِ في
(مَثَلُهُمْ) قبلَه.
والضمير في (وَتَرَكَهُمْ) بعدَه!!.
وعلى هذا يكونُ اعتراضُ الفادي لا معنى له، فالأَفصحُ والأَبلغُ هو ما
وردَ في القرآن! (1) .
***
هل يجوز نصب المعطوف على المرفوع
؟
اعترضَ الفادي على قولِ اللهِ عز وجل: (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162) .
(1) قال السمين:
والأَوْلى أن يقال إن «الذي» وقع وصفاً لشيء يُفْهِم الجمعَ، ثم حُذِفَ ذلك الموصوفُ للدلالةِ عليه، والتقديرُ: مَثَلهم كَمَثَل الفريق الذي استوقد أو الجمعِ الذي استوقَدَ، ويكون قد رُوعي الوصفُ مرةً، فعادَ الضميرُ عليه مفرداً في قوله:«استوقد» و «حَوْلَه» ، والموصوفُ أخرى فعاد الضميرُ عليهِ مجموعاً في قوله:«بنورِهم، وتركَهم» . اهـ (الدر المصون) .
خَظَأَ نَصْبَ (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ) لأَنها في نَظَرِهِ القاصِرِ معطوفة على
(الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)، والأَصْلُ أَنْ تَكونَ مرفوعة: لكن الراسخون في العلم
منهم والمؤمنون
…
والمقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة
…
وتَخطئةُ الفادي للآيةِ دَليلُ جهلِه بقواعِدِ اللغةِ العربية.
الآيةُ مُكَوَّنَةٌ من الجملِ التالية:
الأُولى: الجملةُ الاسمية: (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) : (لَكِن) : حرفُ استدراكٍ مُلْغى لأَنه مُخَفَّف.
(الرَّاسِخُونَ) : مبتدأٌ مرفوع.
(وَالْمُؤْمِنُونَ) : مَعطوفٌ على ما قبله مرفوع.
والجملةُ الفعليةُ (يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) في مَحَلِّ رفْع خَبَر.
والتقدير: الراسخونَ في العلمِ والمؤمنون هم المؤمنونَ بما أُنزلَ إِليك.
الثانية: الجملةُ الفعليةُ: (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ) .
وهي معطوفةٌ على الجملةِ السابقة.
(وَالْمُقِيمِينَ) منصوبٌ على المدْح.
أَيْ أَنَّه مفعولٌ به لفعْلٍ محذوف، تَقديرُه: أَمْدَحُ المقيمين الصَّلاةَ، (الصَّلَاةَ) مفعولٌ به منصوبٌ لاسْم الفاعل (وَالْمُقِيمِينَ) .
الثالثة: (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) .
وهي معطوفَةٌ على الجملةِ الأُولى: (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) .
(وَالْمُؤْتُونَ) : مبتدأ مرفوع.
ومي آلزكًؤةَ) : مفعولٌ به لاسْمِ الفاعل
(وَالْمُؤْتُونَ) .
(وَالْمُؤْمنونَ) معطوفٌ على (وَالْمُؤْتُونَ) مرفوع.
وجملةُ (أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) في محلِّ رفْع خَبَرِ المبتدأ (وَالْمُؤْتُونَ) .
وبهذا نَعرفُ أَنَّ (وَالْمُقِيمِينَ) ليستْ معطوفةُ على (الرَّاسِخُونَ) ، من بابِ
عَطْفِ كلمةٍ على كلمة، لتكونَ مرفوعةً مثلَها.
والعَطْفُ من بابِ عَطْفِ جُملةٍ على جُمْلَة.
والعُدولُ عن الجملةِ الاسمية إِلى الجملةِ الفعلية، ونَصْبُ اسْمِ الفاعلِ