الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا: تقديم الوطن على الإسلام مناقض للتوحيد لا فيه من عدم البراءة من المشركين.
خامسًا: تقديم الوطن على الإسلام مناقض لإرادة الله من إرسال الرسل وإنزال الكتب الداعية إلى عبادته وحده والدخول في طاعته وموالاة أوليائه. إلى غير ذلك من المعارضات الكثيرة للإسلام.
*
الدكتور محمد عمارة والقومية:
القومية أرفع درجة من الوطنية .. ولكنها تشاركها في الوثنية! والدكتور عمارة سمى أحد كتبه "الإسلام والوحدة الوطنية"، ثم تراجع في الطبعات التالية فسماه "الإسلام والوحدة القومية" فقد ارتقى درجة في سلم الوعي .. ونتمنى أن يأتي الوقت الذي يسميه فيه "الإسلام والوحدة الإسلامية" وما ذلك على الله بعزيز كان مصريًّا ثم تراجع ليكون قوميًّا يدخل العرب في ولاء واحد هو ولاء القومية، والقومية كأختها الوطنية عندما تقرأ قول الدكتور عمارة: "وحيثما امتد الفتح العربي امتد نور الإسلام .. فالعرب الذين فتحوا البلاد لم يحملوا معهم سلطان الدولة وحده، وإنما حملوا معهم نور الإسلام
…
وكانت عروبة القرآن مع عروبة الفاتحين. مما أعان على ارتباط العروبة بالإسلام، فامتد نطاق العروبة بامتداد نطاق الإسلام. لما بين فقه الدين وتذوق العربية من روابط وعلاقات؟.
ولقد رَسَّخ من هذه الحقيقة، وجعلها مقبولة، بل ومطلوبة، لدى الشعوب التي فتح العرب بلادها، أن مفهوم العروبة، لدى العرب الفاتحين لم يكن عرقًا ولا جنسًا ولا عصبية عمياء، كتلك التي عرفتها جاهليتهم، ثم جاء الإسلام فمحاها .. وإنما كانت عروبة حضارية، يسعى إليها الناس، لا خوفًا من جنس ولا خضوعًا لعصبية، وإنما رغبة في فقه الدين وسعيًا إلى إدراك أسرار كتابه العربي المبين .. لقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم العرب إلى ترك
العصبية العرقية الجاهلية؛ لأنها (منتنة)" "الإسلام والمستقبل" (123).
- عندما تقرأ ذلك تظن أن الدكتور عمارة من المعارضين للقومية العربية بمفهومها المخالف للإسلام. وأنه يؤمن بأفضلية العرب كما ورد ذلك في الأحاديث النبوية .. ولكنك تفاجأ عندما تعلم أن الدكتور عمارة من (غلاة) القوميين العرب. لا تختلف دعوته عن دعوتهم أي اختلاف يذكر ما عدا أنهم جاهروا بها بعيدًا عن الإسلام .. وأما هو فقد خمر وجهها بخمار إسلامي خفيف فكيف ذلك؟
1 -
يرى الدكتور عمارة أن العرب الشرقيين قبل الإسلام كانوا في صراع حضاري! مع الغرب البيزنطي. "وأمام هذا الخطر الذي أحدق بالجامعة العربية برزت ضرورات الوحدة بين قبائلها فبدأ التواصل بين وسط شبه الجزيرة وبين اليمن بعد تحريرها بقيادة سيف بن ذي يزن .. ولعبت الأشهر الحرم دورها في جعل القبائل العربية تعيش فترات من المسلم تنمو فيه روابط الوحدة في اللغة والتجارة والعادات والآداب .. ""الإسلام والمستقبل"(122).
هذا قبل الإسلام وعندما ظهر الإسلام كان أحد العوامل التي ألفت بين العرب في مواجهة عدوهم .. فهو عامل توحيد فقط! وبظهوره أصبحنا نرى -كما يزعم الدكتور- تمايزًا بين الوحدة الدينية والوحدة القومية .. فهناك أمة (الدين) وأمة (الدولة) فأمه الدين يدخل فيها المسلمون فقط؛ لأنهم أصحاب دين واحد. وأما أمة السياسة والدولة فيدخل فيها المسلمون والكفار من اليهود والنصارى وغيرهم .. لكن بشرط أن يكونوا عربًا!
ويحتج الدكتور على ذلك بما يسميه (الصحيفة) التي كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم عند قدومه المدينة وفيها جعل المسلمين (أمة واحدة من دون الناس) ومن لحق بهم وجاهد معهم فهم نواة الرعية السياسية وهم أمة مع المؤمنين
برغم اختلاف الدين.
2 -
يرى الدكتور عمارة أن العروبة هي اللغة فقط. فمن تكلم بالعربية فهو عربي: "فالرسول صلى الله عليه وسلم ينكر المضمون (العرقي) للعروبة، ويدعو إلى اعتماد المضمون الحضاري رابطة ومعيارًا لمن هو العربي؟ ومن هم العرب؟ فاللغة، وهي وعاء للفكر والتراث والحضارة والذكريات .. هي المعيار والرباط الذي دعا الرسول إلى اعتماده بدلاً من (العرق) و (القبلية)، ذلك أن مجتمع شبه الجزيرة كان يضم (عربًا باللغة) والحضارة غير (العرب) بالعرق والجنس والدم. ومن ثم فإن اعتماد المعيار الحضاري كان سبيلاً، لا لتجاوز النعرات الجاهلية والمفاهيم المختلفة والمتعصبة فقط، وإنما أيضًا لبناء كيان جديد وأوسع من ذلك الذي يمكن بناؤه على أساس من العرب والجنس .. وهي أيضًا قفزة حضارية، وتطور متحضر هام إلى الأمام .. يبشر الرسول بهذا المفهوم الجديد عندما يخطب في الناس قائلاً: "أيها الناس، إن الرب واحد، والأب واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هي اللسان (اللغة) فمن تكلم العربية فهو عربي" "العرب والتحدي" (35).
3 -
ينكر الدكتور عمارة على الدكتور محمد رشاد خليل مساواة المسلم العربي بالمسلم غير العربي! "هو يتحدث عن الدكتور رشاد قائلاً: "ثم كتب فجعل علاقة المسلم المصري بأخيه المصري مساوية لعلاقته بالمسلم في أندونيسيا ونيجيريا وتركستان! مهملاً أي أثر للقوميات وقسماتها الأمر الذي جعل هذا الفكر لم يبصر سوى رابطة العقيدة الإسلامية" "الإسلام والعروبة" (81).
4 -
يرى الدكتور إن طلائع القوميين العرب هم المعتزلة الذين واجهوا الهجوم الشعوبي وعلى رأسهم الجاحظ فهو يقول: "أما الجاحظ فإننا واجدون عنده بواكير الصياغات النظرية للفكر القومي العربي بمضمونه الحضاري والإنساني المستنير حتى ليحسب المرء أنها من ثمرات العقل المستنير في عصرنا
الحديث" "العرب والتحدي" (58). كما يرى أن تيار الأفغاني هو: "الذي بلغت في دعوته روابط العروبة والإسلام .. قمة الوضوح والعمق والشمول فالأفغاني يؤمن بوحدة النوع الإنساني وبوحدة الأمة الإسلامية لكنه ينبه على أثر تمايز الأقاليم وما يحدثه هذا التمايز من مغايرة بين الأقوام" "الإسلام والعروبة" (129).
5 -
يرى الدكتور أن الفتوحات الإسلامية التي بدأت في عصره صلى الله عليه وسلم ثم في عصر أصحابه لنشر الإسلام فتوحات (عربية) لصد المستعمر الغربي وإزالة الظلم عن أبناء تلك البلاد الذين شاركوا (العرب) في حروبهم ضد المستعمر؛ لأنهم عرب مثلهم أو شرقيون إن لم يكونوا عربًا.
6 -
يؤمن الدكتور إيمانًا تامًا (بخرافة) الصراع بين الشرق والغرب فلم يعد يرى في الأحداث التاريخية سواه .. وعندما مر على خبر التتار وصراعهم مع المسلمين. أسقط في يده فهم شرقيون يقاتلون شرقيين كما يزعم! فكيف يخرج من هذه الورطة؟ لقد فكر وقدر فقاده فكره مع سيطرة الخرافة عليه إلى القول بأن: "الغرب الاستعماري كان قد قرر أن يقوم بجولة أخرى في صراعه ضد حضارة العرب والمسلمين، وإذا كانت قواه الذاتية، وعلاقات دولة بعضها مع البعض الآخر، والحالة التي عليها بقايا إماراته وقواده الاستيطانية في المشرق، إذا كانت هذه العوامل لا تتيح الفرصة كي يقوم هو بهذه الجولة الجديدة، فليبحث إذن عن قوة مدمرة يستخدمها ضدنا في هذا الصراع، وليفتش عن قبضة حديدية يحاول أن يصرع بها هذا الشعب الذي يعيش ما بين الخليج والمحيط .. ولقد توافق هذا التفكير الاستعماري مع ظهور قوة الدولة المغولية في أواسط آسيا، تلك الدولة التي كونتها قبائل وثنية جبلية متبربرة، اختطت لنفسها طريق السلب والنهب والتدمير، واتخذت من تدمير الحضارات وتخريب المدن صناعة لا تعرف غيرها من الصناعات ..