المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بين الإسكندر وذي القرنين - القرآن ونقض مطاعن الرهبان - جـ ١

[صلاح الخالدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تعريف بكتاب " هل القرآن معصوم

- ‌نقد مقدمة الكتاب

- ‌الفصل الأول نقض المطاعن الجغرافية

- ‌هل تَغيبُ الشمسُ في بئرِ ماء

- ‌هل الأرض ثابتة لا تتحرك

- ‌كيفَ تُرْجَمُ الشياطينُ بالنجوم

- ‌هل السموات سبع والأراضي سبع

- ‌ما هو النسيء

- ‌بماذا تروى مصر

- ‌هل الرعد ملك من الملائكة؟وكيف يسبح الله

- ‌بين وادي طوى وجبل حوريب

- ‌هل الشمس ثابتة

- ‌القمر كالعرجون القديم

- ‌أسطورة جبل قاف

- ‌الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية

- ‌هل كان هامان وزيراً لفرعون

- ‌حول تعاون هامان وقارون مع فرعون

- ‌حول صنع السامري للعجل

- ‌من هو أبو إبراهيم عليه السلام

- ‌حول أبي مريم وأخيها

- ‌هل هَمَّ يوسفُ عليه السلام بالزنى

- ‌كيف دعا نوح على قومِه بالضلال

- ‌هل نجا فرعون من الغرق

- ‌بين زكريا ومريم

- ‌حول انتباذ مريم مكاناً شرقيّاً

- ‌حول ولادةِ مريم وكلام وليدها

- ‌هل لكلِّ أمةٍ رسول

- ‌هل أشرك آدم وحواء بالله

- ‌هل غرق ابن نوح عليه السلام

- ‌هل أيوب حفيد إسحاق

- ‌الصلة بين موسى والخضر ومحمد - صلى الله عليهم وسلم

- ‌حول ترتيب أسماء الأنبياء

- ‌إدريس وليس أخنوخ

- ‌من هم أتباع نوح عليه السلام

- ‌بابل والنمرود

- ‌ما هو أصل الكعبة

- ‌إِبراهيم عليه السلام ونمرود

- ‌إسماعيل صِدِّيقَّ نبٌيّ عليه السلام

- ‌كيف احتال إخوة يوسف عليه السلام على أبيهم

- ‌الشاهد ببراءة يوسف عليه السلام

- ‌يوسف ومراودة نسوة المدينة

- ‌توجيه طلبِ يوسفَ ذكرَه عند الملك

- ‌عدد مرات مجيء إخوة يوسف لمصر

- ‌حقيقة قميص يوسف

- ‌امرأة فرعون تتبنَّى موسى عليه السلام

- ‌حول تقتيل أولاد بني إسرائيل

- ‌حول صداق امرأة موسى عليه السلام

- ‌وراثة بني إسرائيل للأرض

- ‌تسع آيات لا عشر ضربات

- ‌العيون المتفجرة من الحجر

- ‌الألواح التي كتبت عليها التوراة

- ‌هل طلب بنو إسرائيل رؤية الله

- ‌قارون الإسرائيلي الكافر

- ‌بين داود وسليمان عليهما السلام

- ‌بين هاجر ومريم عليهما السلام

- ‌حول نزول المائدة على الحواريين

- ‌أصحاب القرية والرسل الثلاثة

- ‌حول قوم عاد

- ‌من هم أصحاب الرَّسِّ

- ‌حول لقمان الحكيم

- ‌بين الإسكندر وذي القرنين

- ‌الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام

- ‌يمين أيوب والضغث والضرب

- ‌الصرح الذي بُني لفرعون

- ‌حول الطوفان على المصريين

- ‌حول طالوت وجيشه

- ‌حول كلام عيسى في المهد

- ‌عيسى ومعجزة خلق الطير

- ‌من هو المصلوب

- ‌الفصل الثالث نقض المطاعن الأخلاقية

- ‌الرخصة لمن أكره على الكفر

- ‌العفو عن لغو اليمين

- ‌حول إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌حول آيات الجهاد والقتال

- ‌حول إباحة الغنائم

- ‌حول قسم الله بمخلوقاته

- ‌حول الترخيص بالكذب

- ‌إباحة ردِّ العدوان

- ‌حول إباحة تعدد الزوجات

- ‌الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية

- ‌التوحيد والتثليث والأقانيم

- ‌الذنوب بين الاستغفار والتكفير والفداء

- ‌ما هي مصادر القرآن البشرية

- ‌هل صلاة الجمعة من تشريع الجاهلية

- ‌هل يباح القتال في الأشهر الحرم

- ‌ما هو أصل التكبير

- ‌حول عالم الجن

- ‌هل يأمر الله بالفسق والفحشاء

- ‌لم يشك الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحىِ

- ‌هل في القرآن أقوال للناس

- ‌حول سور الخَلْع والحَفْد والنّورين

- ‌كيف يشاء الله الكفر

- ‌الله يبتلي عباده بالخير والشر

- ‌حديثُ القرآن عن المسيح عليه السلام

- ‌ما الذي كان يفعلُه عيسى عليه السلام

- ‌6 - رفع عيسى عليه السلام إلى السماء:

- ‌7 - المسيحُ وجيهٌ في الدنيا والآخرة:

- ‌8 - هل المسيح هو المخلِّص وحده

- ‌موقف الملائكة من خلق آدم عليه السلام

- ‌ما معنى سجود الملائكة لآدم عليه السلام

- ‌هل جهنم لجميع الأبرار والأشرار

- ‌مظاهر نعيم المؤمنين في الجنة

- ‌أرواح الشهداء وأجواف الطيور الخضر

- ‌حول تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌هل تذهب الحسناتُ السيئاتِ

- ‌من الذي صُلب: المسيح أم شبيهه

- ‌حول تكفير الصوم للخطايا

- ‌نفي النبوة عن نسل إسماعيل عليه السلام

- ‌هل بلاد العرب للمسيح عليه السلام

- ‌هل أكلت الشاة القرآن

- ‌حول إحراق عثمان المصاحف

- ‌كيف يضل الله الإنسان ثم يعذبه

- ‌بين قدر الله وإرادة الإنسان

- ‌الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية

- ‌ذكر المرفوع بعد المنصوب

- ‌الفاعل لا يكون منصوباً

- ‌المبتدأ مؤنث والخبر مذكر

- ‌تأنيث العدد وتذكير المعدود

- ‌اسم الموصول المفرد العائد على الجمع

- ‌جزم فعل معطوف على منصوب

- ‌هل يجوز نصب المعطوف على المرفوع

- ‌هل ينصب المضاف إليه

- ‌جمع الكثرة بدل جمع القلة

- ‌جمع القلة بدل جمع الكثرة

- ‌هل يجمع الاسم العلم

- ‌بين اسم الفاعل والمصدر

- ‌لا يُعطف المنصوب على المرفوع

- ‌حكمة وضع المضارع بدل الماضي

- ‌حكمة حذف جواب الشرط

- ‌هل صرف القرآن الممنوع من الصرف

- ‌حول تذكير خبر الاسم المؤنث

- ‌هل القرآن يوضح الواضح

- ‌هل يأتي فاعلان لفعل واحد

- ‌اعتراض على الالتفات:

- ‌حكمة إفراد الضمير العائد على المثنى

- ‌كم قلباً للإنسان

- ‌الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية

- ‌لماذا قطع يد السارق

- ‌معنى قوله تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)

- ‌حول شهادة المرأة وضربها وميراثها

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌هل الطلاق خطأ

- ‌حول جلد الزاني والزانية

- ‌حول إباحة التسري

- ‌الحجاب الحافظ للمرأة

- ‌هل شعائر الحج من الوثنية

- ‌حول إباحة التجارة في موسم الحج

- ‌من الدي حدد وقت الحج

- ‌هل الإفاضة من أعمال الجاهلية

- ‌هل أركان الحج من الجاهلية

- ‌حول توزيع الزكاة

- ‌توجيه تفضيل الرجال على النساء

- ‌هل صلاة المسلمين تقليد وثني

- ‌حول التطهر بالتيمم

- ‌تفسير سياسي لتحويل القبلة

- ‌اعتراض على الصلوات الخمس

- ‌الصلوات وليلة المعراج

- ‌حول فرض صيام رمضان

- ‌حول حرمة الأشهر الحرم

- ‌هل انتشر الإسلام بالسيف

- ‌حول القصاص في القتل

- ‌حكم قتل المرتد

- ‌حكم الزواج بالكتابيات

- ‌الفصل السابع نقض المطاعن الاجتماعية

- ‌لماذا شهادة المرأة نصف شهادة الرجل

- ‌لماذا ميراث المرأة نصف ميراث الرجل

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌ضرب الزوجات: لماذا؟ ومتى؟ وكيف

- ‌ماذا بعد الطلقة الثالثة

- ‌حول حجاب المرأة

- ‌حول قتال مانعي الزكاة

- ‌حول توزيع الغنائم

- ‌حول أخذ الجزية من أهل الكتاب

- ‌حول إكراه الجواري على الزنى

- ‌حول الشهود على الزنى

- ‌لماذا جلد الزاني أمام الناس

- ‌المنسوخ والناسخ في حد الزنى

- ‌هل أخد الرسول صلى الله عليه وسلم بثأر حمزة

- ‌حول الإعداد للأعداء

- ‌حول النهي عن موالاة الكفار

- ‌هل يدعو القرآن إلى الكراهية

- ‌حول تقبيل الحجر الأسود

- ‌حول عدم الاستعانة بالكافرين

- ‌حول انتشار الإسلامِ في العالم

- ‌حول تقاتل المسلمين

- ‌الفصل الثامن نقض المطاعن العلمية

- ‌هل لتمثال العجل خوار

- ‌أسطورة خاتم سليمان

- ‌لماذا إنكار عذاب القبر

- ‌حول ناقة صالح عليه السلام

- ‌حول إهلاك قوم مدين

- ‌كيف مُسخ اليهود قردة

- ‌حول عالم الجن

- ‌حول التداوي بالعسل

- ‌أين شهود الإسراء والمعراج

- ‌حول مهمة الهدهد زمن سليمان عليه السلام

- ‌ما هي الدابة التي تخرج في آخر الزمان

- ‌حول موت سليمان عليه السلام

- ‌رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل

- ‌هل تتكلم الجبال

- ‌الله يلين الحديد لداود عليه السلام

- ‌حول نوم أصحاب الكهف

- ‌حول الريح المسخرة لسليمان عليه السلام

- ‌حول أصحاب الفيل والطير الأبابيل

- ‌هل خاف يعقوب على أبنائه من العين

- ‌حول بقرة بني إسرائيل

- ‌هل الرعد ملاك

- ‌حول سحر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية

- ‌ما المراد بالحروف المقطعة

- ‌هل في القرآن كلام أعجمي

- ‌دعوى التناقض في القرآن

- ‌أَوَّلاً: هل يتبدَّلُ كلامُ الله

- ‌ثانياً: التفاوت في مقادير أيام الله:

- ‌ثالثاً: بين نفي الشفاعة وإثباتها في الآخرة:

- ‌رابعاً: هل أهل الجنة قليلون أم كثيرون

- ‌خامساً: هل اليهود والنصارى مؤمنون

- ‌سادساً: بين الأمر بالصفح والأمر بالغلظة:

- ‌سابعاً: هل يأمر الله بالفحشاء

- ‌ثامناً: حول القسم بالبلد الأمين:

- ‌تاسعاً: حول المنافقين:

- ‌عاشراً: بين النهي عن الهوى وإباحته:

- ‌أحد عشر: التناقض في الخمر بين الحل والحرمة:

- ‌ثاني عشر: بين النهي عن إيذاء الكفار والأمر بقتالهم:

- ‌ثالث عشر: هل نجا فرعون أم غرق

- ‌رابع عشر: السماء والأرض أيهما خلقت أولاً

- ‌خامس عشر: هل القرآن محكم أو متشابه

- ‌حول التكرار في القرآن

- ‌هل في القرآن من كلام الآخرين

- ‌ثانياً: ماذا أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم من كللام عمر بن الخطاب

- ‌ب - ثلاث موافقات لعمر:

- ‌ثالثاً: ماذا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتب اليهود

- ‌حول إنزال القرآن مفرقاً

- ‌حول الكلمات الغريبة في القرآن

- ‌حول الناسخ والمنسوخ في القرآن

- ‌2 - لماذا نسخت القبلة إلى بيت المقدس

- ‌3 - هل نسخ تمسك الرجل بزوجته

- ‌ لماذا نُسخَ الامتناعُ عن النساءِ وقتَ الصيام

- ‌6 - هل نسخَ تَحريمُ إِتلافِ أَشجارِ الأَعداء

- ‌7 - لا نسخ في الصلاة على غير المسلم:

- ‌حول الكلام المتشابه في القرآن

- ‌هل القرآن مثل كلام الناس

- ‌حول الاختلاف والتناقض في القرآن

- ‌مع أمثلة الفادي للاختلاف في القرآن:

- ‌الفصل العاشر نقض المطاعن الموجهة إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تمهيد:

- ‌حولَ أَزواجِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حول حرمة نكاح أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حول جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وغزواته

- ‌ما الذي حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم على نفسه

- ‌حول أبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الزعم بأن القرآن وحي من الشيطان

- ‌هل مال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المشركين

- ‌اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بتزوج زوجة ابنه

- ‌حول سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول تقبيل الرسول للحجر الأسود

- ‌التشكيك في عفَّة عائشة رضي الله عنها

- ‌حول قتلِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم خصومَه

- ‌موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من ابن أم مكتوم

- ‌لم يطرد الرسول صلى الله عليه وسلم الفقراء والعبيد

- ‌استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من الشيطان

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم مذنب

- ‌حول موقف عبد الله بن سعد بن أبي السرح

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم بدون معجزات

- ‌اتهامات الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌هل مات الرسول صلى الله عليه وسلم مسموماً

- ‌حول أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم مع الوحي

- ‌3 - غطيط الرسول صلى الله عليه وسلم عند الوحي:

- ‌هل شرع الرسول صلى الله عليه وسلم في الانتحار

- ‌خرافة امتحان خديجة لجبريل

- ‌سخرية المجرم من رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول المرأة التي وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌حول إرجاء وإيواء الرسول صلى الله عليه وسلم من يشاء من نسائه

- ‌هل أثبت الرسول صلى الله عليه وسلم أقوال أهل الكتاب في القرآن

- ‌هل شتم الرسول صلى الله عليه وسلم الذين شتموه

- ‌حول غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إشاعة إبادة الكلاب في المدينة

- ‌حول تبشير عيسى بمحمد عليهما الصلاة والسلام

- ‌ما معنى الأُمِّي والأميين

- ‌عودة إلى دعوى التناقض في القرآن

- ‌لماذا النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم

- ‌تَمَّ الكتاب بحمد الله وتوفيقه

الفصل: ‌بين الإسكندر وذي القرنين

ولا نَعرفُ هل كان نبيَّاً أَمْ مجردَ مؤمن عالمٍ حَكيم، ولا نَعرفُ من كلامِهِ

ومواعظِه وحِكمِهِ إِلَّا ما وردَ في القرآنِ!.

وهذا معناهُ أَنْ نتوقَّفَ في القولِ بما وَرَدَ عنهُ من أَخبارٍ وأقوالٍ وحِكم، لأَنها من الإِسرائيلياتِ والرواياتِ التي لم تَثْبُت، فلا نُصدقُها ولا نُكذبُها ولا نَرويها.

ولَسْنا مع البيضاويّ في حديثِه عن لُقْمان، لأَنه لا دليلَ عليه.

وقد كان الفادي مُتَحامِلاً على القرآنِ عندما اعترضَ على كلامِ

البيضاوي، وجَعَلَه من أَخطاءِ القرآنِ التاريخية، فما دَخْلُ القرآنِ في كلامِ

البيضاوي؟

لا يُسأَلُ القرآنُ إِلا عن الكلامِ الذي يذكُرُه، ولا يُسْأَلُ عن كلامِ

البَشَرِ المفَسِّرين، فهم قد يُخطئونَ وقد يُصيبون!.

لم يُصَرِّح القرآنُ بنبوةِ لقمان، كما أَنه لم يَنْفِ نبوَّتَه، وإِنما سَكَتَ عنها،

ولذلك لا نَقولُ بنبوَّته، لأَنه قد لا يكون نبيّاً!! ولا نَنْفي عنه النبوَّة، لأَنه قد

يكونُ نبيّاً، فالأَسلمُ هو التوقُّفُ في هذا القول، والاعترافُ بقصورِ العِلْم،

فنحنُ لا نَعلمُ إِلا ما عَلَّمَنا اللهُ إِياه، أَو وَفَّقَنا إِليه!.

ثم إِنَ ما ذكرَهُ الفادي نَقْلاً عن العهد القديم لا دليلَ عليه، فلا دليلَ

على أَنَّ أَيوبَ كانَ قبلَ داودَ عليه السلام بتسعمئة سنة، ولا دَليلَ على أَنَّ أَيوبَ كان ببلادِ عوصٍ العربية، ولم يَقُلْ لنا أَينَ تقعُ بلادُ عوصٍ في الجزيرةِ العربية.

فما عابَه الفادي على البيضاوي وَقَعَ هو فيه، وما وَجَّههُ إِليه من انتقادٍ

يُوَجَّهُ إِليه.

***

‌بين الإسكندر وذي القرنين

ذَكَرَ اللهُ طَرَفاً من قصةِ ذي القرنَيْن في سورةِ الكهف الآيات (83 - 98)

وخلاصةُ ما ذكَرَه عنه: أَنه كانَ رَجُلاً مؤمناً صالحاً، وكان قوياً شُجاعاً ظافراً منصوراً، وقامَ بثلاثِ رحلات، رحلةٍ نحو مغربِ الشمس، فَتَحَ فيها بلاداً،

ص: 168

وأَحسنَ معاملةَ أَهلها، ورحلةٍ نحو مشرقِ الشمس، وصلَ فيها إِلى أرضٍ

مكشوفةٍ سهلة منبسطة، ورحلةٍ نحو الشمال، وَجَدَ فيها قوماً ضِعافاً، شكوا إِليه هجماتِ يأجوج ومأجوج، فأَقامَ سَدّاً عالياً بين جبلَيْن، ليقيهم من هجماتِهم.

ورجعَ الفادي إِلى تفسيرِ البيضاوي، وأَخَذَ بعضَ ما قالَه عن ذي

القرنَيْن، ونسبَ له قوله: " قال البيضاوي وابنُ هشام: إِنَّ ذا القرنَيْن هو

إسكندرُ الأَكبر.

وقال البيضاوي: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) : يَعني إِسكندرَ

الرومي، مَلَكَ فارس والروم، وقيل: مَلَكَ المشرقَ والمغرب، ولذلك سُمِّيَ ذا القرنين، أَو لأَنه طافَ قَرني الدنيا شرقَها وغربَها، وقيلَ: لأَنه انقرضَ قرنان من الناس، وقيلَ: كانَ له قرنان، أَيْ ضفيرتان، وقيل: كانَ لتاجه قَرْنان..

ويُحتملُ أَنه لُقّبَ بذلك لشجاعتِه، كما يقال: الكبشُ للشُّجاع، كأَنه ينطحُ

أَقرانَه.

واختُلفَ في نبوَّته مع الاتفاقِ على إِيمانِه وصَلاحِه ".

ولا نُوافقُ البيضاويَّ على هذا الكلام، لأَنه ليس عليه دليلٌ من القرآنِ أَو

الحديثِ الصحيحِ عن رسول اللًه صلى الله عليه وسلم، ولا داعي للأَقوال السبعةِ المختلفة التي ذَكَرَها في سببِ تسميته بذي القرنَيْن، ولا داعيَ لترجيحِ أَحَدٍ منها، لأَنها كُلَّها مما لا دليلَ عليه!.

لم يَزِد القرآنُ على وصْفِ ذلك الرجلِ بذي القرنَيْن، وأَبهمَ اسْمَه وزَمانَه

ومكانَه، فلا نَعرفُ هل كان نبيّاً أَم لا، ولا نَعرفُ اسْمَه ونَسَبَه، ولا نَعرفُ

البلدَ الذي كانَ يحكُمُه، ولا نَعرفُ النبيَّ الذي كانَ في عصره، ولا نَعرفُ

تَفاصيلَ رحلاتِه المذكورةِ في سورةِ الكهف، ولا يُمكنُنا تَحديدُ المكانِ الذي

وَصَلَ إِليه في الغرب، ولا تحديدُ العينِ الحمئةِ التي وَقَفَ عندها، ولا تَحديدُ

المكانِ في المشرق، ولا تَحديدُ المكانِ الذي وَصَلَه في الشمال، ولا السَّد

الذي بَناه بين الجبلَيْن، فهذا كُلُّه من المبهماتِ التي لا تَبيينَ لها، لعدمِ وجودِ

دليلٍ عليها.

ص: 169

ونَرُدُّ القولَ الذي أَوردَه البيضاوي من أَنَّ ذا القرنين هو الإسكندرُ الأَكبرُ

الرومي، ملكُ اليونانِ المعروف، الذي فَتَحَ بلادَ اليونان والرومان وتركيا

والشام ومصر وفارس، وماتَ في شبابِه في مدينةِ بابل، كما قال المؤرخون.

فهذا القول خطأ، وإنْ قالَ به كثيرٌ من المؤَرِّخين والإِخباريّين

والمفَسِّرين، لأَنه يَتعارضُ مع القرآن، فالإِسكندرُ المقدونيُّ الرومي كان وثنياً

كافراً مشركاً بالله، وذو القرنين كان رَجُلاً مؤمناً صالحاً داعياً إِلى الله، فأَيْنَ

هذا من هذا؟!.

إِذنْ أَخْطَأَ البيضاويُّ رحمه الله ومَنْ معه عندما قالوا: ذو القرنين هو

الإِسكندر! لكنَّهُ خطؤُهم وليسَ خَطَأ القرآن.

وبهذا نَرُدُّ الأَسئلةَ والإِشكالاتِ التي أَثارها الفادي على حديثِ القرآنِ

عن ذي القرنينِ في قوله: " ونحنُ نسأل: كيفَ يَجعل القرآنُ إِسكندرَ الأَكبرَ

الملكَ اليونانيَّ الوثنيَّ نبيّاً يُخاطبُه اللهُ ويُوحي إِليه؟

وكيفَ يَعْزو إِليه زيارةَ سدودٍ تَحُدُّ الأَرضَ وآبارٍ تَغيبُ فيها الشمس؟

وإِذا كانَ إِسكندرُ عَمَّرَ جيلَيْن كما قال البيضاوي، فما كانَ أَقصر أَعمارِ أَهلِ زمانه؟

فالتاريخُ يقول: إِنَّ إِسكندرَ توفيَ ابنَ ثلاثٍ وثلاثين سنة في مدينة بابل سنة (323 ق. م) ، وكيفَ يكونُ نبيّاً أَو صالِحاً مؤمناً، وقد كانَ من عبدةِ الأَوثان، وادَّعى أَنه ابنُ آمون إِله المصريين؟! ".

إِنَّ الفادي يَفتري ويُغالط وَيَتَلاعب، ويتهمُ القرآنَ بما ليسَ فيه، ويَحَمّلُه

أَخطاءَ المفسِّرين، ويَنسبُ كلامَ المفسِّرين إِلى القرآن.

إِنه يَكذبُ في قولِه: " كيفَ يجعلُ القرآنُ إِسكندرَ الأَكبرَ الملكَ اليونانيَّ

الوثنيَّ نبياً يُخاطبُه اللهُ ويوحي إِليه؟ ".

مع أَنَّ القرآنَ لم يَقُلْ ذلك، وإِنما أَخْبَرَ عن ذي القرنين، ولم يُصَرِّحْ بنبوةِ ذي القرنين، فضلاً عن أَنْ يَقول: إِنَّ ذا القرنين هو الإِسكندر، وإِنه نبيّ!.

إِنَّ الذي قَال بأَنَّ ذا القرنين هو الإِسكندرُ هو البيضاوي ومَنْ معه من

ص: 170