الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم يقول: "ولا يتسنى لزاعم متزمت اتهامي بأني أنكرت نصًّا من القرآن؛ لأني جعلته أقسى العقوبات الزواجر، وأقصى الروادع، التي يلجأ إليها، وذلك على نحو من التأويل المقبول الذي لا يحمّل النص ما لا يحتمل"(1).
ثم يقول: "ومهما يكن فالرأي عندي في الحدود مطلقًا أنها في الشريعة العملية ليست مقصودة بأعيانها، بل بغاياتها، ولا يلجأ إليها إلا عند اليأس مما عداها"(2).
*
فهمي هويدي: "الحق أحب إِلينا منه
":
"كتابه
مواطنون لا ذميون
"
مع أن له مواقف مشهورة في الذود عن الإسلام إلاّ أن له سقطات شنيعة لا يجوز بحال من الأحوال السكوت عنها.
فهو يعتبر أن الرجوع إلى نصوص الكتاب والسنة عبادة لهذه النصوص، ويصف أن العقول التي تتعلق بالنصوص قد تعطلت وأن هذه "وثنية جديدة" ذلك أن الوثنية ليست عبادة الأصنام فقط، ولكن وثنية هذا الزمان صارت تتمثل في عبادة القوالب والرموز، وفي عبادة النصوص والطقوس" (2).
لقد تجرأ على رفض النصوص الشرعية، واتهم من يرجع إليها بالجمود والوثنية، اللَّهم لطفك وغفرانك.
* مواطنون لا ذميون:
أكثر فهمي هويدي من الحديث حول أهل الذمة، وأظهر أن الأحكام المضروبة عليهم والمعروفة باسم "أحكام أهل الذمة" قد كانت لظروف خلت،
(1) المصدر السابق (ص 91، 89).
(2)
مجلة العدد (235) كانون الثاني 1978، و"العصرانيون"(ص 178).
وأن تطور العصر يرفضها. وممن تصدّى لهذه المسألة وخصص لها كتابًا: فهمي هويدى بعنوان "مواطنون لا ذميون"(1) نقتطف منه بعض الفقرات.
- يقول في فصل "ذميون .. لا يزالون"؟:
"إن تعبير أهل الذمة وإن استخدم في أحاديث النبي وعهوده إلا أنه كان جزءًا من لغة الخطاب في تعامل القبائل العربية قبل الإسلام، إذ كانت عقود الذمّة والأمانة هي صيغة التعايش التي تعارف عليها عرب الجاهلية .. ".
"أي أننا نقف في حقيقة الأمر، في مواجهة صيغة لا تستند إلى نص قرآني، واستخدامها في السنّة النبوية كان من قبيل الوصف لا التعريف، الأمر الذي لا يصنفه في أي من درجات الحكم الشرعي الملزم، بالإضافة إلى ذلك فإن الوصف .. وإن لم يكن الوحيد الذي استخدم في خطاب الآخرين، إلا أنه كان تعبيرًا عن حالة "تعاهدية" تعارف عليها عرب الجاهلية في تنظيم علاقات القبائل والأفراد، استمر إلى ما بعد الإسلام ضمن ما أخذ به من تقاليد وأعراف"(2).
- وتحت خضوع شديد لضغط الواقع يقول:
"وبعد هذا وذاك أليس غريبًا أن يجيز الفقهاء، أن يخوض المسلمون الحرب دفاعًا عن "أهل ذمتهم" (3)، ثم يحجب البعض عن هؤلاء حق التصويت في انتخابات مجلس الشورى مثلاً؟ ". ثم يقول: "أما تعبير أهل الذمة، فلا نرى وجهًا للالتزام به، إزاء متغيرات حدثت، .. وإذا كان التعبير قد استخدم في الأحاديث النبوية، فإن استخدامه كان من قبيل الوصف، وليس التعريف، فضلاً عن أنه كان بمثابة استخدام للغة ومفردات وصياغات
(1)"مواطنون لا ذميون" لفهمي هويدي/دار الشروق 1405 هـ.
(2)
فصل "ذميون لا يزالون؟ "(ص 110) وما بعدها.
(3)
السابق (ص 124، 125).
سادت في جزيرة العرب، قبل الإسلام، ويبقى مع ذلك أن هذا الوصف "تاريخيًّا"، لا يشترط الإصرار عليه دائمًا" (1).
- فالكاتب يحاول إلغاء الأحكام بلا دليل، إلا زعمه أن ذلك أمر تاريخي فقط، وكأن الاجتهاد في الإسلام تحول إلى لعب أطفال، أو خيال كتاب، وأوهام مبتدعة.
- وفي فصل "الجزية .. التي كانت" يقول:
"ومن غرائب ما قيل في هذا الصدد تعريف ابن القيم للجزية بأنها هي الخراج المضروب على رءوس الكفار إذلالاً وصغارًا، وأن هذا يتنافي مع روح الإسلام، ودعوته للمسامحة بين الناس جميعًا"(2) -إن أكرمكم عند الله أتقاكم-.
- وللأستاذ فهمي هويدي اجتهاد مبتكر في فهمه للأحاديث النبوية والنصوص الأخرى المتعلقة بمعاملة المسلمين لغير المسلمين. يقول الكاتب تحت عنوان "شبهات وأباطيل":
يهمنا ذلك في محاولة لفهم وقراءة هذه النصوص وهي على وجه التحديد.
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقها" متفق عليه.
(1) السابق (ص 124، 125).
(2)
"مواطنون لا ذميون"(ص 128، 131)، ولابن القيم كتاب قيم بعنوان "أحكام أهل الذمة"؛ بإمكان القارئ الكريم أن يرجع إليه ليرى عدل الإسلام مع هؤلاء الذميين الذين يتباكى عليهم عصرانيو آخر زمن!!.