الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤرخين من حوارٍ بين حَوّاءَ وإِبليسَ انتهى بها إِلى أَنْ أَشركَتْ هي وآدمُ بالله، عندما سَمَّيا مولودَهما الأَولَ عبدَ الحارث - أَيّ: عبدَ إبليس - هذا كلام مخُتَلَق مكذوب موضوع، لم يصحّ ولم يثبتْ.
فآدمُ وحَوّاءُ لم يُشْرِكا بالله، ولم يُسَمِّيا ابنَهما عبدَ الحارث.
وتتحدثُ الآياتُ عن زوجَيْنِ متأخِّرَيْن من أَبناءِ آدم، قد يكونانِ من
العرب أَو من العجم أَو من غيرِهم، عاهَدا اللهَ أَنْ يُؤْمِنا به ويَشْكُراه، إِنْ
آتاهما وَلَداً صالحاً، فلما آتاهما صالحاً نَقَضا العهد، وأَشْرَكا بالله.
وأَبْقَت الآياتُ قصةَ الزوجَيْنِ مبهمة، لم تُبَيِّنْ من تَفاصيلِها شيئاً، أَبهمتْ
اسْمَي الزوجَيْن وزَمانَهما ومَكانَهما، وتفاصيل حملِ المرأةِ وولادتِها، وتفاصيلَ الشركِ بالله! وهذا كلُّه لا نَخوضُ فيه، لأَنه لا دليلَ عليه.
المهمُّ أَنُّ آدمَ وَحَوَّاءَ لم يُشركا بالله، والبيضاويُّ لم يَنْسبْ ذلك لهما،
وكان الفادي مفترياً كاذباً في زَعمِه ونقْلِهِ عن البيضاوي..
ولم يُخطئ القرآنُ في حديثِه عن زَوْجَيْنِ مشركَيْنِ بالله، لأَنَّ هذه الآياتِ تنطبقُ على كلِّ زوجَيْنِ مشركَيْنِ، مهما كان زَمانُهما ومَكانُهما!.
***
هل غرق ابن نوح عليه السلام
؟
أَخبرَ القرآنُ أَنَّ أَحَدَ أَبناءِ نوحٍ كان كافراً، وأَنه غَرِقَ في الطوفان.
قال تعالى: (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) .
نَقَلَ الفادي عن البيضاويِّ أَنّ ابنَ نوحٍ الكافرَ الذي رفضَ أَنْ يركبَ مع
نوحٍ هو كنعان، وأَنه غَرِقَ مع الكافرين!!
وَرَدَّ الفادي كلامَ البيضاويّ وكلامَ القرآن، وحاكَمَ القرآنَ إلى العهد
القديم الذي يعتقدُ الفادي أنه التوراةُ كلامُ اللهِ.
قال: " ومعلومٌ أَنَّ نوحاً لم يكنْ له إِلا ثلاثةُ أَولاد: سام وحام ويافث، ولهم ثلاثُ زوجات..
فكان الذينَ خَلَصوا في الفُلْكِ ثمانية: نوحٌ، وزوجَتُه، وأَولادُه الثلاثة، ونساءُ أَولادِه الثلاث..
فأينَ قصةُ غَرَق كنعان؟
ومعلومٌ أَنَّ كنعانَ لم يكن قد وُلِدَ، ولم يكن ابْناً لنوح، بل وَلَدَهُ حامُ بنُ نوح، وذلك بعدَ الطوفان ".
لقد أَخبرَ القرآنُ عن غَرَق أَحَدِ أَبناءِ نوحٍ صلى الله عليه وسلم.
فلما، كان نوح مع المؤمنين في السفينة، وهي تَجري بهم في موجٍ كالجبال، رأى أَحَدَ أبنائِه واقِفاً في معزلٍ عن الطوفان، فَدَعاهُ إِلى أَنْ يركبَ معهم في السفينة، ولكنَّ الابنَ رفضَ الدعوة، وحالَ الموجُ بينَ الابنِ وأَبيه، وطواهُ في طَيّاتِه، فكانَ من المغرقين! وحزنَ نوحٌ على ما أصابَ ابْنَه وسأَلَ ربَّه مستوضحاً، فأَخبره اللهُ أَنه ليس من أَهْلِه المؤمنين، لأَنه كان كافراً، وكُفْرُهُ قطعَ الصلةَ بينَه وبينَ أَبيه النبي؟
قال تعالى: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) .
ولقد أَبهمَ القرآنُ اسْمَ وَلَد نوحٍ الكافر الذي غَرِق مع الكافرين، كما
أبهمه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولا سبيلَ لنا لمعرفةِ اسْمِه لسكوتِ القرآنِ والحديثِ الصحيحِ عنه، والواجبُ علينا أَنْ نُبْقيَه على إِبهامِه.
ولا نوافقُ البيضاويَّ وغيرَه من المفَسرين الذين حَدَّدوا اسْمَه بأَنَّه
" كنعان "، لأَنهم لا يَمْلكونَ دَليلاً على ذلك إ!.
ومحاكمةُ القرآنِ للعهدِ القَديم خطأٌ منهجيّ وَقَعَ به الفادي، وإِذا كانَ
أَساسُ مَنهجه خطأً، كانت الأَفكارُ والنتائجُ المترتبةُ عليه خاطئة.
وكيفَ نُحاكم كَلامَ اللهِ الثابتَ المحفوظَ إلى كلامٍ مشكوكٍ فيه، اختلطَ فيه كلامُ اللهِ بكلامِ الأَحبار؟ !.
ونتوقفُ فيما زَعَمَه الأَحبارُ في سِفْرِ التكوين من أَنه كانَ لنوحٍ ثلاثةُ
أَبناء، ونتوقفُ في أَسمائِهمِ التي أَطْلقوها عليهم، فلا نَنْفيها ولا نُثْبِتُها،
ونقول: اللهُ تعالى أَعلمُ بأَعدادِهم وأَسمائِهم وتفاصيلِ حياتِهم!.
أَمّا زعْمُ الفادي أَنَّ الذين رَكبوا في الفلكِ كانوا ثمانيةَ أَشخاصٍ فقط
فهذا خطأ؟
وقد أَخْبَرَنا اللهُ أَنَّ الذينَ رَكبوا في السفينةِ كُلُّ مَنْ آمَنوا بنوحِ صلى الله عليه وسلم، مع أَنهم كانوا قلائل، إِلَّا أَنهم كانوا أَكْثَرَ من ثمانيةٍ قَطْعاً.
قال تعالىَ: (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) .
وأَخطأَ الأَحبارُ مُؤَلِّفو سِفْر التكوين والقِسّيسُ الفادي الذي تابَعهم عندما
صنَّفوا رُكابَ السفينةِ تصنيفاً أُسَرِيّاً نَسَبِيّاً، وليس تصنيفاً إِيمانيّاً..
فالركابُ الثمانيةُ في السفينةِ هم عائلةُ نوحٍ صلى الله عليه وسلم في تصنيفهم.
نوحٌ وزوجَتُه، وأَولادُه الثلاثة وزوجاتُهم الثلاث!!.
والصحيحُ هو ما ذَكَرَه القرآن، من أَنَّ الذينَ رَكبِوا معه من أَهْلِه هم
المؤمنون فقط، أَمّا الكافرونَ منهم فقد هَلَكوا مع الهالِكين، ولذلك قالَ اللهُ
عن حَمْلِ أَهْلِه معه: (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) .
والذي سبق عليه القولُ هو الكافِرُ مِنْ أَهْلِه، واللهُ حَكَمَ أَنْ يُهلكَه.
وقد نَصَّ القرآنُ على أَنَّ اثْنَيْنِ من أَهْلِ وأُسْرَةِ نوحٍ كانا كافرَيْن، ولم
يركَبا معه السفينة: امرأَتُه، وابْنُه.