الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- إن ثقافة مالك الشرعية كانت ضعيفة، إذا قيست بقراءاته الغربية، وهذا ما جعله يخطئ في عدة أمور تتعلق بالأحكام الشرعية.
ورغم ذلك كله كان مالك رحمه الله عميقًا في فهم غدر الاستعمار وأساليبه الخفية، وعميقًا في معالجة القابلية للاستعمار عند المسلمين .. فهو مفكر خبير في نهضة المجتمعات وأمراض المسلم المعاصر، إلا أن هذه الإيجابيات لا تمنعنا من ذكر بعض السلبيات، ولعل آلامه مما كان يعانيه الشعب الجزائري من الاستعمار الفرنسي، جعلته يحن إلى فكرة اللاعنف بهذا المنظور (1).
- إلا أن أفكار الأستاذ مالك التي بذرها، وسّعها بعض تلامذته المتأثرين به، فانحرفوا بعيدًا عن جادة الصواب في مفهوم الجهاد في سبيل الله.
من هؤلاء الشيخ جودت سعيد في كتابه: مذهب ابن آدم الأدل، فقد وقع في أخطاء واضطراب في عرضه لمفهوم الجهاد في سبيل الله.
*
الطبيب خالص جلبي وفكرة اللاعنف ومهاجمته لفتوحات بني أمية والفتوحات العثمانية:
- وممن تعلق بفكرة اللاعنف، وشكك بمبدأ الجهاد، من أتباع هذه المدرسة الطبيب خالص جلبي: فقد هاجم خلافة بني أمية مرددًا في ذلك أحقاد المستشرقين، وفضل عليها خلافة بني العباس.
إذ أن خلفاء بني أمية حملوا راية الجهاد وفتحوا كثيرًا من البلدان، ودخلت كثير من الشعوب الإسلام على أيديهم وأيدي ولاتهم.
(1) انظر مجلة البيان، العدد (23)"قراءة في فكر مالك بن نبي" مقال للأستاذ محمد العبدة.
- يقول خالص جلبي: "وبفعل الانحراف الأموي، فإن الملكية الاستبدادية نقلت وطعمت وألصقت إلى الجسم الغريب"(1).
أما الفتوحات العثمانية: فقد هاجمها الكاتب هجومًا عنيفًا مرددًا أقوال المستشرقين من أساتذته، يقول في ذلك:"والعالم الإسلامي، بدأ بالثورة الروحية العقلية، منذ الوحي في غار حراء، وانتهى بالعسكرية التركية، التي أنهت كل دفعة حيوية في العالم الإسلامي .. والعسكرتارية بالبارود والنار دخلت شرق أوروبا، ولكن فرق كبير بين دخول الإسلام إلى الشرق الأوسط والهند مثلاً، وبين دخوله على يد الأتراك إلى شرق أوروبا ومَنْ يتأمل يدرك"!! (2).
فالعثمانيون لهم أخطاؤهم ولا شك، ولكن الفتوحات تعتبر من مفاخرهم التي لا ينكرها إلا مَنْ حقد على اجتياح شرق أوروبا وسقوط استانبول على يد محمد الفاتح رحمه الله.
لقد شارك الكاتب بقية رجال المدرسة العصرانية، عندما هاجموا الفتوحات العثمانية، متهمين إياها بالهمجية والتوحش.
- يقول الأستاذ محمد قطب: "ويكفي العثمانيين -في ميزان الله- أنهم توغلوا في أوربا الصليبية، وفتحوا للإسلام ما فتحوا من أراض وقلوب .. ويكفيهم أنهم حموا العالم الإسلامي من غارات الصليبيين خمسة قرون متوالية، ويكفيهم أنهم منعوا قيام الدولة اليهودية على أرض الإسلام .. "(3).
(1، 2)"النقد الذاتي" لخالص جلبي (ص 112، 231).
(3)
"واقعنا المعاصر" للأستاذ محمد قطب (ص 152، 316).