المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اتهامات الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم - القرآن ونقض مطاعن الرهبان - جـ ١

[صلاح الخالدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تعريف بكتاب " هل القرآن معصوم

- ‌نقد مقدمة الكتاب

- ‌الفصل الأول نقض المطاعن الجغرافية

- ‌هل تَغيبُ الشمسُ في بئرِ ماء

- ‌هل الأرض ثابتة لا تتحرك

- ‌كيفَ تُرْجَمُ الشياطينُ بالنجوم

- ‌هل السموات سبع والأراضي سبع

- ‌ما هو النسيء

- ‌بماذا تروى مصر

- ‌هل الرعد ملك من الملائكة؟وكيف يسبح الله

- ‌بين وادي طوى وجبل حوريب

- ‌هل الشمس ثابتة

- ‌القمر كالعرجون القديم

- ‌أسطورة جبل قاف

- ‌الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية

- ‌هل كان هامان وزيراً لفرعون

- ‌حول تعاون هامان وقارون مع فرعون

- ‌حول صنع السامري للعجل

- ‌من هو أبو إبراهيم عليه السلام

- ‌حول أبي مريم وأخيها

- ‌هل هَمَّ يوسفُ عليه السلام بالزنى

- ‌كيف دعا نوح على قومِه بالضلال

- ‌هل نجا فرعون من الغرق

- ‌بين زكريا ومريم

- ‌حول انتباذ مريم مكاناً شرقيّاً

- ‌حول ولادةِ مريم وكلام وليدها

- ‌هل لكلِّ أمةٍ رسول

- ‌هل أشرك آدم وحواء بالله

- ‌هل غرق ابن نوح عليه السلام

- ‌هل أيوب حفيد إسحاق

- ‌الصلة بين موسى والخضر ومحمد - صلى الله عليهم وسلم

- ‌حول ترتيب أسماء الأنبياء

- ‌إدريس وليس أخنوخ

- ‌من هم أتباع نوح عليه السلام

- ‌بابل والنمرود

- ‌ما هو أصل الكعبة

- ‌إِبراهيم عليه السلام ونمرود

- ‌إسماعيل صِدِّيقَّ نبٌيّ عليه السلام

- ‌كيف احتال إخوة يوسف عليه السلام على أبيهم

- ‌الشاهد ببراءة يوسف عليه السلام

- ‌يوسف ومراودة نسوة المدينة

- ‌توجيه طلبِ يوسفَ ذكرَه عند الملك

- ‌عدد مرات مجيء إخوة يوسف لمصر

- ‌حقيقة قميص يوسف

- ‌امرأة فرعون تتبنَّى موسى عليه السلام

- ‌حول تقتيل أولاد بني إسرائيل

- ‌حول صداق امرأة موسى عليه السلام

- ‌وراثة بني إسرائيل للأرض

- ‌تسع آيات لا عشر ضربات

- ‌العيون المتفجرة من الحجر

- ‌الألواح التي كتبت عليها التوراة

- ‌هل طلب بنو إسرائيل رؤية الله

- ‌قارون الإسرائيلي الكافر

- ‌بين داود وسليمان عليهما السلام

- ‌بين هاجر ومريم عليهما السلام

- ‌حول نزول المائدة على الحواريين

- ‌أصحاب القرية والرسل الثلاثة

- ‌حول قوم عاد

- ‌من هم أصحاب الرَّسِّ

- ‌حول لقمان الحكيم

- ‌بين الإسكندر وذي القرنين

- ‌الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام

- ‌يمين أيوب والضغث والضرب

- ‌الصرح الذي بُني لفرعون

- ‌حول الطوفان على المصريين

- ‌حول طالوت وجيشه

- ‌حول كلام عيسى في المهد

- ‌عيسى ومعجزة خلق الطير

- ‌من هو المصلوب

- ‌الفصل الثالث نقض المطاعن الأخلاقية

- ‌الرخصة لمن أكره على الكفر

- ‌العفو عن لغو اليمين

- ‌حول إعطاء المؤلفة قلوبهم

- ‌حول آيات الجهاد والقتال

- ‌حول إباحة الغنائم

- ‌حول قسم الله بمخلوقاته

- ‌حول الترخيص بالكذب

- ‌إباحة ردِّ العدوان

- ‌حول إباحة تعدد الزوجات

- ‌الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية

- ‌التوحيد والتثليث والأقانيم

- ‌الذنوب بين الاستغفار والتكفير والفداء

- ‌ما هي مصادر القرآن البشرية

- ‌هل صلاة الجمعة من تشريع الجاهلية

- ‌هل يباح القتال في الأشهر الحرم

- ‌ما هو أصل التكبير

- ‌حول عالم الجن

- ‌هل يأمر الله بالفسق والفحشاء

- ‌لم يشك الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحىِ

- ‌هل في القرآن أقوال للناس

- ‌حول سور الخَلْع والحَفْد والنّورين

- ‌كيف يشاء الله الكفر

- ‌الله يبتلي عباده بالخير والشر

- ‌حديثُ القرآن عن المسيح عليه السلام

- ‌ما الذي كان يفعلُه عيسى عليه السلام

- ‌6 - رفع عيسى عليه السلام إلى السماء:

- ‌7 - المسيحُ وجيهٌ في الدنيا والآخرة:

- ‌8 - هل المسيح هو المخلِّص وحده

- ‌موقف الملائكة من خلق آدم عليه السلام

- ‌ما معنى سجود الملائكة لآدم عليه السلام

- ‌هل جهنم لجميع الأبرار والأشرار

- ‌مظاهر نعيم المؤمنين في الجنة

- ‌أرواح الشهداء وأجواف الطيور الخضر

- ‌حول تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌هل تذهب الحسناتُ السيئاتِ

- ‌من الذي صُلب: المسيح أم شبيهه

- ‌حول تكفير الصوم للخطايا

- ‌نفي النبوة عن نسل إسماعيل عليه السلام

- ‌هل بلاد العرب للمسيح عليه السلام

- ‌هل أكلت الشاة القرآن

- ‌حول إحراق عثمان المصاحف

- ‌كيف يضل الله الإنسان ثم يعذبه

- ‌بين قدر الله وإرادة الإنسان

- ‌الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية

- ‌ذكر المرفوع بعد المنصوب

- ‌الفاعل لا يكون منصوباً

- ‌المبتدأ مؤنث والخبر مذكر

- ‌تأنيث العدد وتذكير المعدود

- ‌اسم الموصول المفرد العائد على الجمع

- ‌جزم فعل معطوف على منصوب

- ‌هل يجوز نصب المعطوف على المرفوع

- ‌هل ينصب المضاف إليه

- ‌جمع الكثرة بدل جمع القلة

- ‌جمع القلة بدل جمع الكثرة

- ‌هل يجمع الاسم العلم

- ‌بين اسم الفاعل والمصدر

- ‌لا يُعطف المنصوب على المرفوع

- ‌حكمة وضع المضارع بدل الماضي

- ‌حكمة حذف جواب الشرط

- ‌هل صرف القرآن الممنوع من الصرف

- ‌حول تذكير خبر الاسم المؤنث

- ‌هل القرآن يوضح الواضح

- ‌هل يأتي فاعلان لفعل واحد

- ‌اعتراض على الالتفات:

- ‌حكمة إفراد الضمير العائد على المثنى

- ‌كم قلباً للإنسان

- ‌الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية

- ‌لماذا قطع يد السارق

- ‌معنى قوله تعالى: (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)

- ‌حول شهادة المرأة وضربها وميراثها

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌هل الطلاق خطأ

- ‌حول جلد الزاني والزانية

- ‌حول إباحة التسري

- ‌الحجاب الحافظ للمرأة

- ‌هل شعائر الحج من الوثنية

- ‌حول إباحة التجارة في موسم الحج

- ‌من الدي حدد وقت الحج

- ‌هل الإفاضة من أعمال الجاهلية

- ‌هل أركان الحج من الجاهلية

- ‌حول توزيع الزكاة

- ‌توجيه تفضيل الرجال على النساء

- ‌هل صلاة المسلمين تقليد وثني

- ‌حول التطهر بالتيمم

- ‌تفسير سياسي لتحويل القبلة

- ‌اعتراض على الصلوات الخمس

- ‌الصلوات وليلة المعراج

- ‌حول فرض صيام رمضان

- ‌حول حرمة الأشهر الحرم

- ‌هل انتشر الإسلام بالسيف

- ‌حول القصاص في القتل

- ‌حكم قتل المرتد

- ‌حكم الزواج بالكتابيات

- ‌الفصل السابع نقض المطاعن الاجتماعية

- ‌لماذا شهادة المرأة نصف شهادة الرجل

- ‌لماذا ميراث المرأة نصف ميراث الرجل

- ‌حول تعدد الزوجات

- ‌ضرب الزوجات: لماذا؟ ومتى؟ وكيف

- ‌ماذا بعد الطلقة الثالثة

- ‌حول حجاب المرأة

- ‌حول قتال مانعي الزكاة

- ‌حول توزيع الغنائم

- ‌حول أخذ الجزية من أهل الكتاب

- ‌حول إكراه الجواري على الزنى

- ‌حول الشهود على الزنى

- ‌لماذا جلد الزاني أمام الناس

- ‌المنسوخ والناسخ في حد الزنى

- ‌هل أخد الرسول صلى الله عليه وسلم بثأر حمزة

- ‌حول الإعداد للأعداء

- ‌حول النهي عن موالاة الكفار

- ‌هل يدعو القرآن إلى الكراهية

- ‌حول تقبيل الحجر الأسود

- ‌حول عدم الاستعانة بالكافرين

- ‌حول انتشار الإسلامِ في العالم

- ‌حول تقاتل المسلمين

- ‌الفصل الثامن نقض المطاعن العلمية

- ‌هل لتمثال العجل خوار

- ‌أسطورة خاتم سليمان

- ‌لماذا إنكار عذاب القبر

- ‌حول ناقة صالح عليه السلام

- ‌حول إهلاك قوم مدين

- ‌كيف مُسخ اليهود قردة

- ‌حول عالم الجن

- ‌حول التداوي بالعسل

- ‌أين شهود الإسراء والمعراج

- ‌حول مهمة الهدهد زمن سليمان عليه السلام

- ‌ما هي الدابة التي تخرج في آخر الزمان

- ‌حول موت سليمان عليه السلام

- ‌رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل

- ‌هل تتكلم الجبال

- ‌الله يلين الحديد لداود عليه السلام

- ‌حول نوم أصحاب الكهف

- ‌حول الريح المسخرة لسليمان عليه السلام

- ‌حول أصحاب الفيل والطير الأبابيل

- ‌هل خاف يعقوب على أبنائه من العين

- ‌حول بقرة بني إسرائيل

- ‌هل الرعد ملاك

- ‌حول سحر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع نقض المطاعن الفنية

- ‌ما المراد بالحروف المقطعة

- ‌هل في القرآن كلام أعجمي

- ‌دعوى التناقض في القرآن

- ‌أَوَّلاً: هل يتبدَّلُ كلامُ الله

- ‌ثانياً: التفاوت في مقادير أيام الله:

- ‌ثالثاً: بين نفي الشفاعة وإثباتها في الآخرة:

- ‌رابعاً: هل أهل الجنة قليلون أم كثيرون

- ‌خامساً: هل اليهود والنصارى مؤمنون

- ‌سادساً: بين الأمر بالصفح والأمر بالغلظة:

- ‌سابعاً: هل يأمر الله بالفحشاء

- ‌ثامناً: حول القسم بالبلد الأمين:

- ‌تاسعاً: حول المنافقين:

- ‌عاشراً: بين النهي عن الهوى وإباحته:

- ‌أحد عشر: التناقض في الخمر بين الحل والحرمة:

- ‌ثاني عشر: بين النهي عن إيذاء الكفار والأمر بقتالهم:

- ‌ثالث عشر: هل نجا فرعون أم غرق

- ‌رابع عشر: السماء والأرض أيهما خلقت أولاً

- ‌خامس عشر: هل القرآن محكم أو متشابه

- ‌حول التكرار في القرآن

- ‌هل في القرآن من كلام الآخرين

- ‌ثانياً: ماذا أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم من كللام عمر بن الخطاب

- ‌ب - ثلاث موافقات لعمر:

- ‌ثالثاً: ماذا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتب اليهود

- ‌حول إنزال القرآن مفرقاً

- ‌حول الكلمات الغريبة في القرآن

- ‌حول الناسخ والمنسوخ في القرآن

- ‌2 - لماذا نسخت القبلة إلى بيت المقدس

- ‌3 - هل نسخ تمسك الرجل بزوجته

- ‌ لماذا نُسخَ الامتناعُ عن النساءِ وقتَ الصيام

- ‌6 - هل نسخَ تَحريمُ إِتلافِ أَشجارِ الأَعداء

- ‌7 - لا نسخ في الصلاة على غير المسلم:

- ‌حول الكلام المتشابه في القرآن

- ‌هل القرآن مثل كلام الناس

- ‌حول الاختلاف والتناقض في القرآن

- ‌مع أمثلة الفادي للاختلاف في القرآن:

- ‌الفصل العاشر نقض المطاعن الموجهة إلى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تمهيد:

- ‌حولَ أَزواجِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حول حرمة نكاح أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حول جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وغزواته

- ‌ما الذي حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم على نفسه

- ‌حول أبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الزعم بأن القرآن وحي من الشيطان

- ‌هل مال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المشركين

- ‌اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بتزوج زوجة ابنه

- ‌حول سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول تقبيل الرسول للحجر الأسود

- ‌التشكيك في عفَّة عائشة رضي الله عنها

- ‌حول قتلِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم خصومَه

- ‌موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من ابن أم مكتوم

- ‌لم يطرد الرسول صلى الله عليه وسلم الفقراء والعبيد

- ‌استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من الشيطان

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم مذنب

- ‌حول موقف عبد الله بن سعد بن أبي السرح

- ‌هل الرسول صلى الله عليه وسلم بدون معجزات

- ‌اتهامات الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌هل مات الرسول صلى الله عليه وسلم مسموماً

- ‌حول أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم مع الوحي

- ‌3 - غطيط الرسول صلى الله عليه وسلم عند الوحي:

- ‌هل شرع الرسول صلى الله عليه وسلم في الانتحار

- ‌خرافة امتحان خديجة لجبريل

- ‌سخرية المجرم من رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حول المرأة التي وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌حول إرجاء وإيواء الرسول صلى الله عليه وسلم من يشاء من نسائه

- ‌هل أثبت الرسول صلى الله عليه وسلم أقوال أهل الكتاب في القرآن

- ‌هل شتم الرسول صلى الله عليه وسلم الذين شتموه

- ‌حول غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إشاعة إبادة الكلاب في المدينة

- ‌حول تبشير عيسى بمحمد عليهما الصلاة والسلام

- ‌ما معنى الأُمِّي والأميين

- ‌عودة إلى دعوى التناقض في القرآن

- ‌لماذا النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم

- ‌تَمَّ الكتاب بحمد الله وتوفيقه

الفصل: ‌اتهامات الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم

عُذْرٌ مرفوض.

ولو كانَ القرآنُ معجزةً لكان قال: هاكمُ القرآنُ معجزة!! وما كانَ

ليقول: (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ)

لم يَأتِ محمدٌ بآيةٍ مُطْلقاً تُثْبتُ أَنه رسولٌ مُشرِّع، ولا حَتَّى القرآن

".

إِنَّ هذا القولَ الفاجرَ مردودٌ على الفادي المفترِي، ولقد آتى اللهُ نبيَّه

محمداً صلى الله عليه وسلم كثيراً من المعجزاتِ المادية، التي أَشَرْنا لها فيما مضى.

وهذا يُكَذّبُ قولَ المجرم: " لم يأتِ محمدٌ بآيةٍ مطلقاً تُثبتُ أَنه رسولٌ مُشَرّع "!.

أَما قولُه الفاجر: " لو كان القرآنُ معجزةً لكان قال: هاكم القرآنُ

معجزة ".

فإِنه يدلّ على جَهْلِه وغَبَائِه! إِنَّ هذا هو الذي حَصَل، فلما طَلَبَ

الكفارُ معجزةً من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال لهم: هاكم القرآنُ معجزة! وهذا ما وردَ في صريحِ قولِه تعالى: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) .

***

‌اتهامات الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم

-

رَدَّدَ الفادي المفترِي الاتهاماتِ التي وَجَّهَها الكفارُ من المشركين

والمنافقينَ واليهود لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، والتي ذَكَرَها القرآن، ثم نَقَضَها وأَبْطَلَها، لكنَّ الفادي المجرمَ اعتمدَها وقالَ بها، واتَّهمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بها، واعتبرَها وثيقةَ

ص: 706

إِدانةٍ له..

قالَ في مقدمةِ تلك الاتهامات: " انتقدَ العربُ محمداً، ولاموهُ على

الكثير.

وقد أَورَدَ ذلك في قرآنِه، مع الردودِ عليه.. ".

ما زالَ يؤكدُ على أنَّ القرآنَ منسوبٌ إِلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأَنه هو الذي أَلَّفَه، وأَوردَ فيه ما يُريد، وحَذَفَ منه ما لا يُريد!!.

والاتهاماتُ الموجهةُ ضدَّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم هي:

1 -

مَجنون: ووردَتْ في قولِه تعالى إِخباراً عن قولِ المشركين: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) .

وقد اعتمدَ المجرمُ هذه التهمةَ في قوله: " فقد اتَّهموهُ بالجنون، الذي هيأ

له أَوهامَ الوحي والملائكة ".

أَيّ أَنّه لا وحيَ في الحقيقة، وإِنما هو أوهامٌ وتخيُّلاتٌ كان يَمُرُّ بها الرسولُ صلى الله عليه وسلم، فيصدِّقُ أَنه رأى جبريل، وأَنه تلقى منه

الوحي، مع أَنه لا جبريلَ ولا وحيَ؛ لأَنه مجنون!!.

وقد رَدَّ القرآنُ على هذه التهمةِ بعدة آيات، نكتفي منها بتذكُّرِ قولِه

تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) .

وقد كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَريصاً على تأكيدِ وعْيِه وحضورِه وانتباهِه، عندما يأتيه الوحي.

فقد سألَه الحارثُ بنُ هشام رضي الله عنه فقال: يا رسولَ الله!

كيفَ يأتيكَ الوحي؟

فقال صلى الله عليه وسلم: "أَحْياناً مثلُ صلصلةِ الجَرَس، فيفْصِمُ عَنّي وقد وعيتُ ما قال، وأَحياناً يتمثلُ لي المَلَكُ رَجُلاً فيكلِّمُني، فأَعي ما يقول ".

ص: 707

ولا يُمكنُ أَنْ يكونَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مجنوناً، وشخصيتُه معروفَة، وأَقوالُه في حياتِه معلومة، وجهودُه في الدعوةِ والحركةِ معلومة، ونَجاحُه في دعوتِه وانتشارُ دينِه في حياتِه معروف، ولو كان مجنوناً لما كانت نتائجُ رسالتِه في حياتِه على ما هي عليه!.

2 -

مُفْتَرٍ: والمفتري هو الكاذبُ المدَّعي، الذي يَقلبُ الحقائقَ، ويَنسبُ

القول إِلى غيرِ قائلِه كَذِباً وزُوراً.

وقد اتهَمَ الكفارُ الرسول صلى الله عليه وسلم بأَنه مُفْتَرٍ كاذب، وأَخبرَ اللهُ عن اتّهامهم في قولِه تعالى:(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) .

وفي قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) .

وقد صَدَّقَ الفادي المجرم هذه التهمة، وأَلْصقَها برسول اللهِ صلى الله عليه وسلم.

قال: " لقد رأَوْا محمداً يأْمُرُ أَصْحابَه بأَمْر، ثم يَنهاهم عنه، ويأمُرُهم بخلافِه، ويقول اليومَ قولاً، ويَرجعُ عنه غداً.

فقالوا: إِنَّ ما تقولُه إِنما هو من تلقاءِ نفسِك؟

لأَنه لو كانَ كلامَ الله لكانَ ثابتاً، لا يُنْسَخُ ولا يَتَغَيَّرُ.. ".

وَنَزَّهَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم عن تهمةِ الافتراء، في آياتٍ كثيرة، منها قولُه تعالى:(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) .

وبَيَّنَ اللهُ أَنه لا يَسمحُ لأَحَدٍ في أَنْ يتقوَّل ويَفْتَريَ ويكذبَ عليه، حتى لو

كان رسولَه صلى الله عليه وسلم، وحاشاهُ أَنْ يَفعلَ ذلك.

قال تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) .

أَيْ: لو تَقَوَّل وكَذَبَ وافترى علينا لذَبَحْناه! بأَنْ نأخُذَه من يَمينِه،

ص: 708

ثم نقطعَ وَتينَه وعُنُقَه، ولن يَجِدَ أَحَداً ينصرُه أَو يحجزُه ويوقفُ عنه الذبح!!.

وبَيَّنَ أَنَّ المفتريَ على اللهِ هو أَظلمُ الظالمين، وأَنَّ اللهَ لن يُوَفِّقَ مفترياً

أَبداً.

قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) .

وهذه شهادةٌ من اللهِ لرسولِه صلى الله عليه وسلم بالصِّدْق، فلو كان مفترياً لأَهلكَه اللهُ وقضى عليه، ولَمَا وَفَّقَه وأَيَّدَه

ونَصَرَه ونَشَرَ دَعوته.

إِنَّ هذا النجاحَ الكبير لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دليل على أَنَّ اللهَ هو الذي يَسَّرَه له، وهذا دليلٌ على أَنه رسولُ اللهِ فِعْلاً، صلى الله عليه وسلم.

والنسخُ في الفرآن الذي لا يَمَلُّ الفادي المفترِي من الكلامِ عليه

وانتقادِه، سَبَقَ أَنْ ناقَشْناهُ فيه في أَكْثَرَ من موضع، وهو لا يَدُلُّ على افترائهِ

وكذبِه صلى الله عليه وسلم، لأَنه لم يَدَّعِ أَنه هو الذي يَنسخُ ويُغَيِّرُ ويُبَدِّلُ في الأَحكام، وإِنما اللهُ هو الذي يَنسخُ ما يَشاء، وبما أَنَّ الفعلَ فعلُ الله، فهو فَعَّال لما يُريدُ عز وجل.

قال الله عز وجل: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) .

3 -

مسحور: اتهمَ الكفارُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بأَنه مسحور، سيطرَ عليه الجنُّ والشياطين، وحَرَّكوه كما يريدون.

وقد ذَكَرَ القرآنُ هذه التهمة التي وَجَّهوها له.

قال تعالى: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) .

وقال تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47) .

وقد رَدَّدَ الفادي المفترِي هذه التهمة، وأَلصقَها برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وحَكَم عليه بأَنه مسحورٌ قال:" لقد شاهَدوه مريضاً ناسياً، يَشكو من الساحراتِ النفاثات في العُقَد، ويَستعيذُ من فعلهنّ، فقالوا: لا شكَّ أَنه مسحورٌ مَغلوبٌ على عقله.. ".

ص: 709

وقد سبقَ أَنْ ناقشْنا الفادي المفترِي في مسألةِ سِحْرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأَنَّ السحرَ لم يُؤَثّرْ إِلّا في جانبٍ من بَدَنِه، وأَنَّ ذلك لم يستمرَّ إِلّا ساعات، ثم عافاهُ اللهُ منه!.

وهذا معناهُ أَنَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لم يكُنْ مَريضاً، ولم تُؤَثَرْ فيه الساحرات، ولم يكنْ مغلوباً على عَقْلِه، وما كلامُ الفادي السابقُ إِلّا افتراءً كبيراً.

4 -

أُذُن: اتهمَ المنافقونَ الرسولَ صلى الله عليه وسلم بأَنه أُذُن، أَيْ أَنه ساذجٌ مُغَفَّل، يُصَدِّقُ كُلَّ ما يَسمع، ويُمكنُ خِداعُه بسهولةٍ، وقد ذَكَرَ القرآنُ هذه التهمة ثم رَدَّ عليها.

قال تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) .

ونَقَلَ الفادي كلامَ البيضاويّ في معنى الآية.

ونَقَلَ ما قالَه المنافقون في اتهامِهم له: " روِيَ أَنهم قالوا: محمدٌ أُذُنٌ سامِعَة، نقولُ ما شئْنا، ثم نأتيه فيصدّقُنا بما نَقول ".

وذِكْرُه لقولِ المنافقين، وسكوتُه عنه، إِقرارٌ منه له.

أَيْ أَنّ الفادي المفتريَ مع المنافقينَ في اتهامِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم بأَنه أُذُنٌ ساذج، يَسهلُ خداعُه!.

وما أَجملَ ما رَدَّ به القرآنُ هذه التهمةَ: إِنَّه صلى الله عليه وسلم أُذُنُ، يُحسنُ الاستماعَ بأُذُنِه، ويَعي ما يسمَعُه..

وقد استمعَتْ أُذُنُه الشريفةُ القرآنَ من جبريلَ عليه السلام، ثم قَدَّمَه للمسلمين، وبهذا كان أُذُنَ خيرٍ للمؤْمنين.

وقد كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَذكى الناسِ، وأَكْثَرَهم فِطْنَة، وأَرجَحَهم عَقْلاً، مُنَزَّهاً عن السذاجةِ والبَلاهةِ والغَفْلة.

ص: 710