المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌توجيه تفضيل الرجال على النساء - القرآن ونقض مطاعن الرهبان - جـ ١

[صلاح الخالدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تعريف بكتاب " هل القرآن معصوم

- ‌نقد مقدمة الكتاب

- ‌الفصل الأول نقض المطاعن الجغرافية

- ‌هل تَغيبُ الشمسُ في بئرِ ماء

- ‌هل الأرض ثابتة لا تتحرك

- ‌كيفَ تُرْجَمُ الشياطينُ بالنجوم

- ‌هل السموات سبع والأراضي سبع

- ‌ما هو النسيء

- ‌بماذا تروى مصر

- ‌هل الرعد ملك من الملائكة؟وكيف يسبح الله

- ‌بين وادي طوى وجبل حوريب

- ‌هل الشمس ثابتة

- ‌القمر كالعرجون القديم

- ‌أسطورة جبل قاف

- ‌الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية

- ‌هل كان هامان وزيراً لفرعون

- ‌حول تعاون هامان وقارون مع فرعون

- ‌حول صنع السامري للعجل

- ‌من هو أبو إبراهيم عليه السلام

- ‌حول أبي مريم وأخيها

- ‌هل هَمَّ يوسفُ عليه السلام بالزنى

- ‌كيف دعا نوح على قومِه بالضلال

- ‌هل نجا فرعون من الغرق

- ‌بين زكريا ومريم

- ‌حول انتباذ مريم مكاناً شرقيّاً

- ‌حول ولادةِ مريم وكلام وليدها

- ‌هل لكلِّ أمةٍ رسول

- ‌هل أشرك آدم وحواء بالله

- ‌هل غرق ابن نوح عليه السلام

- ‌هل أيوب حفيد إسحاق

- ‌الصلة بين موسى والخضر ومحمد - صلى الله عليهم وسلم

- ‌حول ترتيب أسماء الأنبياء

- ‌إدريس وليس أخنوخ

- ‌من هم أتباع نوح عليه السلام

- ‌بابل والنمرود

- ‌ما هو أصل الكعبة

- ‌إِبراهيم عليه السلام ونمرود

- ‌إسماعيل صِدِّيقَّ نبٌيّ عليه السلام

- ‌كيف احتال إخوة يوسف عليه السلام على أبيهم

- ‌الشاهد ببراءة يوسف عليه السلام

- ‌يوسف ومراودة نسوة المدينة

- ‌توجيه طلبِ يوسفَ ذكرَه عند الملك

- ‌عدد مرات مجيء إخوة يوسف لمصر

- ‌حقيقة قميص يوسف

- ‌امرأة فرعون تتبنَّى موسى عليه السلام

- ‌حول تقتيل أولاد بني إسرائيل

- ‌حول صداق امرأة موسى عليه السلام

- ‌وراثة بني إسرائيل للأرض

- ‌تسع آيات لا عشر ضربات

- ‌العيون المتفجرة من الحجر

- ‌الألواح التي كتبت عليها التوراة

- ‌هل طلب بنو إسرائيل رؤية الله

- ‌قارون الإسرائيلي الكافر

- ‌بين داود وسليمان عليهما السلام

- ‌بين هاجر ومريم عليهما السلام

- ‌حول نزول المائدة على الحواريين

- ‌أصحاب القرية والرسل الثلاثة

- ‌حول قوم عاد

- ‌من هم أصحاب الرَّسِّ

- ‌حول لقمان الحكيم

- ‌بين الإسكندر وذي القرنين

- ‌الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام

- ‌يمين أيوب والضغث والضرب

- ‌الصرح الذي بُني لفرعون

- ‌حول الطوفان على المصريين

- ‌حول طالوت وجيشه

- ‌حول كلام عيسى في المهد

- ‌عيسى ومعجزة خلق الطير

- ‌من هو المصلوب

- ‌الفصل الثالث نقض المطاعن الأخلاقية

- ‌الرخصة لمن أكره على الكفر

- ‌العفو عن لغو اليمين

- ‌حول إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌حول آيات الجهاد والقتال

- ‌حول إباحة الغنائم

- ‌حول قسم الله بمخلوقاته

- ‌حول الترخيص بالكذب

- ‌إباحة ردِّ العدوان

- ‌حول إباحة تعدد الزوجات

- ‌الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية

- ‌التوحيد والتثليث والأقانيم

- ‌الذنوب بين الاستغفار والتكفير والفداء

- ‌ما هي مصادر القرآن البشرية

- ‌هل صلاة الجمعة من تشريع الجاهلية

- ‌هل يباح القتال في الأشهر الحرم

- ‌ما هو أصل التكبير

- ‌حول عالم الجن

- ‌هل يأمر الله بالفسق والفحشاء

- ‌لم يشك الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحىِ

- ‌هل في القرآن أقوال للناس

- ‌حول سور الخَلْع والحَفْد والنّورين

- ‌كيف يشاء الله الكفر

- ‌الله يبتلي عباده بالخير والشر

- ‌حديثُ القرآن عن المسيح عليه السلام

- ‌ما الذي كان يفعلُه عيسى عليه السلام

- ‌6 - رفع عيسى عليه السلام إلى السماء:

- ‌7 - المسيحُ وجيهٌ في الدنيا والآخرة:

- ‌8 - هل المسيح هو المخلِّص وحده

- ‌موقف الملائكة من خلق آدم عليه السلام

- ‌ما معنى سجود الملائكة لآدم عليه السلام

- ‌هل جهنم لجميع الأبرار والأشرار

- ‌مظاهر نعيم المؤمنين في الجنة

- ‌أرواح الشهداء وأجواف الطيور الخضر

- ‌حول تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌هل تذهب الحسناتُ السيئاتِ

- ‌من الذي صُلب: المسيح أم شبيهه

- ‌حول تكفير الصوم للخطايا

- ‌نفي النبوة عن نسل إسماعيل عليه السلام

- ‌هل بلاد العرب للمسيح عليه السلام

- ‌هل أكلت الشاة القرآن

- ‌حول إحراق عثمان المصاحف

- ‌كيف يضل الله الإنسان ثم يعذبه

- ‌بين قدر الله وإرادة الإنسان

- ‌الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية

- ‌ذكر المرفوع بعد المنصوب

- ‌الفاعل لا يكون منصوباً

- ‌المبتدأ مؤنث والخبر مذكر

- ‌تأنيث العدد وتذكير المعدود

- ‌اسم الموصول المفرد العائد على الجمع

- ‌جزم فعل معطوف على منصوب

- ‌هل يجوز نصب المعطوف على المرفوع

- ‌هل ينصب المضاف إليه

- ‌جمع الكثرة بدل جمع القلة

- ‌جمع القلة بدل جمع الكثرة

- ‌هل يجمع الاسم العلم

- ‌بين اسم الفاعل والمصدر

- ‌لا يُعطف المنصوب على المرفوع

- ‌حكمة وضع المضارع بدل الماضي

- ‌حكمة حذف جواب الشرط

- ‌هل صرف القرآن الممنوع من الصرف

- ‌حول تذكير خبر الاسم المؤنث

- ‌هل القرآن يوضح الواضح

- ‌هل يأتي فاعلان لفعل واحد

- ‌اعتراض على الالتفات:

- ‌حكمة إفراد الضمير العائد على المثنى

- ‌كم قلباً للإنسان

- ‌الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية

- ‌لماذا قطع يد السارق

- ‌معنى قوله تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)

- ‌حول شهادة المرأة وضربها وميراثها

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌هل الطلاق خطأ

- ‌حول جلد الزاني والزانية

- ‌حول إباحة التسري

- ‌الحجاب الحافظ للمرأة

- ‌هل شعائر الحج من الوثنية

- ‌حول إباحة التجارة في موسم الحج

- ‌من الدي حدد وقت الحج

- ‌هل الإفاضة من أعمال الجاهلية

- ‌هل أركان الحج من الجاهلية

- ‌حول توزيع الزكاة

- ‌توجيه تفضيل الرجال على النساء

- ‌هل صلاة المسلمين تقليد وثني

- ‌حول التطهر بالتيمم

- ‌تفسير سياسي لتحويل القبلة

- ‌اعتراض على الصلوات الخمس

- ‌الصلوات وليلة المعراج

- ‌حول فرض صيام رمضان

- ‌حول حرمة الأشهر الحرم

- ‌هل انتشر الإسلام بالسيف

- ‌حول القصاص في القتل

- ‌حكم قتل المرتد

- ‌حكم الزواج بالكتابيات

- ‌الفصل السابع نقض المطاعن الاجتماعية

- ‌لماذا شهادة المرأة نصف شهادة الرجل

- ‌لماذا ميراث المرأة نصف ميراث الرجل

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌ضرب الزوجات: لماذا؟ ومتى؟ وكيف

- ‌ماذا بعد الطلقة الثالثة

- ‌حول حجاب المرأة

- ‌حول قتال مانعي الزكاة

- ‌حول توزيع الغنائم

- ‌حول أخذ الجزية من أهل الكتاب

- ‌حول إكراه الجواري على الزنى

- ‌حول الشهود على الزنى

- ‌لماذا جلد الزاني أمام الناس

- ‌المنسوخ والناسخ في حد الزنى

- ‌هل أخد الرسول صلى الله عليه وسلم بثأر حمزة

- ‌حول الإعداد للأعداء

- ‌حول النهي عن موالاة الكفار

- ‌هل يدعو القرآن إلى الكراهية

- ‌حول تقبيل الحجر الأسود

- ‌حول عدم الاستعانة بالكافرين

- ‌حول انتشار الإسلامِ في العالم

- ‌حول تقاتل المسلمين

- ‌الفصل الثامن نقض المطاعن العلمية

- ‌هل لتمثال العجل خوار

- ‌أسطورة خاتم سليمان

- ‌لماذا إنكار عذاب القبر

- ‌حول ناقة صالح عليه السلام

- ‌حول إهلاك قوم مدين

- ‌كيف مُسخ اليهود قردة

- ‌حول عالم الجن

- ‌حول التداوي بالعسل

- ‌أين شهود الإسراء والمعراج

- ‌حول مهمة الهدهد زمن سليمان عليه السلام

- ‌ما هي الدابة التي تخرج في آخر الزمان

- ‌حول موت سليمان عليه السلام

- ‌رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل

- ‌هل تتكلم الجبال

- ‌الله يلين الحديد لداود عليه السلام

- ‌حول نوم أصحاب الكهف

- ‌حول الريح المسخرة لسليمان عليه السلام

- ‌حول أصحاب الفيل والطير الأبابيل

- ‌هل خاف يعقوب على أبنائه من العين

- ‌حول بقرة بني إسرائيل

- ‌هل الرعد ملاك

- ‌حول سحر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية

- ‌ما المراد بالحروف المقطعة

- ‌هل في القرآن كلام أعجمي

- ‌دعوى التناقض في القرآن

- ‌أَوَّلاً: هل يتبدَّلُ كلامُ الله

- ‌ثانياً: التفاوت في مقادير أيام الله:

- ‌ثالثاً: بين نفي الشفاعة وإثباتها في الآخرة:

- ‌رابعاً: هل أهل الجنة قليلون أم كثيرون

- ‌خامساً: هل اليهود والنصارى مؤمنون

- ‌سادساً: بين الأمر بالصفح والأمر بالغلظة:

- ‌سابعاً: هل يأمر الله بالفحشاء

- ‌ثامناً: حول القسم بالبلد الأمين:

- ‌تاسعاً: حول المنافقين:

- ‌عاشراً: بين النهي عن الهوى وإباحته:

- ‌أحد عشر: التناقض في الخمر بين الحل والحرمة:

- ‌ثاني عشر: بين النهي عن إيذاء الكفار والأمر بقتالهم:

- ‌ثالث عشر: هل نجا فرعون أم غرق

- ‌رابع عشر: السماء والأرض أيهما خلقت أولاً

- ‌خامس عشر: هل القرآن محكم أو متشابه

- ‌حول التكرار في القرآن

- ‌هل في القرآن من كلام الآخرين

- ‌ثانياً: ماذا أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم من كللام عمر بن الخطاب

- ‌ب - ثلاث موافقات لعمر:

- ‌ثالثاً: ماذا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتب اليهود

- ‌حول إنزال القرآن مفرقاً

- ‌حول الكلمات الغريبة في القرآن

- ‌حول الناسخ والمنسوخ في القرآن

- ‌2 - لماذا نسخت القبلة إلى بيت المقدس

- ‌3 - هل نسخ تمسك الرجل بزوجته

- ‌ لماذا نُسخَ الامتناعُ عن النساءِ وقتَ الصيام

- ‌6 - هل نسخَ تَحريمُ إِتلافِ أَشجارِ الأَعداء

- ‌7 - لا نسخ في الصلاة على غير المسلم:

- ‌حول الكلام المتشابه في القرآن

- ‌هل القرآن مثل كلام الناس

- ‌حول الاختلاف والتناقض في القرآن

- ‌مع أمثلة الفادي للاختلاف في القرآن:

- ‌الفصل العاشر نقض المطاعن الموجهة إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تمهيد:

- ‌حولَ أَزواجِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حول حرمة نكاح أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حول جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وغزواته

- ‌ما الذي حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم على نفسه

- ‌حول أبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الزعم بأن القرآن وحي من الشيطان

- ‌هل مال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المشركين

- ‌اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بتزوج زوجة ابنه

- ‌حول سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول تقبيل الرسول للحجر الأسود

- ‌التشكيك في عفَّة عائشة رضي الله عنها

- ‌حول قتلِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم خصومَه

- ‌موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من ابن أم مكتوم

- ‌لم يطرد الرسول صلى الله عليه وسلم الفقراء والعبيد

- ‌استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من الشيطان

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم مذنب

- ‌حول موقف عبد الله بن سعد بن أبي السرح

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم بدون معجزات

- ‌اتهامات الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌هل مات الرسول صلى الله عليه وسلم مسموماً

- ‌حول أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم مع الوحي

- ‌3 - غطيط الرسول صلى الله عليه وسلم عند الوحي:

- ‌هل شرع الرسول صلى الله عليه وسلم في الانتحار

- ‌خرافة امتحان خديجة لجبريل

- ‌سخرية المجرم من رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول المرأة التي وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌حول إرجاء وإيواء الرسول صلى الله عليه وسلم من يشاء من نسائه

- ‌هل أثبت الرسول صلى الله عليه وسلم أقوال أهل الكتاب في القرآن

- ‌هل شتم الرسول صلى الله عليه وسلم الذين شتموه

- ‌حول غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إشاعة إبادة الكلاب في المدينة

- ‌حول تبشير عيسى بمحمد عليهما الصلاة والسلام

- ‌ما معنى الأُمِّي والأميين

- ‌عودة إلى دعوى التناقض في القرآن

- ‌لماذا النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم

- ‌تَمَّ الكتاب بحمد الله وتوفيقه

الفصل: ‌توجيه تفضيل الرجال على النساء

استخدامَ المالِ للدعوةِ والاستمالةِ والتَبْشير، فالجمعيّاتُ التنصيريةُ النصرانيةُ

هي أَكثرُ الجمعياتِ استخْداماً للمالِ للتَّنْصير، والرهبانُ أَكثرُ الناسِ دَفْعاً

للأَموال تَرْغيباً في اعتناقِ النصرانية، وتَرْصدُ الكنائسُ الملايينَ من الدولاراتِ

لهذه الغاية، وتنتشرُ مجموعاتُ التَّنْصيرِ في كلِّ بِلادِ العالم، وتُرَكِّزُ على

ممارسةِ التَّنْصِيرِ بينَ المسلمين على وَجْهِ الخصوص، وتَقومُ على الدفعِ

والإِغراءِ بالمال..

ويقولُ لنا الفادي المفترِي بعدَ ذلك: يَحرمُ على النصارى

استخدامُ المالِ للدعوة.

وهم يَنْشرونَ دعوتَهم بالمحبةِ والتضحية!!.

كما يَرى الفادي المفترِي أَنَّ صرفَ جُزْءٍ من الزكاةِ لجهادِ وقتالِ الكفارِ

خَطَأ، ويعتبرُه نوعاً من سوءِ استخدامِ المال، وإِنفاقِهِ للإِرْهاب!.

وكلامُه باطل، فاللهُ أَوْجبَ على المسلمين جهادَ الأَعداءِ الطّامعين فيهم،

والشِّد والغلظةَ في قتالِهم، وإِيقافَ عُدْوانهم، وإِبطالَ مكائِدِهم ومُخَطّطاتِهم

ضدَّهم، وَوَعَدَهم على ذلك جزيلَ الأَجْرِ والثواب!

ومعلومٌ أَنَّ الجهادَ في سبيلِ اللهِ يَحتاجُ إِلى كثيرٍ من الأَموالِ للإِنفاقِ عليه، ولذلك جعلَ اللهُ الإِنفاقَ عليه سهماً من أَسهمِ الزكاةِ الثمانية، واللهُ عليمٌ حكيمٌ في تَشريعِه سبحانه!.

***

‌توجيه تفضيل الرجال على النساء

ذَكَرَ الفادي آيَتَيْنِ تَتَحَدَّثانِ عن الصلةِ بينَ الرجالِ والنِّساء.

هما قولُه تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) .

وقولُه تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) .

ونَقَلَ كَلاماً للبيضاويِّ في تفسيرِ الآيَتَيْن، وبيانِ معنى القوامةِ والدرَجة، وأسبابِ ذلك.

ثم عَلَّقَ على ذلك مُخطِّئاً القرآنَ والإسلام، فقال: " ونحنُ نَسأل: لماذا

يَهْضِمُ الإِسلامُ حُقوقَ المرأة، فيعتبرُ من حَقِّ الرجلِ أَن يَملكَ نفسَها،

ص: 407

بينما لا تمتلكُ المرأةُ إِلّا نَصيباً منْ مالِه؟

الطبيعيُّ أَنْ يكونَ جسدُ الرجلِ مِلْكَ المرأة، وجَسَدُ المرأةِ مِلْكَ الرجُل، ولماذا يستبدُّ الرجلُ بالفِراق، ولا يُسمحُ للمرأَةِ بالفراق إِذا رَأَتْ ذلك، في حالةِ خيانتِه، وإِنْ كانَ من العيبِ أَنْ تَضربَ المرأةُ الرجلَ، فلماذا تَسمحُ الشريعةُ الإِسلاميةُ للرجلِ أَنْ يَضربَ المرأة؟ " (1) .

يَجِبُ أَنْ نُفرقَ أَوّلاً بينَ القوامةِ والتَّفْضيل، فالقوامَةُ منزلةٌ دنيوية، تَقومُ

على المسؤوليةِ لمواهبَ وقُدُرات، أَمّا التفضيلُ فهو منزلةٌ دينية إِيمانية، يَرتفعُ

بها صاحِبُهَا عندَ الله.

لقد جعل اللهُ القوامةَ في الدنيا للرجالِ على النِّساء، بمعنى أَنه أَعطى

مسؤوليةَ إِدارةِ الأُسرةِ والبيتِ للرجُل، فهو صاحبُ القِوامةِ والمسؤوليةِ والقيادةِ والحكمِ في هذه المؤسسة.

وذَكرت الآيةُ سَبَبَيْن لجعْلِ القوامةِ للرجال:

(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)

السببُ الأوَّل: ما منحهُ اللهُ للرجالِ من مواهبَ وطاقاتٍ خاصّة، تَمَيَّزوا

بها عن النساء، تُؤَهِّلُهم للقيامِ بواجبِ القوامة، وإِدارةِ شُؤونِ الأُسْرَة،

وفَضَّلَهم اللهُ بهذه المواهبِ تَفْضيلاً دُنيوياً.

السببُ الثاني: ما أَوجبهُ اللهُ على الرجال من إِنفاقِ الأَموالِ على مُؤَسَّسةِ

الأُسْرَة، فالإِنفاقُ واجبٌ على الرجل، ولا يَجبُ على امرأَتِه أَنْ تُنفقَ شيئاً ولو كانتْ تملكُ المالَ الكثير.

وكونُ القوامةِ الدنيويةِ بيدِ الرِّجالِ لا يَعْني أَنَّ جِنْسَ الرجالِ أَفْضلُ من

جنس النساءِ عندَ الله، فأَساسُ التفضيلِ عندَ الله ليس الجنسَ أَو اللون، إِنما

هو الإِيمانُ والتقوى، كما قالَ الله تعالى:(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ،فإذا كانت المرأةُ صالحةً تقيةً كانتْ أَفضلَ عندَ الله من زوجِها

غيرِ التَّقِيّ، أَو الأَدنى منها في التقوى.

(1) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:

134-

الرجال قوَّامون على النساء

الرد على الشبهة:

فى المدينة المنورة نزلت آيات " القوامة " قوامة الرجال على النساء.. وفى ظل المفهوم الصحيح لهذه القوامة تحررت المرأة المسلمة من تقاليد الجاهلية الأولى، وشاركت الرجال فى العمل العام مختلف ميادين العمل العام على النحو الذى أشرنا إلى نماذجه فى القسم الأول من هذه الدراسة؛ فكان مفهوم القوامة حاضراً طوال عصر ذلك التحرير.. ولم يكن عائقاً بين المرأة وبين هذا التحرير..

ولحكمة إلهيةِ قرن القرآن الكريم فى آيات القوامة بين مساواة النساء للرجال وبين درجة القوامة التى للرجال على النساء، بل وقدم هذه المساواة على تلك الدرجة، عاطفاً الثانية على الأولى ب " واو " العطف، دلالة على المعية والاقتران.. أى أن المساواة والقوامة صنوان مقترنان، يرتبط كل منهما بالآخر، وليسا نقيضين، حتى يتوهم واهم أن القوامة نقيض ينتقص من المساواة..

لحكمة إلهية جاء ذلك فى القرآن الكريم، عندما قال الله سبحانه وتعالى فى الحديث عن شئون الأسرة وأحكامها:

(ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم)(1) .

وفى سورة النساء جاء البيان لهذه الدرجة التى للرجال على النساء فى سياق الحديث عن شئون الأسرة، وتوزيع العمل والأنصبة بين طرفى الميثاق الغليظ الذى قامت به الأسرة الرجل والمرأة فإذا بآية القوامة تأتى تالية للآيات التى تتحدث عن توزيع الأنصبة والحظوظ والحقوق بين النساء وبين الرجال، دونما غبن لطرف، أو تمييز يخل بمبدأ المساواة، وإنما وفق الجهد والكسب الذى يحصِّل به كل طرف ما يستحق من ثمرات.. (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شئ عليماً * ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شئ شهيداً * الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم..)(2) .

ولقد فقه حبر الأمة، عبد الله بن عباس [3ق هجرية 68 هجرية / 619 687م] الذى دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم ربه أن يفقهه فى الدين فهم الحكمة الإلهية فى اقتران المساواة بالقوامة، فقال فى تفسيره لقول الله، سبحانه وتعالى:(ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف) تلك العبارة الإنسانية، والحكمة الجامعة:" إننى لأتزين لامرأتى، كما تتزين لى، لهذه الآية "!

وفهم المسلمون قبل عصر التراجع الحضارى، الذى أعاد بعضاً من التقاليد الجاهلية الراكدة إلى حياة المرأة المسلمة مرة أخرى - أن درجة القوامة هى رعاية رُبّان الأسرة الرجل لسفينتها، وأن هذه الرعاية هى مسئولية وعطاء.. وليست ديكتاتورية ولا استبدادا ينقص أو ينتقص من المساواة التى قرنها القرآن الكريم بهذه القوامة، بل وقدمها عليها..

ولم يكن هذا الفهم الإسلامى لهذه القوامة مجرد تفسيرات أو استنتاجات، وإنما كان فقهاً محكوماً بمنطق القواعد القرآنية الحاكمة لمجتمع الأسرة، وعلاقة الزوج بزوجه.. فكل شئون الأسرة تُدار، وكل قراراتها تُتَّخذ بالشورى، أى بمشاركة كل أعضاء الأسرة فى صنع واتخاذ هذه القرارات، لأن هؤلاء الأعضاء مؤمنون بالإسلام والشورى صفة أصيلة من صفات المؤمنين والمؤمنات (والذين يجتنبون كبائرالإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون *والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون * والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون)(3) .

فالشورى واحدة من الصفات المميزة للمؤمنين والمؤمنات، فى كل ميادين التدبير وصناعة القرار.. والأسرة هى الميدان التأسيسى والأول فى هذه الميادين.. تجبُ هذه الشورى، ويلزم هذا التشاور فى مجتمع الأسرة - لتتأسس التدابير والقرارات على الرضا، الذى لا سبيل إليه إلا بالمشاركة الشورية فى صنع القرارات.. يستوى فى ذلك الصغير والخطير من هذه التدابير والقرارات.. حتى لقد شاءت الحكمة الإلهية أن ينص القرآن الكريم على تأسيس قرار الرضاعة للأطفال - أى سقاية المستقبل وصناعة الغد على الرضا الذى تثمره الشورى.. ففى سياق الآيات التى تتحدث عن حدود الله فى شئون الأسرة.. تلك الحدود المؤسسة على منظومة القيم.. والمعروف.. والإحسان.. ونفى الجُناح والحرج.. وعدم المضارة والظلم والعدوان.. والدعوة إلى ضبط شئون الأسرة بقيم التزكية والطهر، لا " بترسانة " القوانين الصماء!.. فى هذا السياق ينص القرآن الكريم على أن تكون الشورى هى آلية الأسرة فى صنع كل القرارات:(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما أتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير)(4) .

هكذا فهم المسلمون معنى القوامة.. فهى مسئولية وتكاليف للرجل، مصاحبة لمساواة النساء بالرجال.. وبعبارة الإمام محمد عبده:" إنها تفرض على المرأة شيئاً وعلى الرجل أشياء ".

وكانت السنة النبوية فى عصر البعثة البيان النبوى للبلاغ القرآنى فى هذا الموضوع.. فالمعصوم صلى الله عليه وسلم الذى حمّله ربه الحمل الثقيل فى الدين.. والدولة.. والأمة.. والمجتمع - (إنا سنلقى عليك قولاً ثقيلاً)(5) . هو الذى كان فى خدمة أهله - أزواجه - وكانت شوراهن معه وله صفة من صفات بيت النبوة، فى الخاص والعام من الأمور والتدابير.. ويكفى أن هذه السنة العملية قد تجسدت تحريراً للمرأة، شاركت فيه الرجال بكل ميادين الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتربية.. وحتى القتال.. كما كان صلى الله عليه وسلم دائم التأكيد على التوصية بالنساء خيراً..فحريتهن حديثة العهد، وهن قريبات من عبودية التقاليد الجاهلية، واستضعافهن يحتاج إلى دوام التوصية بهن والرعاية لهن.. وعنه صلى الله عليه وسلم تروى أقرب زوجاته إليه عائشة رضى الله عنها:" إنما النساء شقائق الرجال " رواه أبو داود والترمذى والدارمى والإمام أحمد وعندما سئلت:

ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل فى بيته؟

قالت: " كان بشراً من البشر، يغلى ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه " رواه الإمام أحمد يفعل ذلك، وهو القَوَّام على الأمة كلها، فى الدين والدولة والدنيا جميعاً!..وفى خطبته صلى الله عليه وسلم بحجة الوداع [10 هجرية / 632 م] وهى التى كانت إعلانا عالميا خالداً للحقوق والواجبات الدينية والمدنية - كما صاغها الإسلام أفرد صلى الله عليه وسلم للوصية بالنساء فقرات خاصة، أكد فيها على التضامن والتناصر بين النساء والرجال فى المساواة والحقوق والواجبات فقال:" ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. ألا إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً.. فاتقوا الله فى النساء، واستوصوا بهن خيراً، ألا هل بلغت!. اللهم فاشهد "(6) .

هكذا فُهمت القوامة فى عصر التنزيل.. فكانت قيادة للرجل فى الأسرة، اقتضتها مؤهلاته ومسئولياته فى البذل والعطاء.. وهى قيادة محكومة بالمساواة والتناصر والتكافل بين الزوج وزوجه فى الحقوق والواجبات ومحكومة بالشورى التى يسهم بها الجميع ويشاركون فى تدبير شئون الأسرة.. هذه الأسرة التى قامت على " الميثاق الغليظ " ميثاق الفطرة والذى تأسس على المودة والرحمة، حتى غدت المرأة فيها السكن والسكينة لزوجها حيث أفضى بعضهم إلى بعض، هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهن، فهى بعض الرجل والرجل بعض منها:(بعضكم من بعض)(7) - (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون)(8)(هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهن)(9)(وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا)(10) .

وإذا كانت القوامة ضرورة من ضروريات النظام والتنظيم فى أية وحدة من وحدات التنظيم الاجتماعى، لأن وجود القائد الذى يحسم الاختلاف والخلاف، هو مما لا يقوم النظام والانتظام إلا به.

فلقد ربط القرآن هذه الدرجة فى الريادة والقيادة بالمؤهلات وبالعطاء، وليس بمجرد " الجنس " فجاء التعبير:(الرجال قوامون على النساء) وليس كل رجل قوّام على كل امرأة.. لأن إمكانات القوامة معهودة فى الجملة والغالب لدى الرجال، فإذا تخلفت هذه الإمكانات عند واحد من الرجال، كان الباب مفتوحاً أمام الزوجة إذا امتلكت من هذه المقومات أكثر مما لديه لتدير دفة الاجتماع الأسرى على نحو ما هو حادث فى بعض الحالات!..

هكذا كانت القوامة فى الفكر والتطبيق فى عصر صدر الإسلام.. لكن الذى حدث بعد القرون الأولى وبعد الفتوحات التى أدخلت إلى المجتمع الإسلامى شعوباً لم يذهب الإسلام عاداتها الجاهلية، فى النظر إلى المرأة والعلاقة بها، قد أصاب النموذج الإسلامى بتراجعات وتشوهات أشاعت تلك العادات والتقاليد الجاهلية فى المجتمعات الإسلامية من جديد..

ويكفى أن نعرف أن كلمةٍ " عَوَان " التى وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بها النساء، فى خطبة حجة الوداع، والتى تعنى فى [لسان العرب] :" النَّصَف والوسط "(11) أى الخيار وتعنى ذات المعنى فى موسوعات مصطلحات الفنون (12) .. قد أصبحت تعنى - فى عصر التراجع الحضارى - أن المرأة أسيرة لدى الرجل، وأن النساء أسرى عند الرجال.. وأن القوامة هى لون من " القهر " لأولئك النساء الأسيرات!! حتى وجدنا إماماً عظيماً مثل ابن القيم، يعبر عن واقع عصره العصر المملوكى فيقول هذا الكلام الغريب والعجيب:" إن السيد قاهر لمملوكه،حاكم عليه، مالك له. والزوج قاهر لزوجته، حاكم عليها، وهى تحت سلطانه وحكمه شبه الأسير "(13) !!

وهو فهم لمعنى القوامة، وعلاقة الزوج بزوجه، يمثل انقلاباً جذريا على إنجازات الإسلام فى علاقة الأزواج بالزوجات!.. انقلاب جذريًّا فالعادات والتقاليد الجاهلية التى أصبحت تغالب قيم الإسلام فى تحرير المرأة ومساواة النساء للرجال..

ووجدنا كذلك فى عصور التقليد والجمود الفقهى تعريف بعض " الفقهاء " لعقد النكاح، فإذا به:" عقد تمليك بضع الزوجة "!!.. وهو انقلاب على المعانى القرآنية السامية لمصطلحات " الميثاق الغليظ " و " المودة ".. والرحمة.. والسكن والسكينة.. وإفضاء كل طرف إلى الطرف الآخر، حتى أصبح كل منهما لباساً له "..

هكذا حدث الانقلاب، فى عصور التراجع الحضارى لمسيرة أمة الإسلام..

ولذلك، كان من مقتضيات البعث الحضارى، الحديث والمعاصر، لنموذج الإسلام فى تحرير المرأة وإنصافها، كبديل للنموذج الغربى الذى اقتحم عالم الإسلام فى ركاب الغزوة الاستعمارية الغربية لبلادنا والذى شقيت وتشقى به المرأة السوية فى الغرب ذاته كان من مقتضيات ذلك إعادة المفاهيم الإسلامية الصحيحة لمعنى قوامة الرجال على النساء.. وهى المهمة التى نهضت بها الاجتهادات الإسلامية الحديثة والمعاصرة لأعلام علماء مدرسة الإحياء والتجديد..

فالإمام محمد عبده، قد وقف أمام آيات القوامة (ولهن مثل الذىعليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) (14) فإذا به يقول:

" هذه كلمة جليلة جداً، جمعت على إيجازها مالا يُؤَدى بالتفصيل إلا فى سفر كبير، فهى قاعدة كلية ناطقة بأن المرأة مساوية للرجل فى جميع الحقوق، إلا أمراً واحداً عبّر عنه بقوله:(وللرجال عليهن درجة) وقد أحال فى معرفة ما لهن وما عليهن على المعروف بين الناس فى معاشراتهن ومعاملاتهن فى أهليهن، وما يجرى عليه عرف الناس هو تابع لشرائعهم وعقائدهم وآدابهم وعاداتهم..

فهذه الجملة تعطى الرجل ميزانا يزن به معاملته لزوجه فى جميع الشئون والأحوال، فإذا همّ بمطالبتها بأمر من الأمور يتذكر أنه يجب عليه مثله بإزائه، ولهذا قال ابن عباس، رضى الله عنهما: إننى لأتزين لامرأتى كما تتزين لى، لهذه الآية.

وليس المراد بالمثل المثل بأعيان الأشياء وأشخاصها، وإنما المراد: أن الحقوق بينهما متبادلة، وأنهما كفئان، فما من عمل تعمله المرأة للرجل إلا وللرجل عمل يقابله لها، وإن لم يكن مثله فى شخصه، فهو مثله فى جنسه، فهما متماثلان فى الذات والإحساس والشعور والعقل، أى أن كلا منهما بشر تام له عقل يتفكر فى مصالحه، وقلب يحب ما يلائمه ويسر به، ويكره مالا يلائمه وينفر منه، فليس من العدل أن يتحكم أحد الصنفين بالآخر ويتخذه عبدا يستذله ويستخدمه فى مصالحه، ولا سيما بعد عقد الزوجية والدخول فى الحياة المشتركة التى لا تكون سعيدة إلا باحترام كل من الزوجين الآخر والقيام بحقوقه..

هذه الدرجة التى رُفع النساء إليها لم يرفعهن إليها دين سابق ولا شريعة من الشرائع، بل لم تصل إليها أمة من الأمم قبل الإسلام ولا بعده..

لقد خاطب الله تعالى النساء بالإيمان والمعرفة والأعمال الصالحة، فى العبادات والمعاملات، كما خاطب الرجال، وجعل لهن مثل ما جعله عليهن، وقرن أسماءهن بأسمائهم فى آيات كثيرة، وبايع النبى صلى الله عليه وسلم المؤمنات كما بايع المؤمنين، وأمرهن بتعلم الكتاب والحكمة كما أمرهم، وأجمعت الأمة على ما مضى به الكتاب والسنة من أنهن مجزيات على أعمالهن فى الدنيا والآخرة..

وأما قوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة) فهو يوجب على المرأة شيئاً، وذلك أن هذه الدرجة درجة الرياسة والقيام على المصالح، المفسرة بقوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)(15) .

إن الحياة الزوجية حياة اجتماعية، ولا بد لكل اجتماع من رئيس، لأن المجتمعين لابد أن تختلف آراؤهم ورغباتهم فى بعض الأمور، ولا تقوم مصلحتهم إلا إذا كان لهم رئيس يُرجع إلى رأيه فى الخلاف، لئلا يعمل كل ضد الآخر فتفصم عروة الوحدة الجامعة ويختل النظام، والرجل أحق بالرياسة لأنه أعلم بالمصلحة، وأقدر على التنفيذ بقوته وماله، ومن ثم كان هو المطالب شرعاً بحماية المرأة والنفقة عليها، وكانت هى مطالبة بطاعته فى المعروف.

إن المراد بالقيام " القوامة " هنا هو الرياسة التى يتصرف فيها المرؤوس بإرادته واختياره، وليس معناه أن يكون المرؤوس مقهورا مسلوب الإرادة لا يعمل عملا إلا ما يوجهه إليه رئيسه.

إن المرأة من الرجل والرجل من المرأة بمنزلة الأعضاء من بدن الشخص الواحد، فالرجل بمنزلة الرأس والمرأة بمنزلة البدن.

أما الذين يحاولون بظلم النساء أن يكونوا سادة فى بيوتهم، فإنما يلدون عبيدًا لغيرهم " (16) !!.

" وإذا كانت عصور التراجع الحضارى كما سبق وأشرنا قد استبدلت بالمعانى السامية لعقد الزواج المودة، والرحمة، والسكن والميثاق الغليظ " ذلك المعنى الغريب "عقد تمليك بُضع الزوجة "! - وعقد أسر وقهر!. فلقد أعاد الاجتهاد الإسلامى الحديث والمعاصر الاعتبار إلى المعانى القرآنية السامية.. وكتب الشيخ محمود شلتوت [13101383 هجرية 1893 1963م] فى تفسيره للقرآن الكريم تحت عنوان [الزواج ميثاق غليظ] يقول:

" لقد أفرغت سورة النساء على عقد الزواج صبغة كريمة، أخرجته عن أن يكون عقد تمليك كعقد البيع والإجارة، أو نوعا من الاسترقاق والأسر حيث أفرغت عليه صبغة " الميثاق الغليظ ".

ولهذا التعبير قيمته فى الإيحاء بموجبات الحفظ والرحمة والمودة. وبذلك كان الزواج عهدا شريفاً وميثاقاً غليظاً ترتبط به القلوب، وتختلط به المصالح، ويندمج كل من الطرفين فى صاحبه، فيتحد شعورهما، وتلتقى رغباتهما وآمالهما. كان علاقة دونها علاقة الصداقة والقرابة، وعلاقة الأبوة والبنوة (هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهن) (17) (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (18) . يتفكرون فيدركون أن سعادة الحياة الزوجية إنما تُبنى على هذه العناصر الثلاثة: السكن والمودة والرحمة..

وإذا تنبهنا إلى أن كلمة (ميثاق) لم ترد فى القرآن الكريم إلا تعبيرًا عما بين الله وعباده من موجبات التوحيد، والتزام الأحكام، وعما بين الدولة والدولة من الشئون العامة والخطيرة، علمنا مقدار المكانة التى سما القرآن بعقد الزواج إليها، وإذا تنبهنا مرة أخرى إلى أن وصف الميثاق " بالغليظ " لم يرد فى موضع من مواضعه إلا فى عقد الزواج وفيما أخذه الله على أنبيائه من مواثيق (وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً)(19) . تضاعف لدينا سمو هذه المكانة التى رفع القرآن إليها هذه الرابطة السامية ".

ثم تحدث الشيخ شلتوت عن المفهوم الإسلامى الصحيح " للقوامة " فقال:

".. وبينت السورة الدرجة التى جعلها الله للرجال على النساء، بعد أن سوى بينهما فى الحقوق والواجبات، وأنها لا تعدو درجة الإشراف والرعاية بحكم القدرة الطبيعية التى يمتاز بها الرجل على المرأة، بحكم الكد والعمل فى تحصيل المال الذى ينفقه فى سبيل القيام بحقوق الزوجة والأسرة، وليست هذه الدرجة درجة الاستعباد والتسخير، كما يصورها المخادعون المغرضون "(20) .

تلك هى شبهة الفهم الخاطىء والمغلوط لقوامة الرجال على النساء.. والتى لا تعدو أن تكون الانعكاس لواقع بعض العادات الجاهلية التى ارتدت فى عصور التراجع الحضارى لأمتنا الإسلامية فغالبت التحرير الإسلامى للمرأة حتى انتقلت بالقوامة من الرعاية والريادة، المؤسسة على إمكانات المسئولية والبذل والعطاء، إلى قهر السيد للمسود والحر للعبد والمالك للمملوك!.

ولأن هذا الفهم غريب ومغلوط، فإن السبيل إلى نفيه وإزالة غباره وآثاره هو سبيل البديل الإسلامى الذى فقهه الصحابة، رضوان الله عليهم للقوامه.. والذى بعثه من جديد الاجتهاد الإسلامى الحديث والمعاصر، ذلك الذى ضربنا عليه الأمثال من فكر وإبداع الشيخ محمد عبده والشيخ محمود شلتوت.

بل إننا نضيف، للذين يرون فى القوامة استبدادا بالمرأة وقهرا لها سواء منهم غلاة الإسلاميين الذين ينظرون للمرأة نظرة دونية، ويعطلون ملكاتها وطاقاتها بالتقاليد أو غلاة العلمانيين، الذين حسبوا ويحسبون أن هذا الفهم المغلوط هو صحيح الإسلام وحقيقته، فيطلبون تحرير المرأة بالنموذج الغربى.. بل وتحريرها من الإسلام!.. أقول لهؤلاء جميعاً:

إن هذه الرعاية التى هى القوامة، لم يجعلها الإسلام للرجل بإطلاق.. ولم يحرم منها المرأة بإطلاق.. وإنما جعل للمرأة رعاية - أى " قوامة " - فى الميادين التى هى فيها أبرع وبها أخبر من الرجال.. ويشهد على هذه الحقيقة نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذى على الناس راع عليهم، وهو مسئول عنهم، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهى مسئولة عنهم.. ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن راعيته " رواه البخارى والإمام أحمد.

فهذه الرعاية "القوامة "-هى فى حقيقتها " تقسيم للعمل " تحدد الخبرةُ والكفاءةُ ميادين الاختصاص فيه.. فالكل راع ومسئول-وليس فقط الرجال هم الرعاة والمسئولون-وكل صاحب أو صاحبة خبرة وكفاءة هو راع وقوّام أو راعية وقوّامة على ميدان من الميادين وتخصص من التخصصات.. وإن تميزت رعاية الرجال وقوامتهم فى الأسر والبيوت والعائلات وفقاً للخبرة والإمكانات التى يتميزون بها فى ميادين الكد والحماية..فإن لرعاية المرأة تميزاً فى إدارة مملكة الأسرة وفى تربية الأبناء والبنات.. حتى نلمح ذلك فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى سبق إيراده - عندما جعل الرجل راعياً ومسئولاً على " أهل بيته " بينما جعل المرأة راعية ومسئولة على " بيت بعلها وولده "..

فهذة " القوامة " - توزيع للعمل، تحدد الخبرة والكفاءة ميادينه.. وليست قهراً ولا قَسْراً ولا تملكا ولا عبودية، بحال من الأحوال..

هكذا وضحت قضية القوامة.. وسقطت المعانى الزائفة والمغلوطة لآخر الشبهات التى يتعلق بها الغلاة.. غلاة الإسلاميين.. وغلاة العلمانيين.

فالطريق مفتوح أمام إنهاض المرأة بفكر متزن يرى أنها مع الرجل قد خلقا من نفس واحدة وتساويا فى الحقوق والواجبات واختلفت وظائف كل منهما إختلاف تكامل كتكامل خصائصهما الطبيعية لعمارة الدنيا وعبادة الله الواحد الأحد. اهـ (شبهات المشككين) .

_________

(1)

البقرة: 228.

(2)

النساء: 32-34.

(3)

الشورى: 37 - 39.

(4)

البقرة: 233.

(5)

المزمل: 5.

(6)

[مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوى والخلافة الراشدة] ص283. جمعها وحققها: د. محمد حميد الله. طبعة القاهرة سنة 1956م.

(7)

آل عمران: 195.

(8)

الروم: 21.

(9)

البقرة: 187.

(10)

النساء: 21.

(11)

ابن منظور [لسان العرب] طبعة دار المعارف. القاهرة.

(12)

انظر: الراغب الأصفهانى [المفردات فى غريب القرآن] طبعة دار التحرير. القاهرة سنة 1991م. وأبو البقاء الكفوى [الكليات] ق2 ص287. تحقيق: د. عدنان درويش، طبعة دمشق سنة 1982م.

(13)

[إعلام الموقعين] ج2 ص106. طبعة بيروت سنة 1973م.

(14)

البقرة: 228.

(15)

النساء: 34.

(16)

[الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده] ج 4 ص 606 - 611- وج5 ص 201، 203. دراسة وتحقيق: د. محمد عمارة. طبعة القاهرة 1993م.

(17)

البقرة: 187.

(18)

الروم: 21.

(19)

النساء: 21.

(20)

[تفسير القرآن الكريم] ص 172 174. طبعة القاهرة 1399 هجرية 1979م.

ص: 408

وقد جَعَلَ اللهُ للرجال على النساءِ درجةً، بعدَما ساوى بينهما في الحقوق

والواجبات، وذلك في قوله تعالى:(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) .

والدرجةُ التي للرجال على النساء مرتبطةٌ بالقوامة، فالذي له القِوامَةُ له

على الطَّرف الآخر درجة.

فهذه الدرجةُ دنيوية، متعلِّقَةٌ بدفعِ المهر والنفقة وغيرِ ذلك من الأُمورِ الماليةِ الدنيوية، والدرجةُ الدنيويةُ لا تَعْني الدرجةَ الدينيةَ عند الله، فقد تكونُ المرأةُ أَعْلى درجةً عند الله من زوجها لتَقْواها.

وقد أَكرمَ الإِسلامُ المرأةَ عندما نَصَّ على أَنَّ لها على زوجِها حقوقاً،

مثلَ ما عليها له من واجبات: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) .

وبعدَ هذه الآيةِ الصريحةِ يأتي شَخْصٌ جاهِلٌ مثْلُ هذا الفادي، ليقول:

لماذا يَهضمُ القرآنُ حُقوقَ المرأة؟.

وإِنَّ الأَسئلةَ التي يَطرحُها الفادي دالَّةٌ على جَهْلِه وغَبائِه، فهو يَقول:

لماذا يَملكُ الرجلُ المرأَةَ بينما هي لا تملِكُه، إِنما تَملكُ جُزْءاً من مالِه؟

وإِذا كان قَصْدُه من سؤالِه مِلْكَ الأَمْرِ والنهي والمسؤولية، فإِنَّ هذا مرتبطٌ بالقِوامة، ومؤسسةُ الأُسرةِ لا بُدَّ لَها من مسؤولَ، والمسؤوليةُ للرجل، والمرأةُ تابعةٌ له في المؤَسَّسة، وهذا لا يُنقصُ منزلَتَها، إِنما هو شَرَفٌ لها.

وإِذا كان قَصْدُهُ مِلْكَ التَّلَذُّذِ والاستمتاعِ وقَضاءِ الشهوة، فكلٌّ منهما يملكُ

جَسَدَ الآخَر، الرجلُ يَملكُ جَسَدَ المرأةِ ويتلَذَّذُ ويَستمتعُ بها، وهي تملكُ

جَسَدَهُ وتتلذذُ وتستمتعُ به، مع أَنَّ الرجلَ صاحبُ القوامةِ والدرجةِ الدنيوية.

ويُطالبُ الفادي الجاهلُ أَنْ يَكونَ الطلاقُ والفراقُ بيدِ المرأة، مثلَ ما

هو بيدِ الرجل!

وهذا خلافُ الفطرةِ وسُنَّةِ الحياة! فالذي يتزوجُ هو الذي

يُطَلّقُ، والذي يَدفعُ مهرَ الزواجِ هو الذي يَدفعُ نفقةَ الطلاقِ، وصاحبُ القوامةِ في مؤسسةِ الأُسْرَةِ هو الذي يُطَلِّقُ ويُفارقُ، ويَدفعُ ثَمَنَ فِراقِهِ وطَلاقِه (1) .

أَما انتقادُ الفادي في آخرِ كلامِه مبدأَ ضرْبِ الرجلِ لامرأتِه فقد سبقَ أَنْ

ناقَشْناه فيه، وَوَجَّهْنا الأَمْرَ، وبَيّنّا حكمتَه وصَوابَه!.

(1) وأين هو من الخُلْع الذي شرعه الإسلام للمرأة، إذا أساء الزوج عشرتها؟؟!!!

ص: 409