الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنَّ إِعدادَ السلاحِ والقوةِ للأَعْداء واجب، والأَعداءُ هم الكفارُ الذين
يُعادونَ المسلمين، ويتآمرون عليهم، ويُخَطّطونَ لقتالِهم، ويَقِفُونَ أَمامَ دينهم، والهدفُ من هذا الإِعدادِ هو " إِرهابُ " أولئكِ الأعداء، وتخويفُهم وردْعُهم، ليتوقَّفوا عن مخططاتِهم..
و" إِرهابُ " أَعداءٍ آخرين، يتهيَّؤُون للهجومِ على المسلمين.
لم يكن هدفُ المسلمين من التسلحِ والاستعدادِ غزوَ الكفار، واحتلالَ
بلادِهم، وإِزهاقَ أَرواحِهم، ونَهْبَ أموالِهم، وِإكرا هَهم على الدخول في
الإِسلام، كما قال الفادي المفترِي.
وصحيح أَن السيفَ هو حجةُ الذي لا يَحْتملُ المناظرة، وِإنّ الإِسلامَ
يُقَدِّمُ نفسَه بالحُجةِ والبرهان، ويَدخلُ إِلى العقولِ والقلوب.
والمسلمون مأمورون بالدعوةِ إِلى اللهِ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة، فهذا هو الأَصلُ في الدعوةِ إلى الله.
فإذا ما وقفَ الظالمونَ الكافرونَ أَمامَ الدعاةِ إِلى اللهِ بالحجةِ والحكمةِ
والمنطق، وفَتَنوهم وَعذَّبوهم وقَتَلوهم، فلن يقفَ المسلمون ساكتينَ على هذا
العدوان، وسينتَصرون لإِخوانِهم الدعاة، وسيُواجهون أُولئك الأَعداءَ.
فالإِعدادُ والاستعدادُ إنما هو للأَعْداء المقاتِلين المعْتَدين، وليس
للشعوبِ المسالمةِ الوادعة، التي تَكُفُّ أَيْدِيَها عن الدعاةِ، المبلِّغين لدينِ الله!.
***
حول النهي عن موالاة الكفار
اعترضَ الفادي المفترِي على القرآن، لأَنه نهى المؤمنين عن موالاةِ
الكفارِ من اليهودِ والنصارى، وذلك في قولِه تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) .
ذَكَرَ ما قالَه الإِمامُ البيضاويّ في تفسيرِها، ثم عَلَّقَ على ذلك بقولِه:
" ونَحنُ نسأل: ما هي نتيجةُ هذه النصيحةِ القرآنية، إِلّا الانكفاءُ على الذات؟
وكيف يُوَفِّقُ المسلمُ بين الزواجِ من كتابيةٍ، تُرَبّي عِيالَه وتتولّى أُمورَ بيتِه، وبينَ هذه الآيةِ المنغلقةِ الفكرِ؟
وما أَكثرَ الكفاءاتِ التي أُهدرَتْ بسببِ التفرقةِ الدينية!
إِنَّ المسيحية تَدْعو للسلامِ والمحبةِ وخدمةِ الجميع، على مِثالِ ما فعلَ
المسيحُ رَبُّ السلام، الذي عَلَّمَنا في مَثَلِ السامريِّ الصالحِ كيفَ نُضحِّي،
ونخدُم جميعَ الناسِ على السواء، من جميعِ الأَجناسِ واللُّغاتِ والأَديان.
إِنَّ نصيحةَ القرآنِ مناسبةٌ ما دامَ المسلمونَ غالبين، أَمّا اليومَ فهي تُقَوِّضُ روحَ
التآخي بينَ شعوبِ الأرض، وتُعَطِّلُ تَقَدُّمَ المسلمين ".
يَعتبرُ الفادي المفترِي عَدَمَ مُوالاةِ المسلمين للكافرين انكفاءً على
الذات، وتَقَوْقُعاً على النفس، وقَطْعاً للصلَةِ بالآخرين، وهَدْراً للكفاءات،
وتَفْريقاً للناس، وهذا يُعَطِّلُ تَقَدّمَ المسلمين، ويُقَوِّضُ روحَ التآخي بين
الشعوب.
ويَعتبرُ الفادي القرآنَ مُنغلقاً، وداعِياً إِلى العزلة، وهذا ليس في مصلحةِ
المسلمين، ويُقارِنُ بين القرآنِ والنصرانية، ففي الوقتِ الذي يَدْعو القرآنُ
المسلمين إِلى العزلة والتقوقعِ والانكفاءِ على الذات - حَسب رأْيِ الفادي -
تَدْعو النصرانيةُ إِلى المحبَّةِ والانفتاحِ على الآخرين، وخِدمَتهم ومساعدتِهم،
على اختلافِ أَجناسِهم ولغاتِهم وأَديانهم.
ولا يدري الفادي المفترِي كيفَ يوفق بين هذه الآيةِ المنغلقةِ الفكرِ وبين
زواجِ المسلمِ من الكتابية، التي تُرَبّي عِيالَه وتُدَبِّرُ بيتَه!.
إِنَّ الفادي لا يفرقُ - لجهْلِه - بين الولاء المحَرَّم وحسنِ المعامَلَةِ المباح،
فالولاءُ يَقومُ على التحالُفِ والتناصُرِ والتوادُدِ، وربطِ المصير بالمصير، ومحبةِ
هؤلاءِ الكفار، والرِّضا بهم، والانحيازِ إليهم، والأَنسِ بهم، وجعلِهِم أعواناً