الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البحر، عبدت 20 ألف سنة، أكثر من كل الديانات السماوية .. !! (1).
وهكذا .. فلا اعتبار لما تقرره الأديان -كل الأديان- من أن البشرية -التي بدأت بآدم، عليه السلام قد بدأت -قبل الانحرافات الوثنية- بعبادة الله، سبحانه وتعالى؛ لأن "الحداثة" -التي أصبحت "دينًا" للحداثيين- قد جعلت الجسد الأنثوي العاري أقدم المعبودات، لأقدم الديانات .. وأطول الديانات عمرًا في التاريخ!.
تلك نماذج -مجرد نماذج- للأفكار والآداب والفنون الحداثية، التي أقامت قطيعة معرفية كبرى مع موروث الأمة .. ومع موروثها الديني -عقيدة وشريعة وقيمًا- على وجه الخصوص.
*
أدونيس الكاره للعروبة والإِسلام وإِحياء الوثنيات البابلية والآشورية:
- يقول الأستاذ أنور الجندي:
"على طريق الصحافة العربية في خدمة أهداف التغريب والشعوبية والغزو الثقافي كان احتفالها بالشعر الحر واهتمامها بدراسته وإفساح الطريق أمام كتابه، وقد تبينت خلفية ذلك كله حين كشف دعاة القومية السورية والفينيقية والرموز المسيحية من المدارس اللبنانية عن غايتهم وأهدافهم من حيث اتخاذهم الشعر الحر وسيلة لضرب عامود الشعر الأصيل ومهاجمة اللغة العربية في أعظم ميادينها على أساس أن حرب الفصحى تتركز في إذاعة العامية والحروف اللاتينية والشعر الحر.
ولم يقف الأمر عند هذا بل إنه اتصل بالتراث فعُني كتابه على ابتعاث أبي نواس وبشار بن برد والفلسفات المستترة خلف الباطنية والمجوسية في
(1) من حديث أجرته عبلة الرويني مع "حسن سليمان" - مجلة "أخبار الأدب" القاهرة - العدد 366 في 16 - 7 - سنة 2000 م.
شعر دعاة التصوف الفلسفي فجرى إحياء الحلاج إلى جوار عشتروت وفينق وتموز وأدونيس، وظهر أدب الهزيمة والإباحية في شعر نزار قباني والرفض لكل قيم المجتمع الإسلامي في شعر سميح القاسم ومحمود درويش، وفي هذا الجو المسموم ظهر أمثال صلاح عبد الصبور الذي نصبه الكاهن الأكبر لويس عوض أميرًا لشعراء الشعوبيين، وقد نمت هذه الحركة بتأييد الاستشراق ودعم أمثال جاك بيرك وسعيد عقل ويوسف الخال لها حتى تقدمت رسالة دكتوراه في الجامعة اللبنانية عن تطور مفهوم الحب والمرأة في شعر نزار قباني وإشاعة مفاهيم الإباحية الجنسية في الدراسات الجامعية فضلاً عن رسالة أدونيس عن الشعوبية العربية خدمة لمذهب القوميين السوريين الذي جند العشرات، ومنهم القصاصة غادة السمان التي جرى على نسقها الكثيرات في أسلوب الكشف الجريء من أمثال جاذبية صدقي وغيرها.
- هذا هو التيار الذي احتضنته الصحافة العربية وجندت له الكثيرين باعتباره عاملاً هامًا في حركة الهدم الضخمة التي تقوم بها لحساب النفوذ الأجنبي.
ولقد عمدت حركة اليسار أول ما عمدت لتثبت هذا التيار أن قامت بضرب الاتجاه الصحيح الذي قامت عليه حركة الشعر العربي الممتدة منذ فجر الإسلام إلى اليوم بتحطيم الإطار الأصيل ومهاجمة عامود الشعر والدعاة إليه، وإتاحة الفرصة لأمرين: للشعر الحر الذي يقوم على غير أساس صحيح والشعر العامي والزجل والفلكلور والبحث عن كل التفاهات التي قالها السكارى والمخرفون على مدى العصور على أساس أنها تراث للفلكلور ترمى كلها إلى التحرر من قيود اللغة العربية والنحو في محاولة هروبية للخروج من مأزق الجهل إلى كبرياء الادعاء بأن الفصحى شاقة وعسيرة.
وتولى أمثال السياب والبياتي وأدونيس الدعوة إلى تمسيح الشعر
وصعلكته وابتعاث الأساطير القديمة وإحيائها في عداء شديد للفصحى وما وراءها من قيم الإسلام والقرآن.
وجاء غالي شكري ليغمز كل ما له اتصال بالتراث أو الدين أو الوطنية من الشعر، ووصفه بالعقم مع تأكيده للخطة التغريبية التي يعمل عليها شعراء الرفض وشعراء العامية.
وهكذا دافعت الصحافة عن هذه المفاهيم المسمومة وأفسحت لها ومكنت لهؤلاء الذين ظهروا في ذلك الاتجاه من أن يتفتحوا في رحابها وأن تلمع أسماؤهم، والهدف هو ضرب اللغة العربية، وضرب القيم والأخلاق من خلال ما تحمل هذه الكتابات من مفاهيم مضللة زائفة منحرفة وإحلال ظلام الوجودية والمادية والإباحية والماركسية المعقدة ومفاهيمها الضالة محل روح الأصالة والرحمة والعدل والتوحيد الخالص التي يمثلها الأدب العربي الأصيل" (1).
- يقول الأستاذ أنور الجندي رحمه الله:
"استهدفت حركة الالتفاف حول الأصالة العربية الإسلامية خلق مثل أعلى مغاير للمثل العربي الإسلامي يقوم على مفاهيم وثنية مضللة قوامها بعث الحضارة الفينيقية التي ظهرت في سوريا ثم في شمال أفريقيا قبل الميلاد بثلاثمائة عام تقريبًا، باعتبار أن الدعوة إلى سوريا الكبرى هي إعادة لمجد الفينيقيين وحضارتهم وبعث للعظمة الفينيقية والسيادة الحقيقية على البحر المتوسط، وسوريا الكبرى أو فينيقيا المجيدة التي هي الفردوس المفقود والحلم الضائع وهي الأمل الكبير بالنسبة لكل أعداء الوحدة العربية وعلى هذه المفاهيم وفي إطار هذا المعنى يدور الأدب الذي قام عليه أدونيس ويوسف
(1)"الصحافة والأقلام المسمومة" لأنور الجندي (ص 161 - 162) دار الاعتصام.
الخال وجريدة النهار وآزره لويس عوض وصلاح عبد الصبور. كذلك فقد ركزت هذه المحاولة على رمز تاريخي هو القائد الفينيقي السوري القديم هانيبال الذي دخل حروبًا طويلة مع الرومان خلال الفترة الممتدة من 264 - 204 قبل الميلاد وقد وصلت جيوش هانيبال إلى أبواب روما واستولت تحت راية الفينيقيين على كل شمال إيطاليا، وفي هذا الإطار جاءت محاولة السياب والبياتي وأدونيس إلى إحياء الأساطير القديمة التي تساعد هذه الدعوة وترمز إليها. ولما لم يجدوا للفينيقيين القدماء أساطير معروفة لجأوا إلى الأساطير البابلية والآشورية لإحيائها وبعثها والعمل على استخدامها في الأدب الجديد، وأهم هذه الأساطير التي وقف عندها القوميون السوريون: تموز وعشتار وأدونيس.
هذه هي الأفكار التي احتضنتها الصحافة العربية لتغرسها في نفوس الشباب العربي المسلم والتي جندت لها عشرات من شعراء الرفض الذين يرفضون الحضارة العربية الإسلامية أساسًا ويصمونها بكل نقيصة.
ويعتقد أصحاب هذه الأفكار أنهم يعيشون في الأرض الخراب التي هي العالم العربي الإسلامي، فهم لكل هذه القيم كارهون ولها محاربون.
في سبيل انبعاث الأساطير البابلية القائمة على الوثنية والإباحية والتي تتكامل مع الدعوة إلى الفرعونية أيضًا، وقد وصفها أحد الكتاب بأنها مغالطات مقصودة تهدف في النهاية إلى خلق فكرة مغرية يمكن لصغار النفوس وصغار العقول أن يلتفوا حولها بحماسة، وحتى تكون هذه الفكرة مدرسة قوية لتخريج عملاء يحاربون الفكرة العربية والدعوة الإسلامية داخل الوطن العربي، وأن هذه المغالطات تهدف إلى المساعدة على بعث الأقليات الفكرية والدينية والعنصرية الأخرى.
- وهكذا استطاعت الصحافة العربية أن تحشد حشدًا هائلاً من دعاة
الشعر الحر الذين انطووا في هذه المفاهيم عارفين لها أو جاهلين، تحت اسم فينيقيا القبلة الروحية التي يعود المجد الغابر إلى هذه المنطقة من خلالها، ويعتبر (علي أحمد سعيد) الذي غير ملته واسمه فأطلق عليه زعيم القوميين السوريين أنطون سعادة قبل أن يشنق اسم الإله البابلي القديم وجعله أمير شعرائهم وكان قد خرج من بلاده هاربًا منذ سنوات وعاش في لبنان وباريس وهيئت له كل الأسباب التي تجعله في مركز الصدارة، أسندت إليه رئاسة تحرير مجلة شعر ثم مجلة مواقف.
وقد حمل أدونيس كل مفاهيم أنطون سعادة في كراهية العروبة والإسلام واحتقار الواقع المعاصر، والدعوة إلى تغييره وإحياء تراث الفينيقية القديم باعتبار فينيقيا هي الفردوس المفقود عند القوميين السوريين.
- يقول رجاء النقاش: "وقد أدرك الاستعمار قيمة هذه الفكرة فوقف وراءها وساندها فهي في حقيقتها جزء من الثورة المضادة للعروبة؛ لأنها تحاول أن تثير الشك في سلامة الفكرة العربية والإسلامية".
"والاستعمار هو راعي الفكرة ومغذيها إلى أبعد مدى، يريد أن يستفيد منها في خلق جيل مشبع بوهم الروح الفينيقية كاره للوحدة العربية. كل هذا انتهى بأدونيس إلى كره العرب والعروبة كراهة عميقة، لذلك فهو يتبنى كل ما يوحي بابتعاده عن العروبة وسخطه عليها، بالإضافة إلى غنائه النائح حول فينيقيا وإلى تسمية نفسه باسم أدونيس كرمز من الرموز التي يدعو القوميون السوريون إلى إحيائها، بالإضافة إلى هذا كله فقد سمى نفسه في قصيدة أخرى: مهيار الدمشقي. ويشبه أدونيس نفسه بمهيار على اعتبار أن مهيار لا ينتمي إلى العرب؛ لأنه من أصل فارسي، وبذلك يتبرأ أدونيس من عروبته ويعلن أنه مثل مهيار من أصل غير عربي، مهيار الدمشقي فينيقي وهو يقول: المصريون فراعنة والسوريون فينيقيون، ويقول رجاء النقاش: لقد أصبح