الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا نَسْخَ في هذه الحادثةِ، ودعوى النسخِ في ذهنِ الفادي المجرم، ليتهكَّمَ على القرآن، ويُدينَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
لما حاصرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يهودَ بني النَّضيرِ في السنةِ الرابعةِ للهجرة، شَنَّ عليهم حرباً اقتصادية، فأَمَرَ الصحابةَ بقَطْعِ وحَرْقِ بعضِ نَخيلِهم في بساتينِهم، ليوقعَ الحسرةَ في نفوسِهم، فأَنكروا عليه ذلك، ونَادَوهُ من الحصونِ قائلين: يا أَبا القاسم: قد كنتَ تَنْهى عن الفسادِ، فلماذا تَقطعُ النخيلَ وتَحرقُه؟!.
وكأَنَّ بعضَ الصحابةِ تَحَرَّجوا من ذلك، فأَرادَ اللهُ أَنْ يُزيلَ ذلك التحرجَ
من قلوبهم، فأَنزلَ آيةً حكيمةً تبَيّنُ مشروعيتَه، وهي قولُه تعالى:(مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5) .
أَيةُ نخلةٍ قَطعوها كان ذلك بإِذْنِ الله، وأَيةُ نخلةٍ تَركوها قائمةً على
أُصولِها كان ذلك بإِذن الله، والمرادُ بإِذْنِه سبحانه رِضاهُ عن ذلك وإِباحتُه،
ومنحُ الثوابِ للصحابةِ الذين فَعَلوه، ومن حِكَمِ ذلك أَنه أَرادَ سبحانه أَنْ يَنصرَ المؤمنين، ويُخزيَ اليهودَ الفاسقين الكافرين.
واللهُ هو الذي أَوحى إِلى نبيِّه صلى الله عليه وسلم بذلك، وهو أَمَرَ الصحابةَ به فنفَّذوه.
فأَينَ الناسخُ والمنسوخُ في الآية؟
وما الذي نسخَتْه الآيةُ؟
ولماذا زَعَمَ الفادي الجاهلُ أَنها ناسخة؟
وكيف يَصِفُ قطعَ النخيلِ الذي أَذِنَ اللهُ به ورضيَه وأَباحَه أَفعالاً فاسدة؟
وهل اللهُ يأذنُ ويُجيزُ أَفعالاً فاسدة؟!.
إِنَّ الآيةَ أَباحَتْ قطعَ نخيلِ اليهود، ودلَّتْ على مشروعيةِ الحربِ
الاقتصاديةِ ضدَّ الأَعداءِ المحاربين، وتَدميرِ اقتصادِهم وممتلكاتِهم، وهذا
التشريعُ الذي قررَتْه لا يُسمى نَسْخاً، لأَنه لم يَنسخْ حكْماً تشريعياً قبلَه! ولكنَّ الفادي المفترِي جاهل، ولذلك جَعَلَها ناسخةً لحرمةِ قَطْعِ النخيل، مع أَنه لم يَسبقْ أَنْ جاءَ حكمٌ شرعيٌّ بحرمةِ قَطْعِ النخيل!.
7 - لا نسخ في الصلاة على غير المسلم:
ادَّعى الفادي المفترِي أَنَّ الصلاةَ على غيرِ المسلم كانت جائزة، ولما
صَلّى الرسولُ صلى الله عليه وسلم على عبدِ الله بنِ أُبَيّ اعترضَ عليه عمرُ بنُ الخطاب، فنسخَ إِباحةَ الصلاةِ، وحَرَّمَها إرضاءً لعمر.
قالَ المجرمُ: " جاءَ في سورةِ التوبة (84) : (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) .
جاءَتْ هذه الآية ُ بعدَ فراغِ محمدٍ من صلاتِه على جثةِ المنافقِ عبدِ الله بنِ
أُبيِّ ابن سلول، وإِقامتهِ على قبرِه حتى نهايةِ دفنِه، وكان عمرُ يُمانعُ محمداً من
الصلاةِ عليه بسببِ نفاقِه، فلم يَمتنع، ولكن إِرضاءً لعمرَ نزلَ الناسخُ ليوقفَ تأثيرَ الصلاة ".
والحادثةُ ليستْ كما قال هذا المفترِي، ولم تكن الصلاةُ على المنافقِ أَو
الكافرِ إِذا ماتَ مُحَرَّمَة، ولو كانت كذلك لما فعلَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، لأَنه كان ملتزماً بأَحكامِ الله، ولا يُمكنُ أَنْ يفعلَ شيئاً حَرَّمَهُ اللهُ عليه.
كانت الصلاةُ على غير المسلمِ مسكوتاً عنها، لا مُباحَةً ولا مُحَرَّمَة، لم
يَرِدْ نَصّ بإِباحتِها، ولا بحرمتِها.
وتُوفيَ عبدُ الله بنُ أُبَيِّ ابن سَلُول زعيمِ المنافقين، وكان مُسْلماً في
الظاهر، ومحسوباً على المسلمين، فَدَعا الرسولُ صلى الله عليه وسلم المسلمينَ إِلى الصلاةِ عليه.
فتدخَّلَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه، وقال: كيفَ تُصلّي عليه وهو المنافق؟
فلم يلتفتْ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وصلّى على ابنِ أُبَي.
فأنزلَ اللهُ الآيةَ يَنهى الرسولَ صلى الله عليه وسلم عن الصلاةِ على أَحَدٍ من الكافرين أَو المنافقين، كما ينهاهُ عن تَشييعِ جنازتِه، أَو الإِقامةِ على قبره.
ولم تَنزل الآية ُ إِرضاءً لعمر، كما ادَّعى ذلك المفترِي.
وهذه الآية ُ ليستْ ناسخةً، كما ادَّعى المفترِي الجاهل، لأَنه لم يسبقْها
حكْمٌ شرعيّ بإِباحةِ الصلاة على الكافرِ أَو المنافق، حتى تنسخَه وتُحَرِّمَ ذلك.
والنسخ هو رفعُ حكْمٍ شرعيٍّ بدليلٍ شرعيٍّ متأَخِّر.