الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذهبي للمعتزلة بل العصر الذهبي للدولة العباسية، وبدأت النذر بمرحلة التراجع. ففي عهد المتوكل العباسي حدث الانقلاب ضد المعتزلة ونزعتهم العقلانية فاقتلعوا من مناصبهم في الدولة وأبعدوا عن مراكز التأثير الفكري وزج بالكثير من أعلامهم في السجون وأبيدت آثارهم الفكرية إلا ما ندر منها. فتقلص سلطان العقل العربي الإسلامي على الحياة الفكرية والعامة وعزلت معاييره" (84) "فنفر من أهل الحديث الذين يقدمون الإسناد والنقل على الدراية والعقل. خرجوا من السجون فتولوا أزمة الدولة قضاءً وتدريبًا وإدارة ووضع المعتزلة بدلاً منهم في السجون" (84) واستمر اضطهاد المعتزلة وازداد في عهد القادر الذي وضع "الاعتقاد القادري" ووقع عليه "علماء السنة وأهل الحديث" (85)، "ولقد أدخل هذا الكتاب في الإسلام كهنوتًا اعتقاديًّا مستعارًا من قرارات المجامع الكنسية غريبًا عن روح الإسلام وطبيعته".
- وتحت عنوان "صحوة ثانية" يذكر الدكتور عمارة أن الدولة البويهية الشيعية أفسحت للمعتزلة مجال الحرية لاتفاقهم معها في الأصول. ومن أبرز آعلام هذه الصحوة القاضي عبد الجبار. فاستمرت "أصولهم الفكرية قائمة ومؤثرة في الواقع العربي الإسلامي من خلال وجود الزيدية التي لا تختلف وإياهم إلا في بعض المسائل الفرعية المتعلقة بمسألة الإمامة. كما بقيت بعض أصول المعتزلة تعيش في الواقع العربي الإسلامي حتى الآن من خلال تبني الشيعة الإمامية لها أو اقترابها من رأي المعتزلة فيها"(ص 87)، "لقد انقضت المعتزلة كفرقة، ولكنها استمرت نزعة عقلية وفكرًا قوميًّا وأصولاً فكرية من خلال فرق أخرى تأثرت بها ومن خلال البصمات التي طبعتها على المجرى العام الخالد والمتدفق والمتطور لفكر العرب والمسلمين"(ص 87).
*
ثناؤه على تيار الأفغاني:
- يقول سليمان بن صالح الخراشي:
"قد اخترت تسميته بهذا الاسم دون أن أسميه كغيري (المدرسة العقلية)
أو (المدرسة الإصلاحية) أو (مدرسة التجديد الديني) .. لأني أظن أن ظهور هذا التيار بين الرجال الذين آمنوا به إنما كان لمجهود هذا الأفغاني الذي بشر بدعوته بينهم فاعتنقوها. ومن بين هؤلاء الرجال الذين اعتنقوا فكر هذا التيار بعنف ولكنه لم يحظ بمشاهدة رجاله الأوائل أي أنه من تابعيه لا من صحابته الدكتور عمارة الذي ولع قلبه بحب هذا التيار ورجاله وأصبح يلهج بذكرهم في كل محفل وفي كل فرصة تسنح له ومن تتبع كتبه ومقالاته علم أنه لا يحيد قيد شعرة عما قرره في شتّى المسائل: القومية، الوطنية، الاشتراكية، العقلانية .. إلخ. فهو معهم كمن قال في محبوبته السوداء:
أحب لحبها السودان حتى
…
أحب لحبها سود الكلاب!
فتيارهم عنده هو "التيار السلفي العقلاني المستنير" وهو "الذي كان أبرز تيارات التجديد في حركة اليقظة العربية في العصر الحديث""العرب والتحدي"(291) " (1).
- وفي كتابه "تيارات الفكر الإسلامي" تحت عنوان "الجامعة الإسلامية السلفية .. العقلانية المستنيرة"(ص 285 - 340) قال:
"هذا التيار هو الذي بدأه فيلسوف الإسلام وموقظ الشرق جمال الدين الأفغاني وتجسّد فكرة وخاصة ما تعلق بتحرير العقل والإصلاح الديني في الآثار الفكرية والجهود العملية للإمام محمد عبده، وكان جناحه في المشرق العربي المفكر عبد الرحمن الكواكبي وفي المغرب العربي عبد الرحمن ابن باديس ومن حول هؤلاء جميعًا عرفت الأمة أقوى تيارات التجديد واليقظة في عصرها الحديث وأكثرها أصالة ومستقبلية أيضًا! "(ص 285).
- بهذه العبارة بدأ الدكتور عمارة حديثه عن هذا التيار ثم أزال شبهة قد تعلق بذهن بعض الناس وهي تساؤله "كيف يكون هذا التيار الفكري سلفيًّا
(1)"محمد عمارة"(ص 317).
ومستنيرًا في ذات الوقت؟ والاستنارة تعني ضمن ما تعني المستقبلية وهو ما يبدو نقيضًا للسلفية بل وإياها على طرفي نقيض" (ص 285) ولإزالة هذه الشبهة أخذ الدكتور عمارة يقارن بين سلفية جمال الدين الأفغاني وسلفية محمد بن عبد الوهاب أو الوهابية كالآتي:
"كانت السلفية عند الوهابية كما كانت عند تراثها في فكر أحمد بن حنبل وابن تيمية الوقوف عند ظواهر النصوص الدينية، وجعل المعاني المستفادة من هذه الظواهر المرجع في كل من أمور الدين وأمور الدنيا .. فهي قد وقفت عند مفهوم الإسلام كدين كما كان حال هذا المفهوم في عصر البداوة والبساطة للأمة العربية، وقبل التطورات العلمية والإضافات العقلية التي استدعتها صراعات الأمة الفكرية مع الملل والنحل غير الإسلامية بعد عصر الفتوحات ومن ثم فإن السلفية بهذا المعنى تسقط من تراثها العلوم العقلية والتصوف الفلسفي وتعتبر كل ذلك (بدعًا) طرأت على الإسلام كما فهمه السلف الصالح.
أما السلفية لدى التيار الذي تزعمه الأفغاني ومحمد عبده فإنها ليست كذلك تمامًا؛ لأنها تأخذ عقائد الدين وأصوله على النحو النقي المبرأ من الخرافات والإضافات وهي هنا سلفية تتفق مع الوهابية وخاصة في إزالة شبهات الشرك والوثنية والتوسل والوسائط عن عقيدة التوحيد لكنها لا تقتصر في فهمها للإسلام كحضارة وتراث على فهم السلف الصالح له لأن الإسلام كحضارة وعلومه العقلية والفلسفية ومذهبه في التصوف الفلسفي كل ذلك قد حدث بعد عصر السلف، وقد حدث لأن ضرورات موضوعية اقتضته ومن ثم فإن هذا التيار لا يسقط هذا التراث من تراث الإسلام ولا يعتبره بدعًا سيئة لأنه يحدد إطار البدع السيئة بما يجعلها خاصة بأصول الدين وعقائده الجوهرية. ففيها لا ابتداع ولا تطوير مهما اختلف الزمان والمكان. أما في الإسلام كحضارة وعلوم فإن التطور دائم والإضافات مستمرة ومن ثم فإن
الابتداع هنا حسن وليس بالسيء كما هو الحال في أصول الدين" (ص 286).
- "سلفية الوهابية التي وقفت عند المأثورات وحدها، وعند فهم السلف وحدهم لهذه المأثورات قد جعلت من المأثورات الكل الذي لا شيء وراءه، ونقطة البدء والمنتهى سواء في عقائد الدين أو في أمور الدنيا، وقد يكون لها العذر؛ لأن بداية مجتمعها لم تكن تطرح من القضايا والمعضلات ما يتجاوز إطار المأثورات .. أما التيار السلفي العقلاني المستنير فلم يكن ذلك حاله ولا موقفه؛ لأنه قد نبت في أكثر البيئات العربية الإسلامية تطورًا، وأشد مجتمعات الأمة تعقدًا، وهو قد استشرف بناء مجتمع عربي مسلم أكثر تطورًا وتحضرًا، ومن ثم أشد في درجات التعقيد"(ص 287).
- "والتقليد الذي يفضي إلى الجهود .. لقد عابته سلفية الوهابية، ولكن غضها من قيمة العقل قد أوقعها في خطر التقليد وحبسها في إطاره على حين وجدنا إعلاء تيار الأفغاني وتلاميذه لشأن العقل قد جعلهم حربًا معلنة وضارية ضد التقليد والمقلدين"(ص 288).
- "وسلفية الوهابية وقريب منها أو مثلها - سلفية الشيخ رضا لاعتمادها على النقل دون العقل أو أكثر من العقل ولتعميمها ذلك في شئون الدنيا أيضًا جعلت من التجديد دعوة للعودة إلى مجتمع السلف ونظمه وتشريعاته فضلاً عن فكره فهي عودة إلى السلف وإن تفاوتت صراحتها في هذه الدعوة بين دعاتها في البادية حيث كانت هذه العودة ليست بالأمر المستحيل وبين دعاتها في الحضر كما عند رشيد رضا حيث جعلها الغاية التي تؤدي إليها وسائل مغلقة بالغموض والتعميم! أما سلفية التيار العقلاني المستنير فهي لا تدعو للعودة إلى مجتمع السلف؛ لأنها تدرك استحالة ذلك فضلاً عن خطره وضرره، وإنما هي تدعو إلى استلهام ما هو جوهري ونقي -أي الدين الخالص- في تراثنا ليكون نقطة البدء والطاقة المحركة والنبع المقدس لدفع عجلة التطور إلى الأمام، ولبناء مجتمع جديد جدة الواقع والظروف
والاحتياجات والملابسات فالسلفية هنا أساس بني عليها البناء الجديد" ص (288).
- "على حين كانت السلفية الوهابية تضع التصوف والصوفية في عداد الشرك والمشركين هكذا بإطلاق رأينا الأفغاني ومحمد عبده يتحدثان عن ابن عربي بإجلال كبير فيلقبانه بالشيخ الأكبر ووجدنا الأفغاني يحتل مكان الفيلسوف المتصوف الذي امتزجت فيه حكمة الفيلسوف برياضات الصوفي فهو صوفي خلع الملابس المرقعة وعدل عن حمل المسبحة الطويلة وانخرط في حركة التجديد بالإصلاح وجعل من العقل -كما أراد الله سبحانه- أفضل القوى الإنسانية ومعيار إنسانية الإنسان فكان فيلسوفًا يسلك إلى التجديد والإصلاح والثورة للفرد والأمة مجاهدات ورياضات هي أشبه ما تكون بمراقي الصوفية الحكماء على الطريق"(ص 306) فهو تيار "يتفق مع سلفية الوهابية في رفض البدع والوسائط التي شابهت عقيدة التوحيد عند الطرق الصوفية، ولكنه يختلف معها في تقييمه للتصوف كنمط تربية وسلوك وكحكمة فلسفية"(ص 306).
- تيار يرى في السلطة الدينية "عقيدة من عقائد الكاثوليكية الأوربية جعلتها كنيستها أصلاً من أصول المسيحية وأتاحت بذلك للملوك أن يجمعوا السلطتين "المدنية السياسية، والدينية" في نظام واحد وشخص واحد"(ص 310).
"وهو يرد على الذين يزعمون أن الإسلام يشبه المسيحية في هذا، ويقول: أن زعمهم هذا ضلال منهم"(ص 310).
- على الرغم من أن أعلام هذا التيار التجديدي قد فكروا وعملوا تحت رايات دعوة "الجامعة الإسلامية" وحركتها إلا أنهم قد كانوا من أبرز طلائع الفكر القومي والفكرة العربية في ذلك التاريخ (ص 311)؛ لأن العروبة "ليست عرقًا ولا نسبًا وإنما هي لغة وآداب وتكوين نفسي وحضارة وولاء
وذلك كله أمر مكتسب وليس وقفًا على التوارث المحكوم بنقاء الدم الجاري من الأصول إلى الفروع. وهذا الأمر المكتسب هو الذي نعبر عنه بالتعرب والتعريب والاستعراب، وهو ما حدث لأبناء الشعوب التي قطنت في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج بعد عصر الفتوحات سواء منهم من دان بالإسلام أو بقي على دينه القديم" (ص 314)، "فالرباط القومي ليس هو العرق والجامعة القومية ليست هي الدين وإنما هي العروبة بالمعنى الحضاري" (ص 314).
- "ومن الأمور التي تؤكد وعي هذا التيار التجديدي بالطابع القومي والمعنى القومي عند استخدام أعلامه لمصطلح العرب أنهم قد تحدثوا عن الأمة العربية باعتبارها قومًا يتدين أهله بأكثر من دين ويتمذهب بأكثر من مذهب"(ص 323)، وهم في كل هذه الجهود القومية العربية يواجهون تحدي الدولة العثمانية والأتراك الذين "رفضوا أن يتعربوا وآثروا التمسك باللغة التركية وهي لغة لا حضارة لها إذا ما كانت المقارنة بينها وبين كنوز العرب وتراث لغتهم"(ص 316).
- وهو تيار "مع الديمقراطية ضد الاستبداد"(ص 327) فتحدى "الاستبداد بالسلطة والتفرد بأمر الأمة"(ص 330) و"دعا الأمة إلى استلهام تراثها في الحرية والشورى والاسترشاد بتجربة أوربا في الديمقراطية تصديًا لتحدي الاستبداد وأخذًا بأسباب الانعتاق من قفص الاستعباد العثماني والاستعمار الأوربي على السواء! "(ص 330).
- وهو تيار ضد الاستعمار، ولكن "عداء هذا التيار التجديدي للاستعمار لم تشبه شائبة أي تعصب ديني ضد مسيحية الغرب التي يتدين بها المستعمرون"(ص 335)، بل "واجه هذا التيار التجديدي تحدي الاستعمار الأوربي الذي زحف على أقطار العروبة وبلاد الإسلام"(ص 335).
- انطلق هذا التيار لتجديد حضارتنا من عدة منطلقات:
1 -
أن حضارتنا تتميز "بالموقف المتوازن والموازن بين المتناقضات" مما
يعطيها "ميزة ويعصمها من مخاطر وأخطار يشكو منها الآخرون"(ص 336).
2 -
وأمتنا "ليس من السهل تجريدها من ثوبها الحضاري والقذف بها تحت عباءة الآخرين .. ! بل قد يستحيل ذلك حتى لو أراد نفر من بنيها مخلصين كانوا أم مخادعين! "(ص 336).
3 -
"أن الدعوة إلى حضارة عربية إسلامية متميزة لا يعني تقديس الماضي ولا العودة إليه كي نعيش في نظمه وقوالبه بل ولا الأخذ بجميع أصوله .. وإنما الذي تعنيه هذه الدعوة هي الأخذ ببعض الأصول الثابتة التي تمثل القسمات المميزة للشخصية العربية الإسلامية، وهذه الأصول التي تحمل صلاحيات معاصرة وتمثل قوة دفع وطاقة تحريك للأمة نحو التقدم"(ص 336).
4 -
"كما خالف هذا التيار السلفية غير العقلانية وغير المستنيرة تلك التي وقفت عند ظواهر النصوص سواء أكانت نصوص العصر الأول أو العصور المملوكية العثمانية اختلف كذلك وخالف التيار الذي انبهر بحضارة الغرب فدعا إلى أن نبدأ من حيث انتهى الغرب"(ص 338).
- مما سبق عرضه من كتاب "تيارات الفكر الإسلامي" يتبيّن انحياز الدكتور عمارة الواضح لمنهج هؤلاء العقلانيين لا سيما وهو القائم على إصدار أعمالهم كاملةٌ بعد جمعها من مظانها وهو مجهود لا يفعله إلا محب ولهان.
في حبكم يهون ما قد ألقى
…
ما يسعد بالنعيم من لا يشقى
- يقول الشيخ سليمان الخراشي صاحب كتاب "محمد عمارة في ميزان أهل السنة والجماعة":
"يدعو الدكتور الأمة الإسلامية ويستحثها على السير في ركاب هذا التيار قائلاً -وما بين الأقواس إضافة مني-:
"الموقف المتميز لمدرسة التجديد الديني هذه يستطيع إذا نحن التزمناه واعين ومطورين له أن يقود هذه الأمة إلى: نهضة تصل غدها الذي نريده مشرقًا بماضيها المشرق! وعقلانية معاصرة تكون الامتداد المتطور للعقلانية التي صنعها أسلافنا (يعني بهم المعتزلة! ) والتي أضاءت أرجاء الأرض منذ قرون ولعدة قرون! وعدلاً اجتماعيًا (يعني الاشتراكية! ) يكون الصورة العصرية الملائمة لحلم الإنسان العربي المسلم بالعدل على امتداد تاريخه الطويل! ووحدة وطنية وقومية راسخة مؤسسة على قواعد تراثنا الديني والحضاري .. وليس على أنقاض هذا التراث. نعم .. إلى هذه النهضة وإلى هذه الغايات السامية تدعونا وتقودنا مدرسة التجديد الديني فهل نجيب ونستجيب؟ أم نظل ممزقين بين التغريب وفقر الفكر (من يعني؟ ستعلم بعد حين! ) وانحطاط التصورات لدى أنصار عصر المماليك والعثمانيين""التراث"(ص 195).
ويقول: "أنا قد حققت من تراثنا القديم نصوصًا في الفكر العقلاني للمعتزلة وابن رشد مثلاً - ومن تراثنا الحديث الأعمال الفكرية لأبرز الأعلام الذين صنعوا عصر اليقظة والتنوير والإحياء لأمتنا العربية في عصرها الحديث وهذا الاختيار ينطبق عليه ما قاله أسلافنا القدماء من أن اختيار المرء قطعة من عقله .. فأنا أريد أن أقول بهذا الاختيار أن حاضرنا ومستقبلنا حضاريًّا يجب أن يكون الامتداد المتطور العصري للصفحات التي مثلت إبداع أمتنا وعطائها الخلاق فيعصر ازدهارها الحضاري .. وإن قسمة العقلانية والعروبة هي من أهم القسمات التي يجب أن نحرص على تميز فكرنا بها وانطباع حضارتنا بطابعها""التراث"(ص 282).
- لقد أُعجب الدكتور عمارة بهذا التيار والأفغاني ومحمد عبده خاصة، ووقف عمره على خدمة تراثهم منذ سنوات الدراسة الجامعية، وكتبه كلها
ترديد لأفكاره بعد إلباسها الثوب الناسب لهذه المرحلة.
لقد أندفع د. عمارة بكل قواه العقلية لنصر هذا المذهب رغبة في أن يعم أرجاء مصر بل أرجاء البلاد العربية، والأفكار الرئيسية لهذا التيار تكررت في كتب الدكتور وهي:
1 -
وحدة الأديان. 2 - الوطنية. 3 - القومية 4 - العلمانية. 5 - الاشتراكية. 6 - التقريب بين السنة والشيعة. 7 - تحرير المرأة. 8 - خبر الآحاد. 9 - تقديم العقل على النص وقد سبق الحديث عنها.
1 -
وحدد الأديان: أظن أخي القارئ أنك ستصاب بصدمة كبرى عند قراءتك لكتاب "الإسلام والوحدة القومية" للدكتور عمارة والذي ردد فيه أخطر آرائه. فهو يدعو فيه إلى وحدة الأديان وأن اليهود والنصارى ناجون يوم القيامة، وإن لم يؤمنوا بالإسلام أو برسالة محمد صلى الله عليه وسلم لأنك لم تتصور أن تبلغ الجرأة بهذا. الدكتور أو المفكر الإسلامي أن يقول بمثل هذا القول المناقض لآيات القرآن ولأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المصرّحة بكفرهم بل والمناقضة لإجماع الأمة كلها عالمها وجاهلها (1) فما الذي جر الدكتور إلى هذه الزلة العظيمة والبدعة الشنيعة؟ ستعلم عن قريب أن الذي قاده إلى ذلك هو دعوته إلى الوطنية وإلى القومية، وهاتان الفكرتان اضطرتاه أن يقول بوحدة الأديان ليساوي بين أبناء وطنه أو قومه لا يفخر أحد على أحد! فإنما أكرمهم عند الله ليس أتقاهم بل أكثرهم وطنية وقومية! وهذه الدعوة إلى وحدة الأديان لم يبتدعها الدكتور عمارة من تلقاء نفسه بل هي دعوة قديمة شاذة استخدمها الدكتور لخدمة وطنيته وقوميته.
(1) انظر في هذا كتاب الدكتور يوسف القرضاوي "موقف الإسلام العَقَدي من كفر اليهود والنصارى" طبع مؤسسة الرسالة.