الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من قبلِهم.
فكيف اعتبرَ الفادي الجاهلُ الآيةَ من بابِ " الإِكراه على النفاق "؟!
وما مقصودُه بهذا العنوان؟
هل يَقصدُ أَنَّ اللهَ يُكْرِهُ اليهودَ والنَّصارى على النفاقِ
إِكْراهاً، ويأْمُرُهم به أَمْراً؟
وهل الآيةُ تتحدَّثُ عن ذلك؟
لا أَدري كيفَ يُفكرُ هذا الجاهل، وكيفَ ينتقدُ القرآنَ!!.
ثم سجلَ قولَه تعالى: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45) .
والآيةُ لا تتحدثُ عن المنافقين، وإنما تتحدثُ عن إِهلاكِ وتدميرِ السابقينَ من الكافرين..
فأَينَ الإِكراهُ على النفاق في كلماتِ الآية؟!.
كلامُ الفادي الجاهلِ حولَ التناقضِ التاسع غيرُ واضح، فضلاً عن أَنه
باطل، لأَنه لا تَناقُضَ في القرآن، ولا تَناقُضَ بين الآياتِ التي زَعَمَ هو
تناقُضَها.
عاشراً: بين النهي عن الهوى وإباحته:
افْتَرى الفادي المفترِي على القرآن، وعلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وعلى المسلمين، فزعَمَ أَنَّ القرآنَ تناقَضَ بين تحريمِ الهوى وإِباحتِه، وزعَمَ أَنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم كان يَتبعُ هواه وشهوتَه.
أَثنى اللهُ على الصالحِ الملتزم الذي نهى نفسَه عن هواها؟
قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) .
وبعدَ أَنْ أَوردَ المفترِي الآيةَ زَعَمَ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ أَوَّلَ مَنْ خالَفَها، لأَنه اتبع هواه، وأَباحَ ذلك لأَصحابه!!.
أ - قال المفترِي: " أَباحَ محمدٌ لأَتْباعِه القيامَ بالغاراتِ الدينية، والدخولَ
على الأَسيراتِ دونَ تطليقِهنَّ من أَزواجِهن، فقال:(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ..)
قالَ البيضاوىِ: إِلّا ما ملكتْ أَيمانُكم من اللّاتي سُبينَ، ولهنَّ أَزواجٌ كُفار، فهنَّ حَلالٌ للسّابين، والزواجُ مرتفعٌ بالسَّبْي،
لقول أَبي سعيدٍ رضي الله عنه: أَصَبْنا سبايا يومَ أَوطاس، ولهنَّ أَزواجٌ كُفّار، فكَرِهْنا أَنْ نقعَ عليهن، فسأَلْنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية فاستحلَلْناهُنَّ.
وإِيّاهُ عنى الفرزدقُ بقوله:
وذَاتُ حَليلٍ أَنكحَتْها رِماحُنا
…
حَلالٌ لمنْ يَبْني بها لم تُطَلَّقِ "
الفادي خَبيثٌ مُغرضٌ في قوله: " أَباحَ محمدٌ لأَتْباعِه القيامَ بالغاراتِ
الدينية " لأَنه يَجعلُ الصحابةَ مجموعةً من العصاباتِ وقُطّاعِ الطرق، يُغيرونَ
على الآمِنين المسالمين، ويَجعلُ الجِهادَ في سبيلِ الله سَلْباً ونَهْباً وقَطْعاً
للطريق، مع أَنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم وأَصحابَه كانوا يُجاهدونَ في سبيلِ الله، ويُقاتلونَ المحاربينَ لهم، والطامِعين فيهم.
والفادي كان مُفْتَرٍ في قولِه: " والدخولَ على الأَسيراتِ دون تطليقِهن
من أَزواجهن "، فقال:(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) !! ولم يَقُلْ ذلك أَيُّ مذهبٍ إِسلامي، ولا أَيُّ عالمٍ مسلمٍ مُعْتَبَر.
الأَسيراتُ هُنَّ النساءُ الكافراتُ المحاربات، اللّواتي يَخْرُجْنَ مع الرجال
الكفارِ لحربِ المسلمين، وعندما تَنْتَهي المعركةُ بهزيمةِ الكفار، تَقعُ بعضُ
أولئك النساءِ المحارباتِ في السَّبْي، فهنَ سبايا، ولَسْنَ " أَسيرات " كما ادَّعى
المفتري الفادي؛ لأَنَّ للأَسيرِ الكافرِ المحاربِ أَحكاماً خاصة، غيرَ أَحكامِ
السبايا.
عندما يأخذُ المسلمون هذه النساءَ المقاتلاتِ سَبايا، ماذا يريدُ الفادي
المفتري من المسلمينَ أَنْ يَتصرفوا معهنّ؟
هل يعيدونهنَّ إِلى الجيشِ الكافرِ مجنَّداتٍ فيه، ليَعُدْنَ إِلى حربِ المسلمين من جديد؟.
الإسلامُ اعتبرهنَّ سبايا، وبما أَنهنَّ ليس لهنَّ أَهْل، فلَنْ يُتْرَكْنَ " على
رؤوسهن " في بلادِ المسلمين، يَنشرنَ الفاحشةَ والفساد، فلا بُدَّ أَنْ يُوَزَّعْنَ على المجاهدين، بحيثُ يُؤوي المجاهدُ السَّبِيَّةَ، ويتكفلُ بأُمورها وحاجاتِها.
وهذه السَّبِيَّةُ تكونُ مِلْكاً له، لأَنه سيدُها والمسؤولُ عنها، ولذلك أَطْلَقَ
عليها القرآنُ (مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) ، وهو يُلَبّي لها حاجاتِها الجنسيةَ بالإِضافةِ إِلى باقي حاجاتِها.
لكن متى يُعاشرُ المسلمُ سبيتَه؟
ليس بمجردِ حصولِه عليها، ولكنْ بعدَ أَنْ " تَحيضَ " حيضةً عنده، وذلك " لاستبراءِ " رَحِمها، لأَنَّ مجيءَ الدورةِ الشهريةِ لها معناهُ أَنها ليستْ حامِلاً من زوجِها الكافر، فإِنْ كانَتْ " حامِلاً " لا يُعاشِرها سيدُها إِلّا بعدَ ولادتِها.
وبهذا نعرفُ كَذِبَ الفادي المفترِي عندما قال: " أَباحَ محمدٌ لأَتْباعِه
الدخولَ على الأَسيرات دونَ تطليقهِن من أَزواجهنّ ".
فالمسلمُ لا يُعاشرُ أَمَتَه إِلّا بعدَ حيضتِها.
ومعلوئم أَنَّ وُقوعَها في السَّبْيِ - وهي المحاربةُ للمسلمين -
يُنهي علاقَتَها بزوجِها الكافر، ولا تَحتاجُ إِلى تطليق منه!.
وهذا معنى كلامِ البيضاوي: " ما ملكتْ أَيمانُكم، من اللّاتي سُبينَ ولهنَّ
أَزواجٌ كُفار، فهنَّ حَلال للسّابين، والزواجُ مرتفعٌ بالسبي ".
ونُزولُ الآيةِ في سَبايا " أَوطاس " كما ذَكَرَ البيضاويُّ صحيح.
روى مسلمٌ عن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أَنَّ أَصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أصابوا سَبْياً يومَ أَوطاس، لهنَّ أَزواجٌ من أَهْلِ الشرك، فكانَ أُناسٌ من أَصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
كَفّوا وتَأَثَّموا من غِشيانِهنّ، فنزلَتْ هذه الآية.
وروى الترمذي الحادثة بلفْظٍ آخر، عن أَبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: أَصَبْنا سَبْياً من سَبْي أَوطاس، ولهنَّ أَزواج، فكَرِهْنا أَنْ نَقَعَ عليهنَّ ولهنَ أَزواج، فسأَلْنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فنزلَتْ هذه الآية
…
وكانتْ غَزوةُ أَوطاس في السنةِ الثامنةِ من الهجرة بعدَ غزوةِ حنين، وقد
هُزِمَ فيها جيشُ المشركين، ووقعَتْ بعضُ المشركاتِ المحارباتِ في الأَسْر،
فأَخذهنَ المسلمون سبايا، ووَزَّعَهُنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على المجاهدين، وكان بعضُهنَّ متزوجاتٍ من المشركين، فتحرَّجَ بعضُ المسلمين عن معاشرتِهن،
ولما سألوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَباحَ لهم معاشرتَهن، وأَنزلَ اللهُ الآيةَ في إباحةِ ذلك، وهذا بعدَ استبرائِهن، بأَنْ تَحيضَ الأَمَةُ عند سيدِها حَيْضة، ويَثبتَ له عدمُ حَمْلِها.
ومعنى هذا أَنَّ وُقوعَ الكافرةِ المقاتلةِ في السَّبْيِ يُنهي زَواجَها من زوجِها
الكافر، لكنها لا تَحِلُّ لسَيِّدِها إِلّا بعدَ استبرائِها وحيضِها عندَه.
ولذلك قال ابنُ كثيرٍ في تفسير الآية: (إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) : إِلّا ما ملكْتُموهن بالسَّبْي، فإِنه يَحِلُّ لكم وَطْؤُهنَّ، إِذا استبرأْتُموهن ".
وبهذا نعرفُ أَنَّ ما فعلَه الصحابةُ بالسبايا يومَ أَوطاس اتِّباع لشرعِ الله،
وليس اتِّباعاً للهَوى، كما زَعَمَ المفْتري! وكان الصحابةُ مُحاربينَ لأَهوائِهم،
نَهوا نُفوسَهم عن الهوى، كما أَمَرَهم الله سبحانه.
ب - افترى الفادي على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عندما قالَ: إِنه كانَ مُتَّبِعاً لهَواه وشهوتِه، وذلك في قولِه الفاجر: " أَباحَ محمدٌ الزواجَ بأَيِّ مَنْ تَهواهُ ويَهْواها، بلا قَيْدٍ أَوْ شَرط، فوقَ زوجاتِه العديدات، وفوقَ ما ملكَتْ يمينُه، فقال:(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) .
زعمَ الفادي أَنَّ القرآنَ من تأليفِ وكلامِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وليس وحياً من عندِ الله، ولذلك نَسَبَ الآيةَ من سورةِ الأَحزابِ إِليه، وليسَ إِلى اللهِ، وأَسندَ الحكمَ الذي فيها إِليه، وليسَ إِلى الله، فقال: أَباحَ محمدٌ لنفسِه الزواج
…
وانظرْ إِلى وقاحَتِه وسوءِ أَدبه وفجورِه، وهو يتكلَّمُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: " أَباحَ محمدٌ الزواجَ بأَيّ مَنْ تَهواهُ ويَهْواها بلا قَيْدٍ أَو شَرْط
…
".
ونُنزهُ حَبيبَنا محمداً صلى الله عليه وسلم عن هذا الكلامِ السوقيِّ الساقط، فكيفَ يُتَّهَمُ بأَنه يَهوى ويَعشقُ امرأةً ليستْ زوجاً له؟
وكيفَ تَهواهُ وتعشقُه امرأةٌ أَجنبيةٌ عنه؟!.
وما أَباحَتْه الآيةُ له ليس اتّباعاً للهَوى والشهوة، إِنما هي حالَةٌ خاصة،
في امرأةٍ خاصةٍ واحدة، لم تتكرَّر له ولا لغيرِه:(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) .
روى البخاريُّ ومسلمٌ عنْ سهلِ بنِ سعدٍ الساعديّ رضي الله عنه قال: إِني لفي القومِ عندَ رسولِ اللهِ عليه السلام إِذ قامت امرأةٌ، فقالَتْ: يا رسولَ الله! إِنها قد وَهَبَتْ نفسَها لك، فَرَ فيها رأَيَك.
فلم يُجِبْها شيئاً.
ثم قامت فقالَتْ: يا رسولَ الله!
إِنها قد وَهَبَتْ نفسَها لك، فَرَ فيها رأيَك.
فلَم يُجِبْها شيئاً.
ثم قامت الثالثةَ
فقالَتْ: إِنها قد وهبَتْ نفسَها لك، فَرَ فيها رأْيَكَ.
فقامَ رجل فقالَ: يا رسولَ الله: أَنْكِحْنِيها.
فقال: هل عندَك من شيء؟.
قال: لا.
قال: اذهَبْ فاطلُبْ ولو خاتَماً من حديد.
فذهَبَ وطَلَبَ، ثم جاءَ فقال: ما وجدْتُ شيئاً، ولا خاتَماً من حَدِيد!
قال: هل معكَ من القرآنِ شيء؟.
قال: معي سورةُ كذا وسورةُ كذا.
قال: أَنْكَحْتُكَهَا بما مَعَك من القرآن! ".
هذه المرأةُ وهبتْ نفسَها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، بمعنى أَنها فَوَّضَتْ أَمْرَها إِليه، لأَنه إِمامُ المسلمين، وهو أَوْلى بهم من أَنفسِهم، وصَرَّحَ القرآنُ بذلك، قال تعالى:(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) .
عندما فَوَّضَتْ أَمْرَها إِليه قالَتْ له: فَرَ فيها رَأْيَك! وليس معنى هذا أَنها
رَمَتْ نفسَها عليه، وأَنها هَويَتْه وعشقَتْه، وطلبَتْ منه أَنْ يتزوَّجها، إِنما فوَّضَتْه في التصرُّف المناسب، وأَعَادَتْ عليه الكلامَ ثلاثَ مرات، فطلبَ رجَلٌ من المسلمين أَنْ يُزَوِّجَه إِياها، لأَنه وَليُّ أَمْرِها، فطَلَبَها منه كما يطلبُ أَيُّ خاطبٍ البنتَ من أَبيها، فزوَّجها له بما معه من القرآن!.
أَينَ هذا من اتِّهامِ الفادي المفترِي الرسولَ صلى الله عليه وسلم بالهوى والشهوةِ، وهو لم يتزوَّجْ تلك المرأة، إِنما زَوَّجَها لأَحَدِ أَصْحابه؟.
ب - استدلَّ الفادي المفترِي على أَنَّ المسلمينَ مُتَّبعون لأَهوائِهم
وشهواتِهم: بأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَدَهم بالاستمتاعِ الجنسيّ بالحورِ العينِ في الجنة!
قال: " كما أَنَّ محمداً جعلَ نِكاحَ النساءِ أَمَلَ المستقبلِ في الجنة، فقال: