الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشاءَ اللهُ الحكيمُ أَنْ يَقبضَ روحَ سليمانَ عليه السلام وهو متكئٌ على عَصاه..
وبقيَ متكئاً على عَصاهُ بعد خروجِ روحه، والجنُّ منهمكون في العَمَل، لا
يَعلمونَ بموتِه..
وَوَجَّهَ اللهُ دودةَ الأَرض " الأَرَضة " إِلى عصاهُ فأَكَلَتْها ونَخَرَتْها،
وكُسِرت العصا وسَقَطَتْ، وخَرَّ سليمانُ عليه السلام جُثَّةً هامِدة..
وفوجئَ الجنُّ بذلك، وعَرفَوا قُصورَ علمِهم، فهم لا يَعلمونَ الشهادة، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَعْلَموا الغيب، فها هو سليمانُ ماتَ أَمامَهم وهم لا يَعلمونَ بموتِه!!.
والفترةُ الزمنيةُ بين موتِه وسقوطِه لم تكنْ سَنَواتٍ ولا سَنَة، ولم تكنْ
شُهوراً أَو أَياماً، إِنما كانَتْ فترةً قصيرةً، ونحن لا نحاولُ تحديدَ تلكَ الفترة،
لأَننا لا نجدُ دَليلاً على ذلك، فَنَكِلُ العلمَ بها إلى الله سبحانه وتعالى إ!.
***
رفع جبل الطور فوق بني إسرائيل
اعترضَ الفادي المفترِي على إِخبارِ القرآنِ عن رَفْعِ جَبَلِ الطّورِ فوقَ بني
إِسرائيل، وجعلَ عنوانَ اعتراضِه:" جَبَل يُحَلِّقُ في الجَوّ! " وهو عنوانٌ للتهكمِ والاستهز اء.
والآيةُ التي اعترضَ عليها، واعْتَبَرَها متناقضةً مع العلمِ والعقل، هي
قولُ اللهِ عز وجل (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) .
وبعدَما نَقَلَ المفترِي بعضَ ما ذكَرَه البيضاويُّ في تفسيرِ الآية، استبعدَ ما
ذكَرَتْه فقالَ: " ونحنُ نسأل: هَلْ من المعقول أَنْ يَخْلَعَ اللهُ جَبَلاً من الأَرض، يَعْلو في الفضاء، ويَظَلُّ مُعَلَّقاً على لا شيء، ليُخيفَ الناس، ويُرغمَهم ليَقْبَلوا شريعتَه؟
وهل يوافِقُ هذا علميّاً ناموسَ الجاذبية؟
وأَدَبِيّاً ناموسَ المحبةِ الإلهِية؟ ".
لم يَستوعِبْ عَقْلُ الفادي الصغيرُ أَنْ يخلعَ اللهُ جَبَلاً من الأَرض، وأَنْ
يرفعَه إلى الأَعلى وأَنْ يوقفَه فوقَ مجموعة من الناس! وكيفَ يَحصلُ هذا؟
ولماذا لم يَقعْ على رؤوسهم؟
فما ذكَرَه القرآنُ - في رأْيه - غيرُ صَحيح!!.
لو زَعَمَ إِنسانٌ قويٌّ أَنه خَلَعَ جبلاً ورَفَعَه في الجو لما صَدَّقْناه، لأَنَّ
القوةَ البشريةَ محدودة، ولا تَستطيعُ قوةُ أَيِّ شخصٍ أو دولةٍ فعلَ ذلك، مهما عَظمَتْ.
أما قوةُ اللهِ فإِنَّها مُطْلَقَة، لا حُدودَ لها، ولا قُيودَ عليها، وقُدْرَتُه نافذةٌ
فاعلة، لا يوقِفُها أَيُّ شيء، فاللهُ قويٌّ قادرٌ على قَلْعِ الجبلِ من الأَرضِ،
وإِيقافِه في الجوِّ بين السماءِ والأَرض، بدونِ أَعمدة، وإِعادتِه مكانَه، يَفعلُ
هذا، ويفعلُ ما هو أَكْبرُ منه! وبما أَنه أَخْبَرَنا عن ذلك في القرآن، فإِننا نجزمُ
أَنَّ ذلك حَصَل، لأَننا نُصدِّقُ كُلَّ ما وَرَدَ في القرآن!.
ولا أَدري لماذا يَستبعدُ الفادي ذو العقلِ الصغيرِ هذه الحادثة، وقد وَرَدَ
في كتابِه المقَدَّسِ حوادِثُ أَكبرُ منها، وهو يؤمنُ بها لأَنها واردةٌ في كتابِه.
من ذلك شَقُّ البحرِ لموسى عليه السلام، ونجاتُه هو وأَتباعه من بني إِسرائيل، عندما لحقَهم فرعونُ وجنودُه.
وقد أخبرَنا اللهُ عن ذلك في القرآن، قال تعالى:(فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) .
موسى عليه السلام يقفُ أَمامَ البحر، ويأْمُرُه اللهُ أَنْ يضربَه بعصاه، ولما فَعَلَ فَلَقَ اللهُ البحرَ فلقتَيْن، وقَسَمَه إِلى قِسْمَيْن، بينهما فاصِلٌ من الأرضِ الصلبةِ اليابسة، ووقفَ الماءُ على الجانبَيْنِ كالجبلِ العظيم، لا يمسكُه سَدّ أَو حاجِز!
فمن الذي فَعَلَ ذلك؟
ومَن الذي أَوجَدَ الطريقَ اليَبَسَ ليَمُرَّ عليه موسى ومَنْ معه؟
ومَن الذي أَمسكَ الماءَ على الجانبين فلم يُغْلِقِ الطريقَ ولم يجتمعْ مع بعضه؟
إِنه الله!.