الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا تَدُلُّ مهمةُ الهدهدِ الدعويةُ على أَنَه أَعلى منزلةً من كُلِّ الوزراءِ عند
سليمان عليه السلام، وكان الفادي غبيّاً في تَساؤُلِه:" وكيفَ يتصرَّفُ الهدهدُ في مملكةِ سليمانَ تَصرُّفاً يَفوقُ تَصَرفَ الملوكِ والوزراءِ والفلاسفة؟! ".
فمن غيرِ المعقولِ أَنْ يُعَيِّنَ سليمانُ عليه السلام الهدهدَ الطائرَ وَزيراً عنْدَه، مَسؤولاً عن الوزراءِ البَشَر..
كلُّ ما في الأَمْرِ أَنَّ هذا الهدهدَ قامَ بمهمةٍ دعويَّة، أَعانَهُ اللهُ على القيامِ بها، ووفَّقَهُ إِليها، ونتجَ عنها دخولُ ملكةِ سبأ وشعْبِها في الإِسلام، ومتابعةِ النبيِّ الملكِ سليمانَ عليه السلام.
***
ما هي الدابة التي تخرج في آخر الزمان
؟
تحتَ عنوان: " دابةٌ بينَ الأَنبياء " اعترضَ الفادي على حديثِ القرآنِ عن
الدابَّةِ التي تَخرجُ في آخِرِ الزمان، وذلك في قولِه تعالى:(وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) .
وقد نقلَ الفادي من تفسير البيضاويِّ كَلاماً عن الدابةِ، يَذكرُ فيه كيفيةَ
ومَكانَ خروجِها، ويُقَدِّمُ لها بعضَ المواصفات، ويَنسبُ لها بعضَ الأَعمالِ
عند خُروجِها، وبعضُ ذلك الكلامِ مَسْنَدٌ إِلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
ثم عَلَّقَ على ذلك بقوله: " ونحنُ نسأل: هل من المعقولِ أَنْ نتصوَّرَ دابَّةً
لها أَربع قوائمَ مثلُ الحيوان، وريشٌ وزغبٌ وجناحان مثلُ الطيور، وتتكلمُ مثلَ الإِنسان، وتعظُ مثلَ الأَنبياء، بسلطانِ موسى، وحكمةِ سليمان، وأَنها تحتفظُ بعصا موسى وخاتمِ سليمان؟! ".
المشكلةُ عنْدَ الفادي المفترِي هي جَهْلُه وغَباؤُه، وعدمُ اعترافِه بذلك،
وادِّعاؤُه العلمَ والمعرفة، وتعالُمُ الجاهلِ جريمةٌ مزدوجة، جَمَعَ فيها بينَ
الجهلِ والتَّعالُم!.
لم يقف الجاهلُ عند - حديثِ القرآنِ عن الدَّابّة، وذهبَ إِلى بعضِ الكتبِْ
التي لا تتحرَّى الصحيحَ فيما تَذْكُر، وتَجمعُ كُلَّ ما وصلَ إِليها من أَخبارٍ
وروايات، ولو لم تصحّ، وأَخَذَ منها تلكَ الخرافاتِ التي نرفضها نحنُ أَيضاً،
وحَمَّلَها للقرآنِ، وأَدانَه وخَطَّاَه بسببِها!.
لم يصحّ حديثٌ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حولَ الدّابّةِ وخُروجِها وصِفاتِها وأَعمالِها، ونتوقَّفُ في الرواياتِ غيرِ الصحيحة التي تحدَّثُ عنها، والتي ذَكَرَها بعضُ المفسِّرين سامَحهم الله، ولا نَعتمدُها لعدمِ ثُبوتِها.
وهذا معناهُ أَنْ نبقى مع القرآنِ في إِشارتِه لها، ولا نَزيدُ عليه شيئاً آخَر.
ونقولُ للفادي الجاهل: ليس في كلامِ القرآنِ عِن الدَّابّة ما يَتَعارَضُ مع العقلِ
والعلم، لأَنَّ اللهَ هو الذي سيخلقُ هذه الدابة في آخرِ الزمان، قُبيلَ قيامِ
الساعة، وسيجعلُ لها مهمَّةً خاصَّة، وبما أَنَّ الأَمْرَ أَمْرُه، والفعلَ فعلُه
سبحانَه، فلا غرابةَ فيه، ولا اعتراضَ عليه.
يُخبرُ اللهُ أَنه: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) :
أَي اقتربَ وقْتُ تحقُّقِ ما أَخبرَ اللهُ عنه، وَوَعَدَ الناسَ به، وهو قربُ انتهاءِ الحياةِ الدُّنيا، وقيامِ الساعة.
(أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) : اللهُ هو الذي سيُخرجُ للناسِ تلك الدابة،
وهو الفَعّالُ لما يُريدُ سبحانَه، ولا يُعجزُهُ أَيُّ شيءٍ في الأرضِ ولا في
السماء.
ولقد أَبهمَ القرآنُ صفال الدابَّة، فلم يذكُرْ عنها شيئاً، واكتفى بذكْرِ كلمةِ
" دابّة " نَكِرَة، وتَنكيرُها لإِبهامِها، وهذا التنكيرُ دعوةٌ لنا لعدمِ الخوضِ في
الدابة، وعدمِ محاولةِ معرفةِ ذلك.
لعدمِ وجودِ دليلٍ عليه، ولعدمِ تَحَقُّقِ الفائدةِ منه.
وهذه الدابَّةُ سيُخرجها اللهُ من الأَرض، بدونِ تَحديدِ مَكانِ خُروجها أَو
كيفيةِ خروجِها.
وهذه الدابةُ ستكلمُ الناسَ الأَحياءَ وَقْتَ خُروجِها: (تُكَلِّمُهُمْ) ، واكتفى