الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذي صَحَّ في هذه الحادثةِ هو ما رواهُ الترمذيُّ وأَحمدُ وابنُ حِبّان
والحاكمُ والطبرانى عن أُبَيِّ بنِ كعبٍ رضي الله عنه قال: أُصيبَ من الأَنصارِ يومَ أَحُدٍ أَربعةٌ وستّون، وأُصيبَ من المهاجرين ستّة، فيهم حمزةُ، فَمَثَّلوا بقَتْلاهم، فقالَت الأنصار: لئن أَصَبْنا منهم يَوماً من الدهْر لَنَرْبِيَنَّ عليهم..
فلما كان يومُ فتحِ مكَّة، نادى رجلٌ لا يُعْرَف: لا قُريشٌ بعدَ اليوم! فأنزَلَ اللهُ عز وجل على نبيِّه صلى الله عليه وسلم: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ..) .
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "كُفوا عن القوم
…
".
ثم ماذا فَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعدَ أَنْ أَظفرَهُ اللهُ بقُرَيْش، وذلك يومَ فتْحِ مكة؟
هل مَثَّلَ بسبعينَ رجلاً منهم؟..
لم يَقْتُلْ منهم أَحَداً، ولقد عَفا عنهم جميعاً، حتى وَحْشِي بن حَرْبٍ، الذي قَتَلَ حمزةَ مباشرة عفا عنه، وحتى هند بِنت عتبة، التي لاكَتْ كَبِدَ حمزةَ عَفا عنها.
ولما جَمَع رجالَ قريشٍ قال لهم: " ماذا ترونَ أَنّي فاعل بكم؟
قالوا: خيراً، أَخٌ كريمٌ وابنُ أَخٍ كريم.
قال: اذْهَبوا فأنتم الطُّلَقاءُ! ".
وإِنَّ الفادي المفترِي يَعْلَمُ هذا قَطْعاً، لكنّه يتعمَّدُ أَنْ لا يذكُرَه، ويذكُرَ
الكلامَ الضعيفَ المردودَ بَدَلَه، ليَذُمَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وينتَقِصه!!.
***
حول الإعداد للأعداء
اعترضَ الفادي على قولِ اللهِ عز وجل: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) .
وأَخَذَ من تفسير البيضاوي بعضَ ما قالَه في تفسيرِ الآية، وهي تأمرُ
المسلمينَ بإِعدادِ كلّ ما استطاعوا إعدادَه من قوةٍ وسلاحٍ لمواجهةِ أَعداءِ اللهِ
وأَعدائِهم، ومنْعِ عدوانِهم.
وعلَّقَ على ذلك بقولِه: " ونحنُ نسأل: كيفَ يأمُرُ القرآنُ بحملِ السلاحِ،
والاستعدادِ للغزوِ والفَتْحِ في سبيلِ الله، فَتُزْهَقُ أَرواحُ البَشَر، وتُنْهَبُ الأَموالُ في سبيلِ الدين، وقَهْرِ الناسِ على قَبولِه؟
إِنَّ السيفَ هو حُجَّةُ الذي لا يَحتملُ المناظرة "!.
لا يُريدُ الفادي المفترِي من القرآنِ أَنْ يُوَجِّهَ المسلمين إِلى حَمْلِ السِّلاحِ
لقتالِ ألأَعداء المحاربين، الطّامعين في بلادِ المسلمين وأَموالِهم، لأَنه يُريدُ أَنْ
يُواجِهَ المسلمونَ العُدوان بالاستسلام، والحربَ بالسَّلام، وإِذا ما قاتَلَهم
أَعداؤُهم كَفّوا أَيديهم عنهم! وعلى القرآنِ أَنْ يَكونَ كتابَ محبة، يأمُرُ
المسلمين بفتْحِ قُلوبِهم وأَيدِيهم لأَعدائِهم!!.
لن يكفَّ الأَعداءُ عن الطمعِ في المسلمين، والتآمر عليهم، وتَحَيُّنِ
الظرفِ المناسبِ لقتالِهم، والهجومِ عليهم، واحتلالِ بلادِهم.
وقد سَجَّلَ التاريخُ الإِسلاميُّ الشواهدَ العمليةَ الكثيرةَ على مصداقيةِ هذه الحقيقة، ولم تَخْلُ فترةٌ من حربِ الأَعداءِ ضدَّ المسلمين، في صورةٍ من صورِ الحربِ العديدة.
وإِنّ ما يقولُه الفادي المفترِي في اعتراضِه على الآية لا يَتفقُ مع المنطق!
إِنَّ أَيةَ أُمةٍ - مهما كان دينُها - تَقفُ أَمامَ أعدائِها الطامعين فيها، والمحاربينَ
لها؛ لَأَنَّ الدفاعَ عن النفسِ والمالِ والأَرض، وصَدَّ عُدوانِ المعتدين، فطرةٌ
إِنسانية، فَطَرَ اللهُ الناسَ عليها، ولا تبديلَ لهذه الفطرة.
مَنْ هم الذينَ أَمَرَ اللهُ المسلمين بمواجهتِهم؟
إِنهم أَعداؤُهم: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) .