المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام - القرآن ونقض مطاعن الرهبان - جـ ١

[صلاح الخالدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تعريف بكتاب " هل القرآن معصوم

- ‌نقد مقدمة الكتاب

- ‌الفصل الأول نقض المطاعن الجغرافية

- ‌هل تَغيبُ الشمسُ في بئرِ ماء

- ‌هل الأرض ثابتة لا تتحرك

- ‌كيفَ تُرْجَمُ الشياطينُ بالنجوم

- ‌هل السموات سبع والأراضي سبع

- ‌ما هو النسيء

- ‌بماذا تروى مصر

- ‌هل الرعد ملك من الملائكة؟وكيف يسبح الله

- ‌بين وادي طوى وجبل حوريب

- ‌هل الشمس ثابتة

- ‌القمر كالعرجون القديم

- ‌أسطورة جبل قاف

- ‌الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية

- ‌هل كان هامان وزيراً لفرعون

- ‌حول تعاون هامان وقارون مع فرعون

- ‌حول صنع السامري للعجل

- ‌من هو أبو إبراهيم عليه السلام

- ‌حول أبي مريم وأخيها

- ‌هل هَمَّ يوسفُ عليه السلام بالزنى

- ‌كيف دعا نوح على قومِه بالضلال

- ‌هل نجا فرعون من الغرق

- ‌بين زكريا ومريم

- ‌حول انتباذ مريم مكاناً شرقيّاً

- ‌حول ولادةِ مريم وكلام وليدها

- ‌هل لكلِّ أمةٍ رسول

- ‌هل أشرك آدم وحواء بالله

- ‌هل غرق ابن نوح عليه السلام

- ‌هل أيوب حفيد إسحاق

- ‌الصلة بين موسى والخضر ومحمد - صلى الله عليهم وسلم

- ‌حول ترتيب أسماء الأنبياء

- ‌إدريس وليس أخنوخ

- ‌من هم أتباع نوح عليه السلام

- ‌بابل والنمرود

- ‌ما هو أصل الكعبة

- ‌إِبراهيم عليه السلام ونمرود

- ‌إسماعيل صِدِّيقَّ نبٌيّ عليه السلام

- ‌كيف احتال إخوة يوسف عليه السلام على أبيهم

- ‌الشاهد ببراءة يوسف عليه السلام

- ‌يوسف ومراودة نسوة المدينة

- ‌توجيه طلبِ يوسفَ ذكرَه عند الملك

- ‌عدد مرات مجيء إخوة يوسف لمصر

- ‌حقيقة قميص يوسف

- ‌امرأة فرعون تتبنَّى موسى عليه السلام

- ‌حول تقتيل أولاد بني إسرائيل

- ‌حول صداق امرأة موسى عليه السلام

- ‌وراثة بني إسرائيل للأرض

- ‌تسع آيات لا عشر ضربات

- ‌العيون المتفجرة من الحجر

- ‌الألواح التي كتبت عليها التوراة

- ‌هل طلب بنو إسرائيل رؤية الله

- ‌قارون الإسرائيلي الكافر

- ‌بين داود وسليمان عليهما السلام

- ‌بين هاجر ومريم عليهما السلام

- ‌حول نزول المائدة على الحواريين

- ‌أصحاب القرية والرسل الثلاثة

- ‌حول قوم عاد

- ‌من هم أصحاب الرَّسِّ

- ‌حول لقمان الحكيم

- ‌بين الإسكندر وذي القرنين

- ‌الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام

- ‌يمين أيوب والضغث والضرب

- ‌الصرح الذي بُني لفرعون

- ‌حول الطوفان على المصريين

- ‌حول طالوت وجيشه

- ‌حول كلام عيسى في المهد

- ‌عيسى ومعجزة خلق الطير

- ‌من هو المصلوب

- ‌الفصل الثالث نقض المطاعن الأخلاقية

- ‌الرخصة لمن أكره على الكفر

- ‌العفو عن لغو اليمين

- ‌حول إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌حول آيات الجهاد والقتال

- ‌حول إباحة الغنائم

- ‌حول قسم الله بمخلوقاته

- ‌حول الترخيص بالكذب

- ‌إباحة ردِّ العدوان

- ‌حول إباحة تعدد الزوجات

- ‌الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية

- ‌التوحيد والتثليث والأقانيم

- ‌الذنوب بين الاستغفار والتكفير والفداء

- ‌ما هي مصادر القرآن البشرية

- ‌هل صلاة الجمعة من تشريع الجاهلية

- ‌هل يباح القتال في الأشهر الحرم

- ‌ما هو أصل التكبير

- ‌حول عالم الجن

- ‌هل يأمر الله بالفسق والفحشاء

- ‌لم يشك الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحىِ

- ‌هل في القرآن أقوال للناس

- ‌حول سور الخَلْع والحَفْد والنّورين

- ‌كيف يشاء الله الكفر

- ‌الله يبتلي عباده بالخير والشر

- ‌حديثُ القرآن عن المسيح عليه السلام

- ‌ما الذي كان يفعلُه عيسى عليه السلام

- ‌6 - رفع عيسى عليه السلام إلى السماء:

- ‌7 - المسيحُ وجيهٌ في الدنيا والآخرة:

- ‌8 - هل المسيح هو المخلِّص وحده

- ‌موقف الملائكة من خلق آدم عليه السلام

- ‌ما معنى سجود الملائكة لآدم عليه السلام

- ‌هل جهنم لجميع الأبرار والأشرار

- ‌مظاهر نعيم المؤمنين في الجنة

- ‌أرواح الشهداء وأجواف الطيور الخضر

- ‌حول تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌هل تذهب الحسناتُ السيئاتِ

- ‌من الذي صُلب: المسيح أم شبيهه

- ‌حول تكفير الصوم للخطايا

- ‌نفي النبوة عن نسل إسماعيل عليه السلام

- ‌هل بلاد العرب للمسيح عليه السلام

- ‌هل أكلت الشاة القرآن

- ‌حول إحراق عثمان المصاحف

- ‌كيف يضل الله الإنسان ثم يعذبه

- ‌بين قدر الله وإرادة الإنسان

- ‌الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية

- ‌ذكر المرفوع بعد المنصوب

- ‌الفاعل لا يكون منصوباً

- ‌المبتدأ مؤنث والخبر مذكر

- ‌تأنيث العدد وتذكير المعدود

- ‌اسم الموصول المفرد العائد على الجمع

- ‌جزم فعل معطوف على منصوب

- ‌هل يجوز نصب المعطوف على المرفوع

- ‌هل ينصب المضاف إليه

- ‌جمع الكثرة بدل جمع القلة

- ‌جمع القلة بدل جمع الكثرة

- ‌هل يجمع الاسم العلم

- ‌بين اسم الفاعل والمصدر

- ‌لا يُعطف المنصوب على المرفوع

- ‌حكمة وضع المضارع بدل الماضي

- ‌حكمة حذف جواب الشرط

- ‌هل صرف القرآن الممنوع من الصرف

- ‌حول تذكير خبر الاسم المؤنث

- ‌هل القرآن يوضح الواضح

- ‌هل يأتي فاعلان لفعل واحد

- ‌اعتراض على الالتفات:

- ‌حكمة إفراد الضمير العائد على المثنى

- ‌كم قلباً للإنسان

- ‌الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية

- ‌لماذا قطع يد السارق

- ‌معنى قوله تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)

- ‌حول شهادة المرأة وضربها وميراثها

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌هل الطلاق خطأ

- ‌حول جلد الزاني والزانية

- ‌حول إباحة التسري

- ‌الحجاب الحافظ للمرأة

- ‌هل شعائر الحج من الوثنية

- ‌حول إباحة التجارة في موسم الحج

- ‌من الدي حدد وقت الحج

- ‌هل الإفاضة من أعمال الجاهلية

- ‌هل أركان الحج من الجاهلية

- ‌حول توزيع الزكاة

- ‌توجيه تفضيل الرجال على النساء

- ‌هل صلاة المسلمين تقليد وثني

- ‌حول التطهر بالتيمم

- ‌تفسير سياسي لتحويل القبلة

- ‌اعتراض على الصلوات الخمس

- ‌الصلوات وليلة المعراج

- ‌حول فرض صيام رمضان

- ‌حول حرمة الأشهر الحرم

- ‌هل انتشر الإسلام بالسيف

- ‌حول القصاص في القتل

- ‌حكم قتل المرتد

- ‌حكم الزواج بالكتابيات

- ‌الفصل السابع نقض المطاعن الاجتماعية

- ‌لماذا شهادة المرأة نصف شهادة الرجل

- ‌لماذا ميراث المرأة نصف ميراث الرجل

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌ضرب الزوجات: لماذا؟ ومتى؟ وكيف

- ‌ماذا بعد الطلقة الثالثة

- ‌حول حجاب المرأة

- ‌حول قتال مانعي الزكاة

- ‌حول توزيع الغنائم

- ‌حول أخذ الجزية من أهل الكتاب

- ‌حول إكراه الجواري على الزنى

- ‌حول الشهود على الزنى

- ‌لماذا جلد الزاني أمام الناس

- ‌المنسوخ والناسخ في حد الزنى

- ‌هل أخد الرسول صلى الله عليه وسلم بثأر حمزة

- ‌حول الإعداد للأعداء

- ‌حول النهي عن موالاة الكفار

- ‌هل يدعو القرآن إلى الكراهية

- ‌حول تقبيل الحجر الأسود

- ‌حول عدم الاستعانة بالكافرين

- ‌حول انتشار الإسلامِ في العالم

- ‌حول تقاتل المسلمين

- ‌الفصل الثامن نقض المطاعن العلمية

- ‌هل لتمثال العجل خوار

- ‌أسطورة خاتم سليمان

- ‌لماذا إنكار عذاب القبر

- ‌حول ناقة صالح عليه السلام

- ‌حول إهلاك قوم مدين

- ‌كيف مُسخ اليهود قردة

- ‌حول عالم الجن

- ‌حول التداوي بالعسل

- ‌أين شهود الإسراء والمعراج

- ‌حول مهمة الهدهد زمن سليمان عليه السلام

- ‌ما هي الدابة التي تخرج في آخر الزمان

- ‌حول موت سليمان عليه السلام

- ‌رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل

- ‌هل تتكلم الجبال

- ‌الله يلين الحديد لداود عليه السلام

- ‌حول نوم أصحاب الكهف

- ‌حول الريح المسخرة لسليمان عليه السلام

- ‌حول أصحاب الفيل والطير الأبابيل

- ‌هل خاف يعقوب على أبنائه من العين

- ‌حول بقرة بني إسرائيل

- ‌هل الرعد ملاك

- ‌حول سحر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية

- ‌ما المراد بالحروف المقطعة

- ‌هل في القرآن كلام أعجمي

- ‌دعوى التناقض في القرآن

- ‌أَوَّلاً: هل يتبدَّلُ كلامُ الله

- ‌ثانياً: التفاوت في مقادير أيام الله:

- ‌ثالثاً: بين نفي الشفاعة وإثباتها في الآخرة:

- ‌رابعاً: هل أهل الجنة قليلون أم كثيرون

- ‌خامساً: هل اليهود والنصارى مؤمنون

- ‌سادساً: بين الأمر بالصفح والأمر بالغلظة:

- ‌سابعاً: هل يأمر الله بالفحشاء

- ‌ثامناً: حول القسم بالبلد الأمين:

- ‌تاسعاً: حول المنافقين:

- ‌عاشراً: بين النهي عن الهوى وإباحته:

- ‌أحد عشر: التناقض في الخمر بين الحل والحرمة:

- ‌ثاني عشر: بين النهي عن إيذاء الكفار والأمر بقتالهم:

- ‌ثالث عشر: هل نجا فرعون أم غرق

- ‌رابع عشر: السماء والأرض أيهما خلقت أولاً

- ‌خامس عشر: هل القرآن محكم أو متشابه

- ‌حول التكرار في القرآن

- ‌هل في القرآن من كلام الآخرين

- ‌ثانياً: ماذا أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم من كللام عمر بن الخطاب

- ‌ب - ثلاث موافقات لعمر:

- ‌ثالثاً: ماذا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتب اليهود

- ‌حول إنزال القرآن مفرقاً

- ‌حول الكلمات الغريبة في القرآن

- ‌حول الناسخ والمنسوخ في القرآن

- ‌2 - لماذا نسخت القبلة إلى بيت المقدس

- ‌3 - هل نسخ تمسك الرجل بزوجته

- ‌ لماذا نُسخَ الامتناعُ عن النساءِ وقتَ الصيام

- ‌6 - هل نسخَ تَحريمُ إِتلافِ أَشجارِ الأَعداء

- ‌7 - لا نسخ في الصلاة على غير المسلم:

- ‌حول الكلام المتشابه في القرآن

- ‌هل القرآن مثل كلام الناس

- ‌حول الاختلاف والتناقض في القرآن

- ‌مع أمثلة الفادي للاختلاف في القرآن:

- ‌الفصل العاشر نقض المطاعن الموجهة إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تمهيد:

- ‌حولَ أَزواجِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حول حرمة نكاح أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حول جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وغزواته

- ‌ما الذي حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم على نفسه

- ‌حول أبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الزعم بأن القرآن وحي من الشيطان

- ‌هل مال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المشركين

- ‌اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بتزوج زوجة ابنه

- ‌حول سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول تقبيل الرسول للحجر الأسود

- ‌التشكيك في عفَّة عائشة رضي الله عنها

- ‌حول قتلِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم خصومَه

- ‌موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من ابن أم مكتوم

- ‌لم يطرد الرسول صلى الله عليه وسلم الفقراء والعبيد

- ‌استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من الشيطان

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم مذنب

- ‌حول موقف عبد الله بن سعد بن أبي السرح

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم بدون معجزات

- ‌اتهامات الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌هل مات الرسول صلى الله عليه وسلم مسموماً

- ‌حول أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم مع الوحي

- ‌3 - غطيط الرسول صلى الله عليه وسلم عند الوحي:

- ‌هل شرع الرسول صلى الله عليه وسلم في الانتحار

- ‌خرافة امتحان خديجة لجبريل

- ‌سخرية المجرم من رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول المرأة التي وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌حول إرجاء وإيواء الرسول صلى الله عليه وسلم من يشاء من نسائه

- ‌هل أثبت الرسول صلى الله عليه وسلم أقوال أهل الكتاب في القرآن

- ‌هل شتم الرسول صلى الله عليه وسلم الذين شتموه

- ‌حول غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إشاعة إبادة الكلاب في المدينة

- ‌حول تبشير عيسى بمحمد عليهما الصلاة والسلام

- ‌ما معنى الأُمِّي والأميين

- ‌عودة إلى دعوى التناقض في القرآن

- ‌لماذا النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم

- ‌تَمَّ الكتاب بحمد الله وتوفيقه

الفصل: ‌الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام

المفسرينَ والمؤَرِّخين، وقد أَخْطَؤوا في كلامِهم كما سبقَ أَنْ قَرَّرْنا، فكيفَ

يَنسبُ الفادي المفترِي كلامَهم إِلى القرآن، ويَجعلُ خَطَأَهم من أَخطاءِ

القرآن؟!.

وبمناسبةِ اتِّهامِه للقرآنِ وتشكيكِه في معلوماتِه، فقد شَكَّكَ في كلامِ القرآنِ

عن العينِ الحمئةِ التي وَصَلَها ذو القرنين، وعن السَّدِّ الذي بَناه.

قال: " وإِنْ كانت الشمسُ تَغربُ في بئرٍ فهل تَدورُ الشمسُ حولَ الأَرض أَم الأَرضُ حولَ الشمس؟

أَمّا السَّدُّ الذي بَناهُ إِسكندر من زُبَرِ (قِطَعِ) الحَدِيدِ والنحاسِ بين جَبَلَيْن،

أحدهما مأهولٌ بأُمَّةٍ صالحة، والآخَرُ بأُمَّةٍ متوحشةٍ، فلا نَجِدُ له أَثَراً ".

وقد سَبَقَ أَنْ نَاقَشْنا الفادي في تشكيكِه في غروبِ الشمسِ في عينٍ

حمئة، التي أَخبرَ اللهُ عنها في قوله تعالى:(حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) .

أَما تشكيكُه في إِخبار القرآنِ عن سَدِّ ذي القرنين بحجةِ أَنَّ السَّدَّ ليس

موجوداً؟

فلا وَزْنَ له، لأَنَّ عَدَمَ وجودِ السَّدِّ على الأَرضِ لا يَعْني أَنه لم يُبْنَ

ولم يَكنْ موجوداً من قبل، فمن الراجح عندنا أَنَّ السَّدَّ قد تَمَّ نقضُه وهدمُه،

ولم يَعُدْ له أَثَر، لكننا نوقنُ أَنَّ ذا القرنين بَناهُ بين الجبلَيْن من الحديدِ

والنحاس، لأَنَّ اللهَ أَخبرَنا عن ذلك في القرآن.

***

‌الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام

-

أَخْبَرَنا اللهُ أَنَّ الكعبةَ هي أَولُ بيتٍ وُضِعَ للناسِ لعبادةِ الله.

قال تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) .

ص: 171

وشَكَّكَ الفادي في هذا واعتبرَهُ من أَخطاءِ القرآنِ التاريخية.

ونَقَلَ عن الدكتورِ علي حسني الخربوطلي قولَه: " إِنَّ الوثنيّين هم الذين

بَنَوُا الكعبةَ لعبادةِ زُحَل والأَصنام، وكان العربُ يحجّونَ إِليها لتعظيمِ

أَصنامِهِم ".

ويُعَلِّقُ الفادي على كلام الخربوطلي بأَنه من الخطأ اعتبارُ الكعبةِ بيتاً

لعبادةِ الله، قال:" من الخَطَأ أَنْ يُقالَ: إِنَّ الكعبةَ بيتُ اللهِ أَو مقامُ إبراهيم، فأين بيتُ اللهِ من بيتِ الأَصنام؟ "(1) .

وما نسبَهُ الفادي إِلى الخربوطلي مردود، والدكتورُ علي حسني

الخربوطلي مسلمٌ، لا يُخالفُ ما وَرَدَ في القرآن، وهو في كتابه " الكعبة على

مر العصور " يذكرُ بعضَ ما قيلَ عن تاريخِ الكعبةِ وماضيها، فذَكَرَ أَنَّ بعضَهم ذهبَ إِلى أَنَّ الكعبة بُنيتْ لعبادةِ الكواكبِ والأَصنام، والخربوطلي لا يَقولُ بذلك، لكنه وجدَ هذا القول فسجَّلَه، ضمن أقوالٍ أُخرى، وباعتبارِه كاتباً مسلماً فقد رَجَّحَ ما وَرَدَ في القرآنِ، من أَنها أَوَّلُ بيت وُضِعَ لعبادةِ الله!.

ولكنَّ الفادي الخبيث، وَقَفَ أَمامَ الأَقوالِ التي أَوردَها الخربوطلي،

وَرجَّحَ القولَ الذي يتفقُ مع هواه، فاختارَه من بين تلك الأَقوال، ليجعَلَه دَليلاً على خطأ القرآن.

وكنا نتمنَى على الدكتورِ الخربوطلي لو لم يذكُرْ تلكَ الأَقوالَ الباطلةَ المردودة المخالفةَ للقرآن، وأَنْ يكتفي بذكْرِ ما وَرَدَ في القرآن، حتى لا يحتجَّ أَصحابُ الأَهواءِ والمغرضون - كالفادي - بتلك الأَقوال!!.

والراجحُ في نشأةِ الكعبةِ هو ما قالَه القرآنُ، من أَنَّها أَوَّلُ بيتٍ وُضِعَ

للناس لعبادةِ الله، وكان الموحِّدونَ المؤمنونَ يحجُّونَ إِليها لعبادةِ اللهِ وحْدَه.

وخَطَّأَ الفادي المفترِي القرآنَ في إِخبارهِ أَنَّ إِبراهيمَ هو الذي بنى

الكعبة، وبقيَ " مَقامُ إبراهيم " الذي كان يَقِفُ عليه أَثناءَ البناءِ بجانبها، قالَ

تعالى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ) .

وزَعَم أَنَّ إِبراهيمَ عليه السلام كانَ يُقيمُ في فلسطين، فأَينَ هو من الحجاز؟!.

قال: " ومعلومٌ أَنَّ إِبراهيمَ كان يَسكنُ أَرضَ

(1) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:

112-

الكعبة مقام إبراهيم

إنه جاء فى القرآن أن الكعبة أول بيت وضع للناس. وأنها كانت مقام إبراهيم، ومعلوم أن الكعبة من بناء الوثنيين كما جاء فى الكتب التاريخية.

الرد على الشبهة:

أولاً: إن الكعبة ليست من بناء الوثنيين كما جاء فى الكتب التاريخية التى لا يشك أحد فى أن لليهود دخل فيها. وإنما هى من بناء نوح عليه السلام فإنه لما خرج من السفينة، ونجا من الغرق هو ومن آمن معه. بنى " مذبحاً " لذبح الحيوانات عنده قرباناً لله تعالى. ففى التوراة:" وبنى نوح مذبحاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة، ومن كل الطيور الطاهرة، وأصعد محرقات على المذبح "[تك 8: 20] وهذا المذبح كان فى أرض مكة المكرمة المدينة التى استقر الفلك فيها على الجُودِىّ. والدليل على ذلك قول التوراة: إن الناس من بعد نوح ارتحلوا شرقاً إلى أرض شنعار التى هى أرض العراق. فارتحالهم إلى الشرق إلى العراق يدل على أن السفينة كانت فى بلاد العرب. ذلك قوله: " وكانت الأرض كلها لساناً واحداً ولغة واحدة. وحدث فى ارتحالهم شرقاً أنهم وجدوا بقعة فى أرض شنعار، وسكنوا هناك "[تك 11: 1 - 2] .

وليس فى القرآن نصوص صريحة على أن العرب قد عبدوا الأصنام حتى يقال: إن الكعبة كانت لصنم رُحل. وفى التوراة نصوص صريحة على أن اليهود وأدوا نبيهم وبناتهم فى النار للعرافة والسحر وأنهم عبدوا الأصنام. بل وفى القرآن نصوص صريحة على أن اليهود عبدوا صنم البعل فى أيام إلياس عليه السلام ففى الزمور المائة والسادس: " وأهرقوا دماً زكيًّا. دم نبيهم وبناتهم الذين ذبحوا لأصنام كنعان وتدنست الأرض بالدماء "[مز 106: 38] . وفى الإصحاح الخامس والستين من سفر إشعياء: " أما أنتم الذين تركوا الرب ونسوا جبل قدسى، ورتبوا للسعد الأكبر مائدة، وملأوا للسعد الأصغر خمراً ممزوجة.. "[إش 65: 11] .

فى ترجمة الكتاب المقدس فى الشرق الأوسط سنة 1995م تحت كلمة السعد الأكبر: لجاد وهو المشترى، وتحت كلمة السعد الأصغر: لمَنَى وهو الزهرة.

وفى ترجمة 1995م بلبنان: " ونسيتم جبلى المقدس. وهيأتم مائدة للإله جاد، ومزجتم الخمر للإلهة مناة " والتعليق عندهم هكذا: جاد ومناة إلهان عند الكنعانيين.

هذا مما فى التوراة عن عبادة اليهود للأصنام ومما فيها: " بعدد مدنك صارت آلهتك يا يهوذا، وبعدد شوارع أورشليم وضعتم مذابح للخزى ومذابح للتبخير للبعل "[إرمياء 11: 13] .

ويمكن الفهم من آيات فى القرآن أن العرب بنى إسماعيل عليه السلام لم يعبدوا الأصنام قط. فإبراهيم عليه السلام وهو يبنى الكعبة ولم يكن له من ولد غير إسماعيل، يطلب من الله طلبين فى ذريته:

أولهما: أن يجنبهم عبادة الأصنام، وثانيهما: أن يبعث فيهم نبيًّا منهم.

وإذ شهد الواقع بتحقيق الطلب الثانى فإن محمداً قد أرسل؛ يكون الطلب الأول قد تحقق أيضاً.

وفى القرآن أن الله قد عاهد إبراهيم وإسماعيل بتطهير الكعبة من الأصنام ولم يذكر أنهم نقضوا العهد. كما ذكر أن اليهود نقضوا فى قوله (فبما نقضهم ميثاقهم..)(1) .

وأما قوله تعالى: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة..)(2) فإن فى التوراة أن اليهود عبدوا صنم مناة. والضمير فى (أفرأيتم) يحتمل أنه للعرب ويحتمل أنه لليهود. واحتمال عوده إلى اليهود أقوى لوجود شواهد فى التوراة عليه. ولا يقدر عاقل على اتهام بدليل محتمل.

وأما قوله تعالى: (وإذا الموءودة سُئلت بأى ذنب قتلت)(3) ففى التوراة أن اليهود وأدوا نبيهم وبناتهم. وليس فى القرآن من نص صريح على نسبة الوأد إلى العرب. اهـ (شبهات المشككين) .

_________

(1)

النساء: 155، المائدة:13.

(2)

النجم: 19 - 20.

(3)

التكوير: 8 - 9.

ص: 172

كنعان، ولم يَذهبْ إِلى بلادِ العرب، فمن الخطأ أَنْ يُقالَ: إِنَّ الكعبةَ بيتُ اللهِ أَو مقامُ إِبراهيم، فأَينَ بيتُ اللهِ من بيتِ الأَصْنام؟!

وأَينَ العِبْرِيُّ من العربي؟!

وأَينَ فلسطينُ من الحجاز؟

وقد أَوردَ الدكتورُ طه حسين هذه الفكرةَ في كتابِه الشعر الجاهلي ".

أَمَّا أَنَّ إِبراهيمَ عليه السلام كان يُقيمُ في الأَرضِ المقدَّسَة، فهذا حَقّ

وصواب، نقولُ به لأَنَّ القرآنَ أَخبرَ عنه.

وكونُه في بلادِ فلسطين لا يمنعُ ذَهابَه إِلى بلادِ الحجاز، وليسَ في هذا محذورٌ عقلاً، فقد كانَ في العراق، ثم توجَّهَ إِلى فلسطين، والمسافةُ بين فلسطينَ والحجازِ ليستْ أَبعدَ من المسافةِ بينَ فلسطينَ وجنوبِ العراق، فلماذا صَدَّق الفادي وطه حسين قُدومَ إِبراهيمَ من العراقِ لفلسطين، ولم يُصَدّقا ذهابَه من فلسطينَ إِلى الحجاز؟

أَلِأَنَّ الخبرَ الأَولَ وَرَدَ في العهدِ القديم فَصَدَّقاه، ولأَنَّ الخبرَ الثاني لم يَرِدْ

في العهدِ القَديم، فلم يُصَدِّقا به؟

ومَنْ قالَ: إِنَّ الحقيقةَ محصورةٌ بما وردَ في العهدِ القديم؟

ولماذا لم يُصَدّقا ما وَرَدَ في القرآن؟

وهو كلامُ اللهِ الثابتُ المحفوظ!.

إِنَ مرجعيتَنا الأُولى هي القرآن، وكلُّ ما وَرَدَ في القرآنِ نُؤمنُ به، وقد

نَصَّ القرآنُ على أَنَّ إِبراهيمَ أتى إِلى بلادِ الحجاز، وأَسكنَ بعضَ أَهْلِه فيها.

قال تعالى: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) .

كما نَصَّ القرآنُ على أَنَ إِبراهيمَ وإِسماعيلَ هما اللذان بَنَيا البيتَ الحرام.

قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) .

وعلى ضوءِ هذا البيانِ القرآنيِّ الصادقِ يكونُ كلامُ الفادي خَطَأً وباطلاً

ومردوداً.

ص: 173