الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدُكُم لا يُريدُ منه إِلّا الصّدْق، فيكون على غيرِ ما حَلَفَ عليه ".
وهذا الكلامُ الواضحُ لم يعجب الفادي المفْتَري، واعْتَرَضَ عليه وخَطَّاَهُ
قائلاً: " ونحنُ نسأَلُ: هل من مُقَوّماتِ النّبل والشَّرفِ أَنْ يَكْذِب الإِنسانُ؟!
يقول المسيح: ليكنْ كلامُكُم: نَعَمْ، نَعَمْ.. لا، لا..
وما زادَ على ذلك فهو من الشِّرِّير ".
ولا أَدري كيفَ فهمَ الفادي الغبيُّ من كلامِ البيضاويّ السابقِ أَنَّ القرآنَ
يُجيزُ للإِنسانِ المسلمِ الكذبَ، ولذلك خَطَّأَ القرآنَ!!.
القرآنُ لا يُجيزُ الكذبَ، ولا يُشَجِّعُ عليه، ولا يَدْعو إِليه، كما فَهِمَ هذا
الغبيّ، وقد حَرَّمَ الكذبَ، وتَوَعَّدَ الكاذبين والمكَذِّبين بالعَذابِ الشديد يومَ
القيامة، وعلى هذا آياتٌ كثيرة.
وما قالَه أَبو حنيفة في بيانِ لَغْوِ اليمينِ ليسَ معناهُ مَدْحَ الكذبِ أَو الدعوةِ
إِليه أَو التشجيعِ عليه! إِنَّ الإِنسانَ قد يُخطئُ في ظَنّه، ومن ثم قد يَحْلِفُ على ما ظَنَّه، فَيُخطئُ في يمينِه، بناءً على خطئِه في ظَنِّه..
ويكونُ هذا اليمينُ الخطأُ من بابِ اللَّغْو في اليمين، وهو ليس كذِباً، لأَنَّ الكذبَ هو ما قَصَد الإِنسانُ أَنْ يَنطقَ
به، وتَعَمَّدَ أَنْ يَكونَ كلامُهُ غيرَ صحيح! وهذأ أَمْرٌ بَدَهيّ مُقَرَّرٌ لا شَكَّ فيه.
***
حول إعطاء المؤلفة قلوبهم
أَجازَ الإِسلامُ إِعطاءَ المؤلَّفةِ قُلوبُهم من الزكاة، وَوَرَدَ هذا في قولِه
تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) .
وذَهَبَ الفادي إِلى تفسيرِ البيضاويِّ ليُثيرَ الشبهاتِ على المؤلفةِ قلوبُهم.
قال: فَسَّرَها البيضاويُّ بقوله: " المؤلفة قلوبهم ": قومٌ أَسْلَموا ونيتُهم ضعيفةٌ فيه، فَيَسْتَألِفُ قُلوبَهم..
أَو هم أشرافٌ قد يَترقبُ بإِعطائِهم ومراعاتِهم إِسلامَ نُظرائِهم.
وقد أَعطى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عيينةَ بنَ حِصْن والأَقرعَ بنَ حابس والعباسَ بن مرداس لذلك.
وقيل: هم أَشرافٌ يُسْتَألَفون على أَنْ يُسْلموا، فإِنَّه صلى الله عليه وسلم كان يُعطيهم..
والأصحُّ أَنه صلى الله عليه وسلم كان يُعطيهم من خُمُسِ الخُمُس،
الذي كانَ خاصَّ مالِه، وقد عَدَّ منهم مَن يُؤَلِّفُ قَلْبَه بشيءٍ منها على قتالِ
الكفارِ ومانعي الزكاة..
وقيل: كان سهمُ المؤلَّفَةِ لتكثيرِ سَوادِ الإِسلام، فلما أَعزه اللهُ وأَكثرَ أَهْلَهُ سقط.
ذَكَرَ البيضاويُّ ثلاثةَ أَصنافٍ من المؤلَّفةِ قلوبُهم الذين يُعْطَوْنَ من الزكاة:
1 -
منهم من دَخَلوا في الإِسلام، لكنَّ نيتَهم في الإِسلامِ ضعيفة،
فيُعطونَ من الزكاةِ لتتألَّفَ قلوبُهم، ويتقوّى إِيمانُهم، ويَثْبُتوا على إسلامِهم.
2 -
ومنهم مَنْ هم أشرافٌ في أَقوامِهم، فيُعْطَوْنَ من الزكاةِ طَمَعاً في
إِسلامِهم وإِسلامِ أَتْباعهم.
3 -
ومنهم مَنْ يُرْجى منه قِتالُ الكافرين ومانِعي الزكاة، فيُعْطَوْنَ من
الزكاةِ للاستفادةِ منهم ومن قُوَّتِهم.
وذَكَرَ البيضاويُّ قَوْلاً آخَرَ يَرَى أَنَّ المؤلَّفَةَ قلوبُهم أُعْطوا من الزكاة، لما
كانَ المسلمونَ قَلائل، وكانَ الإِسلامُ ضعيفاً، فلما أَعَزَّ اللهُ الإِسلامَ والمسلمين لم يَعودوا يَحتاجونَ إِلى تأليفِ قُلوبِ الناس، وبذلك سَقطَ سهمُ المؤلَّفَةِ قلوبُهم من الزكاة!.
وقد اعترضَ الفادي على هذا، وجَعَلَ عنوانَ اعتراضِه مُثيراً، هو " تَحليلُ
الإِغراءِ بالمال ".
وقالَ في اعتراضِه وتشكيكِه: " ونحنُ نسأَلُ: هل يُبيحُ الدينُ الإِغراءَ بالمالِ للدُّخولِ فيه؟
وهل يُؤْجَرُ النّاسُ ويُرْشَوْنَ لِيُهَدِّدوا ويَقْتُلوا الذينَ