الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
رأي إِقبال في النبوّة:
محبة إقبال للرسول صلى الله عليه وسلم ومعنى حبه لديه اتباع سنته واقتفاء أثره صلى الله عليه وسلم:
- يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي عن حب إقبال للرسول صلى الله عليه وسلم:
"لقد عاش الدكتور محمد إقبال شاعر الإسلام وفيلسوف العصر -مدة حياته- في حب النبي صلى الله عليه وسلم والأشواق إلى مدينته، وتغنى بهما في شعره الخالد. وقد طفح الكأس في آخر حياته، فكان كلما ذُكِرت المدينة فاضت عينه وانهمرت الدموع. ولم يقدر له الحج وزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم بجسمه الضعيف، الذي كان من زمان يعاني الأمراض والأسقام. ولكنه رحل إلى الحجاز بخياله القوي، وشعره الخصب العذب، وقلبه الولوع الحنون، وحلق في أجواء الحجاز وتحدّث إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بما شاء قلبه وحبه وإخلاصه ووفاؤه (1)، وتحدّث إليه عن نفسه، وعن عصره، وعن أمته وعن مجتمعه. وقد فاضت في هذا الحديث قريحة الشاعر، وانفجرت المعاني والحقائق التي كان الشاعر يغالبها ويمسك بزمامها وينتظر فرصة إطلاقها، وقد رأى أن فرصتها قد حانت .. فكان شعره في النبي الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، من أبلغ أشعاره وأقواها، وكان حشاشة نفسه وعصارة عمله وتجاربه، وكان تصويرًا لعصره وتقريرًا عن أمته وتعبيرًا عن عواطفه"(2).
- وفي معنى حاجة المسلمين إلى التمسك بتعاليم السنة، يقول إقبال في "رموز اللاذاتية" تحت عنوان "الرسالة":
"بالرسالات بدا تكويننا
…
شرعنا منها ومنها ديننا
(1) يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي: ليس هذا الحديث من الاستعانة في شيء. إنما هو أسلوب من أساليب الشعر والحب، استعمله شعراء إيران والهند قديمًا وحديثًا.
(2)
"روائع إقبال" للأستاذ أبي الحسن علي الندوي (ص 170 - 171).
ذاك من "يهدي إِليه من يريد"
…
حلقة منها حوالينا يشيد
خلقة ذات محيط يعجز
…
ساحة البطحاء فيها مركز
نحن مما جمعتنا أمة
…
أرسلت للناس فيها الرحمة
موجنا في بحرها متصل
…
موجة من موجة لا تفصل
أمة في حرز سور الحرم
…
في حفاظ مثل "أسد الأجم"
نظرة الصديق رب الفهم
…
وإِلى القلب من الربّ أحب
فالنبي الروح فينا والعصب
…
شرعه حبل وريد الأمة" (1)
- ويقول، تحت عنوان "إن حسن سيرة الأمة المسلمة من التأدب بالآداب المحمدية":
"أنت كمّ في فروع المصصفى
…
فتفتح في ربيع المصطفى
نظرة من روضه فالتمس
…
وسنا من خلقه فاقتبس
مرشد الروم الذي قطرته
…
قد حوت بحرا، سمت قولته:
"لا تجدّ الحبل من خير البشر
…
لا تقل عندي فنون وبصر"
فطرة المسلم طرا رأفة
…
قوله والفعل كل رحمة
(1) ترجمة "الأسرار والرموز" للدكتور عزام (ص 96)، وراجع للنص الفارسي، م/26، و"يهدي إليه من يريد" إشارة الى قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ} [الحج: 16]، و"أسد الأجم" إشارة إلى بيت البردة:
"أحل أمته في حرز ملته
…
كالليث حل مع الأشبال في أجم"
وأما ما قاله إقبال من أن النبي قد يكون أحب إلى قلوبنا من الرب تعالى فلعل قصده به أن النبي أقرب إلى مداركنا ومشاعرنا لكونه من جنسنا فالقلب يعشق إليه بسهولة وبأدنى معرفة به بينما الله سبحانه تعالى أحب إلى المؤمنين من كل شيء فقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ .. } [البقرة: 165]، فيمكن أن يكون الرسول أحب عاطفيًّا لا عقليًّا وواقعيًّا.