الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِسلامُ عند الفادي المفترِي ليسَ من عندِ الله، وإِنما هو من وَضْعِ
واختيارِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، أَخَذَه وانْتَقاهُ من عادات العرب المشركين في الجاهلية، حيثُ كان يَلْتَقي بهم، ويَختارُ من حياتِهم ما يريد، ثم يُسجلُه ويقدمُه لأَصحابِه، زاعماً أَنَّ اللهَ أَوحى به إِليه!.
والدليلُ عندَ المفترِي على ذلك، أَنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم أَخَذَ شعائرَ وعاداتِ الحج من العربِ الجاهليّين، وزَعَمَ أَنَّ اللهَ هو الذي أَوحى به إِليه: أَبْقى اسْمَ شهرِ الحَجّ " ذي الحجة " على اسْمِه الجاهلي، وأَبْقى الإِحرامَ على صورتِه الجاهلية، وأَبْقى التجارةَ في موسمِ الحَجِّ كما كانتْ عليه في الجاهلية، وأَبْقى الإِفاضةَ من عرفاتٍ على ما كان يَفعلُه أَهْلُ الجاهلية!!.
ولو كانَ الحَجُّ تشريعاً من عندِ الله لأَلْغى كُلَّ هذه الأَعمالِ الجاهلية،
وأَمَرَ بأَعمالٍ إسلاميةٍ جديدة!!.
وقد سبقَ أَنْ ناقَشْنا الفادي المفترِي في هذا الأَمْر، وبَيّنّا أَنَّ الحَجَّ ذو
نَسَبِ إِيماني، وأَنه سابِقٌ على العَرَبِ الجاهليّين، وأَوَّلُ مَنْ حَجَّ هو إِبراهيمُ
الخلَيلُ عليه السلام، والعَربُ المشركونَ في الجاهليةِ تَوارَثوا أعمالَ وشعائِرَ الحَجِّ عن إبراهيم عليه السلام، وأَضافوا لها الكثيرَ من ممارساتِهم الخاطئة، التي تَقومُ على الشركِ بالله، فلما جاءَ الإِسلامُ أَزالَ الممارساتِ الجاهليةَ الخاطئةَ عن مناسكِ الحج، وأَعادها إِلى أَصْلِها الإِيمانيِّ العريق، وأَبقى الأَعمالَ النظيفةَ والشعائِرَ الصحيحةَ، لأَنها إِيمانيةُ الأَصل، كالوقوفِ بعَرَفَة والإِفاضة والإِحرام، فهي ليستْ عاداتٍ وشعائرَ مأخوذةً من الجاهليةِ كما زَعَمَ الفادي الجاهل!.
***
حول توزيع الزكاة
حَدَّدَ اللهُ الأَصنافَ الذين تُدْفَعُ لهم الزكاة، وبَيَّنَ أَنها ثَمانيةُ أَصْنافٍ
فقط! قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) .
وقد اعترضَ الفادي المفترِي على بَعْضِ مَصارفِ الزكاة، واعتبرَ دَفْعَها لبعضِ
الأَصنافِ المذكورين في الآية نوعاً من الرشوة، التي لا تَتفقُ مع دينِ الله!
قال: " ومَعلومٌ أَنَّ الزكاةَ هي أَحَدُ أَركانِ الدينِ الإِسلاميِّ الخمسة، التي هي: الصلاةُ والزكاةُ والصومُ والحَجُّ والشهادتان.
فهي من صميم الدينِ الإِسلامي، وهي ليستْ مخصصَةً للفقراءِ والمساكين، ولكن يُصْرَفُ منها في أَغراضٍ إِسلاميةٍ بحتة، وصُرِفَ
منها للمؤلَّفةِ قلوبُهم، ولو كانوا أَغنياء، لاستمالتِهم لقَبولِ الإِسْلام، وتُصْرَفُ في شراءِ الأَسلحةِ وتَجهيزِ الجُنْدِ لقتال الكفار، والجهادِ في سبيل الإِسلام
…
وللمسيحيّين كتابُهم المقَدَّس، الذي يَقْضي بتقديم العُشورِ للصَّرْفِ على
الفقراء، وتَعمير الكنائس، وإعالةِ رجال الدين، ونَشْرِ الكتابِ المُقَدَّس ومبادئ المسيحية..
ويُحَرِّمُ الكتابُ المقَدَّسُ الدعوةَ للدّين باستخدامِ المال للاستمالة،
أَو السيفِ للإِرهاب، فأَتْباعُ الدينِ المسيحيِّ قَدَّموا دعوتَه بالمحبةِ والشجاعةِ
والتضحيةِ على مثال المسيح.. " (1) .
يَرى المفترِي أَنَّ إِعطاءَ المؤلَّفَةِ قلوبُهم من الزكاة خَطَأٌ " لأَنه لا يَجوزُ
استخدامُ المال لنشْرِ الدعوةِ أَوْ ترغيبِ الآخَرين، ويَذْكُرُ أَنَّ الكتابَ المقَدَّسَ
يُحَرِّمُ ذلك على المسيحيّين، ويأمُرُهم بالدعوةِ بالمحبةِ والشجاعةِ والتضحية!.
وإِنَّ اللهَ العليمَ الحكيمَ يَعلمُ أَثَرَ المال الإِيجابيَّ في بعضِ النًّفوس،
ولذلك أَجازَ تأْليفَ قُلوبِ بَعْضهم بجزءٍ من مالِ الزكاة، إمّا بترغيبهم في
الإسلام واستمالتِهم وتقريبِهم إِليه، وإِمّا بتحييدِهم أَوْ تَقَليلِ عَداويهم للإِسلامِ والمسلمين.
وليس في هذا شيء، فما زال الناسُ قَديماً وحَديثاً يُعْطون
ويُهْدون، ويُوَثّقونَ روابطهم وعلاقاتِهم بشيءٍ من المال يدفعونَه لهذه الغاية!.
ويَفْتَري القادي عندما يَزعمُ أَنَّ الكتابَ المقَدَّسَ حَرَّمَ على النصارى
(1) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
120-
تحليل الإغراء بالمال
إن فى القرآن أن من مصارف الزكاة (والمؤلفة قلوبهم) وهذا إغراء بالمال للدخول فى الإسلام.
الرد على الشبهة:
إذا كان الإحسان إلى الناس إغراء لهم بالدخول فى الإسلام. فما بال النصارى ينشئون المستشفيات والمبرات الخيرية فى بلاد المسلمين وفى غير بلاد المسلمين لغرض التنصير والصد عن سبيل الله؟ وفى الدين الإسلامى أخذ الجزية من اليهود والنصارى إذا أصروا على ما نشأوا عليه. ولو كان التأليف إغراء؛ لما أخذ المسلمون منهم أموال الجزية. ذلك قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)(1) .
وهل يسمى النصارى مكارم الأخلاق إغراء؟ والمؤلفة قلوبهم هم الذين ألف الله بين قلوبهم لقوله: (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم)(2) وللتأليف أسبابه. ومنها الإنفاق على طلاب العلم الذين يتولون هدايتهم إلى الله. وذلك بفتح دور للعلم فيها ليتعلم الطلاب لغات الأمم، ثم ينتشرون لتعليمهم وإزالة شبه الشيطان عن دينهم، ووضع القرآن بينهم، وما شابه ذلك. وهذا يُنفق عليه من أموال الزكاة. اهـ (شبهات المشككين) .
_________
(1)
التوبة: 29.
(2)
الأنفال: 63.