المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل صلاة الجمعة من تشريع الجاهلية - القرآن ونقض مطاعن الرهبان - جـ ١

[صلاح الخالدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تعريف بكتاب " هل القرآن معصوم

- ‌نقد مقدمة الكتاب

- ‌الفصل الأول نقض المطاعن الجغرافية

- ‌هل تَغيبُ الشمسُ في بئرِ ماء

- ‌هل الأرض ثابتة لا تتحرك

- ‌كيفَ تُرْجَمُ الشياطينُ بالنجوم

- ‌هل السموات سبع والأراضي سبع

- ‌ما هو النسيء

- ‌بماذا تروى مصر

- ‌هل الرعد ملك من الملائكة؟وكيف يسبح الله

- ‌بين وادي طوى وجبل حوريب

- ‌هل الشمس ثابتة

- ‌القمر كالعرجون القديم

- ‌أسطورة جبل قاف

- ‌الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية

- ‌هل كان هامان وزيراً لفرعون

- ‌حول تعاون هامان وقارون مع فرعون

- ‌حول صنع السامري للعجل

- ‌من هو أبو إبراهيم عليه السلام

- ‌حول أبي مريم وأخيها

- ‌هل هَمَّ يوسفُ عليه السلام بالزنى

- ‌كيف دعا نوح على قومِه بالضلال

- ‌هل نجا فرعون من الغرق

- ‌بين زكريا ومريم

- ‌حول انتباذ مريم مكاناً شرقيّاً

- ‌حول ولادةِ مريم وكلام وليدها

- ‌هل لكلِّ أمةٍ رسول

- ‌هل أشرك آدم وحواء بالله

- ‌هل غرق ابن نوح عليه السلام

- ‌هل أيوب حفيد إسحاق

- ‌الصلة بين موسى والخضر ومحمد - صلى الله عليهم وسلم

- ‌حول ترتيب أسماء الأنبياء

- ‌إدريس وليس أخنوخ

- ‌من هم أتباع نوح عليه السلام

- ‌بابل والنمرود

- ‌ما هو أصل الكعبة

- ‌إِبراهيم عليه السلام ونمرود

- ‌إسماعيل صِدِّيقَّ نبٌيّ عليه السلام

- ‌كيف احتال إخوة يوسف عليه السلام على أبيهم

- ‌الشاهد ببراءة يوسف عليه السلام

- ‌يوسف ومراودة نسوة المدينة

- ‌توجيه طلبِ يوسفَ ذكرَه عند الملك

- ‌عدد مرات مجيء إخوة يوسف لمصر

- ‌حقيقة قميص يوسف

- ‌امرأة فرعون تتبنَّى موسى عليه السلام

- ‌حول تقتيل أولاد بني إسرائيل

- ‌حول صداق امرأة موسى عليه السلام

- ‌وراثة بني إسرائيل للأرض

- ‌تسع آيات لا عشر ضربات

- ‌العيون المتفجرة من الحجر

- ‌الألواح التي كتبت عليها التوراة

- ‌هل طلب بنو إسرائيل رؤية الله

- ‌قارون الإسرائيلي الكافر

- ‌بين داود وسليمان عليهما السلام

- ‌بين هاجر ومريم عليهما السلام

- ‌حول نزول المائدة على الحواريين

- ‌أصحاب القرية والرسل الثلاثة

- ‌حول قوم عاد

- ‌من هم أصحاب الرَّسِّ

- ‌حول لقمان الحكيم

- ‌بين الإسكندر وذي القرنين

- ‌الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام

- ‌يمين أيوب والضغث والضرب

- ‌الصرح الذي بُني لفرعون

- ‌حول الطوفان على المصريين

- ‌حول طالوت وجيشه

- ‌حول كلام عيسى في المهد

- ‌عيسى ومعجزة خلق الطير

- ‌من هو المصلوب

- ‌الفصل الثالث نقض المطاعن الأخلاقية

- ‌الرخصة لمن أكره على الكفر

- ‌العفو عن لغو اليمين

- ‌حول إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌حول آيات الجهاد والقتال

- ‌حول إباحة الغنائم

- ‌حول قسم الله بمخلوقاته

- ‌حول الترخيص بالكذب

- ‌إباحة ردِّ العدوان

- ‌حول إباحة تعدد الزوجات

- ‌الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية

- ‌التوحيد والتثليث والأقانيم

- ‌الذنوب بين الاستغفار والتكفير والفداء

- ‌ما هي مصادر القرآن البشرية

- ‌هل صلاة الجمعة من تشريع الجاهلية

- ‌هل يباح القتال في الأشهر الحرم

- ‌ما هو أصل التكبير

- ‌حول عالم الجن

- ‌هل يأمر الله بالفسق والفحشاء

- ‌لم يشك الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحىِ

- ‌هل في القرآن أقوال للناس

- ‌حول سور الخَلْع والحَفْد والنّورين

- ‌كيف يشاء الله الكفر

- ‌الله يبتلي عباده بالخير والشر

- ‌حديثُ القرآن عن المسيح عليه السلام

- ‌ما الذي كان يفعلُه عيسى عليه السلام

- ‌6 - رفع عيسى عليه السلام إلى السماء:

- ‌7 - المسيحُ وجيهٌ في الدنيا والآخرة:

- ‌8 - هل المسيح هو المخلِّص وحده

- ‌موقف الملائكة من خلق آدم عليه السلام

- ‌ما معنى سجود الملائكة لآدم عليه السلام

- ‌هل جهنم لجميع الأبرار والأشرار

- ‌مظاهر نعيم المؤمنين في الجنة

- ‌أرواح الشهداء وأجواف الطيور الخضر

- ‌حول تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌هل تذهب الحسناتُ السيئاتِ

- ‌من الذي صُلب: المسيح أم شبيهه

- ‌حول تكفير الصوم للخطايا

- ‌نفي النبوة عن نسل إسماعيل عليه السلام

- ‌هل بلاد العرب للمسيح عليه السلام

- ‌هل أكلت الشاة القرآن

- ‌حول إحراق عثمان المصاحف

- ‌كيف يضل الله الإنسان ثم يعذبه

- ‌بين قدر الله وإرادة الإنسان

- ‌الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية

- ‌ذكر المرفوع بعد المنصوب

- ‌الفاعل لا يكون منصوباً

- ‌المبتدأ مؤنث والخبر مذكر

- ‌تأنيث العدد وتذكير المعدود

- ‌اسم الموصول المفرد العائد على الجمع

- ‌جزم فعل معطوف على منصوب

- ‌هل يجوز نصب المعطوف على المرفوع

- ‌هل ينصب المضاف إليه

- ‌جمع الكثرة بدل جمع القلة

- ‌جمع القلة بدل جمع الكثرة

- ‌هل يجمع الاسم العلم

- ‌بين اسم الفاعل والمصدر

- ‌لا يُعطف المنصوب على المرفوع

- ‌حكمة وضع المضارع بدل الماضي

- ‌حكمة حذف جواب الشرط

- ‌هل صرف القرآن الممنوع من الصرف

- ‌حول تذكير خبر الاسم المؤنث

- ‌هل القرآن يوضح الواضح

- ‌هل يأتي فاعلان لفعل واحد

- ‌اعتراض على الالتفات:

- ‌حكمة إفراد الضمير العائد على المثنى

- ‌كم قلباً للإنسان

- ‌الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية

- ‌لماذا قطع يد السارق

- ‌معنى قوله تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)

- ‌حول شهادة المرأة وضربها وميراثها

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌هل الطلاق خطأ

- ‌حول جلد الزاني والزانية

- ‌حول إباحة التسري

- ‌الحجاب الحافظ للمرأة

- ‌هل شعائر الحج من الوثنية

- ‌حول إباحة التجارة في موسم الحج

- ‌من الدي حدد وقت الحج

- ‌هل الإفاضة من أعمال الجاهلية

- ‌هل أركان الحج من الجاهلية

- ‌حول توزيع الزكاة

- ‌توجيه تفضيل الرجال على النساء

- ‌هل صلاة المسلمين تقليد وثني

- ‌حول التطهر بالتيمم

- ‌تفسير سياسي لتحويل القبلة

- ‌اعتراض على الصلوات الخمس

- ‌الصلوات وليلة المعراج

- ‌حول فرض صيام رمضان

- ‌حول حرمة الأشهر الحرم

- ‌هل انتشر الإسلام بالسيف

- ‌حول القصاص في القتل

- ‌حكم قتل المرتد

- ‌حكم الزواج بالكتابيات

- ‌الفصل السابع نقض المطاعن الاجتماعية

- ‌لماذا شهادة المرأة نصف شهادة الرجل

- ‌لماذا ميراث المرأة نصف ميراث الرجل

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌ضرب الزوجات: لماذا؟ ومتى؟ وكيف

- ‌ماذا بعد الطلقة الثالثة

- ‌حول حجاب المرأة

- ‌حول قتال مانعي الزكاة

- ‌حول توزيع الغنائم

- ‌حول أخذ الجزية من أهل الكتاب

- ‌حول إكراه الجواري على الزنى

- ‌حول الشهود على الزنى

- ‌لماذا جلد الزاني أمام الناس

- ‌المنسوخ والناسخ في حد الزنى

- ‌هل أخد الرسول صلى الله عليه وسلم بثأر حمزة

- ‌حول الإعداد للأعداء

- ‌حول النهي عن موالاة الكفار

- ‌هل يدعو القرآن إلى الكراهية

- ‌حول تقبيل الحجر الأسود

- ‌حول عدم الاستعانة بالكافرين

- ‌حول انتشار الإسلامِ في العالم

- ‌حول تقاتل المسلمين

- ‌الفصل الثامن نقض المطاعن العلمية

- ‌هل لتمثال العجل خوار

- ‌أسطورة خاتم سليمان

- ‌لماذا إنكار عذاب القبر

- ‌حول ناقة صالح عليه السلام

- ‌حول إهلاك قوم مدين

- ‌كيف مُسخ اليهود قردة

- ‌حول عالم الجن

- ‌حول التداوي بالعسل

- ‌أين شهود الإسراء والمعراج

- ‌حول مهمة الهدهد زمن سليمان عليه السلام

- ‌ما هي الدابة التي تخرج في آخر الزمان

- ‌حول موت سليمان عليه السلام

- ‌رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل

- ‌هل تتكلم الجبال

- ‌الله يلين الحديد لداود عليه السلام

- ‌حول نوم أصحاب الكهف

- ‌حول الريح المسخرة لسليمان عليه السلام

- ‌حول أصحاب الفيل والطير الأبابيل

- ‌هل خاف يعقوب على أبنائه من العين

- ‌حول بقرة بني إسرائيل

- ‌هل الرعد ملاك

- ‌حول سحر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية

- ‌ما المراد بالحروف المقطعة

- ‌هل في القرآن كلام أعجمي

- ‌دعوى التناقض في القرآن

- ‌أَوَّلاً: هل يتبدَّلُ كلامُ الله

- ‌ثانياً: التفاوت في مقادير أيام الله:

- ‌ثالثاً: بين نفي الشفاعة وإثباتها في الآخرة:

- ‌رابعاً: هل أهل الجنة قليلون أم كثيرون

- ‌خامساً: هل اليهود والنصارى مؤمنون

- ‌سادساً: بين الأمر بالصفح والأمر بالغلظة:

- ‌سابعاً: هل يأمر الله بالفحشاء

- ‌ثامناً: حول القسم بالبلد الأمين:

- ‌تاسعاً: حول المنافقين:

- ‌عاشراً: بين النهي عن الهوى وإباحته:

- ‌أحد عشر: التناقض في الخمر بين الحل والحرمة:

- ‌ثاني عشر: بين النهي عن إيذاء الكفار والأمر بقتالهم:

- ‌ثالث عشر: هل نجا فرعون أم غرق

- ‌رابع عشر: السماء والأرض أيهما خلقت أولاً

- ‌خامس عشر: هل القرآن محكم أو متشابه

- ‌حول التكرار في القرآن

- ‌هل في القرآن من كلام الآخرين

- ‌ثانياً: ماذا أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم من كللام عمر بن الخطاب

- ‌ب - ثلاث موافقات لعمر:

- ‌ثالثاً: ماذا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتب اليهود

- ‌حول إنزال القرآن مفرقاً

- ‌حول الكلمات الغريبة في القرآن

- ‌حول الناسخ والمنسوخ في القرآن

- ‌2 - لماذا نسخت القبلة إلى بيت المقدس

- ‌3 - هل نسخ تمسك الرجل بزوجته

- ‌ لماذا نُسخَ الامتناعُ عن النساءِ وقتَ الصيام

- ‌6 - هل نسخَ تَحريمُ إِتلافِ أَشجارِ الأَعداء

- ‌7 - لا نسخ في الصلاة على غير المسلم:

- ‌حول الكلام المتشابه في القرآن

- ‌هل القرآن مثل كلام الناس

- ‌حول الاختلاف والتناقض في القرآن

- ‌مع أمثلة الفادي للاختلاف في القرآن:

- ‌الفصل العاشر نقض المطاعن الموجهة إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تمهيد:

- ‌حولَ أَزواجِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حول حرمة نكاح أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حول جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وغزواته

- ‌ما الذي حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم على نفسه

- ‌حول أبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الزعم بأن القرآن وحي من الشيطان

- ‌هل مال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المشركين

- ‌اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بتزوج زوجة ابنه

- ‌حول سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول تقبيل الرسول للحجر الأسود

- ‌التشكيك في عفَّة عائشة رضي الله عنها

- ‌حول قتلِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم خصومَه

- ‌موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من ابن أم مكتوم

- ‌لم يطرد الرسول صلى الله عليه وسلم الفقراء والعبيد

- ‌استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من الشيطان

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم مذنب

- ‌حول موقف عبد الله بن سعد بن أبي السرح

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم بدون معجزات

- ‌اتهامات الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌هل مات الرسول صلى الله عليه وسلم مسموماً

- ‌حول أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم مع الوحي

- ‌3 - غطيط الرسول صلى الله عليه وسلم عند الوحي:

- ‌هل شرع الرسول صلى الله عليه وسلم في الانتحار

- ‌خرافة امتحان خديجة لجبريل

- ‌سخرية المجرم من رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول المرأة التي وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌حول إرجاء وإيواء الرسول صلى الله عليه وسلم من يشاء من نسائه

- ‌هل أثبت الرسول صلى الله عليه وسلم أقوال أهل الكتاب في القرآن

- ‌هل شتم الرسول صلى الله عليه وسلم الذين شتموه

- ‌حول غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إشاعة إبادة الكلاب في المدينة

- ‌حول تبشير عيسى بمحمد عليهما الصلاة والسلام

- ‌ما معنى الأُمِّي والأميين

- ‌عودة إلى دعوى التناقض في القرآن

- ‌لماذا النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم

- ‌تَمَّ الكتاب بحمد الله وتوفيقه

الفصل: ‌هل صلاة الجمعة من تشريع الجاهلية

والمنافقينَ واليهودِ منه، وعن مواجهتِهم له، ومحاولاتِهم القضاءَ عليه وعلى

دعوتِه، وعن جهادِه لهم وانتصارِه عليهم، وجَعَلَ ذلك كُلَّه عِبرةً وعِظَةً لأَصْحابِه الذين عاشوا معه، والمؤمنينَ الذين سيأتونَ من بعدِه، ولذلك قال تعالى في تعقيبِه على أَحداثِ إِجلاءِ بني النضير:(فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) .

إِنَّ القرآنَ كتابُ تعليمٍ وتوجيه، وكتابُ هدايةٍ وبَيان، وكتابُ تربيةٍ

وتزكية، وكتابُ تشريعٍ وتكليف، وكتابُ جهادٍ ومواجهة، وحَفقَ القرآنُ هذه المقاصدَ الحيةَ بمختلفِ الوسائلِ والأَساليب، ومنها ذِكْرُ أَحوالِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم وأَحوالِ أَصحابِه وأَحوالِ أَعدائِه، وجعلَ ذلك وسيلةً لبيانِ فضْلِ اللهِ على المسلمين، ومعيتِه لهم، وحفظِه لهم ورعايتهم، وتوجيهِهِم إِلى محبةِ اللهِ وذكْرِهِ وشكره.

وقد أَخطأَ الفادي المفترِي عندما عَدَّ أُمَّ هانئ رضي الله عنها ضمنَ أَزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم، مع أَنه لم يتزوَّجْها.

وكَذَبَ كِذْبَةً فاجرةً عندما ادّعى أَنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم سَجَّلَ في القرآنِ بعضَ أَقوالِ الصحابة، زاعِماً أَنها وحيٌ من اللهِ إِليه! ونتحدّاهُ

أَنْ يُثبِتَ هذا الافتراء!!.

***

‌هل صلاة الجمعة من تشريع الجاهلية

؟

اعترضَ الفادي المفترِي على مشروعيةِ صلاةِ الجمعةِ في القرآن، وادّعى

أَنها منْ تَشريعِ الجاهلية.

وقد أَمرَ اللهُ المؤمنين بصلاةِ الجمعةِ في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) .

ص: 248

نَقَلَ الفادي عن تفسيرِ البيضاويِّ أَنَّ يومَ الجمعةِ في الجاهليةِ كان يُسَمّى

يومَ العَروبَة، وقيلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَمّاهُ يومَ الجمعة كعبُ بنُ لُؤَيّ، أَحَدُ أَجدادِ قريش، لأَنَّ الناسَ كانوا يَجتمعونَ إِليه فَيحدِّثَهم عند الكعبة.

وقالَ البيضاويُّ:

إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلّاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كانت عندَ قدومِه المدينة حيثُ أدركَتْه صلاةُ الجمعةِ قُبيلَ المدينة، فصَلّاها في تجمعٍ للمسلمين في وادٍ لبني سالم بن عوف.

وَنَقَلَ عن كتابِ بُلوغِ الأَربِ للآلوسي أَنَّ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ كانَ يَجمعُ قريشاً

في ذلك اليومِ حولَ الكعبةِ، ويَخطبُ فيهم، ولذلك سماهُ يومَ الجُمُعة.

وعَلَّقَ الفادي الجاهلُ على ذلك النقل بقولِه: " فيومُ الجمعةِ مصدَرُه عَرَبُ

الجاهلية، ومن وَضْعِ كعبِ بنِ لُؤَي، وليس من وحيِ السماء ".

نُبادرُ إِلى القول: لم يَثْبُتْ بروايةٍ معتمدةٍ ما قالَه البيضاويُّ والآلوسيُّ عن

وجودِ اسمَيْن ليومِ الجمعة، وعن سببِ تغييرِه من يومِ العَروبة إِلى يومِ الجمعة،

وعن أَنَّ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ أَؤَلُ مَنْ جَمَعَ قريشاً وخطبَ فيهم حولَ الكعبة، وكانَ هذا قبلَ ولادةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم بعشراتِ السنين.

وبما أَنَ هذا القولَ لم يَثْبُتْ عندنا، فإِننا نتوقفُ فيه، فلا نُكَذِّبُه ولا نُصَدّقُه.

وَهَبْ أَنَّ القولَ صحيح، فإِنه لا يُؤَدّي إِلى النتيجةِ الخاطئةِ التي خرجَ بها

الفادي الجاهلُ منه!! وأَقْصى ما يَدُلُّ عليه أَنَّ يومَ الجمعةِ سُمِّيَ بذلك قبلَ

ميلادِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم بعشراتِ السنين، وأَنَّ العربَ الجاهليّين كانوا يَجتمعونَ فيه ويتحدَّثون ا! وأَينَ هذا من مشروعيةِ صلاةِ الجمعة، التي أَمَرَ اللهُ المسلمين أَنْ يُؤَدّوها فيه؟!.

نعمْ مصدرُ يومِ الجمعةِ عربُ الجاهلية، وهم سَمّوهُ بهذا الاسمِ قبلَ

الإِسلامِ بعشراتِ السنين، كما أَنهم سَمّوا باقي أَيام الأُسبوعِ بأَسمائِها في

ذلك الزمنِ البعيد..

ولم يَدَّعِ المسلمونَ أَنَّ اسمَ يومِ الجمعةِ جاءَ وَحْياً

ص: 249

من السماء، حتى يُسَجِّلَ الجاهلُ اعتراضَه وتخطئتَه للقرآن!.

لما بَعَثَ اللهُ محمداً رسولاً صلى الله عليه وسلم وأَنزلَ عليه القرآن، ْ كانَ هذا اليومُ يُسَمّى يومَ الجمعة، ولم يُسَمّهِ القرآنُ يومَ الجمعة، والجديدُ في الأَمْرِ أَنَّ اللهَ شَرَعَ فيه صلاةَ الجمعة، وكان تشريعُها قُبيلَ دُخولِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم المدينةَ يومَ الهجرة، ثم أَنزلَ اللهُ سورةَ الجمعةِ بعد الهجرة، وأَمَرَ المسلمينَ بأَداءِ الصلاة، وكان الأَمْرُ في آياتِ سورة الجمعة تأكيداً لمشروعيتِها يومَ الهجرة!.

وبهذا نَعْرِفُ جهلَ الفادي في عدمِ تفريقِه بين اسْمِ يومِ الجمعة الذي

سُمّيَ به قبلَ الإِسلامِ بعشراتِ السنين، وبين مشروعيةِ الصلاةِ فيه، التي

شَرَعَها اللهُ وأَمَرَ المسلمينَ بها يومَ الهجرة!.

ونقلَ الفادي خَبَرَاً نَسَبَهُ إِلى كتابٍ مجهول، سَمّاه " السيرة النبوية

المَلكيَّة "، زَعَمَ أَنَّ المسلمينَ هم الذين اقْتَرحوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم صلاةَ الجمعة.

قال: " وَرَدَ في كتابِ (السيرة النبوية الملكية) أَنه لما هاجَرَ محمدٌ إِلى المدينةِ

قال له المسلمون: إِنَّ لليهودِ يَوْماً يَجتمعونَ فيه للعبادةِ وسَماعِ الوعظِ هو يومَ السبت، وللنصارى يوماً يجتمعونَ فيه للعبادةِ وسَماعِ الوعظ، ونحنُ المسلمينَ لا يومَ لنا نجتمعُ فيه لعبادةِ اللهِ تعالى أُسوةً بأَهْلِ الكتاب، فأَشارَ عليهم بيوم الجمعة ".

وهذا الخَبَرُ موضوعٌ مكذوبٌ باطل، ولذلك لم يَرِدْ في حديثٍ صحيحٍ أَو

حَسَنٍ أو ضَعيف، وهو يوحي بأَنَّ تشريعَ صلاةِ الجمعةِ بَشَرِيّ، وليش ربّانيّاً

من عندِ الله، خَضَعَ فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم لرغبةِ المسلمين، المتأَثِّرين باليهودِ والنصارى، فلما طَلبوا منه استجابَ لهم وشرعَ لهم صلاةَ الجمعة!!.

وقد كانَ الفادي خَبيثاً عندما عَلَّقَ على خبرِه الموضوعِ قائلاً: " ونحنُ

نَسأل: إِذا كانَ اليهودُ يَجتمعونَ للعبادةِ يوم السبت، لذكْرِ خَلْقِ اللهِ العالمَ في ستةِ أَيام، واستراحتِه في اليومِ السابع، وإِذا كان النَّصارى يَحفظونَ يومَ الأَحَدِ لذكْرى قيامةِ المسيح فيه، فما الذي يَجعلُ المسلمينَ يَجتمعونَ يومَ الجمعة؟

ص: 250

هل لِيُحاكوا أَهْلَ الكتاب؟

- لِمَ لَمْ يَختاروا اليومَ الذي صنَعَه الربّ، بل اليومَ الذي وَضَعَتْهُ عربُ الجاهلية؟! ".

يُريدُ الفادي الخبيثُ من تعليقِه أَنْ يَجعلَ المسلمين مُقَلِّدين لليهودِ

والنصارى، راغبينَ في محاكاتِهم، فبما أَنَّ اليهودَ والنَّصارى يَجتمعونَ يَوْماً في

الأُسبوع فلماذا لا يَفعلُ المسلمون مثلَهم؟

وهو بهذا يُؤَكِّدُ على بشريةِ القرآن، وبشريةِ التشريعِ الإسلامي.

وعندما ننظرُ في الآيةِ التي أَمرت المؤمنين بصلاةِ الجمعة، فَسنجدُها

تَكْليفاً مباشِراً من اللهِ للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) ..

فاللهُ هو الذي خاطَبَهم وكَلَّفَهم وأَمَرَهم، وشرعَ لهم صلاةَ الجمعةِ في يومِ الجمعة، ولم يكن الآمِرُ هو الرسولَ صلى الله عليه وسلم بناءً على طلبٍ منهم، كما زَعَمَ الفادي المفترِي!.

وقد أَخْبَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ يوم الجمعةِ هو أَفضلُ أَيامِ الأُسبوع، جعلَه اللهُ أَفْضَلَ الأَيام قبلَ وجودِ اليهودِ والنصارى، وأَنَّ اليهودَ والنصارى كانوا مأمورين بيومِ الجمعة، لكنَّهم تركوه، فاختارَ اليهودُ السبت، واختارَ النصارى الأحَد، وكانوا مُتَّبِعين لهواهم!.

روى مسلمٌ عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نَحنُ الآخِرون، السابقونَ يومَ القيامة، بيد أَنهم أُوتوا الكتابَ من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، وهذا يومهم الذي فَرَضَ اللهُ عليهم، فاخْتَلَفوا فيه، فَهدانا اللهُ له، فهم لنا فيه تَبَعَ، اليهودُ غداً، والنَّصارى بعدَ غد ".

وروى مسلم عن أَبي هريرة وعن حذيفةَ بنِ اليمان رضي الله عنهما قالا: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " أَضل اللهُ عن الجمعةِ مَنْ كانَ قَبْلَنا، فكانَ لليهودِ يومُ السبت، وكانَ للنصارى يومُ الأَحَد، فجاءَ اللهُ بنا، فهدانا اللهُ ليومِ الجُمُعَة،

ص: 251