الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنما أُنزلَتْ هذه الآية ُ في الأَنْصار، كانوا يُهلّونَ لمناة، وكانَتْ مَناةُ حَذْوَ قُدَيْد، وكانوا يتحرَّجون أَنْ يَطَّوفوا بينَ الصفا والمروة، فلما جاءَ الإِسلامُ سأَلوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأَنزلَ اللهُ الآية
…
تُصَحِّحُ عائشةُ رضي الله عنها لابن أُخْتِها عروةَ بنِ الزبيرِ معنى الآية، فقد فَهِمَ عُروةُ من الآيةِ أَنها تُبيحُ للحاجِّ أَو المعتمرِ عَدَمَ الطَّوافِ بهما، فبيَّنَتْ له أَنَّ الآيةَ توجِبُ عليه الطوافَ بهما، وأَنه لو كانَ مَعْناها كما فَهِمَ عروةُ لقالَتْ:" فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ".
ثم ذَكرتْ عائشةُ رضي الله عنها مُناسبةَ نُزولِ الآية، وأَشارَتْ إِلى بعضِ ممارساتِ العربِ الجاهليّين في الحج، فكانَ العربُ من أَهْلِ المدينة لا يَطوفونَ بينَ الصّفا والمروة، فلما أَسْلَموا ورأَوا المسلمينَ من المهاجِرين يَفْعلونَ ذلك
سأَلوا الرسولَ صلى الله عليه وسلم، فأَنزلَ اللهُ الآيةَ يَأَمرُ المسلمين أَنْ يَسْعَوْا بينَ الصَّفا والمروة، ويُزيلُ التحرجَ الذي كانَ عليه أَهْلُ المدينةِ قبلَ الإسلام:(فَلَا جُنَاحَ عَليهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا) .
وبهذا نعرفُ افتراءَ الفادي المفترِي عنْدَما جعلَ السعيَ بين الصَّفا
والمروةِ شعيرةً وثنيةً جاهلية! فهو تَشريعٌ قرآني، وأَمْرٌ ربّاني، وعبادةٌ
خالصةٌ لله!.
***
حول إباحة التجارة في موسم الحج
اعترضَ الفادي على وُرودِ آيةٍ قرآنيةٍ تُبيحُ التجارةَ في موسمِ الحَجِّ؟
لأَنَّ الأَمْرَ سَهْلٌ لا يَستدعي نَصَّ القرآنِ عليه!.
قال: " جاءَ في سورةِ البقرة: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) .
كانَ العربُ في الجاهليةِ يَتَّجرونَ في أَسواق عُكاظ ومَجَنَّةَ وذي المَجاز، وكانَ لهم مواسم، فكانوا يُقيمونَ بعُكاظَ عِشْرِين
يوما من ذي القعدة، ثم يَنْتَقلون إِلى مَجَنَّة، وهي عند عَرَفَة، فيُقيمونَ بها ثمانيةَ عَشَرَ يوماً، عشرةُ أَيامٍ من آخِرِ ذي القعدة، وثمانيةُ أَيام من أَولِ ذي الحجة، ثم يَخْرُجون إِلى عَرَفَة.
فلما كانَ الإِسلام، فكأَنهم تَأَثَّموا أَنْ يَتَّجروا في الموسمِ، فأَجازَ لهم
محمدٌ ذلك.
وعن أَبي ماجه [الصحيح: أَبي أُميمَة]، التيمي قال: كُنتُ رَجُلاً أُكْرى في
هذا الوَجْه، وكانَ الناسُ يقولونَ لي: إِنَّه ليسَ لَكَ حَجّ، فلقيتُ ابْنَ عُمَرَ
وسأَلْتُه عن ذلك، قال: إِنَّ لك حَجّاً.
وجاءَ رجلٌ إِلى محمد، فسأَلَه عن ذلك، فلم يُجِبْهُ، وأخيراً قال بالجَوَازِ
…
ونحنُ نَسأل: هل كَانَ في الأَمْرِ شيءٌ جَديدٌ يَحتاجُ إِلى وَحْي؟
أَليسَ إباحَةُ محمدٍ للتجارة في موسمِ الحَجّ شيئاً عاديّاً يتَنَاسَبُ مع مَصالحِ العَرَبِ الدنيويَّة؟ ".
الروايةُ الصحيحةُ في نزول الآيةِ ليستْ هكذا، فالفادي يأخُذُ الروايةَ من
مصادرَ غيرِ موثوقة، علاوةً على تصرُّفهِ في كلماتِ النَّصّر الذي أَمامَه.
روى البخاريُّ عن ابنِ عباس رضي الله عنهما قال: كانَتْ عُكاظُ ومَجَنَّةُ وذُو المجاز أَسْواقاً في الجاهلية، فتَأَثَّموا أَنْ يَتَّجِروا في المواسِم، فنزلَت الآيَة:(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) : في مواسِمِ الحج.
والروايةُ في السببِ المباشرِ لنزول الآيةِ أَخرجَها أَبو داود وأَحمدُ عن
أَبي أُمامَةَ التيمي قال: قُلْتُ لابنِ عُمَر: إِنّا قَوْمٌ نُكْرى، فهل لنا حَجّ؟
قال: أَليسَ تَطوفونَ بالبيت، وتَأَتونَ المعَرَّفَ، وتَرمونَ الجِمار، وتَحْلِقونَ رُؤوسَكم؟
قُلْنا: بَلى..
قال: جاءَ رَجُلٌ إِلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فسأَلَه عن الذي سأَلْتَني عنه، فلم يَدْرِ ما يَقول له، حتى نَزَل جبريلُ مم عليه السلام عليه بهذه الآية:(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) .
فقالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَنتم حجاج.