الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصريين يعلمون أن دنلوب هو أقول آلة وضعها اللورد كرومر لتعطيل التعليم في مصر وأكبر مقاوم لرقي البلاد من باب المعارف، ومحاولة سد الطرق التي يرقى بها، وأنه يستعمل كل ما أوتي من سلطة وقوة لمحاربة المصريين حتى بالسطو على ذمم الموظفين معه لتجد من ضعفها قوة ومن التلاعب بها السلاح القاتل للأمة".
وقد أبطل دنلوب عام 1988 كتاب علي مبارك وعبد الله فكري "طرق الهجاء"؛ لأنه تحدث فيه عن الفضائل الإسلامية، ورأى أن هذا الكتاب غير موافق لغرضه من الوجهتين الدينية والسياسية بإيراده قواعد الإسلام وأركانه بالحكم والآيات والأحاديث التي تحث على حب الوطن وتعاونه وإصلاح ذات البين وكان هذا الكتاب مقررًا منذ عام 1894 ولكنه بمكره أعلن أن هذا الكتاب غير واف بحاجات التعليم وأوعز إلى بعض أوليائه من المدرسين أن يضع كتابًا يتفق مع المواصفات الاستعمارية فألف الكتاب الجديد حافلاً بخرافات لافونتين في أسلوب سقيم وعبارة نازلة.
كما ألغى دنلوب الباب الوارد في المنهج تحت عنوان العقائد والعبادات الإسلامية، وناضل الشيخ حمزة فتح الله في سبيل إحباط رأيه فكان من قول دنلوب أن كتب المطالعة يجب أن تكون خالية من كل ما له مساس بالدين.
*
أرنست رينان يطعن في الإسلام ويصفه بأنه عدو العلم والعقل ويصف الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم بالخداع والدجل:
لم تكن خصومة (رينان) للإسلام والفكر العربي الإسلامي إلا خصومة للأديان والروحية جميعًا، وقد حمل حملات عنيفة على المسيحية، ولم تكن آراء (رينان) إلا صورة عميقة لشكوك عصره وشبهاته التي صنعتها مراحل طويلة من تطور الفكر الغربي. وقد طعن (رينان) في الإسلام ووصفه بأنه عدو العلم والعقل، ووصف العرب بأن عقولهم قاصرة بطبعها، غير مستعدة
لفهم الفلسفة وما وراء الطبيعة، ومع ذلك فإن آراء رينان حافلة بالتناقض والاضطراب فبينما هو يمقت الفكر العربي الإسلامي ويحمل عليه وينتقده انتقادًا مرًا يعترف برهبة هذا الدين وعظمته.
وفي دراسة لجرجي زيدان يقول: إن رينان قد اشتهر بمقاومة النصرانية فبينما كان أبواه يعدانه لخدمتها انقلب حتى أصبح من أشد الناس انتقادًا عليها، فألف سلسلة مؤلفات في هذا الشأن صدرها بكتاب (حياة يسوع) وألحقه بأبحاث في تاريخ الرسل وأصل النصرانية والقديس بولس شدد فيها لهجة الانتقاد حتى أصبح مكروهًا من كل الفئات الدينية، ومن مؤلفاته (اللغات السامية) الذي تناول فيه تاريخ اللغات السامية ومقابلتها بعضها ببعض، وقد بسط تاريخ اللغات العبرانية والفينيقية والآرامية بفروعها، وقال عن الشعوب السامية: إنهم يميلون بفطرتهم إلى التوحيد وأنهم أول من قال بوحدانية الخالق بينما عبدت الشعوب الأخرى آلهة شتى كاليونان والرومان والمصريون.
ورأى رينان في النبي محمد رأي متعصب فقد وصفه بالخداع والدجل وقرر أن الذي أسس الإسلام وشيد صرحه هو عمر؛ لأنه يماثل القديس بولس في المسيحية، وقال: إن الفلسفة الإسلامية ما هي إلا الفلسفة اليونانية مخطوطة بحروف عربية، ولم يهضمها العرب لأن الإسلام دين لا يسمح بحرية الفكر وروح النقد، كما هاجم ابن رشد، وقال: إنه لا يعرف كيف يكتب ولا كيف يفكر، وأن لغته همجية، ومؤلفاته لا قيمة لها، وقال: إن الإسلام يعادي العلم والفلسفة وأنه صارم يتحكم في العبد وفي دنياه وفي آخرته، وأنه ذلك القيد الثقيل الذي لم تصب الإنسانية في تاريخها.
والواقع أن رينان لم يثبت في نظر مؤرخيه بأنه باحث مستقر الفكر، بل عرف باضطراب الرأي وقد وصفه بيكافيه أكبر الباحثين في إثارة: بأنه رجل يقلب أوضاع الأشياء والمسائل وذلك لاختمار النزعة الصليبية في عقله الباطن
وتملكها على أفكاره في الحكم على من يخالف تعاليم دينه الأول قبل إلحاده وكفره.
وقال مؤرخوه أنه أفسد الاستشراق الفرنسي بهذه الآراء وقد سار على نهجه (منك) في كتابه الفلسفة العربية واليهود، وكليمان هور في كتابه تاريخ العرب، وكازنوفا في كتابه محمد ونهاية العالم.
والواقع أن رينان مدان برأيه في الإلحاد والتدين أساسًا فهو الذي يقول في كتابه "مقالات ومحاضرات" أقول دائمًا، ولست بحاجة إلى أن أكرر أن العقل البشري يجب أن ينزه من كل المعتقدات الدينية وأن يحصر جهوده في مجاله الخاص وهو إقامة العلم الوضعي.
وقد كان كتابه "حياة يسوع" قد أجج ثورة جامحة في فرنسا في القرن الثامن عشر، وقد انتزعه هذا الكتاب من كرسيه في كوليج دي فرانس بتهمة الإلحاد والكفر، وكان منذ مطالع شبابه قد آثار حنق الأساقفة ورؤساء الدين عليه ورُمي بالزندقة، حين انتزع نفسه من العقيدة الكاثوليكية وآمن بمذهب الدهريين، فقد قدس الطبيعة في كل مظاهرها، ولرينان محاضرة مشهورة ألقاها في 29 مارس 1883 في جامعة السربون عنوانها "الإسلام والعلم".
حمل فيها على الإسلام حملة متعصبة عنيفة، وقال: إن الدين الإسلامي عقبة في سبيل تقدم العلم بسبب التعصب. وقال: إنه اضطهد العلم والفلسفة، ووصف العقلية السامية بأنها مجدبة كالصحراء التي نبتت فيها، وقال: إنها لا تقوى على التحليل والتعمق. وقد وجه رينان في محاضراته اتهامات واضحة تتلخص في:
1 -
نشأ من التساهل الواقع في التعبير بعلوم العرب وفلسفة العرب وفنون العرب وتمدن العرب وعلوم الإسلام آراء فاسدة وخطأ عظيم عمل به.
2 -
انحطاط بلاد الإسلام في العالم واضح.